‘);
}

عباد الله المخلَصين وصفاتهم

وردت كلمة المُخلَصين بفتح اللَّام في مواضع عديدةٍ من كتاب الله، فالله -سبحانه- يستخلص من عباده المؤمنين أُناساً قد اجتمعت فيهم صفات الكمال والتَّقوى، منهم أنبياءُه -عليهم الصَّلاة والسَّلام- ومنهم المؤمنون عموماً، ومن هنا نستنتج وجود درجةٍ أعلى من درجة الإخلاص، وهي الدَّرجة التّي يتحوَّل المسلم فيها من رتبة المخلِصين إلى رُتبة المخلَصين، وهذه الدَّرجةُ لا يصلها إلَّا القليل من المسلمين؛ حيث إنَّ المخلَصين هم الذين أخلصهم الله، واصطفاهم، واختارهم لطاعته، أمّا المخلِصون فهم الذين أخلصوا لله -تعالى- في أعمالهم فعبدوه عبادةً خالصةً، وإنَّ قيام المؤمن بأعماله بإخلاص لا يستلزم رفعته على الذين أخلصهم الله واصطفاهم، وربَّما يجتمع فيه الأمران، فهو مخلِصٌ في أعماله لله بالإضافة إلى أنَّ الله أخلصه واصطفاه واختاره لطاعته.[١][٢]

ولأصحاب الإخلاص الذين أخلصهم الله ميِّزاتٍ ذكرها الله في القرآن الكريم، وذكرها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سنته الشريفة، وهي:[٣]

  • الحرص على أعمال الخلوة والخبيئة الصالحة بينهم وبين الله.
  • دوام تزكيتهم أنفسهم، ومجاهدتها على موافقة الحقِّ واتّباعه.
  • متفانون في محبَّة الله تعالى، والإخلاص له، والخضوع لجلاله في عبادتهم وطاعتهم.
  • يستحقُّون المقام الآمن المطمئنَّ بجوار ربّهم تعالى؛ جنَّاتٌ فيها عيونٌ وأنهار، يدخلونها بسلامٍ وأمن، وصدورهم نقيةٌ فارغةٌ من أيِّ حقد.
  • يتَّصفون بالتقوى ومراقبة ما يرضي الله تعالى، ويُجنّبون أنفسهم العذاب وأسبابه.
  • الإخلاص نيل أعلى مراتب التَّكريم؛ فهم مُختارون، وهم أخيارٌ، حيث أخلصهم الله، واختارهم، واصطفاهم لعبادته ودعوته وولايته.[٤]
  • الفِطرة الصَّادقة، وسلامة القلب وطهارته واستقامته في استنكار كلِّ ما تنفر منه الفطرة من تصوُّرٍ أو سلوك.[٥]
  • لا يُفتنون ولا يُضَلُّون؛ لأنّهم من عباد الله المؤمنين الطَّائعين، فطبيعتهم لا تؤهّلهم لأن يستجيبوا إلى الفتنة أو سماع كلام الفاتنين.[٦]
  • ليس للشَّيطان عليهم سبيلٌ أو سلطانٌ أو تأثير، حيث أقسم أن يغوي النَّاس جميعاً إلّا المُخلَصين، فمداخل الشيطان إلى أنفسهم مغلقة؛ لأنَّهم جرَّدوا أنفسهم لله وحده، واتَّصلوا به وعبدوه حقَّ عبادته، فاستخلصهم الله لنفسه كما أخلصوا أنفسهم لله، وحماهم ورعاهم من إغواء الشَّيطان لهم وتزيين الباطل واشتهائه في نفوسهم.[٧]
  • مُكَرَّمون في الملأ الأعلى؛ حيث أكرمتهم الملائكة الكرام، وصاروا يدخلون عليهم من كل بابٍ يهنِّئونهم ببلوغ أهنأ الثواب، كما أكرمهم أكرم الأكرمين، وجاد عليهم بأنواع الكرامات من نعيم القلوب والأرواح والأبدان.[٨]
  • وعدُ الله لهم بنعيمٍ يتقلَّبون فيه في الحياة الآخرة ويستمتعون فيه، وهو نعيمٌ مضاعفٌ يجمع شتَّى أنواع النَّعيم، وتجدُ النَّفس منه كلَّ ما تشتهيه، وقد ذكرت سورة الصافات بعضاً من هذه النِّعم؛ منها أنَّ لهم فواكه يأكلونها، ويُحملون على أكُفِّ الرَّاحة فهم يُخدمون ولا يتكلَّفون جُهداً، بالإضافة إلى أنَّهم يتسامرون فيما بينهم ويتذاكرون الماضي والحاضر، إلى غير ذلك من مظاهر النَّعيم.[٨]
  • فرارُهم من الشُّهرة، وابتعادهم عن أعين المادحين.[٩]
  • قبولُهم للحقِّ والرجوع إليه إذا ذُكّروا به.[٩]
  • استثناهم الله من تذوُّق العذاب الأليم، فاختصَّهم برحمته، وجاد عليهم بلطفه، بل إن كان لهم سيئاتٍ يتجاوز عنها، ويجزيهم الحسنة بعشرة أمثالها.[١٠]