كثيرا من الأباء و الأمهات مع هذه الحياة المتسارعة و التي أصبحت صعبة نوعا ما لا يركزوا في طريقة تعاملهم مع أطفالهم , فهم يعتبروهم- بقصد أو بدون قصد – أشخاص ثانويين في حياتهم و غير هام التفكير في طريقة التعامل معهم , بل أهم و أفضل طرق المعاملة تكون مع رؤساء العمل أو الأصدقاء أو حتى الأقارب و الجيران , و اليوم نطلب من هؤلاء الأباء و الأمهات وقفة و نسألهم عن طريقة تعاملهم مع أطفالهم , و هل الأشخاص الغرباء الذين يعاملوهم بلطف و مودة هم أكثر أهمية في حياتهم من أطفالهم؟
أسلوب حياة:
إن سألت كثير من الأباء و الأمهات لماذا تعاملوا الغرباء بلطف و مودة و احترام و ابتسام ستكون إجاباتهم متفاوتة , فمنهم من يقول من باب إن “تبسمك في وجه أخيك صدقة” و منهم من يذكر أيضا “حرم على النار كل سهل هين لين” أو كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم , و الأغرب أنهم يناقدوا أنفسهم فلماذا لا يعتبروا إن أطفالهم من هؤلاء الأشخاص الذين إن تبسموا في وجوههم أخذوا ثواب؟ و نحن لا ندعو الوالدين للعبوس في وجه الغرباء أو معاملتهم بجفاء و قسوة لكن نطلب العكس وهو أن يعاملوا أطفالهم كالغرباء بكل ود و حب و لطف و لين , فعليهم إتخاذ هذا اللطف إسلوب حياة و عليهم تدريب أنفسهم على ذلك فاللطف في المعاملة هو أفضل أسلوب حياة يمكن أن يتخذه الوالدين.
وجة نظر أخرى:
وهناك وجهة نظر أخرى تعتبر الأطفال – بإعتبار ما سيكون – غرباء بالفعل فكلنا يتفق على إن الأيام تجري سريعا و العام يأتي تلو العام و لا نكاد نشعر بالوقت , فالأطفال سريعا ما سيكبرون و يتزوجون و يتركوا المنزل و , بعد تركهم للمنزل لن تجدوا تلك الفوضى التي كانوا يسببوها , و كذلك لن تسمعوا أصوات الشجار التي كانت تملاء المنزل , و سرعان ما ستجدوا أنفسكم بمفردكم بالمنزل و لم يتبقى لكم إلا بعض الذكريات مع أطفالكم , فجملوا هذه الذكريات و التي ستظل أيضا بأذهان أطفالكم , فالزمن يمر و الأيام تتسارع لكن الذكريات هي التي تبقى , فعاملوا أطفالكم كالغرباء الذين يجلسوا معكم بضع سنين ثم سيغادروكم و ينشغلوا بتكوين أسرهم , و لتعرفوا جيدا ما أوصفه لكم أسألوا الجدات و الأجداد أو حتى تأملوا حالهم دون أن تسألوا , و تذكروا إنه لم يبقى لكم و لهم إلا الذكريات العالقة بالذهن.
انتبهوا لخطواتكم:
أود أن أذكر هنا قصة جميلة فقد كان أب و طفلته يسيرون بمكان مليئ بالماء و الطين فالأب قال لطفلته: ” انتبهي لخطواتك كي لا تنزلقي!” , فردت عليه الطفلة بكل براءة و عفوية :” بل انتبه أنت لخطواتك يا أبي لأني أسير علي آثارها” , فبهذا الرد البسيط و العفوي وضحت لنا الطفلة إن الأطفال غالبا ما يختاروا أن يسيروا على خطى والديهم , و يحبوا أن يقلدوهم و لابد من الإنتباه إلى أن تصرفاتنا اليوم هي تصرفات أطفالنا غدا , فلو تعامل الوالدين بلطف و ود مع الغير و عاملوا أطفالهم بعنف و غلظة هكذا سيتعامل أطفالهم عندما يكبروا , أما لو حدث العكس و تعامل الوالدين بهذا اللطف و الود و الصبر و النصح و الحنان مع أطفالهم سيزرعوا هذه الصفات في نفوس أطفالهم , و الأغرب إن بعض الأباء أو الأمهات كثيرا ما يرددوا هذه العبارة:” أنا ماعرفش الولد ده جاب القسوة دي منين؟ ” مع إنهم لو فكروا قليلا سيجدوا أن هذه كانت طريقة تعاملهم مع أطفالهم فلما التعجب؟ وهذا يحثنا على التركيز في طريقة تعاملنا مع أطفالنا و يجعلنا ندقق أكثر في كل تصرف نقوم به و كل لفظ نتلفظ به , فما نحن عليه الأن سيكون عليه أطفالنا بالمستقبل , فاختاروا لأطفالكم الشكل الذي تحبون أن يصبحوا عليه!