صغيرها حَرَمها الزيارات العائلية
أم أحمد -أم لأربعة أبناء– تشتكي من سلوك ابنها الأصغر الذي لم يتجاوز عامه الخامس، فهو دائماً يعتدي على الآخرين معنوياً وجسدياً دون سبب واضح، و على الرغم من أنها تعاقبه باستمرار إلاّ أنسلوكه يزداد سوءاً.
يبدو أن حال أم أحمد أفضل من حال غيرها، فقد حرم هذا السلوك بعض العائلات الخروج من منزلها إلاّ للضرورة.
تقول أم رامي -سيدة جامعية في العقد الثاني من العمر-: “أنا أفضلالبقاء في المنزل على الخروج في زيارات عائلية بسب سلوكابنتي”.
وتضيف أم رامي أنهذا السلوك يسبب لها كثيراً من الإحراج، فهي تقوم بإتلاف مقتنيات الآخرين وتحطيمها،وتضرب مثالاً لسلوك ابنتها فتقول: “كنت في زيارة لإحدى قريباتي، وكانت ابنتي معي، وبعددقائق من وصولنا سمعنا تحطم شيء ما في الغرفة المجاورة، ولما ذهبنا نستكشف الأمرفوجئت بأن ابنتي قد حطمت مزهرية زجاجية غالية الثمن”!!
متى يكون السلوك عدوانياً؟
ولكن هل تلك الظواهر أو التصرفات دليل على السلوك العدواني؟ أم أنها أمر طبيعي؟
د. جميل الطهراوي -رئيس قسم علم النفس في الجامعة الإسلامية- يلخص لنا الأعراض التي يحكم من خلالها على الطفل بالعدوانية، والتي يجب أن تستمر ستة أشهر على الأقل فيقول: “من مظاهر السلوك العدواني قيام الطفل بالسرقة لأكثر من مرة، أو أن يكرر الكذب دون حاجة إليه، أن يؤذي الآخرين،أو يعذب الحيوانات”.
وحول أسباب جنوح الطفل إلى هذا السلوك، يرى د. الطهراوي أن السلوك يُكتسب حسب طبيعة البيئة التي يعيش فيها الطفل، فكلما كانت بيئة الطفلخالية من المشاجرات والغضب والعدوان فإن هذه البيئة تنعكس إيجاباً على سلوك الطفل،وتنمي لديه عادات المسالمة، كما أن لأسلوب الآباء في معاملة أطفالهم أثراً كبيراً في تعلم السلوك العدواني أو تجنبه؛ فالأب الذي يشجع أبناءه على تحقيق ذواتهم دون إيذاء الآخرين هو القادر على ضبط سلوكهم وتوجيههم توجيهاً تربوياً سليماً.
ويوضح أنالأسرة تساهم بالدرجة الأولى بشكل أو بآخر في إيجاد هذا السلوك عند أبنائها؛ فقدتكون الأم عصبية المزاج، ولا تجيد استخدام الحوار أو المناقشة، وهو ما يدفع الطفل للعناد والعدوانية، كما أن التفريق في المعاملة بين الأبناء وتفضيل أحدهم على الآخريشكل أثراً بالغ السوء على نفسية الطفل الذي تتولد لديه مشاعر الغيرة والإحباط وعدم الثقة بالنفس، وهي من أهم العوامل التي تدفع نحو العدوانية.
ويضيف رئيس قسمعلم النفس في الجامعة الإسلامية: إن الأطفال الذين يشعرون برقابة الآخرين المستمرة لنشاطاتهم، والتي تصاحبها أوامر ونواهٍ ونقد وتعنيف يكونون أكثر ميلاً للعدوان في علاقاتهم مع غيرهم، كما أن مشاعر الإحباط التي تتولد عند الطفل قد تسبب جنوحه إلىالسلوك العدواني، خصوصاً إذا ما كان الطفل غير قادر على تحقيق رغباته وإشباع حاجاته،أو إذا كان يشعر بالنقص بفعل عاهة بدنية أو إخفاق متكرر أو تأخر دراسي، مما يدفعهلممارسة العدوان كتعويض يثبت من خلاله شخصيته، وينال به مكانة اجتماعية وفقاًلمفهومه.
العلاج
أما عن العلاج فإن السلوك العدواني ظاهرة نفسية ومرضية شأنها شأن كل الظواهر المرضية قابلة للعلاج أو التخفيف من حدتهاعلى أقل تقدير، ويرى د. الطهراوي ضرورة إعطاء الطفل فرصة للتعرف على ما حوله تحتإشراف المربي، وتنمية نشاطه في الاتجاه الإيجابي من خلال الاعتماد على ألعاب معينة كألعاب الفك والتركيب، وعدم معايرته بالآخرين أو مقارنته بهم عند أي خطأ أوتأخر دراسي يقع فيه، وعدم معاقبته أمام الآخرين، والإجابة على تساؤلاته بمنطقوعقلانية تتناسب مع إدراكه.
ويضيف: من المهم عدم تعريض الطفل لمشاهدة مواقف عدوانية أو مشاجرات كتلك التي تحدث بين الآباء والأمهات في وجود أبنائهم أو ما يشاهده من مظاهر عنف عبر شاشة التلفزيون؛ فكلها تترك أثراً سلبياً على سلوك الطفل وتصرفاته.
نوافذ
فلنكن أصدقاء أبنائنا