من أين أتت تسمية الإسكيمو أو الإنويت؟
يعتقد البعض أن تسمية شعب الاسكيمو تعود للهنود الحمر الذين أطلقوا عليهم هذا الاسم كنوع من الازدراء بهم والتي تعني “أكلة اللحوم النيئة” أو “الناطقين بلغة غريبة”، وتعتبر هذه الكلمة بمثابة الإساءة أو الإهانة أو العنصرية بالنسبة لهم، إلا أنهم رغم ذلك اشتهروا بالإسكيمو والذي يعتبر اسماً مقبولا وشائعاً علمياً، وهناك أبحاث أخرى حديثة تشير إلى أن كلمة أسكيمو تعني “صائدوا السمك الذين يرتدون الأحذية الثلجية”.
ورغم تلك التسميات العديدة لشعب الاسكيمو إلا أنهم يطلقون على أنفسهم اسم “الإنويت” والتي تعني “الناس الحقيقيين” ولهم عدة أسماء مثل: إنويت في كندا، وإينوبيات ويوبيك في ألاسكا، ويوويت في كل من سيبريا وجزيرة سانت لورنس. وكلمة الإنويت هي جمع ومفردها “انوك”.
أين يعيش شعب الاسكيمو؟
يعيش سكان الاسكيمو في شمال الكرة الأرضية وتحديداً في الطرف الشمالي الشرقي لسيبريا، وجزر بحر بيرنج، وفي المناطق الساحلية من ألاسكا ويتواجد الإسكيمو أيضاً على الساحل الشمالي لكندا، وكثيرًا من الجزر الشمالية الكندية، ومعظم الساحل الغربي وبعض الأجزاء من الساحل الشرقي لجرينلاند.
المناخ:
يعيش الاسكيمو في أكثر مناطق العالم برودة ووعورة حيث الشتاء طويل وقارس والصيف بارد قصير، ومع ذلك فقد استطاع شعب الإسكيمو الحياة هناك لأكثر من 5000 عام وذلك مع درجات الحرارة خلال فصل الشتاء تتراوح ما بين 44 إلى 60 درجة تحت الصفر. وتهب الرياح على الأراضي القطبية دون أن تعترضها أية عوائق لذلك تعتبر أكثر مناطق العالم برودة والتي يصعب على الكثير من أنواع النباتات والحيوانات الحياة ضمن هذه الأصقاع الشمالية كالإسكيمو.
ويطلق على هذه المناطق اسم أرض شمس منتصف الليل وذلك لأن الشمس تشرق طوال اليوم في فترة محدودة خلال فصل الصيف، كما يُطلق أيضاً عليها اسم أرض قمر الظهيرة، وذلك لأن الشمس لا تشرق أبداً لفترة محدودة خلال فصل الشتاء.
اقرأ أيضاً: السياحة الشتوية وأهم الوجهات السياحية الشتوية في العالم
طعام الاسكيمو:
عاش الاسكيمو في قديم الزمان على ما توفّر لهم البيئة من مُكوّنات، فهم وكما نعرف يعيشون في بيئة قاحلة باردة، لذلك فإن نمط غذائهم كان يعتمد بشكل رئيسي على أنواع اللحوم المختلفة، وبشكل ثانوي على التوت البري والطحالب البحرية. ورغم تأثرهم بالمدّ الحضاري والطعام الغربي، إلا أن الفواكه والخضار إلى الآن لا تتوفر لديهم بشكل كبير، كما أنّها غالية الثمن أيضاً، وعليه لا يزالون يعتمدون على الأرض في غذائهم.
أما بالنسبة للصيد فيعتبر الاسكيمو من أمهر الصيادين وقد كانوا قادرين على صيد أي شيء، وقد اعتمد الإسكيمو في معيشتهم على صيد الفقمات، وفِيَلَة البحر، والدببة القطبية، والحيتان، وكذلك الأسماك والطيور والوُعول واستفادوا من جلودها في صنع الملابس وفي صنع الخيام والأغطية.
ويعتمد الاسكيمو في تحضير طعامهم على عدد من الطرق التقليدية، كتجفيف الطعام واستعمال زيت الحوت في طهيه أو دفنه في الأرض ليتخمّر بشكل طبيعي، كما أنّ هناك بعض الأطعمة التي لا يقومون بطهيها كالسمك الأبيض المتجمد.
ملابس الاسكيمو:
اعتمد الاسكيمو في صنع ملابسهم على جلود الحيوانات، فقد كانت ملابسهم، وأحذيتهم تصنع غالباً من في جلود الفقمات والدببة القطبية والثعالب وذلك لخفة وزنها ومنحها الدفء المطلوب. وغالباً ما نرى أن الزي الموحد في كل مناطق الإسكيمو لكلا الجنسين ومختلف الأعمار هو سترة تحتوي على غطاء للرأس، وبنطال وكساء للساق مصنوع من الجلد، والجوارب والحذاء، إضافة لارتدائهم قفازات تغطي أصابعهم الأربع معاً، فيما تغطي الإبهام بمفرده.
ويرتدي الاسكيمو نظارات بفتحات للرؤية وهذه النظارات واقية لأشعة الشمس التي تنعكس على الجليد، والتي يتم صنعها إما من الخشب أو العظم. وكان الإسكيمو يرتدون في الشتاء في معظم المناطق نوعين من الملابس، الأول داخلي ويكون نوع من الفرو ليدفئ الجسم، والثاني خارجي وهو أيضاً من الفرو بحيث يسمح الهواء الموجود بينهما في الحفاظ على حرارة الجسم وتبخر العرق. أما في الطقس الدافئ فقد كانوا يلبسون الفرو الخارجي فقط والذي يتم صنعه من جلد الكاريبو أو من جلد الفقمة.
مسكن الاسكيمو:
عاش الاسكيمو في أنواع مختلفة من البيوت، فقد كان أغلبهم يعيشون في خيام مصنوعة من جلد الفقمة أو الكاريبو خلال فصل الصيف، أما في فصل الشتاء فكانوا يعيشون في أغلب المناطق في بيوت يتم صنعها من الطمي. كما كان بعضهم يبني بيوتاً مصنوعة من الثلج على شكل قبة والتي يستخدمونها كملجأ لهم خلال ترحالهم. وهناك قسم من الإسكيمو قاموا باتخاذ هذه البيوت المصنوعة من الثلج منازل شتوية دائمة لهم والتي تسمى “igloo” وهم إسكيمو وسط كندا وجزر كندا الشمالية فقط. وكان بإمكانهم صنع مثل هذا البيت خلال ساعتين.
وفي الحقيقة فإن الاسكيمو عاشوا أيضاً في بيوت بنوها من الأعشاب وسكنوها ذاتها لعدة مواسم شتوية، حيث تكون أرضية هذه البيوت ترابية وتقلّ عن مستوى الأرض بما يقرب من 30 سم إلى 60 سم. ويتم بناء جدران وأسقف المنزل من عظام الحيتان والأحجار والخشب المغطى بالعشب.
وسائل النقل والصيد لشعب الاسكيمو:
كان الاسكيمو يتنقلون على الثلج والجليد بواسطة الزلاجات أو العربات التي تجرها الكلاب، وقد استخدموا نوعين من الزلاجات، الزلاجات المصنوعة من ألواح الخشب، والزلاجات ذات الهياكل الخشبية. كما اعتمدوا على قوارب مغلفة بجلود الحيوانات للإبحار في الأنهار والبحيرات والبحار، فكان لديهم نوعان من القوارب وهما “الكياك” الذي يشبه زورق الكنو وهو زورق طويل وضيق، وقارب “اليومياك”. واستخدم الإسكيمو لدفع القارب مجدافاً طويلاً له طرفان مسطحان أو مجدافاً أقصر له طرف مسطح واحد.
أما في الصيد فقد استخدم الاسكيمو “الحربون” وهو رمح يستخدم لصيد الحيتان، وقد كانت معظم السهام والرماح والحراب التي يستخدمها الإسكيمو للصيد ذات رؤوس مصنوعة من الحجارة أو العظم. أما الأقواس وقصبات الرماح والحراب والسهام فقد كانت يصنع معظمها من الخشب.
وكان الإسكيمو يستخدمون رماح لها عدة رؤوس أو صنارة صيد مصنوعة من العظام أو من قرون الوعل لصيد السمك، كما استخدم الإسكيمو الشباك لصيد السمك في كل من ألاسكا وسيبريا.
الزواج في الاسكيمو:
وتتّسم عادات الزواج عند شعب الاسكيمو بالغرابة بعض الشيء، حيث يشم الرجل المرأة التي يريد أن يتزوجها فإذا أعجبته رائحتها تزوّجها وإذا لم تعجبه يرفض الزواج منها، ويحقّ للزوج أن يبادل زوجته مع جاره وله الحرية المطلقة أن يُعير زوجته لصديقه الأعزب كعربون عن حبّه له.
كيف يبدو شعب الاسكيمو؟
يتميّز الاسكيمو بوجوه ذات شكل مستدير وعظام بارزة، ولون بشرة يميل إلى السمرة، وعيون ذات لون داكن، وشعر أسود ناعم. ويشبه الإسكيمو شعوب منطقة سيبيريا بشمالي آسيا بملامحهم، كما يشبهون الهنود الحمر ولكن بدرجة أقل. فقد كان يعيش أسلاف كل من الهنود الحمر والإسكيمو في أواسط آسيا في عصور ما قبل التاريخ منذ أكثر من 10,000 سنة، إلا أن الهنود ينتمون لجنس مختلف كما يرى العلماء، بينما ينسبون الإسكيمو إلى الآسيويين الشماليين.
وفي عام 1912 ثار جدل واسع حول أصول قبيلة اسكيمو تم العثور عليها، حيث كان أفرادها يتميزون بشعر أشقر وقامة طويلة ويشبهون الاسكندنافيين، وقد ذهب البعض إلى نظرية الفايكينغ لأنه لم يعثر لهم على أثر منذ رحيلهم، إلا أنه تم دحض هذه النظرية كلياً في عام 2003م.
ماذا عن جينات شعب الإسكيمو في القطب الشمالي الكندي؟
توصلت دراسة حديثة إلى أن الاسكيمو الذين يعيشون في القطب الشمالي الكندي يتميزون جينياً عن المجموعات المعروفة الأخرى، حيث أنّهم عاشوا في منطقة “نونافيك” المعزولة جغرافياً على مرّ آلاف السنين، وطوّروا خلال ذلك موروثاتٍ جينية تتميز بتأقلمها مع أسلوب حياتهم من برد قارس ونظامٍ غذائي مشبّع بالدهون، إلا أن ذلك يعني أنّهم أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض مثل أمراض القلب والأوعية وتمدد الأوعية الدموية في حال اتّبعوا أنظمة غربية في الغذاء ونمط الحياة.
وحتى مئة عام مضت، لم يتخالط الإنويت أو الاسكيمو الذين عاشوا في منطقة “نونافيك” خارج مجموعتهم لآلاف السنين. أمّا في الوقت الحاضر، فيملك بين 10 و15 في المئة منهم جيناتٍ من مجموعاتٍ أخرى.
قبلة الإسكيمو:
حيث يتجنّب الاسكيمو الطريقة الاعتيادية للتقبيل، ويستعيضون عنها بالتلامس عن طريق الأنف لأن التقبيل العادي خطر عليهم حيث يؤدي لتجمد اللعاب وبالتالي التصاق شفاههم.
ويُعتبر تقبيل الإسكيمو لبعضهم البعض عن طريق ملامسة الأنف طريقة للتعبير عن العاطفة الموجودة بينهم، وتسمى القبلة بـ”كونيك“، ومعناها لا يقتصر على مجرد ملامسة الأنفين، بل هو طريقة للتعبير عن الشكر والامتنان. فالشخصين اللذين يقبلان بعضهما يقومان بشم رائحة شعري وخدود بعضهما البعض، مما يسمح لهما بالتعرف على بعض حتى بعدم الرؤية، وذلك عن طريق الرائحة التي تعد التوقيع الخاص لكل منهما. وتستخدم هذه الوسيلة للتعبير بين مختلف الأزواج والأطفال وآبائهم.
الاسكيمو في العصر الحاضر:
في عصرنا الحديث يبلغ عدد الاسكيمو ما يقرب من 120,000 شخص يتوزعون في كل من روسيا وألاسكا وكندا وجرينلاند وقد تضاعف عدد الإسكيمو في المدة من 1950- 1970م، ولا تزال أعدادهم في تزايد مستمر وسريع. وأصبح الإسكيمو أكثر اندماجاً مع الشعوب الأخرى حيث يعيش معظمهم في مدن أو مستعمرات صغيرة، ويلبسون ملابس حديثة ويأكلون أطعمة مما يباع في الأسواق ويعمل الكثير منهم في أعمال نظير أجر، في حين يعاني العديد منهم من البطالة.