‘);
}

علم الحديث

تعدّ السنة النبوية المشرّفة القسم الثاني من أقسام الوحي في الإسلام، فالوحي على نوعين؛ وحيٌ متلوّ؛ وهو القرآن الكريم، ووحيٌ غيرمتلوّ؛ وهو الحديث الشريف، كما أنّ السنّة مؤازرةٌ للقرآن الكريم؛ لأنّها إمّا أن تكون مقررةٌ لما جاء فيه، وإمّا أن تزيد عليه بأحكامٍ سُكت عنها، فتنشأها، وتثبّتها من الأصل، وإمّا أن تأتي مفسّرةً له، وشارحةً لما جاء فيه، وقد عظّم الله سبحانه شأن أوامر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ونواهيه، وأمر باتّباعها فقال الله تعالى: (وَما آتَاكُم الرسولُ فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)،[١] فالحديث في اصطلاح العلماء هو ما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ، أو صفةٍ خَلقيةٍ، أو خُلقيةٍ، ويُدخل فيه بعض العلماء أيضاً أقوال الصحابة، والتابعين، وأفعالهم، وهذا هو الأولى بشهادة جمهور المحدّثين الذين فعلوا ذلك في كتبهم، فجمعوا بين أقوال وأفعال الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وأقوال وأفعال الصحابة، والتابعين رضي الله عنهم أيضاً.[٢]

وعلم الحديث على نوعين؛ النوع الأول هو علم الحديث درايةً، والثاني علم الحديث روايةً، وفيما يتعلّق بقسم الرواية منه؛ فهو علمٌ يشتمل على نقل كلّ ما أُضيف إلى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من أقواله، وأفعاله، وتقريراته، وصفاته، ويدخل فيه تاريخ حياته، وسيره، ومغازيه، وكلّ ما رُوي عنه قبل البعثة وبعدها، والفائدة الحاصلة من هذا العلم؛ أنّ فيه احترازاً عن الخطأ فيما نُقل عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، كما أنّه يفيد في معرفة كيفية حصول الاقتداء به الذي أمر الله تعالى المسلمين بفعله، ويعدّ هذا العلم من أشرف العلوم، وأرفعها قدراً، فعليه تُبنى كثيرٌ من الأحكام الشرعية، وبه يظهر معنى ما أُجمل في القرآن الكريم من آياتٍ، وكان أول من وضعه هو الإمام محمد بن شهاب الزهري رحمه الله، الذي تتلّمذ على يديه الإمام البخاري رحمه الله، فكان أول من اعتنى بتدوين الحديث تدويناً عامّاً، ويأخذ هذا العلم في تعلّمه والعمل به حكم الفرض الكفائي على أمّة المسلمين.[٢]