‘);
}

أثر غزوة بدر

لمّا اشتدّ أذى المشركين على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه، أذن الله تعالى لهم بالهجرة إلى المدينة المنوّرة؛ لتحقيق استقرارٍ لدولة الإسلام، وبداية غرس قواعدها، منتقلين بذلك إلى مرحلةٍ أخرى من الدّعوة والتاريخ الإسلاميّ، وحينها بدأت موجهاتٌ قتاليّة بين المشركين من طرف، ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وصحبه من طرفٍ آخر، فالمشركون يريدون أن يقضوا على هذه الفئة المؤمنة وقد كانت قليلةً في البداية، وينهوا وجودها؛ لتبقى سيادتهم وهيمنتهم، والمسلمون يريدون أن يردّوا هذا الكيد ويمضوا في دعوتهم ويحقّقوا شرائع دينهم.[١]

كانت غزوة بدرٍ أولى المواجهات بين المسلمين والمشركين، ولقد كانت معركةً حاسمةً في وجود المسلمين وهيبتهم في عيون أعدائهم حتّى أسماها الله تعالى في القرآن الكريم بغزوة الفرقان، قال تعالى :(وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)،[٢] وكانت نتائجها جليّةً واضحةً بنصر المسلمين وعلوّ كلمتهم يومها، ولقد كانت غزوة بدرٍ فارقةً فعلاً في كثيرٍ من الأمور، فلقد كانت فارقةً بين مرحلتين؛ أولاهما قد امتدّت لخمس عشرة سنةً تقريباً من الصّبر وتحمّل أذى المشركين دون مقاومةٍ، ثمّ جاءت المرحلة الثانية وهي قتال المشركين ومواجهتهم بالسّيف والعتاد، ولقد كانت المرحلة الأولى مرحلة بناءٍ للشخصيّة المسلمة، وللفرد المؤمن العابد لله تعالى، ثمّ جاءت المرحلة الثّانية وهي مرحلة المؤمن الدّاعي إلى الله تعالى، مزيلاً العقبات التي قد تواجهه في سبيل ذلك، كذلك كانت غزوة بدرٍ فارقاً بين منهج الصّبر والّلين كسبيلٍ للدّعوة، ومنهج القوّة والدّفاع كسبيلٍ آخر.[١]