“أنا لست طفلا أنا رجلا” عندما تسمعوا هذه العبارة فأعلموا أن الوقت قد حان لإستقبال مراهق في أسرتكم. والمراهقة تعتبر أزمة في الطرح التربوي العام , لكنها كذلك مرحلة مهمة كجميع مراحل الطفل , بيد أنها تحتاج إلى طريقة خاصة في التعامل , بالإضافة إلى وعي شديد بخصائص تلك المرحلة.
مشكلة المراهقة:
ربما تبدو هذه المرحلة أكثر خطورة و حرجا بسبب التفجر العاطفي و الجسدي الهائل الذي يصاحبها , ويبدو كأنما تفجر فجأة فيصبح كالفيضان الذي يوشك أن يحطم الجسور , ولكننا حين نرقب الفيضان من مبدئه ثم نرتب له منصرفاته ثم نجعل الجسور قوية الاحتمال … نكون في مأمن من غائلة الفيضان , و إن كنا دائما في كل مراحل العمر في حاجة إلى يقظة دائمة. وتفهم طبيعة المراهق و سماته من أهم الخطوات التي تساعدكم في التعامل معه , وتجنبكم الصدام و المشاكل التي يجرها الجهل بتلك الخصائص.
ومن أهم السمات الملحوظة في تلك المرحلة:
1- رفضه أن يعامل كطفل و زيادة حاجته للإستقلالية:
وحل هذه المسألة جد بسيط , وهو أن نشعره بالفعل أنه رجل , فالفتى و الفتاة يبدآن في عصيان بعض الأوامر ليس رغبة في العصيان و إنما رغبة في نزع اعتراف بأنهم لم يعودا طفلين , والحل الأمثل أن نتقبل هذا الأمر بحبور , و نغير سلوكنا الذي كان متبعا مع الطفل , ليتماشى مع الرجل فعلى الوالدين إظهار فرحهم بهذا التغيير و سعادتهم بأن ولدهم صار رجلا و يمكن أن يعطوه بعض المهام التي لم يسمح له بفعلها من قبل و يمكن أيضا أخذ مشورته و إحترام رأيه.
وربما يكون من الأفضل أن تخصصوا له مصروفا شهريا يأخذه أول كل شهر بدلا من إعطائه مصروف يوما بيوم , و كذلك إعطائه الحق في اختيار حاجاته و ملابسه بحرية في إطار ما هو مقبول عرفا و شرعا , فهذا السلوك الإيجابي و إشعاره بأنه رجل يثلج صدر المراهق و يخفف كثيرا من سلوك العناد و الكبر اللذين قد ينتاباه في هذه المرحلة.
2- تكوين صداقات:
من العلامات المميزة للمراهق – كما يشرح ا. كريم الشاذلي في كتابه الآن أنت أب – بناء علاقات مع ذويه , فبعدما كان يلعب بمفرده , و يرفض أن يشاركه أحد لعبه و أدواته , صار يتخذ له (شلة) , و ينجذب لها بشكل كبير . ونراه كذلك يصطفي شخصا أو شخصين يسر له أو لهما أسراره و مشاكله , وهذا شئ طيب و خطوة طبيعية للانفتاح على الآخرين , إلا أن الوالدين عليهم معرفة من هم أصدقاؤه و يطمئنوا على تربيتهم و مدى إنضباطهم الأخلاقي , و لكن دون أن يشعر المراهق بأنهم يمارسوا دور الرقيب عليه , فلا بأس أن يجعلوه يدعو أصدقاؤه إلى البيت ليتعرفوا عليهم عن قرب , أما إن وجدوا من أصدقائه شخصا غير منضبط يخشوا عليه منه فيجب أن يصدروا فرمانا بقطع علاقته به فورا , ويشرحوا له أنهم لا يرفضوا أن يكون له أصدقاء و أن يختارهم بحرية و لكن هذا الشخص بعينه مرفوض لأسباب معينه.
وعلى الوالدين أيضا إلتماس العزر للمراهق أو المراهقة فهم يمرون بفترة صعبة و طفرة جسدية و نفسية , فأتذكر تشبيه قد قاله خبير صحة نفسية وهو أن الأب و الأم يتخيلوا أنهم استيقظوا اليوم وجدوا أنفهم 2 متر , ماذا يكون شعورهم و مدى صدمتهم و دهشتهم مما حدث فجأة , و الأصعب أنكم ستتحركون بهذه الأنف الطويلة لتقوموا بكل مهامكم و تخرجوا بها أمام الناس , أيمكنكم وصف شعوركم ؟ , إن هذا الشعور الصعب و المعقد و المحرج هو بالضبط نفس شعور الطفل الذي أصبح بين عشية و ضحاها مراهق و شكله اختلف و كذلك هرموناته التي تؤثر على مشاعره و حالته النفسية , فما نطلبه من الوالدين مراعاة شعور المراهق بسبب ما يتعرض له من تغييرات و كذلك عليهم الإطلاع أكثر على سمات مرحلة المراهقة حتى يسهل عليكم التعامل مع المراهق , تابعونا و انتظروا الجزء الثاني من المقالة و التي تحتوي على باقي سمات مرحلة المراهقة و كذلك بعض النصائح التربوية التي تعينكم على التعامل مع أطفالكم الذين أصبحوا مراهقين.