ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة ديفرا نورلنغ (Deevra Norling) والذي تُحدثنا فيه عن تجربتها في الاستقالة من عملها.
سيسعد الكثيرون بالسعي وراء شغفهم في الحياة في حال كانوا يعرفونه؛ بينما يكون آخرون على درايةٍ به ويتطلعون للسعي وراءه إلا أنَّهم يفتقرون إلى الشجاعة للسير في هذا الطريق، وقد كنتُ واحدةً منهم.
ففي عمر الثانية والعشرين عاماً، كنت قد توصلت إلى قناعة مفادها أنَّ العمل الحر المستقل هو الأفضل لي وتخيلت مستقبلي في العمل مع الحيوانات والكتابة، لكن قادتني الحياة إلى طريقٍ مختلفٍ للغاية؛ طريق كان باعتراف الجميع أنَّه الأسهل، ولكنَّني لم أجد نفسي فيه فسلكت الطريق الآمن والتقليدي وقضيتُ سنواتٍ عديدة في سلسلةٍ من الوظائف المكتبية التي جعلتني في تعاسة شديدة.
وبعد ثمانيةَ عشَرَ عاماً أليماً من الاستنزاف في وظيفتي السابقة واجهت نفسي، وفي لحظة ملهمةٍ علمتُ أنَّ الانتقالَ إلى وظيفةٍ أُخرى لن يحلَ المشكلة؛ بل سأكون تعيسةً في الوظيفة التالية ولذلك كان لا بد أن أغيِّر شيئاً آخر.
فكرت ملياً في الأمرِ وعندما اتخذت القرار كنتُ أفكر بمنطقية وعلمت أنَّني لن أجني الكثيرَ من المال في البداية، ثم فكرت إن كان بوسع الآخرين كسبُ المال في المجالات التي كنت تواقةً إليها، فلم لا يمكنني ذلك؟ قد لا يكون الأمر سهلاً، لكنَّني كنت في مُستهل الأربعينيات وأدركت أنَّني أضعت نصف حياتي في وظائفَ أكرهها وكنت أمرُّ بأزمة منتصف العمر.
شاهد بالفيديو: 8 نصائح تساعد الموظفين المستقلين (الفريلانسرز) في إدارة أوقاتهم
[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”640″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/gmFXvWyJpYo?rel=0&hd=0″]
وبقدر ما كان هذا القرار مخيفاً، فما أخافني أكثر هو التفكير في الاستيقاظ في عمر الستين بعد أن أضعت حياتي العملية كلها في بؤس وتعاسة؛ لقد شعرت بالخوف عندما أصبحت في الأربعين من عمري وأنا ما زلت أجلس في المكتب ذاته والشركة ذاتها وأقوم بالعمل نفسه وأنا تعيسة.
قد لا يكون المضي قدماً خياراً سهلاً، ولكنَّه أسهل من هذا العمل الشاق نفسياً، فلا شيء أصعب من العيش على هذه الحال.
في اللحظة التي سلمتُ فيها استقالتي، شعرت بأنَّ عبئاً كبيراً قد أُزيح عن كاهلي ونمت اثنتي عشَرَ ساعة في تلك الليلة التي كانت أروع ليلة أقضيها في حياتي، فقد نمت كامرأةً حُرة تماماً.
وفي الصباح التالي، بدا المنظر خارج نافذة شقتي أكثر وضوحاً والألوان أكثر إشراقاً، لقد بدا العالم أكثر جمالاً بالنسبة لي من أي وقتٍ مضى، فقد أصبحت حرةً أخيراً.
ومثل العديد من الأشخاص، أنا لم أُخلق لأعمل في وظيفة مكتبية مملة لأستيقظَ كلَ صباحٍ في الوقت نفسه وأسلك الطريق نفسَه وأجلسَ في المكتب نفسِه مُراقِبةً ساعات دوامي، وأخوضَ في سياسات المكاتبِ وأخضع للسلطة العليا وتقييمات الأداء وأضطر إلى أخذ إجازة أو التظاهر بالمرض للحصول على يوم خاص لي.
لقد كرهت كل شيءٍ في هذا العمل لأنَّه جعلني أشعر بأنَّني محاصرةٌ واستنفد مني روحي طوال ثمانيةَ عشرعاماً، لقد سلبني هذا النمط حق الحياة وتركني منهكة الروح تماماً.
إذاً لماذا استغرق التخلص من هذا العذاب ثمانية عشر عاماً؟
1. التنشئة الاجتماعية:
لقد علمونا منذ نعومة أظفارنا أنَّ علينا دراسة اختصاصاتٍ مفيدة ومربحة للحصول على وظيفة في شركةٍ تدفع لنا أجراً جيداً لقاء العمل الذي نقوم به.
لقد علَّمنا آباؤنا ذلك وتوارثته الأجيال جيلاً بعد آخر، وبطبيعة الحال، نحن نعتقد أنَّ هذه هي الطريقة التي تسير بها الحياة وذلك ليس بالأمر الخاطئ إذا ناسبكم، ولكن لسنوات عديدة كنتُ أتساءل: أليس هناك طريقةٌ أفضل للعيش من هذه؟
وشعرت حينها بقوة في داخلي تخبرني أنَّني لا أحقق هدفي الحقيقي ولا أُظهر إمكاناتي الحقيقية، بل أفعلُ ما افترضت أنَّ مجتمعي يتوقعه مني.
2. الفواتير الواجب دفعها:
عندما تكون مسؤولاً عن عائلة لا يمكنك التخلي عن الوظيفة مهما جعلتك تعيساً، ورغم أنَّني عازبة، لم أشعر أنَّ بمقدوري العمل مع الحيوانات أو الكتابة؛ ذلك لأنَّني أقنعت نفسي أنَّ الأجر سيكون زهيداً لدرجة أنَّني لن أستطيع تغطية النفقات، وذلك مع كوني كنتُ أسيطر عليها إلى حد ما وذلك من خلال تبسيط المعيشة وتقليص الميزانية، وربما ستجد أنَّ بإمكانك العيش بأقل مما تظن.
قد لا تكون قادراً على ترك عملك اليوم، لكن يمكنك البدء في الادخار والتخطيط لمستقبلك الجديد منذ هذه اللحظة؛ بل وتستطيع تأسيس عملك الخاص بينما لا تزال في وظيفتك الحالية.
3. الخوف:
إنَّ التخلي عن وظيفة آمنة ومستقرة أمرٌ مخيف حقاً؛ حيث إنَّ العمل بدوام ثابت يعني أجراً مضموناً وتأميناً طبياً ومدخراتٍ للتقاعد، والخروج من منطقة الراحة هذه ليس أمراً سهلاً إطلاقاً.
كل ما هو معروف آمن بينما يظل المجهول مخيفاً، ويمكن للخوف أن يثبط عزيمتنا إذا سمحنا له بذلك ولكن لا شيء سيتغير فهل يستحقُ الأمر أن تدع الخوف يسيطر عليك؟ اعلم أنَّ الأمر لن يكون كذلك عندما تصبح منطقة الراحة غير مريحة بما فيه الكفاية.
إنَّ اختيار مسار جديد أمر مشوق ومرهق على حد سواء؛ فطريق التغيير لن يكون بهذه السهولة، فهو متعرج ووعر وقد تحجبه التقلبات والانعكاسات فلا تَستطيع رُؤية ما أنت مقبل عليه، ولكن يجب أن تدرك أنَّ كل من يختار طريقاً جديداً عليه المخاطرة وتوقَّع هذه المطبات على طول الطريق.
إذاً، كي تظل مُلهَماً وتواصل المضي قدماً حتى عندما تصبح الأمور صعبة افعل التالي:
1. احتفِ بالإنجازات الصغيرة:
بالنسبة إلي، كان إنجازي الأول هو العملَ في الكتابة مع موقع إخباري جديد على الإنترنت.
لم يكن العمل مأجوراً في البداية، لكنَّه أعطاني فرصة لبدء عملي في هذا المجال وكان ذلك مشوقاً جداً، والأمر الأكثر تشويقاً وغير المتوقع على الإطلاق هو أنَّني تلقيت تعويضاً نقدياً صغيراً عن مقالاتي الثلاث الأولى لأنَّها أعجبت المحررين كثيراً وكان ذلك حدثاً جللاً بالنسبة إلي فقد كان ذلك راتبي الأول ككاتبة.
كنتُ سعيدةً للغاية لدرجة أنَّني وضعت نسخةً من الشيك في إطارٍ على مكتبي ليذكرني دائماً بأنَّ تحقيق الأحلام ممكن حقاً.
احتفِ بالإنجازات الصغيرة أو الكبيرة واشحن نفسك بالحماسة الذي تخلقه تلك الإنجازات لتدفعك إلى الأمام خطوة صغيرة في كل مرة.
2. تصوَّر هدفك وأبقِه نصب عينيك:
قد يبدو ذلك صعباً في البداية، ولكنَّ معظم معلمي التفكير الإيجابي وتحديد الأهداف يؤكدون على أهمية التصور. قَدْ تُدهَشُ من فعَّالية هذه التقنية في مُسَاعَدَتك على النجاح فيما خططت لفعله، من الركض في الماراثون إلى السفر إلى بلدان أجنبية وحتى شراء منزل أحلامك، أيَّاً كان ما تطمح إليه؛ فقط تخيل نفسك تعبُر خط النهاية أو تجلس في جندول في البندقية أو تحمل مفاتيح الباب الأمامي لمنزل أحلامك.
اطبع الصورة في عقلك وأبقِها حاضرةً في ذهنك حتى تصبح حقيقةً.
3. تعاون مع الأصدقاء وأفراد العائلة الداعمين:
أحِط نفسك بمن يريدون نجاحك، حتى لو عنى ذلك لقاء أشخاصٍ جدد، وانضم إلى مجموعاتٍ في مجالك وتطوع في المهنة التي تريد الانتقال إليها واقرأ مدونات الناس الذين فعلوا الشيء نفسه الذي تحاول فعله وتجنب جميع الناس السلبيين الذين لا يدعمونك، وإذا اقتضى الأمر التخلي عنهم تماماً فلا تتردد في ذلك؛ ذلك لأنَّك بحاجة دائماً إلى أشخاص يدفعونك للمضي قُدُماً بدل أن يحبطوك.
4. استمتع بتقدمك:
فكر في الماضي واسأل نفسك إن كنت تريد حقاً الاستسلام والعودة إلى ما كنت عليه، وعلى الأرجح أنَّ إجابتك ستكون بالنفي.
ربما كنت تُحرز تقدماً بطيئاً ولكنَّك تسير أخيراً في الاتجاه الصحيح، والطريقة الوحيدة لعيش الحياة على نحوِ أفضل هي الاستمرار في المضي قُدماً.
ربما لن يكون تحقيق أحلامك أمراً سهلاً ولو كان كذلك لكان الجميع فعل ذلك؛ لذا فكر في مدى تضحياتك وكفاحك وكم سيكون مذهلاً أن تحقق كل شيء وتواصل نجاحك، أنا أُذكِّر نفسي شخصياً بهذا في كل يوم.
يقول “ثيودور روزفلت” (Theodore Roosevelt): “من الصعب أن نفشل، ولكن الأسوأ ألا نحاول النجاح أبداً”.
وكما يقول “توماس أديسون” (Thomas Edison) الذي اخترع المصباح الكهربائي بعد حوالي 10,000 محاولة غير ناجحة، وحافظ على وجهة نظر إيجابية رغم ذلك: “أنا لم أفشل 10,000 مرة بل اكتشفت 10,000 طريقة لم تنجح”.
لذا نحن سنُخفِق مراتٍ عِدةً على طول الطريق، ولكن طالما أنَّنا لا نتوقف مستسلمين ومستكينين، سنتمكن من تحقيق النجاحات بكل تأكيد.
المصدر