‘);
}

الأنصار في عهد الرسول

يُعدّ الأنصار من صحابة النبي -عليه الصلاة والسلام- وتلاميذه، وكانوا من سُكّان المدينة المنورة، وقد استقبلوا النبي -عليه الصلاة والسلام- وإخوانهم من المُهاجرين بعد الهجرة، وقاسموهم أموالهم وجميع ما يملكون، وهم من أفضل الأُمّة بعد الأنبياء والرُسل؛ لمحبّتهم لله -تعالى- ورسوله -عليه الصلاة والسلام-، وتعظيمهم لهم، والإيمان بهم، ومُناصرتهم للدين، والدفاع عنه، والدعوة إليه، والتضحية لأجله، وبذل كُل ما يملكون في سبيله، وقد أثنى الله -تعالى- عليهم بقوله: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)؛[١] وأسلموا قبل كثيرٍ من المُهاجرين، وأحبّوهم محبةً صادقة، فرضي الله -عنهم- وأدخلهم الجنة، لقوله -تعالى-: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).[٢][٣]

وهناك العديد من الأحاديث التي تبيّن فضلهم العظيم، ومن ذلك قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)،[٤] وأفضل الأنصار -رضي الله عنهم-: سعد بن مُعاذ، وسعد بن عُبادة، وأُبي بن كعب، ومُعاذ بن جبل، وأسيد بن حضير، والبراء بن معرور، وأسعد بن زرارة، وأنس بن النضر، وأنس بن مالك، وحسان بن ثابت، وعبد الله بن عمرو بن حرام، وابنه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهم-.[٣]

وتجدر الإشارة إلى أن جميع الأنصار من قبيلتيّ الأوس والخزرج وحُلفائهم، فالأوس ينتسبون إلى أوس بن حارثة، والخزرج ينتسبون إلى الخزرج بن حارثة، وأُمُّهما قيلة بنت الأرقم، وسُمّوا بالأنصار؛ لمُناصرتهم للنبي -عليه الصلاة والسلام- وإخوانهم من المُهاجرين، وفي يوم فتح مكة بعد توزيع الغنائم على قُريش، اعترض الأنصار على ذلك، فاجتمع بهم النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال لهم: (ما الذي بَلَغَنِي عَنْكُمْ، وكَانُوا لا يَكْذِبُونَ، فَقالوا: هو الذي بَلَغَكَ، قالَ: أوَلَا تَرْضَوْنَ أنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بالغَنَائِمِ إلى بُيُوتِهِمْ، وتَرْجِعُونَ برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى بُيُوتِكُمْ؟ لو سَلَكَتِ الأنْصَارُ وادِيًا أوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصَارِ أوْ شِعْبَهُمْ)،[٥] ومما يؤكّد عظيم فضلهم ومناقبهم أيضاّ قول النبي -عليه الصلاة والسلام- فيهم: (لولا الهِجرةُ، لَكُنْتُ امرَأً منَ الأنصارِ).[٦][٧]