‘);
}

مظاهر التوازن في شخصية الرسول

كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- نموذجاً عمليّاً في تطبيق المفهوم الصحيح للوسطيّة في كافّة مناحي حياته،[١] لِذا جاء أمر الله -تعالى- بالتّأسّي والاقتداء به، حيث قال -تعالى-: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا)،[٢][٣] وحبّه -صلّى الله عليه وسلّم- للصلاة والعبادة لم يمنعه من الاهتمام ببيته وزوجاته، كما أنّ حبّه لِإنفاق المال في سبيل الله -تعالى- لم يدفعه لِحرمان أهل بيته منه، وكذلك حبّه لِنيل الشهادة في سبيل الله -تعالى- لم يمنعه من مراعاة الحيطة والحذر في كافّة المعارك التي خاضها مع جيشه؛ كتبنّي الخطط المُحكَمة، ولبس درعين من حديد، ونحو ذلك.[٤]

وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يحرص على تربية الصحابة -رضي الله عنهم- على المنهج الوسطيّ وتعزيزه في نفوسهم، حيث كان يدعوهم ويحثّهم على مراعاة كافّة جوانب حياتهم بإعطاء كل جانبٍ حقّه بلا إفراطٍ فيُصيبهم الملل، ولا تفريطٍ فيُصيبهم الإهمال والغفلة، ولا شكّ بأنّ خالق الإنسان هو أعلم بالمنهج الذي يُلائمه ويُناسب فطرته، لقوله -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)،[٥] لِذا كان اتّباع المنهج الوسطيّ والسّير عليه سبباً في حُسْن استغلال جلّ الطاقات التي يمتلكها الإنسان، ويظهر ذلك جليّاً في عهد الإسلام الأوّل، حيث كان عدد أتباعه قليلاً، لكنّه سُرعان ما انتشر وعلا شأنه.[٦]