«شعبيات» حسن الشرق … حكايات وأساطير شعبية بروح طفل
[wpcc-script type=”051b021598b9d4aa7fb3bfa2-text/javascript”]
يعتبر الفنان «حسن الشرق» حالة فنية متفردة في عالم الفن التشكيلي، بداية من طبيعة موضوعاته المُستمدة من البيئة والحكايات الشعبية المصرية، وعدم انفصال الرجل عن موهبته وأعماله، التي لاقت الكثير من التقدير في العديد من دول العالم، وصولاً إلى الحالة الفنية التي يريد خلقها وتطويرها في بيئته التي نشأ فيها. ويُقام حالياً بغاليري «دورب» بالقاهرة معرض بعنوان «شعبيات» يضم عدداً من الأعمال الحديثة لحسن الشرق، والذي سيستمر حتى السادس من تموز/يوليو.
الحكايات والأساطير الشعبية
يضم المعرض لوحات تتجاوز حكاياتها إطار اللوحة المحدود، لتخلق شكلا من أشكال التداعي حول اللوحة والحكاية التي تعرضها، فما بين العادات والحكايات المصرية والعربية الشعبية كأبي زيد الهلالي وتنويعات من قصائد عربية قديمة، إضافة إلى الشخصيات التي لم تزل عالقة بالمخيلة الشعبية المصرية كـ (شجيع السيما) كما جاءت في أوبريت «الليلة الكبيرة» لصلاح جاهين. وبخلاف الشخصيات تأتي الأفعال اليومية التي يمارسها ساكنو قرى مصر، خاصة جنوبها الذي ينتمي إليه حسن الشرق، فهو من مواليد محافظة المنيا الواقعة شرق النيل جنوب مصر عام 1949، بقرية تسمى (زاوية السلطان).
التلقائية
الانطباع الأول عند مشاهدة أعمال حسن الشرق هو مدى التلقائية البادية في التعامل مع عناصر تشكيل اللوحة، بداية من شخوصها، وطريقة الخطوط المنحنية في أغلبها ــ قليلاً إذا ما وجدنا خطوطاً حادة ــ وهو ما يؤكد حالة من التواصل، وكأن طفلا هو الذي يقوم بالرسم، دون تنظيرات احترافية تفقد متعة التواصل معها. هذه التلقائية نجدها أيضاً في التعامل مع الشخصيات داخل كادر اللوحة، وكأننا في موالد أحد الأولياء، حيث يقوم فنانو هذه الأماكن برسم (الوشم) فوق أجساد رواد المولد، وبالطبع سيكون البطل إما أبو زيد، أو الشجيع أو ما شابه من الأبطال في المخيلة الشعبية المصرية. فالرسومات تذكرنا بالأشكال التي ترسم على جدران البيوت في القرى في المناسبات ــ والدينية منها خاصة ــ كالذهاب إلى الحج والعودة السالمة منه.
الشخصيات والعادات اليومية
لم ينفصل الفنان عن بيئته ولو للحظة، ويتمثل ذلك في احتفالياته ببعض المهن الشعبية والمظاهر الدينية كـ (كعروس المولد) و (صانع الكُنافة) وهي شخصيات ترتبط بشهر الصيام وطقوسه من ألعاب للأطفال أو بعض المأكولات. إضافة لذلك يأتي استعراض الأفعال اليومية التي لا يخلو منها كل بيت شعبي، سواء جنوباً أو شمالاً في مصر، وهي لحظات لا يُستهان بها في بيئتنا، كالأم التي تصفف شعر طفلتها، والطريقة التي تقوم بها بهذا الفعل في اللوحة يوحي بمدى السعادة البادية على وجه المرأة. فعل آخر يُمسِك به حسن الشرق في لوحاته، وهو وإن كان مجرد فعل بسيط، لكنه يحمل الكثير من دلالات الحياة الشعبية، والعلاقات بين أفرادها .. فالفتاة التي تطل من نافذتها/شبّاكها ويبدو وجهها ضاحكاً هو احتفاء بهذه الحالة، التي لم تعد موجودة بشكلها كما أراده الفنان إلا في الحارات الشعبية المصرية، ويبدو عقدها المعلق برقبتها، والذي يتخطى حدود النافذة أثر آخر من آثار الزي والاكسسوار الشعبي للفتيات.
حسن الشرق في سطور … بدأ بالرسم على جدران البيوت في قريته وتزيينها تبعاً للمناسبات الدينية، التحق عام 1969 بمرسم قصر ثقافة المنيا. ثم التحق بقسم الدراسات الحرة بكلية الفنون الجميلة جامعة المنيا، وحصل منها على دبلوم الفنون. أقام عدة معارض سواء في مصر أو خارجها، أهمها معرضه عام 1991 بمتحف اللوفر بفرنسا، وآخر في سويسرا، وبألمانيا عام 1994. أقام بمنزله الواقع بالمنيا متحفاً ضم العديد من اللوحات العالمية التي اشتراها من كبار فناني أمريكا وأوروبا، وهو ما يُشبه المتاحف الخاصة التي كان يقيمها الفنانون والمهتمون بالفن قبل يوليو 1952.
محمد عبد الرحيم