في عام 2002، كانت “دون جراهام” تعمل في شركة عالمية ناجحة وتستعد للانتقال عبر الولايات المتحدة لتولِّي دور جديد مثيرٍ للاهتمام، ثم فجأةً وفي الخامسة من مساء يوم الثلاثاء، تلقَّت بريداً صوتياً من قسم الموارد البشرية يفيد بأنَّها قد سُرِّحَت من وظيفتها.
بدأَت البحث بحماسة عن لوحات التوظيف عبر الإنترنت والتقدم لشغلِ أيِّ منصب يبدو أنَّه مرتبط عن بُعد بتجربتها، وفي إحدى الليالي بينما كانت متوترةً ويائسةً لأنَّها لم تسمع أي رد من أحد، صادفَت أحد جيرانها في المصعد وذكرَت له حالتها، وبعد أن ذكرت بعض الشركات التي كانت تتقدم لها، علمَت أنَّ زميله كان متزوجاً من مديرة إحدى أفضل الشركات التي تقدَّمَت لها، وعرض إعطاءه سيرتها الذاتية.
تقول “جراهام”، وهي الآن كوتش تدريب مهني ومضيفة إذاعية: “وفي غضون أسبوعين، أجريتُ مقابلة؛ حيث إنَّ شهوراً من البحث المتواصل على جهاز الحاسوب كانت بلا فائدة، ولكنَّ محادثة واحدة قصيرة مع إنسان أتاحت لي الفرصة”.
برأي “جراهام” إنَّ مَن يبحث عن عمل يجب أن يتجاوز مبدأً واحداً: “نعتقدُ بأنَّنا مؤهلون وأكفاء؛ حيث لا نحتاج إلى مساعدة من أحدٍ كي نجد عملاً”، ويرجع هذا لسببين؛ خوفنا من التواصل، وإيماننا الخاطئ بفاعلية مواقع التوظيف الإلكترونية، وتتابع “جراهام”: “وعلى الرغم من الأدلة الواضحة على فاعلية التواصل الاجتماعي، ما نزال نستسهل البحث عن وظيفة عبر الإنترنت؛ وذلك لأنَّ التواصل وجهاً لوجه مع أناس لم نرهم قبلاً قد يجعلنا نشعر بالضعف”.
لكن لا يمكننا إنكار هذه الحقيقة: العلاقات الاجتماعية ضرورية وفعالة؛ “إذ يريد مديرو التوظيف أن يتخذوا قرارات حكيمة؛ حيث يضايقهم التوظيف كما يضايق المرشحين البحث عن عمل”؛ لذا يريدون للمرشحين إلى العمل أن يكونوا أناساً جديرين بالثقة، ولهذا يفضلون من يأتي عن طريق إحالةٍ شخصيةٍ؛ حيث يكون قد اختبرهم شخص ما قبلهم.
في النتيجة، ووفقاً لـ “جراهام”، “تتمتع الإحالات بفرصة الحصول على مقابلة بنسبة 50%، بينما لا يتمتع الباقون إلَّا بفرصة 3%”، وتثير إحصائية أخرى الانتباه: لا يُعلَن عما يصل إلى 80% من الوظائف الشاغرة مطلقاً؛ وذلك لأنَّها قد أُشغِلَت بالفعل، إما عن طريق الإحالات أو المرشحين من ضمن الشركة.
لا تعني العلاقات الاجتماعية مجرد التواصل مع الغرباء:
في الواقع، تقترح “جراهام” أمراً أيسر بكثير: “أسهل شيء نفعله هو بدء حديثٍ عن العمل مع أناس نعرفهم مسبقاً”؛ حيث كل ما تحتاج إلى فعله هو تغيير ما تتحدث عنه عادةً.
تسأل “جراهام”: “هل يمكن للأشخاص الذين تتفاعل معهم بشكل روتيني – إخوتك، أو جيرانك، أو زملاء النادي الرياضي، أو زملاء الدراسة، أو مصفف الشعر، أو نادي الكتَّاب، أو الذين تراهم في المنتزه – وصف خبرتك بدقة في جملة أو جملتين؟ وهل يمكنك أن تشرح لهم؟
لا بدَّ أنَّ معظم الناس في حياتك ليس لديهم أدنى فكرةٍ عن أهدافك المهنية، ناهيك عما تفعله كل يوم في العمل، ولا أقصد هنا التفاصيل السطحية مثل أنَّك تعمل في شركة ناشئة، أو أنَّك محامٍ، أو تفعل شيئاً ما في مجال التسويق؛ وإنَّما أقصد تطلعاتك وخبراتك الخاصة”.
كيف تبدأ تلك المحادثات؟
تنصح “جراهام” “أظهِر فضولك بخصوص أهدافهم في البداية”، وتضيف: “تُعَدُّ مساعدة الآخرين طريقة رائعة لبناء صلة معهم، وعندما تسأل: “ما الهدف الذي وضعتَه لهذا العام؟” فإنَّ معظم من تسألهم سيبادلونك السؤال ويهتمون بأهدافك أيضاً، فهذه الأحاديث يمكن أن تقود إلى عصف ذهني، أو مقدمات تقوم بها، أو أخبار تتعلق بموضوع سمعتَه مؤخراً، أو عمل قد يهمك، ربما الآن أو ربما بعد ستة أشهر من الآن”.
المصدر