كيف تصبح خبيراً حقيقياً في مجالك؟

اكتسب الخبراء التقليديون خبرتهم عبر قضاء كثير من الوقت في دراسة الموضوعات؛ ولكن في عصرنا هذا، قلَّل الإنترنت إلى حد كبير من الوقت اللازم للبحث أو تعلُّم موضوع ما. إليكم المراحل الخمس التي يجب أن يمر بها جميع الخبراء الحقيقيين.

ففي عام 2002، كذَّب أحد المؤرخين البارزين وجود تلك اللافتات بالكامل؛ لكن تمكنت طالبة في الصف الثامن تُدعى ريبيكا فريد (Rebecca Fried) من إثبات خطأ المؤرخ عبر إجراء بعض الأبحاث البسيطة على محرك البحث غوغل (Google) فقط، ولم تجد فريد (Fried) صورةً واحدةً وحسب، بل الكثير من صور اللافتات التي قدمتها بوصفها دلائلاً.

وبالعودة إلى عام 1830، قال الكاتب المختص بالمجال العلمي الدكتور ديونيسيوس لاردنر (Dionysius Lardner): إنَّه لا طاقة للبشر بالسفر بالقطارات؛ لأنَّهم لن يقدروا على التنفس، وسيموتون اختناقاً.

وفي عام 1903، نصح رئيس بنك التوفير في ميشيغان “هنري فورد” (Henry Ford) بعدم إنشاء “شركة فورد موتور” (Ford Motor)، بناءً على حجة مفادها أنَّ الحصان باقٍ على عكس السيارة التي هي أمرٌ مُستحدث ومحض بدعة.

نستنتج من هذه القصص: لا تخدعنَّك الألقاب الأكاديمية والمهنية.

كيف رفع المجتمع من مكانة الخبراء؟

حتى وقت قريب، كان المجتمع يُجِلُّ الخبراء ويحترمهم وآراءهم؛ لكن جعلت ثورة الإنترنت المعرفة متاحةً للجميع بنقرة زر واحدة.

في السابق، كانت سنوات التعليم والخبرة العملية والألقاب الرسمية هي السبل التي مكَّنت معظم الناس من التعرف إلى الخبراء؛ لكن للأسف لم تعد هذه دلالات مُعتمدة بعد اليوم؛ فعلى سبيل المثال: لقد أكل الدهر وشرب على تلك المواد التي دُرِّست في الماضي؛ وحتى لو امتاز الأشخاص بخبرة عمل كبيرة، فهذا لا يضمن أنَّهم سيعملون بطريقة فعالة أو بجودة عالية.

تُعطى ألقاب مثل الطبيب فلان، أو الطبيب النفساني علان بناءً على اختبارات مرخَّصة، ولكن بقيت مواكبة مؤهلاتهم للتغيُّر موضع تساؤل.

لا يمكننا أن نثق بخبرة الشخص بناءً على المؤشرات المذكورة أعلاه، نظراً لتغيُّر المعلومات والمعرفة بمرور الوقت، إضافة إلى عدم تكريس جميع الخبراء جهدهم لمواكبة آخر التطورات في المجال الذي يختارون.

اكتسب الخبراء التقليديون خبرتهم عبر قضاء كثير من الوقت في دراسة الموضوعات؛ ولكن في عصرنا هذا، قلَّل الإنترنت إلى حدٍّ كبيرٍ من الوقت اللازم للبحث أو تعلُّم موضوع ما.

انظر إلى الأمر من هذه الناحية: في الماضي، كانت المعرفة حكراً على الخبراء، لكنَّها أصبحت الآن متاحةً مجاناً عن طريق الإنترنت. وعلى ما يبدو، تمكَّن الإنترنت من نقل المعلومات بسرعة من أيدي العارفين إلى الجاهلين؛ لكن لا يلغي تطور الإنترنت فضل الخبراء الحقيقيين؛ فيجب علينا احترام الخبراء الحقيقيين، خاصةً أولئك الذين اجتازوا المراحل الموضحة أدناه.

المراحل الخمس التي يجب أن يمر بها جميع الخبراء الحقيقيين:

يضع نموذج دريفوس (Dreyfus) لاكتساب المهارات، خمس مراحل فريدة يجب أن يمر بها جميع الأشخاص في طريقهم لاكتساب الخبرة الحقيقية:

المراحل الخمس التي يجب أن يمر بها جميع الخبراء الحقيقيين

المرحلة الأولى “مبتدئ”:

  • يتبع القواعد والخطط التي يتعلمها.
  • يفتقر إلى المرونة في معالجة الأعمال والتعامل مع الصعوبات.
  • غير قادر على إصدار أحكام بناءً على ما تعلمه.

المرحلة 2 “مبتدئ متقدم”:

  • لديه المزيد من الخبرات، ويشرع في تحليل المواقف المختلفة.
  • يستخدم الأسلوب نفسه في مواقف مختلفة، لافتقاره إلى الخبرات اللازمة للغوص عميقاً في كل احتمال.

المرحلة 3 “كفُؤ”:

  • أكثر شمولية في التعامل مع المشاكل.
  • يأخذ في معرفة كيفية تفسير مختلف المواقف بخطط قابلة للتعديل.
  • يضع طرائق خاصَّةً لإنجاز مهامه.

المرحلة 4 “الماهر”:

  • قادر على حل المشكلات معتمداً على حدسه.
  • يعدِّل طُرقه وأساليبه باستمرار.
  • يدرك الانحرافات عن المسار الطبيعي.
  • يقدِّم الاقتراحات والإرشادات للآخرين بناءً على معرفته وخبراته.

المرحلة الخامسة “الخبير”:

  • يفهم الصورة بأكملها مستخدماً حدسه مع فهم عميق وضمني.
  • يضع الإرشادات والخطط والقواعد للآخرين.
  • يضبط ذاته ويتعلم ذاتياً باستمرار.
  • يعرف كيفية التعامل مع المشكلات التي لم تحدث من قبل بناءً على معرفته.

كما تُظهر المراحل، لا يحتاج الخبراء إلى أن يكونوا أطفالا عبقريين أو مفكرين عمالقة؛ في حين يمكن للأشخاص العاديين أن يكتسبوا الخبرة في حال كانوا على استعداد لاستثمار الوقت والجهد اللازمَين.

لا يُظهر نموذج درايفوس (Dreyfus) لاكتساب المهارات كيف يتبلور الخبراء الحقيقيين فحسب، بل ويكشف أيضاً عما يفتقر إليه مُدَّعو الخبرة، دعونا نلقي نظرة على هؤلاء الأشخاص:

لا يخدعنَّك مُدَّعو الخبرة:

لم يتجاوز كثيرٌ من الأشخاص الذين يدَّعون بأنَّهم خبيرون المستوى الثاني أو الثالث من نموذج دريفوس (Dreyfus)؛ لكن في الحقيقة، اكتسب هؤلاء الأشخاص بعض المعرفة والخبرات، دون أن يواظبوا على التعلُّم المستمر وعملية الضبط الذاتي التي يمتلكها الخبراء الحقيقيون؛ لذا عندما يواجه مُدَّعو الخبرة هؤلاء مشكلات لم يعهدوها مسبقاً، فإنَّهم يعتمدون على الأساليب والطرائق نفسها التي تعلموها.

ومع ذلك، فقد لا تجدي الطرائق التقليدية مع الحالات الصعبة، ولن يتمكن مُدَّعو الخبرة من التوصل إلى قرارات مستحدثة، على عكس الخبراء الحقيقيين من المستوى الخامس.

أنت الآن تدرك ما هي مقومات الخبير الحقيقي، تابع معنا القراءة لتتعلم كيف تصبح خبيراً أيضاً.

الدرب الذي تتبعه لتصبح خبيراً بالفعل:

لتصبح خبيراً بالفعل، يجب أن تبدأ بوصفك متعلماً وتنتقل انتقالاً طبيعياً من مرحلة لأخرى.

هناك العديد من الأشياء التي تجب مراعاتها عند المرور بكل مرحلة، وإليك الدليل لمساعدتك على اجتياز كل مرحلة بكفاءة.

1. من المبتدئ إلى المبتدئ المتقدم؛ سجل تجاربك ومعرفتك:

يجب أن تتضمن خطوتك من أجل الانتقال من مبتدئ إلى مبتدئ متقدم تطوير مكتبة خبرة شخصية، ويجب وضع سجل للخبرة والمعرفة المكتسبة الذي يُظهر تقدمك.

اطلب تغذيةً راجعةً من مدرسك أو مرشدك، وأضف هذه المعلومات إلى سجلك الخاص، وأخيراً، سجل نتائج الإجراءات التي اتخذتها.

لنفترض أنَّك تريد تعلُّم العزف على الغيتار بوصفك عازفاً مبتدئاً، ستتعلم في هذه المرحلة الكثير عن الأوتار والمقاييس والتقنيات؛ لذا تأكد من تدوين أكبر قدر ممكن من المعلومات في سجلك الخاص، كي تستطيع استرجاعها متى ما أردت وبسهولة.

2. من مبتدئ متقدم إلى مختص (كفؤ)؛ اغتنم كل فرصة لتطبيق المعرفة:

يحدث التعلم بالمشاركة والتفاعل مع الآخرين عادةً عبر تبادل الأفكار والآراء؛ فعندما تنتقل من مبتدئ متقدم إلى أن تصبح كفُؤاً، تكون قد انتقلت من اكتساب المعرفة إلى نشر المعرفة، من المحتمل أن تتكون لديك القدرة على رؤية ما هو أبعد من الحالات العادية، وتأخذ في اقتراح طرائق للقيام بالأشياء بناءً على ما تعلمته.

أما إن أخذنا عازف الغيتار بوصفه مثالاً، فستكون هذه هي المرحلة التي يجتهد فيها في التدريب، إلى درجة أن يبدأ في تجربة عزفه.

3. من كفؤ إلى ماهر؛ طبق تعليمك على أرض الواقع:

تتطلَّب هذه المرحلة وقتاً أطول؛ لأنَّ أساسها هو التعامل المستمر مع مسائل وأفكار مختلفة.

ستتعلم النظر إلى الأشياء من زوايا مختلفة، وتقترح مناهج مختلفة بناءً على ما تعلمته، وتحاول تعميق معرفتك ومهاراتك من خلال الأفكار والخبرات المستمرة في توجيه الآخرين إلى الأداء.

هذه هي المرحلة التي تكون فيها قد أتقنت العزف على الغيتار بطريقة تمكنك من الشروع في مساعدة الآخرين على التعلم والتقدم.

4. من ماهر إلى خبير؛ التعلم المستمر والضبط:

يعلم الخبير الحقيقي أنَّ التعلُّم عملية لا تنتهي، ويواصل البحث عن طرائق وأساليب جديدة لمختلف الحالات، إضافةً إلى أنَّه يفكر في أفضل أداء يمكن تحقيقه، ويراقب عن كثب عالم المعلومات المتجددة دائماً.

إن توقفت عن البحث والتعلم والتفكير بعد وصولك إلى هذه المرحلة، فستتراجع في النهاية إلى المراحل السابقة.

تصبح في هذه المرحلة عازف غيتار خبيراً بالفعل، وستبلغ مستوىً من المهارة يؤهلك للعزف الاحترافي، أو تغدو مدرساً عظيماً للغيتار.

لا يمتلك الخبراء الحقيقيون المعلومات، بل يستكشفونها وينشرونها:

أصبح الإنترنت مصدر المعلومات الأول دون منازع؛ لذا لم تَعُد المعرفة مقتصرةً على الخبراء المؤهلين؛ ومع ذلك، فإنَّ حصولك على المعلومات من محرك البحث غوغل (Google) بنقرة واحدة لا يعني أنَّك أصبحت خبيراً، لأنَّ عليك اجتياز المراحل الخمس لاكتساب المهارات كي تُطلق على نفسك لقب خبير.

عسى أن يفيدك هذا المقال لتصبح خبيراً في مجالك، فكل ما عليك هو اتباع المراحل الخمس، والسعي والاجتهاد لتصبح خبيراً بالفعل.

 

المصدر

Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *