بإصرار كبير على الحفاظ على الطبيعة، شكل رجل هندي قصة استثنائية، وأثبت يمكن لرجل واحد عادي أن يغير العالم بيدين فعليًا وليس مجازيًا، حيث أقدم الرجل على زراعة غابة كاملة أكبر من السنترال بارك في نيويورك، حيث تبلغ مساحة الغابة 1360 فدانا، في حين تبلغ مساحة السنترال بارك 840 فدانًا. .
زرع “جاداف باينغ” جزيرة ماغولي اسام بالهند، وهي أكبر جزيرة نهرية في العالم، ودُمرت أرضها بفعل فيضان شديد تبعه جفاف عام 1979، وفي محاولة لمنع مزيد من الخراب، قرر “باينغ” وهو في الـ16 عامًا من العمر أن يزرع شجرة يوميًا من أجل المستقبل الذي لا يعلم كنهه.
الآن مر على قرار “باينغ” هذا 39 عامًا كاملًا لم يتوانَ فيها عن أداء مهمته التي اختارها بنفسه، يستيقظ يوميًا في الثالثة صباحًا ويذهب إلى الجزيرة وغابته الخاصة باستخدام القوارب، حتى صارت الأرض وعلى يد رجل واحد على مساحة 1360 فدانا موطنًا لـ 115 فيلًا، بالإضافة إلى النمور البنغالية والكركدن والنسور.
ظل الرجل الهندي مواظبًا على فعلته في الخفاء، ولم تظهر جهوده إلى النور إلا عن طريق الصدفة، بعد أن التقطته عين أحد مصوري الحياة البرية في خريف 2007 يزرع بذرة في الأرض ويعتني بالشجيرات والأشجار حولها.
كان الصحفي والمصور “جيلاو كاليتا” استأجر قاربًا؛ لالتقاط صور للطيور حول نهر براهمابوترا، الذي يتدفق حول جزيرة ماجولي، وأثناء التجديف عبر المياه الضحلة رصد شيئا غير عادي.
يحكي المصور في الفيلم الوثائقي “رجل الغابة” والذي حقق نحو 3 ملايين مشاهدة عبر منصة “يوتيوب” وحدها، قائلًا: “رأيت شيئا غريبا… بدت وكأنها غابة على مسافة بعيدة، بدأت بالسير نحوها، وعندما وصلت لم أصدق عيني، ففي وسط القفار كانت هناك غابة كثيفة”.
ظن “باينغ” في البداية أن المصور “كاليتا” لم يكن إلا صيادًا حينما رآه يطارد وحيد القرن ونمرًا، لكنه فوجئ بمعرفة أن ضيفه كان في الواقع صحفيا، فُتن “كاليتا” بقصة “باينغ” وأمضى وقته في التعلم عن عمله وقصته.
نشر الصحفي قصة الرجل الهندي في مقالة في إحدى الصحف المحلية، ليُطلق عليه منذ ذلك الحين لقب “رجل الغابة الهندي”.
ولا يزال “باينغ”، الذي يجمع المال مع زوجته عن طريق بيع لبن الأبقار إلى القرى المحلية، مُكرسا حياته لزراعة الغابة، ويقول إنه سيواصل زرع البذور ورعاية الأشجار حتى آخر أنفاسه، مُتابعًا أن نمط الحياة هنا هادئ للغاية ويعيش هانئ البال مع قليل من الإجهاد.
وعن الصعوبات التي يواجهها “باينغ”، يقول إنها تشمل تهديدات الصيادين للحياة البرية وقطع الأشجار الجائر، متابعًا: “البشر يستهلكون كل شيء حتى لا يتبقى شيء، لا شيء آمن من البشر، ولا حتى النمور أو الفيلة”.
يتابع: “حينما يأتي الناس لقطع الأشجار أخبرهم أن عليهم قطعها بعد قتلي، لن يأخذ أحد تلك الأشجار طالما أنا على قيد الحياة”.
كرمت الدولة الهندية “باينغ” تكريمًا شرفيًا، وأبرز العديد من العلماء عمله كمثال يحتذى به في الزراعة، على الرغم من أنه لا يحمل أي شهادة تعليمية تخص الزراعة.