‘);
}

الضَّمانِ الإلهيّ في الرِّزق

خَلَقَ الله الإنسانَ وهيَّأ لهَ أسبابَ البَقاءِ؛ فسخَّرَ لهُ الأرضَ وما عَليها؛ فأنزَلَ الأمطارَ، وأنبتَ الأشجارَ، وساقَ للإنسانِ الرِّزقَ بأصنافٍ وأحوالٍ مُختلفةٍ وغزيرة، ولمَّا تغيَّرت أحوالُ النَّاسِ وتبدَّلت عاداتُهم وأساليبُ مَعيشتِهمُ انصَرفوا عنِ الكَثيرِ مِن الأرزاقِ المُتاحَةِ مِن فِلاحةِ الأرضِ وتدجينِ الحيواناتِ وغَيرِها إلى السَّعيِ لِتحصيلِ الرِّزقِ بالعَملِ فيما تَجلِبُهُ الحَضاراتُ والتَّطورِ من الأشغالِ والتِّجارَةِ والكَسبِ بالمُقابِل. ومَهما يُواجِهُ الإنسانُ من تَغييرٍ أو تَطويرٍ فإنَّ أهمَّ ما يَشغَلُهُ على الدَّوامِ أمرانِ: رِزقُهُ ووُجودُه؛ فأمّا الوجود فإنَّهُ موقوفٌ على إرادةِ الله القائِلِ: (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتاب)،[١] بِمَعنى أنَّ لِكلِّ أَجَلٍ أَمرٌ قَضاهُ الله كِتابٌ قد كَتَبَهُ فهو عِنده. وأمَّا الرِّزق فإنَّهُ يَطلُبُ العَبدَ ويَعرِضُ لَهُ فإذا أذِنَ اللهُ صارَ بيدِهِ وبِمُلكِهِ، قالَ تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)،[٢] وفيمَا يَرويهِ أبو الدَّرداءِ رَضِيَ الله عنهُ عن رسولِ الله عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام أنَّهُ قال: (إنَّ الرّزقَ لَيَطْلُبُ العبدَ أكْثَرَ مِمَّا يطلبُه أجلُهُ).[٣] فقد ضَمِنَ الله للإنسانِ رِزقَهُ حتّى لا يَنشَغِلَ عن تَحقيقِ الهَدَفِ الذي خُلِقَ من أجلِهِ ويُحقِّقَ بِذلِكَ غايَةَ خلقِه.

يُعرف الرِّزقُ بأنّه كلُّ ما يُنتَفَعُ بهِ من مالٍ أو زَرعٍ أو غيرِهما، وهو ما كانَ للعبدِ من اللهِ بِغيرٍ سَعيٍ ولا نيَّةِ تَحصيلٍ، على خِلافِ ما يظنُّ النَّاس بأنَّهُ ما جاءَ من عَمَلٍ أو استثمارٍ أو نَحوِها، وهو ما يَقسِمُ الله تَعالى لِعبدهِ من طَعامٍ وشَرابٍ ومَلبسٍ، وكُلُّ ما يَنتَفِعُ به الإنْسانُ ويَستَهلِكُه.[٤][٥][٦][٧]