رحيل عبدالجبار نُعمان… أبرز رواد التشكيل اليمني

صنعاء ـ «القدس العربي»: توفي مساء السبت في صنعاء الفنان التشكيلي اليمنيّ عبد الجبار نعمان (1949- 2019) ليخسر المحترف التشكيلي اليمنيّ برحيله أحد أهم رواده، ممَن حملوا مبكراً لواء الفن التشكيلي في البلاد واستطاعوا، بعد مكابدة، أن يكسبوا اعتراف المجتمع بهذا الفن، علاوة على ما يمثله رحيله من خسارة بالنظر لخصوصية تجربته ودوره في مسار […]

رحيل عبدالجبار نُعمان… أبرز رواد التشكيل اليمني

[wpcc-script type=”ab3b495e2d2364b287ddf7cf-text/javascript”]

صنعاء ـ «القدس العربي»: توفي مساء السبت في صنعاء الفنان التشكيلي اليمنيّ عبد الجبار نعمان (1949- 2019) ليخسر المحترف التشكيلي اليمنيّ برحيله أحد أهم رواده، ممَن حملوا مبكراً لواء الفن التشكيلي في البلاد واستطاعوا، بعد مكابدة، أن يكسبوا اعتراف المجتمع بهذا الفن، علاوة على ما يمثله رحيله من خسارة بالنظر لخصوصية تجربته ودوره في مسار تطور الفن التشكيلي هناك.

منذ أكثر من خمسة عقود، برز هذا الفنان ضمن أوّل من أسهموا في التأسيس لهذا الفن في بلاده، حيث كان ممَن تجرعوا مرارات (المواجهة الأولى) في سبيل تجاوز العزلة والخروج بهذا الفن إلى الناس. ويمكن قراءة بعض ملامح تاريخ هذه التجربة في عددٍ من جدارياته ولوحاته المعروضة في صالات عددٍ من مؤسسات الدولة والمنظمات الدولية في صنعاء، وبعضها يعود لأكثر من ثلاثين سنة، ويمكن الاستدلال من خلاله على الحضور المبكر للفن التشكيلي في الأروقة العامة هناك.

التعليم

كان نعمان قد دَرَس الفنون في كلية ليوناردو في القاهرة بمنحة من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، عندما التقى نعمان خلال زيارته لليمن عام 1964… وكان نعمان حينها فتى في مرحلة التعلم الإعدادي، وعرض هذا الفتى حينئذ على ناصر لوحة مرسومة له؛ فأعجب بها ناصر، وطلب منه الحضور إلى مصر لإكمال دراسته هناك في كلية الفنون الجميلة، إلا أن نعمان لم يستطع الالتحاق بتلك الكلية لاشتراطها حصول الطالب على الثانوية العامة؛ فوجه ناصر بإلحاق نعمان بكلية ليوناردو الإيطالية للفنون في العباسية. عقب دراسته هناك التحق نعمان بعددٍ من الدورات في إيطاليا عاد بعدها لليمن في السبعينيات ليبدأ مشواره الفني.
نظّم نعمان، على مدى تجربته، أربعين معرضاً شخصياً في عددٍ من المدن داخل وخارج اليمن. وكان أوّل تلك المعارض معرضٌ أقيم في القاهرة في السنة الثانية من التحاقه بكلية ليوناردو، وكان حينها مايزال في مقتبل العمر عام 1965، وافتتحه وزير الإعلام المصري حينها… وفق ما أورده وزير الثقافة اليمنيّ السابق خالد الرويشان في منشور له على صفحته في موقع «فيسبوك».

تنقل نعمان بين عددٍ من اتجاهات المدرسة التقليدية للفن التشكيلي؛ فبدأ واقعياً تقليدياً، ومنها انتقل إلى الرومانسية وصولاً للتعبيرية، وكان ذلك في تسعينيات القرن الماضي.

بنات القمر

عقب ذلك استمر نعمان في تنظيم معارضه الشخصية… وكان آخرها معرض «بنات القمر»، الذي أقيم في غاليري صنعاء عام 2016.
تضمّن المعرض مجموعة متنوعة من لوحات لمراحل سابقة من تجربته، بالإضافة لمجموعة لوحات «بنات القمر»؛ وهي المجموعة التي جاءت (تقنياً وموضوعياً) ضمن المستوى الأخير للتجربة؛ الذي يمكن القول إنه، ربما، تجلى بوضوح منذ عام 2006… إلا أن مجموعته الجديدة تلك، بقدر ما جاءت امتداداً لعلاقته المتميزة بالتشكيل والتركيب والتلوين ضمن حريته المائزة في المعالجة اللونية وجرأته في هندسة تركيب المنظور، إلا أنها قدّمت نسقاً جديداً في علاقة لوحته بالتجريد التعبيري للواقع بهدف تقديم قراءة جمالية جديدة للبيئة اليمنيّة وموروثها الشعبي، في نصوص بصرية تُعيد اكتشاف الواقع جمالياً وفنياً وفق رؤية مختلفة ذات بعدين شكلي ولوني جماليين مائزين. وكان الفنان نعمان ـ كما سبقت الإشارة- قد استهل، في وقت مبكر، تجربته مع الرسم واستطاع، خصوصاً منذ السبعينيات، أن يقدّم لوحة تشكيلية خاصة ظلت تكرّس حضورها، وتكشف، في كل مرحلة، عن مستوى جديد من مستويات تطورها.

التعبيرية اللونية

خلال هذه التجربة تنقل نعمان بين عددٍ من اتجاهات المدرسة التقليدية للفن التشكيلي؛ فبدأ واقعياً تقليدياً، ومنها انتقل إلى الرومانسية وصولاً للتعبيرية، وكان ذلك في تسعينيات القرن الماضي؛ ولعلها تلك التعبيرية هي التي مهدّت لتوجهه صوب اتجاهات المدرسة الحديثة لاحقاً، من خلال الاشتغال الرؤيوي على باطن المنظور في سياق تقديم قراءة جديدة في منظور مركب يناوش التجريد التعبيري للواقع، وخلال هذه المرحلة تميّزت لوحة هذا الفنان بمعالجة لونية وهندسية مختلفة للمنظور. لقد جاءت هذه اللوحة نتاج إمعان الفنان في ممارسة حريته مع أدواته، وجرأة في التجريب والتعامل مع اللون، ضمن رؤية مختلفة تتعامل مع أكثر من منظر يُعاد تركيبها في سطح واحد ضمن معزوفة لونية تتداخل فيها المكونات الشكلية والطاقات اللونية في سياق نص بصري محتشد بالمعاني والرؤى، ويفتح الطريق لأكثر من قراءة للواقع؛ وهي قراءة مفعمة بالضوء والبهجة.
وكان الفنان عبدالجبار نعمان قد عانى في السنوات الأخيرة من المرض، وتضاعفت معاناته مع دخول البلد في أتون حرب لم يلتفت له معها أحد، حتى مات في أحد مستشفيات صنعاء.
ونعت أوساط ثقافية يمنيّة عبدالجبار نعمان، وأشارت إلى أن رحيله خلف فراغاً كبيراً في المحترف التشكيلي اليمنيّ يصعب ملؤه في القريب المنظور.. كما دعت إلى الاهتمام بذاكرة تجربته ومدرسته الفنية والاعتناء بما تركه من أعمال وحمايتها، لاسيما والبلد يمر بمرحلة حرجة.

Source: alghad.com
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!