‘);
}

الدعوة إلى الله تعالى

إنّ غاية خلق الله تعالى للإنسان وإيجاده؛ هي عبادة الله تعالى، والاستقامة على طريق مرضاته، والثبات على ذلك، قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،[١] وإذا اكتمل فهم الإنسان لدينه أدرك أنّ ثمّة ما يفوق العبادة في الأجر؛ وهي دعوة الخَلق إلى الخالق سُبحانه، وحرصه على نشر الدين وشرائعه العظيمة، وغرس الأخلاق والقيم الإسلامية في نفوس الناس، وترغيبهم في الجنة، وتحذيرهم من النار؛ ولذلك كانت الدعوة إلى الله -تعالى- من أعظم القربات التي يتقرّب بها العبد إلى ربّه، وقد وعد الله -تعالى- أهلها بالأجر العظيم والفوز بمرضاته.

إنّ ممّا يؤكّد أهمية الدعوة إلى الله -تعالى- أنّها كانت مهمّة الأنبياء والرّسل عليهم السلام، وقد أمر الله -تعالى- نبيّه محمّداً -صلّى الله عليه وسلّم- بالدّعوة إليه في قوله: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)،[٢] وكذلك فقد حثّ الله تعالى عباده المؤمنين على الدعوة إليه بقوله: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)،[٣] ومعنى الاستفهام: أنّه ما من أحدٍ أفضل ممّن يحمل همّ الدعوة إلى الله تعالى، وينفق وقته وجهده في سبيل تلك الغاية العظمى، ولقد كان ممّا يدلّ على أهمية الدعوة إلى الله تعالى؛ أنّه جعل الخيريّة في أمّة المسلمين بسبب دعوتهم لله، وقيامهم بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، فقد قال الله عزّ وجلّ: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)،[٤] فكانت الخيرية للمسلمين بسبب دعوتهم وتذكيرهم ونصحهم لغيرهم لا بشيءٍ آخر، ولقد وعد الله -تعالى- عباده الدّاعين إليه فتحاً وفضلاً وقبولاً في الدنيا والآخرة، ويكفيهم هذا الفضل والنعيم، قال الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).[٥][٦]