يعتبر كل من الناتج المحلي Gross domestic product ، والمعروف عالمياً برمز GDP ، و سوق الأسهم stocks market ، بمثابة متغيرين رئيسيين ، كل منهم يؤثر على الآخر ، وقد اعتنى الاقتصاديون بدراسة العلاقة بين هذه المتغيرين ، و وكيفية تأثير كل منهم ، ليس فقط على بعضهما البعض ، ولكن تأثير المتغيرين على الاقتصاد الوطني للدور بصفة عامة.
عناصر الناتج المحلي GDP
عندما نتساءل حول كيف تؤثر سوق الأسهم ، والأوراق المالية على الناتج المحلي الإجمالي ، ستكون الاجابة متعلقة برصد تأثير سوق الأسهم ، حيث يعتبر هذا السوق بمثابة مؤشر هام ، يمكن أن يكون له بالغ التأثير على الناتج المحلي ، وبصفة عامة ، يحتم أن نقف عن عناصر الناتج المحلي الأجمالي ، حيث يقيس الناتج المحلي الاجمالي هنا السلع و الخدمات ، وأهم عنصر في عناصر قياس الناتج المحلي الاجمالي ، هو نفقات المستهلكين ، حيث تعكس هذه العناصر في النهاية ، مدى ، ودرجة قوة الاقتصاد لأي دولة ، وبالتالي يمكن من خلال ذلك تتبع درجة صعود ، ودرجة هبوط أسعار الأسهم داخل هذه الدولة.
وجدير بالكر ، أنه هناك عدد من المتغيرات الوسيطة أيضاً ، في مسار هذه العلاقة بين المتغيرين ، الناتج المحلي الاجمالي ، وبين متغير أسهم السوق ، وبالتالي يحتم التساؤل ، قبل رصد مسار العلاقة بينهما ، حول المتغيرات التي يكون لها بالغ الأثر على مستوى الاقتصاد ، فهناك بعض الاقتصاديات حول العالم ، يكون مستوى ارتقاؤها ، وتقدمها مدفوع بمتغيري ” الإنفاق” و ” الاستثمار” .
الانفاق الاستهلاكي
الانفاق بصفة عامة له عدد من الأنواع التي يقاس من خلالها الناتج المحلي الاجمالي ، فهناك ما يطلق عليه الانفاق الاستهلاكي ، وهذا النوع من الاستهلاك ، يقوم به المستهلك الذي يسعى إلى شراء السلع ، أو الخدمات التي تقوم بإنتاجها الشركات.
الانفاق على الأعمال
وهناك ما يطلق عليه الانفاق على الأعمال ، وهو ذلك النوع الذي يعتم بالأساس على انفاق جزء من رأس مال المشروع ، للمستثمرين على شراء المعدات ، والمصانع ، وتكاليف التوظيف ، وغيرها من المدخلات التي يحتاجها رجل الأعمال من أجل أن يؤسس لمشروعه التجاري ، فضلاً عن كافة التكاليف التي يقوم بإنفاقها على المعدات التقنية ، والتكنولوجية الجديدة التي تسهم في نجاح مشروعه.
الصادرات
وهناك متغير آخر يطلق عليه الصادرات ، وهي التي تعتمد على تحديد مقدار ما قامت به الشركة لبيعه للمشترين الدوليين خارج البلد المحلي للشركة .
الانفاق الحكومي
فضلاً عن وجود متغير هام يطلق عليه الانفاق الحكومي ، وهو قيمة ما أنفقته الحكومة في تجهيز المرافق العامة ، والخدمات التي تتاح للجمهور ، مثل انشاء الكباري ، وتكاليف الدعم لقطاعات اقتصادية مختلفة مثل الصناعة ، والزراعة ، وغيرها.[1]
الثقة والتفاؤل في عمليات الانفاق الاستهلاكي
تسهم عمليات زيادة ، أو نقصان نفقات المستهلكين في مستوى الناتج المحلي ، وكلاهما يتأثران بمستوى سوق الأسهم بصفة عامة ، حيث تؤثر سوق الأسهم بالسلب ، أو بالإيجاب على مستوى الناتج المحلي ، فعندما تكون أسعار الأسهم في حالة ارتفاع ، وتستمر وضعية ارتفاع الأسهم ، يكون المستهلكون ، وكذلك الشركات في حالة ازدهار ، حيث يزيد مستوى ثقة المستهلكين في الشركات ، وبالتالي ، يتزايد انفاق المستهلكين ، ثم يحدث طفرة ، زيادة في مستوى الناتج المحلي الاجمالي ، وهو في نهاي المطاف يعكس درجة تقييم قوة الاقتصاد في بلد.
كذلك إذا قارنا العلاقة بين المتغيرين في سوق ستسم بالهبوط ، حيث تكون أسهم السوق في حالة تدني واضحة ، ثم نجد ثروات الشركات قليلة ، مقابل وجود قصور في علاقة الثقة بين المستهلكين ، وبين هذه الشركات ، الأمر الذي يترتب عليه ضعف في الناتج المحلي الاجمالي ، وعليه يقاس مستوى الاقتصاد في أي دول ويُقيم على أنه اقتصاد ضعيف.
ويتأثر الناتج المحلي بكل ما تم عرضه من متغيرات ن وعناصر تساعد في قياسه ، بأداء المستثمرين أنفسهم في سوق الأسهم ، كما يمكن لسوق الأسهم أن تؤثر على الناتج المحلي في أوقات الصعود ، حيث يربط الاقتصاديين المعايير المعنوية مثل ” التفاؤل ” و ” الثقة ” بقياس العلاقة بين هذين المتغيرين ، فمثلاً ،عندما يكون هناك ارتفاع في سوق الأسهم ، فإن حالت التفاؤل تكون متزايدة ، ومن ثم تزيد مستويات الثقة ، حيث يؤثر زيادة سوق الأسهم على الظروف المالية ، وهو ما يزيد من ثقة المستهلك ، وبالتالي يتزايد مستوى انفاقه.
اثر الناتج المحلي الاجمالي في اسعار الاسهم
إذا قامت شركة ما بزيادة مستوى أسهمها في السوق ، بهدف تزويد رأس مالها ، فإنها بذلك ستحقق انعكاسات إيجابية على مستويات مختلفة ، مثل تشغيل مزيد من القوى العاملة ، و انشاء مشروعات جديدة ، ومن ثم يتزايد الناتج المحلية بشكل ملحوظ ، وعندما يكون مؤشر الناتج المحلي في ارتفاع ، فهو مؤشر واضح على تنامي الاقتصاد في هذه الدولة ، وبالتالي ستعمل المصارف في مجال القروض ، ومن ثم ستتولد حالة من الثقة بين الطرفين ، في مقابل اتمام المشروعات ، وكل هذه المزايا التي ستقدم للمستثمرين ، من شأنا أن تنعكس بشكل ايجابي على مستوى الناتج المحلي .
ومع ارتفاع الأسهم ، وتولد حالة الثقة ، والطمأنينة في المجتمع ، سيكون هناك تنامي ملحوظ في عمليات الراء من قبل المستهلك ، وبالتالي سيقوم الجمهور كطرف مستهلك بتوسيع عمليات شرائه للعقارات ، أو الأموال الغير منقولة ، وبالتالي زيادة المبيعات ، ثم زيادة الأرباح للشركات ، ثم قيام الشركات بشراء العديد من الأسهم ، ثم تعود مرة أخرى إلى تقوية معنويات الجمهور ، وهكذا .
في حين لو حدث هبوط في سوق الأسهم ، وعدم استقرار ، يحدث العكس تماماً ، حيث يفقد الجمهور الثقة ، وتكون الآفاق الاقتصادية غير مبشرة ، ثم يحدث قصور في أداء الشركات ، نتيجة انخفاض عمليات الشراء من قبل المستهلك ، ومن ثم تقل مستوى الصادرات للشركة ، ثم تقوم الشركات بتعجيل بيع أسهمها نتيجة الخوف من المخاطر المستقبلية ، وبالتالي تضعف إيرادات الشركات ، ثم تتدنى أرباحها ، وبعدها يحدث تقليص في حجم العمالة ، وتزيد نسبة البطالة في الدول ، الأمر الذي يضطر الشركات إلى البحث عن مصادر للتمويل ، ومن ثم يزيد الدين مقابل الأرباح ، وتنعدم ثقة المستهلك في هذه اللحظة.
وعليه يكون هناك حالة من عدم الاستقرار في أسعار سوق الأسهم ، وكل ذلك من شأنه قلة الانفاق الاستهلاكي ، ثم حدوث ركود اقتصادي ، وعليه يحدث تدني في مستوى الناتج المحلي ، وبالتالي ضعف في الاقتصاد ، وعدم قدرته على الصمود أمام هذه المشكلات ، فيحدث ما يسميها الاقتصاديون حالة عدم اليقين uncertainty ، وهي مشكلة مرتبطة بغموض المستقبل الاقتصادي ، أمام كل من الجمهور كمستهلك ، والشركات التي تعمل في مجال الاستثمارات.[2]