‘);
}

الموت

إنّ الموت حقيقةٌ لا بُدّ لكلّ إنسانٍ أن يُجرّبها، فالغنيّ والفقير، والعزيز والذليل، والقويّ والضعيف؛ كلهم يموتون، كما قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ)؛[١] فالموت هادم اللذات، ومُفرّق الجماعات، وقد جعل الله تعالى لكلّ نفسٍ وقتاً محدّداً لانتهاء أجلها، كما قال تعالى في كتابه العزيز:(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ)،[٢] فلا يستأذن الموت عند قدومه، ولا أحد يستطيع تأخيره، أو تأجيل موعده، أو الفرار منه، هكذا اقتضت حكمة الله تعالى، ثمّ إذا حان الوقت جاءت الملائكة في موعدها؛ لتنزع الروح من الإنسان بأمر الله تعالى، فقد قال عزّ وجلّ:(حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ)،[٣] وتختلف الملائكة التي تنزل في هذه اللحظات باختلاف صلاح الإنسان، فإن كان صالحاً من المؤمنين؛ فإنّ ملائكة الرحمة تنزل وتُبشره برحمة الله تعالى ولطفه، وإن كان من العصاة والفاسقين؛ فإنّ الله تعالى يُرسل ملائكة العذاب؛ لتبشّره بما أعدّ الله تعالى له من عذابٍ؛ جزاءً على أفعاله واستكباره، ومن هنا صُنّف الناس عند موتهم إلى صنفين؛ الأول: هو الذي أحبّ لقاء الله، فأحبّ الله تعالى لقاءه، فهؤلاء هم المؤمنون الذين تُبشرهم الملائكة بالخير الكثير، وتُريهم مقاعدهم من الجنّة، فيستعجلون ملك الموت؛ لرؤية هذا النعيم العظيم، وأعظمه رؤية الله عزّ وجلّ، وأمّا الصنف الآخر: فهو من كره لقاء الله تعالى؛ فكره الله لقاءه، وبعد موته ترتاح منه البلاد والعباد والشجر والدواب، ومنهم النمرود الذي قال: (أنا أُحيي وأُميت)، فسلّط الله تعالى عليه بعوضةً دخلت في منخره فظلّ يطلب من الحرّاس أن يضربوه على رأسه، فضربوه بالمطارق والأحذية حتى مات، فارتاحت منه الأرض والسماء، وبعد الموت يُدفن الإنسان ويُوضع في القبر، فماذا عن عذاب القبر؟[٤][٥][٦]

عذاب القبر

يُعدّ القبر المرحلة الفاصلة بين الحياة الدنيا والآخرة؛ فهي البرزخ الذي يكون فيها الإنسان بعد موته، إلى أن يبعث الله الخلائق يوم القيامة، وفي القبر يكون الإنسان إمّا في نعيمٍ، وإمّا في عذابٍ كما يعتقد الناس، ويجدر التنبيه إلى أنّ ما يحدث للإنسان في القبر من العلم الغيبيّ، فمن الاستحالة خروج أحد الأموات من القبر وإخبار الأحياء عمّا يحدث له، وكذلك لا يمكن للأحياء أن يروا الأموات أو يتواصلوا معهم؛ ليسألوهم عن حالهم في قبورهم، وقد جاء في القرآن الكريم والسنّة الشريفة أدلّةٌ كثيرةٌ على عذاب القبر ونعيمه، وفيما يأتي بيانٌ لبعض الأدلّة حول ثبوت عذاب القبر:[٧]