‘);
}

تعريف الرياء وخطورته

إنّ من أعظم أمراض القلوب خطورةً، وأكثرها انتشاراً بين الناس، مرض الرياء، ولذلك فقد جاءت كثيرٌ من النصوص الشرعية تحذر المسلم منه، وتنهاه عن الوقوع في شباكه، وقد عرّف العلماء الرياء بأنّه: ابتغاء العاجل الفاني ممّا عند الناس في الدنيا، من خلال إظهار خِصال الخير أمامهم، وإيثار ذلك على الآجل الآخروي ممّا عند الله تعالى، وقد أخبر سبحانه أنّه لا يقبل من العمل إلّا ما كان خالصاً لوجهه الكريم، فلو تفكّر الإنسان لعلم أنّه سيكون يوم القيامة في أمسّ الحاجة إلى صافي الحسنات، وهذه لا تكون إلّا بالعمل الخالص المقبول عند الله سبحانه، وقد أخبرت الشريعة الإسلامية أنّ الرياء من أكبر الذنوب، بل جعلته شِركا بالله تعالى، لِما فيه من منافاةٍ للقصد الأصلي بإفراد الله تعالى بالعبادة، وإذا تأمّل الإنسان الأمر مليّاً، وجد أنّ المرائي قد جعل قيامه بالعبادات مطيّةً لتحقيق مآرب شخصيةً له، بالتالي فقد استعمل العبادة في غير ما شُرعت من أجله، واستهان بمقام الألوهية، لذلك فقد توعّد الله المرائين في صلاتهم، فقال: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ*الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ).[١][٢]

وقد جاء في أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وسنته الشريفة العديد من الأحاديث الدالّة على خطورة الرياء على الدين وعلى المرائي، منها ما قاله رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مرةً لأصحابه: (ألا أخبرُكم بما هو أخوفُ عليكم عندي من المسيحِ الدجالِ؟ قالوا: بلى، قال: الشركُ الخفيُّ، يقومُ الرجلُ فيصلي فيزيِّنُ صلاتَه، لما يرى من نظرِ رجلٍ)،[٣] كما أنّ الله -عزّ وجلّ- بيّن في القرآن الكريم أنّ من يبتغي في أعماله أجراً وثواباً في الحياة الدنيا، يؤتيه الله سبحانه من ذلك، إلّا أنّه يجعل مصيره يوم القيامة العذاب الشديد في جهنم، حيث قال الله تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا)،[٤] ويظهر من ذلك كلّه؛ أنّه لا بدّ للعبد من السعي لوقاية قلبه من هذا الداء العضال الخطير، وأن يبادر في تشخيصه عند إصابته به، حتى يجتهد في التوصّل إلى الدواء الناجح لمعالجته، فيكون بذلك قد خطا خطواتٍ مهمةٍ في طريق التخلّص من أحد معيقات سيره إلى الله تعالى.[٢]