خوف الأطفال من أحد المظاهر المنتشرة في مختلف أعمار الصغار، فكل عمر له مخاوفه، لكن المشكلة تكمن في كيفية التعامل السليم التربوي مع الطفل الذي يشعر بالخوف، فردود أفعال الأسر تختلف بعد أن تعرف بوجود مخاوف عند الطفل، فما هي الطرق السليمة للتعامل مع خوف الأطفال.
أول خطوة للتغلب علي “خوف الأطفال”:
أول شئ وأهم شئ لابد أن تقوم به الأسرة تجاه خوف طفلها هو عدم التجاهل، والإنصات والإهتمام لمشاعر الطفل، فالطفل كالكبير يشعر ويغضب ويخاف ويحزن ويفرح، فعلي الوالدين والمقربين من الطفل عدم الإستهزاء أو التقليل أو إهمال مخاوف الطفل، بل عليهم الإهتمام بها جيدا، وذلك يشعر الطفل أنه بأمان إلى حد ما ويشعره أيضا أنه مهم لدي أسرته ويساعد بنسبة معينة في تغلب الطفل على هذه المخاوف.
ثاني خطوة معرفة الأسباب:
نأتي بعد ذلك للبداية الحقيقة لحل المشكلة وهي معرفة الأسباب التي تشعر الطفل بالخوف، لكن علي الوالدين أن يتعاملوا مع الطفل باللين والصبر وأن يقدروا ما هو فيه حتي لو بدى الأمر لهم أنه بسيط، فعليهم أن يتوصلوا للأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذه المشكلة، ومن أمثلة الأسباب:
- الألعاب الألكترونية التي تحتوي علي صور وأشكال مخيفة أو غير مناسبة لأعمار الأطفال.
- الكرتون وأفلام الأكشن أو الرعب التي يشاهدها البالغين وتقع أعين الأطفال عليها سواء بقصد أو بدون.
- القصص والحكايات التي يسمعها الطفل – وما أكثرها – فمعظم قصص الأطفال للأسف تحتوي علي الذئب أو الثعلب المكار الذي يخطف الحيوانات الضعيفة ويأكلها أو يخدعها ثم يؤذيها، وهذا سبب مهم جدا يغفل عنه الكثير من الآباء والأمهات.
- المشاكل الأسرية والتي يغفل عنها أيضا الكثيرين، فهي تدفع الأطفال بالشعور بالخوف من أن أحد الوالدين سيتركهم أو أنهم سيعيشون بمفردهم أو غيرها من الأفكار التي تجول بخواطر الأطفال في مثل هذه المواقف.
- المدرسة أو الحضانة وجماعة الرفاق قد يكونوا أيضا سبب هاما لمشكلة خوف الأطفال، فمن المعروف إن كل عمر يتأثر أكثر بالعمر المقارب له، فالأطفال في السن الصغير يتأثرون ببعضهم البعض بشكل كبير، فربما يكون أحد أصدقاء طفلك هو السبب في شعوره بالخوف عندما حكى له مثلا فيلم شاهده أو حتي صورة أو لعبة علي التابلت.
- عقاب الأطفال بطريقة غير تربوية ومؤلمة سواء جسدية أو نفسية، فكثرة إستخدام الأساليب غير الصحيحة تربويا مع الأطفال في العقاب أو التعامل يؤدي لحدوث مشكلات نفسية كثيرة نحن في غنى عنها.
- أسباب أخرى متنوعة تختلف من طفل لأخر مثل البيئة التي نشأ فيها أو الأقارب المحيطين أو حتى الجيران أو الحيوانات والأثاث الذي يوجد في المنازل، فالأطفال دائما ينظرون للأشياء من منظور مختلف عن الكبار.
الحلول العملية لخوف الأطفال:
أول وأهم خطوة للقضاء على هذه المشكلة هي معرفة السبب الأساسي والحقيقي لخوف الأطفال، فليس كل الأطفال تكون أسبابهم واحدة للخوف، لكن إذا استطاع الوالدين معرفة السبب عليهم أن يمنعوا إستمراره، فمثلا لو كان فيلم كرتون أو قصة معينة عليهم إبعادها تماما عن الطفل بشكل نهائي، ثم بعد ذلك نأتي لبعض الخطوات الهامة للقضاء التام على هذه المشكلة:
- إشعار الطفل بالأمان والتواجد المستمر بجانبه بالذات عند شعوره بالخوف، فلا بأس من القيام ببعض الإستثناءات أثناء هذه المشكلة، فمثلا إذا استيقظ الطفل من النوم خائفا وطلب من الأم أن تنام بجانبه – حتى لو لم يكن هذا مقبولا في الأيام العادية – عليها أن تستجيب له وتشعره بالأمان والحب في هذا الموقف، فطمئنة الطفل تساعده في التغلب الذاتي على مخاوفه.
لكن هناك شئ مهم جدا تقوم به الكثير من الأمهات وهو أن تترك الطفل ينام معها في غرفتها ظنا منهم أن هذا سيساعده، ولكنهم بذلك يساعدوا بطريق غير مباشر في عدم حل المشكلة لأنها تؤكد للطفل إن غرفته بها شئ مرعب يؤدي إلى الخوف، فالحل الصحيح أن تذهب هي معه لغرفته وتطمئنه حتى إذا اضطرت للنوم بجانبه فترة، فذلك سيساعد في حل المشكلة لكن حذاري أن تترك الأم الطفل ينام في غرفتها حتي لو كان هذا طلبه.
- ربط الطفل دائما بالله وتلاوة أيات التحصين والرقية الشرعية وسماع القرآن خصوصا قبل النوم، وإخبار الطفل إن هذه الأيات والأدعية نقولها ليحمينا الله القادر على كل شئ، وهذا أمر مهم جدا يربط الطفل بالله عز وجل ويساعده أيضا في التغلب على مخاوفه.
- نطلب من الطفل أن يرسم الشئ الذي يخاف منه، مثلا حرامي أو وحش أو أي شئ ثم تبدأ الأم في أن تظهر للطفل مدى ضعف هذا الشئ الذي يتسبب في إشعاره بالخوف، لا أقصد الإستهزاء بمشاعر الطفل بل نحاول أن نوصل للطفل إن هذا الشئ أنت تستطيع أن تتغلب عليه فهو ضعيف ويداه مثلا قصيرتان وأعينه لا يرى بهما جيدا وهكذا.
- القيام بكل الأسباب المنطقية التي تقنع عقل الطفل بالأمان، فمثلا إذا كان الطفل يخاف من الحرامي المقنع الذي سيأتي من النافذة، يمكن للأم والأب أن يأخذوا الطفل ويغلقوا أمامه النافذة جيدا ويدعوه يرى بنفسه أنها محكمة الغلق من الداخل، وأيضا يغلقوا باب المنزل وباقي النوافذ بإحكام وإخباره إن مثلا فرد الأمن بالخارج دوره أن يراقب ويحمي المكان، إلي جانب وجود الأب والأم بجانبه طوال الوقت، فهذا سيساعد جدا في إحساس الطفل بالأمان.
وفي النهاية نتمنى أن تكون كل أسرة إستفادت من هذه النصائح التربوية، وللمزيد تابعونا في قسم تربية الأبناء ، وأنصح بقراءة هذا المقال بعنوان: “لحظة قبل أن تطلبوا البر من أبنائكم”، و أشركونا دائما بتعليقاتكم وتجاربكم وأيضا أسئلتكم.