‘);
}
قصص الصحابة في التوكل على الله
لقد ضرب الصحابة الكرام المثل الأعلى في حسن التوكل على الله -تعالى-، ونذكر من هذه النماذج ما يأتي:
أبو بكر الصديق يتوكل على الله وينفذ جيش أسامة
وهذا أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يتوكل على الله حق التوكل، وينفذ جيش أسامة بن زيد -رضي الله عنه-، ويمضي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- في مرض موته بإمضاء وإنفاذ جيش أسامة إلى الروم؛ فلما توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- أبطأ الجيش في الخروج؛ بسبب حزنهم على مرض النبي -صلى الله عليه وسلم- وخبر وفاته.[١]
ولما توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- حصلت فتنة عظيمة؛ فارتدت الكثير من القبائل العربية عن الإسلام، حتى بات الخطر يداهم المدينة المنورة، فخاف الصحابة على مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خوفاً شديداً، ونصحوا أبا بكر بعدم إرسال جيش أسامة إلى الشام لملاقاة الروم؛ وذلك لتعزيز موقف المدينة.[١]
‘);
}
ولكن موقف أبو بكر كان مخالفاً للصحابة؛ فقد عزم النية على تنفيذ أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- متوكلاً على الله حق توكله، فأمضى الجيش وأنفذ وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، فجاءت البشائر بعد ذلك.[١]
حيث كتب الله النصر لهذا الجيش، وبُثَّ الرعب في قلوب كل القبائل العربية شمال المدينة؛ لأنهم قالوا: لو لم يكن في المدينة قوة عظيمة لما خرج منها هذا الجيش وأخلوا المدينة، فكان توكل أبي بكر وحرصه على تنفيذ أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- خيراً لأمة الإسلام.[١]
عثمان بن عفان يأخذ بالأسباب ويتوكل على الله
وهذا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يوافق معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- واليه على الشام؛ بأن يركب البحر ليفتح قبرص، وقد كان معاوية -رضي الله عنه- طلب ذلك مراراً وتكراراً من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بأن يركب البحر.[٢]
ولكنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رفض هذا الأمر لخوفه على أرواح المسلمين؛ إذ لم يكن للمسلمين أي خبرة في ركوب البحر، ولم يكن لهم سابق تجربة بذلك؛ فيبقى الأمر في نفس معاوية -رضي الله عنه-.[٢]
ويلحّ بطلب ركوب البحر وفتح قبرص على زمن خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، فاستشار عثمان حول الأمر فرآه حسناً؛ فأخذ بالأسباب وتوكل على الله حق توكله، وأمر بإنشاء أول أسطول بحري للمسلمين ليغزو قبرص.[٢]
وقد استعان بأهل الخبرة من أهل مصر ببناء هذا الأسطول، وجعل الأمر بالتخيير فمن أراد ركوب البحر ركبه، ومن لم يرد فله ذلك، فاستجاب معاوية -رضي الله عنه- وأنشأ هذا الأسطول؛ وكان الفتح بإذن الله وحصل للمسلمين غنائم كثيرة.[٢]
مجتمع الصحابة بأكمله يتوكل على الله
وقد كان التوكل على الله ديدن الصحابة جميعاً؛ ففي يوم مؤتة وعندما نزل الجيش بأرض معان وصلتهم المعلومات الاستخبارية بأن الروم قد جمعوا لهم مئتي ألف مقاتل، وكان عدد الصحابة حينئذ ثلاثة آلاف مجاهد، فلما سمعوا بالخبر وتشاوروا كان رأي عبد الله بن رواحة أن يتقدم الجيش طلباً للشهادة في سبيل الله أو النصر.[٣]
ثم كان رأي الأغلبية هو التوكل على الله حق التوكل، والعمل برأي عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه-، وإنفاذ المهمة ومواجهة جيش الروم في عملية فدائية لم يعرف التاريخ مثلها نظيراً.[٣]
وكانت نتيجة توكلهم على الله أن ثبت الله قلوبهم، وجعلهم يرعبون جيش الروم في مناوشات من أشرس المناوشات التاريخية، والتي ضرب فيها المسلمون أبسل أشكال الشجاعة، وقد استطاع جيش المسلمين الصغير بفضل توكله على الله من خرق صفوف جيش الروم وإثخان الجراح فيهم، ثم انسحبوا بذكاء منقطع النظير بقيادة خالد بن الوليد -رضي الله عنه-.[٣]
المراجع
- ^أبتثمجموعة من المؤلفين، موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، صفحة 909. بتصرّف.
- ^أبتثابن الأثير، الكامل في التاريخ، صفحة 469. بتصرّف.
- ^أبتصفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 357. بتصرّف.