دور المرأة مع زوجها وأبنائها
حمَّل الإسلام المرأة العديد من المسؤوليات تجاه زوجها؛كما جاء في الأحاديث النبوية ما يشير إلى مسؤولية المرأة عن أسرتها وزوجها، طبقًا لما ورد في الحديث الشريف الذي رواه البخاري عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته،فالأمير الذي على الناس راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت بعْلها وهي مسؤولةعنه….” .
كما جمع الحديث الشريف ملامح هذه المسؤولية فيما رواه أبو هريرة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: قيل لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -: أي النساء خير؟ قال: “التي تسره إذا نظَر، وتُطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره”.
فقد أوجز الرسول الكريم في هذا الحديث أهمَّ واجبات الزوجة تُجاه زوجها، وما عليها أن تقوم به؛ كي تحرص على سعادته والحفاظ على كِيان أسرتها.
وقد حرَصت المرأة في العصر النبوي على القيام بهذه المسؤولية، وتفوَّقت فيها، حتى لقد مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم – بعضهن فيما جاء في حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: “نساء قريش خير نساء رَكِبن الإبل، أحناه على طفلٍ، وأرعاه على زوجٍ في ذات يده” ، ولعل خير نموذج لهذه المرأة السيدة أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنهما- التي تزوجت من الزبير بن العوَّام، وما له في الأرض من مال ولا مملوك غير فرسه، فكانت تعلف الفرس، وتكفيه مؤونته، وتدق النوى لنَاضِحِه، وتنقل النوى من أرض الزبير، حتى أرسل إليها أبو بكر خادمًا، فكفاها سياسة الفرس .
ولم تجد المرأة حرَجًا في معرفة جزاء قيامها بهذه المسؤولية، حتى تجد من الشجاعة والقوة ما يعينها على الاستمرار في هذه المسؤولية، ومن ذلك حديث أم سلمة الأنصارية ، حين أقبلت على الرسول – صلى الله عليه وسلم – قائلة: “إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين كلهن يَقُلن بقولي، وعلى مثل رأيي، إن الله تعالى بعثك إلى الرجال والنساء، فآمنا بك واتَّبعناك، ونحن معشر النساء مقصورات مخدرات، قواعد بيوت، ومواضع شهوات الرجال، وحاملات أولادهم، وإن الرجال فُضِّلوا بالجُمعات، وشهود الجنائز والجهاد، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم وربَّينا أولادهم، أفنُشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بوجهه إلى أصحابه، فقال:”هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه؟ فقالوا: “بلى والله يا رسول الله، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:”انصرفي يا أسماء، وأَعلمي من وراءك من النساء أن حُسن تبعُّل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها لوافقته، يعدِل كل ما ذكرت للرجال”، فانصرفت أسماء وهي تهلِّل وتكبِّر استبشارًا بما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم .
وكانت المرأة تقوم بواجبها نحو زوجها، حتى في أصعب لحظات حياتها، ولدينا نموذج لذلك في موقف (أمِّ سليم) زوجة أبي طلحة الأنصاري – رضي الله عنهما – حين مرض ابنهما (أبو عمير) وكان غلامًا صبيحًا يحبه أبوه حبًّا جمًّا، فتوفِّي الغلام، فهيَّأته أمه، وغسَّلته وكفَّنته، وسجَّت عليه ثوبًا، ونحَّته جانبًا من البيت، ثم هيأت نفسها وتزيَّنت؛ استعدادًا لاستقبال زوجها، فلما جاء سألها عن الغلام، فقالت: قد هدأت نفسه، وأرجو أن يكون قد استراح، وظن أبو طلحة أن هدوء الغلام من تماثُله للشفاء، وهو ما حرصت الزوجة المؤمنة أن تُلقيه في روعه تفاديًا من إزعاجه وتكدير صفوه.
وأعدَّت أمُّ سليم لزوجها العشاء، وتصنَّعت له كأجمل ما كانت تتصنَّع له قبل ذلك، حتى قضى ليلته كأحسن ما يكون سعادة ورضا، فلما أصبح الصباح وتهيأ للخروج لصلاة الصبح خلف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قالت له: يا أبا طلحة، أريت أن قومًا أعاروا أهل بيت عارية، فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، قالت: فإن الله استرد عاريته إلينا، فاحتسب ابنك، وصلى أبو طلحة مع النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم أخبره بما كان من زوجته، فقال – صلى الله عليه وسلم -: “ولعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما” .