
حمّل الأوروبيون نظام بيلاروسيا مسؤولية أزمة المهاجرين عند الحدود البولندية، وسط دعوات لعقد جلسة بمجلس الأمن، وأكد حلف شمال الأطلسي (ناتو) دعمه لبولندا، في حين سيّرت روسيا قاذفتين إستراتيجيتين في أجواء بيلاروسيا.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين اليوم الأربعاء إن المهاجرين يُستخدمون بوصفهم سلاحا على حدود بولندا لزعزعة استقرار أوروبا، مضيفة أن هناك حاجة عاجلة لإيجاد حل لوضع طالبي اللجوء عند حدود الاتحاد الأوروبي.
وقال رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إنه من غير المقبول تشجيع بعض الدول على حركات الهجرة غير النظامية، وأضاف “نرفض خطابات الكراهية ضد اللاجئين على حدود بيلاروسيا وبولندا”.
وعقد رئيس الوزراء البولندي ماتوش مورافيتسكي مؤتمرا صحفيا مشتركا مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال -الذي يجري زيارة إلى وارسو- وقال مورافيتسكي “ما نواجهه هنا -ويجب أن نكون واضحين- هو شكل من أشكال إرهاب الدولة”. في إشارة إلى الجارة بيلاروسيا المدعومة من روسيا.
كما دعا رئيس الوزراء البولندي إلى منع الرحلات من الشرق الأوسط إلى بيلاروسيا.
وقال ميشال إن عقوبات جديدة بحق بيلاروسيا “مطروحة على الطاولة”، وإن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستبحث هذه المسألة الاثنين المقبل.
وأضاف أن هناك حاجة لوقفة أوروبية موحدة وحازمة ضد تهجم بيلاروسيا على دول الاتحاد الأوروبي، حسب تعبيره.
وفي هذا السياق، اتفق ممثلو دول الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء على توسيع العقوبات المفروضة على بيلاروسيا لاستهداف النظام، حسب ما أفاد به دبلوماسيون، في خطوة قانونية تمهد لموافقة وزراء خارجية الدول الـ27 على إضافة مجموعة من الأفراد والشركات إلى القائمة السوداء خلال اجتماعهم الاثنين المقبل.
كما تطرق ميشال إلى مسألة التمويل الأوروبي لمد سياج سعيا لمنع عبور المهاجرين، وهو ما تطالب به بولندا ودول أوروبية أخرى، غير أن المفوضية ترفضه حتى الآن، فقال إنه “من الممكن قانونيا” أن يمول الاتحاد الأوروبي مثل هذه البنى التحتية.
وطلبت إستونيا وفرنسا وإيرلندا اجتماعا طارئا لمجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة، وقال دبلوماسيون إن المجلس قد يعقد جلسة مغلقة بعد ظهر غد الخميس.
وفي جنيف، أعربت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشال باشليه عن استيائها إزاء “وجود أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين متروكين في وضع يائس وسط درجات حرارة تقارب الصفر عند الحدود بين بيلاروسيا وبولندا”.
وحضّت باشليه الدول المعنية على “اتخاذ خطوات فورية لاحتواء التصعيد وإيجاد حل لهذا الوضع الذي لا يحتمل”.
الناتو يساند بولندا
وعقد حلف الناتو اليوم الأربعاء اجتماعا مغلقا في بروكسل، وقال مسؤول بالحلف بعد الاجتماع إن بولندا أطلعت شركاءها في الحلف على أزمة المهاجرين، مضيفا أن الحلفاء أوضحوا أن بيلاروسيا تتحمل مسؤولية الأزمة، وأنها تستخدم المهاجرين بوصفهم “تكتيكا هجينا غير إنساني وغير قانوني وغير مقبول”.
وأضاف المسؤول أن “حلف الناتو يقف على أهبة الاستعداد لتقديم مزيد من الدعم لحلفائنا والحفاظ على سلامة المنطقة وأمنها”.
توتر سياسي وعسكري
وفي سياق الرد، وصف المتحدث باسم الكرملين الوضع على الحدود البيلاروسية البولندية بالمتوتر للغاية، كما عبر المتحدث عن قلق موسكو البالغ إزاء أزمة المهاجرين على الحدود.
وانتقد المتحدث الروسي تصريحات رئيس الوزراء البولندي التي اتهمت روسيا بالمسؤولية أيضا عن الأزمة، ورأى أن إغلاق بولندا حدودها مع بيلاروسيا سيعقد الوضع، ولا يمكن تصنيفه إلا كمحاولة جديدة لخنق بيلاروسيا.
واتخذت روسيا خطوة نادرة بإرسال قاذفتين إستراتيجيتين للقيام بدورية في المجال الجوي لبيلاروسيا اليوم، وهما من طراز “توبوليف تو-22 إم 3″، ويمكنهما حمل قذائف نووية من النوع الذي يفوق سرعة الصوت والمصمم لتفادي الدفاعات الجوية الغربية المتطورة.
وصرح وزير الدفاع البولندي ماريوش بلاشتشاك بأن “الوضع ليس هادئا”، وقال إنه بعدما حاولت مجموعة كبيرة من المهاجرين اقتحام الحدود الاثنين الماضي تقوم مجموعات صغيرة اليوم بالهجوم في أماكن عدة في وقت واحد، متهما قوات بيلاروسيا بترهيب المهاجرين لدفعهم إلى خرق الحدود.
ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اليوم الأربعاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى “ممارسة نفوذه” لدى بيلاروسيا من أجل وضع حد لما عدته استغلالا “غير إنساني” للمهاجرين، وذلك بعد دعوة أوروبية مماثلة.
وقال وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكي -خلال لقاء مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو- إن الاتحاد الأوروبي تسبب في هذه الأزمة لاستخدامها ذريعة لفرض عقوبات جديدة على بلاده، داعيا إلى “رد فعل مشترك” مع روسيا، مبينا أن اتهام الدول الأوروبية لبلاده بالوقوف وراء تدفق طالبي اللجوء لا أساس له.
وقال لافروف إن “مينسك وموسكو عززتا تعاونهما بشكل فعال لمواجهة حملة ضد بيلاروسيا شنتها واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون في المنظمات الدولية”.
ودعا لافروف إلى حل الأزمة بالحوار، مضيفا أن بيلاروسيا عرضت مرارا إجراء حوار مع الاتحاد الأوروبي لحل هذه الأزمة، من دون أن تستجيب دول الاتحاد لدعواتها.
