إيفلين ليوبولد* – (كاونتربنتش) 7/8/2020

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بضم جزء من غور الأردن في الأول من تموز (يوليو). ولم ينفذ ما وعد به، لكنه ربما يفعل ذلك قبل قدوم الانتخابات الأميركية المقرر إجراؤها في تشرين الثاني (نوفمبر)، بينما ما يزال الرئيس دونالد ترامب في منصبه. ويمكن أن يكون ذلك إرثه.
انضم منافس ترامب، نائب الرئيس السابق جوزيف بايدن، إلى جوقة زعماء العالم الذين يعترضون على الضم، بحجة أن القليل المتبقي من حل الدولتين سينتهي، وبشكل قانوني، لكنه قال إنه سيواصل منح المساعدة الأميركية لإسرائيل. وحتى لو قام نتنياهو بضم قطعة صغيرة من الأراضي، فسيكون الجدل هو نفسه. لن يكون مقدار ما يضمه ذا صلة.
لماذا قد يفعل نتنياهو ذلك؟ لأنه يستطيع. لا توجد معارضة داخلية واضحة في إسرائيل في حال قرر الدعوة إلى إجراء انتخابات أخرى، على الرغم من مزاعم بالتزوير في محاكمته المقبلة في كانون الأول (ديسمبر) وتزايد في أعداد الإصابات بفيروس كورونا. ويتجاهل رئيس الوزراء قدر الإمكان منافسه الرئيسي، الجنرال بيني غانتس، الذي هو جزء من حكومته.
سوف يعني الضم إعلان السيادة على حوالي ثلث مساحة الضفة الغربية التي تخضع بالفعل للسيطرة العسكرية الإسرائيلية. وسيشمل 97 كيلومتراً، أو حوالي 60 ميلاً على طول الحدود مع الأردن. وقد هدد العاهل الأردني الملك عبد الله، إسرائيل بـ”صدام كبير” في حال وضعت خطة الضم موضع التنفيذ، بما في ذلك التأثير على معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية للعام 1994.
لكن لدى الرئيس دونالد ترامب أشياء أخرى في ذهنه. وهو يواجه، مثل نتنياهو، مشاكل حياة أو موت. كلاهما منغمس في أزمة جائحة فيروس كورونا؛ وكلاهما يواجه مظاهرات واحتجاجات يومية.
بحلول 11 تموز (يوليو)، قالت صحيفة “هآرتس” اليومية الإسرائيلية إن وزارة الصحة الإسرائيلية أبلغت عن 37.000 حالة إصابة بـ”كوفيد- 19″، وإن لديها، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ثالث أعلى معدل يومي للإصابة بفيروس كورونا مقارنة بالدول الأوروبية. وبحلول نهاية تموز (يوليو)، كان لدى إسرائيل 70.036 حالة إصابة و500 حالة وفاة.
كتب شيمي شاليف، محرر الشؤون الأميركية في صحيفة “هآرتس”، أن “الاحتجاجات المتزايدة هي نتيجة مباشرة لفشل الحكومة في منع العودة المقلقة لتفشي وباء فيروس كورونا -والأكثر أهمية، حزم مساعداتها الاقتصادية المخيبة للآمال”.
من المؤكد أن الرئيس ترامب لا يركز على الضم، على الرغم من افتراض أنه يؤيده ومن المتوقع أن يمنح إسرائيل الضوء الأخضر لتنفيذه. فالعديد من الإنجيليين الذين يشكلون قاعدة دعم مهمة لترامب، يؤيدون الإجراء، لكن من المتوقع أن يخسر ترامب أصوات اليهود. وكان أكثر من ثلثي الناخبين الأميركيين اليهود قد دعموا ترشيح هيلاري كلينتون في العام 2016.
“صفقة القرن”
من الناحية النظرية، يعد ضم وادي الأردن جزءًا من الخطة التي كشف عنها مستشار ترامب، جاريد كوشنر، قبل عام تحت اسم “صفقة القرن”. وتوقع كوشنر في ذلك الحين قيام الدول العربية بضخ الملايين أو المليارات لتحسين مستويات معيشة الفلسطينيين. وعلى الرغم من الميل إلى دعم إسرائيل بين دول الخليج كحصن ضد إيران، فإن الأموال المتوقعة لا تتدفق.
كما تدعو الخطة إلى إقامة دولة فلسطينية، وهو ما يشكل نقطة خلاف بين المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية. لكن ديفيد فريدمان، السفير الأميركي في إسرائيل، أخبرهم بأن لا يقلقوا، لأن هناك العديد من الشروط المسبقة: “سيكون عليكم أن تعيشوا مع الدولة الفلسطينية عندما يصبح الفلسطينيون كنديين. وعندما يصبح الفلسطينيون كنديين، يجب أن تختفي كل مشاكلكم”.
احتجاجًا على مخطط إسرائيل للضم، أوقفت السلطة الفلسطينية التعاون الأمني مع إسرائيل، مما أضعف عمل الشرطة والاستخبارات الذي كان يفيد كلا الجانبين. ووفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز”، فإن السلطة الفلسطينية “توقفت عن قبول الضرائب التي تجمعها إسرائيل نيابة عنها، وبسبب أزمة الميزانية الناتجة، لا يتلقى معظم أفراد الأمن الفلسطيني سوى رواتب جزئية”.
قادة العالم يتحدثون ضد الضم
في 7 تموز (يوليو)، أكد بيانان مشتركان -أحدهما لوزراء خارجية مصر وفرنسا وألمانيا والأردن والآخر لوزراء خارجية سبع دول عربية والأمين العام لجامعة الدول العربية- معارضتهم لهذه الخطوة. وقال رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، لمجلس العموم في 16 حزيران (يونيو) إن الاقتراح الإسرائيلي هو “انتهاك للقانون الدولي”.
وقاد الاحتجاج ضد الضم أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة. وقال لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مؤتمر عبر الإنترنت في حزيران (يونيو): “إذا تم تنفيذ الضم، فإنه سيشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، ويلحق ضررًا خطيرًا باحتمال حل الدولتين ويقوض احتمالات استئناف المفاوضات”.
من يهتم بالفلسطينيين؟
الآن بعد أن وصلت خطة ترامب-كوشنر إلى توقف، عادت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، (الأونروا)، إلى أداء مهماتها بعد أشهر من الفضيحة التي شابت عملها في العام 2019 واستقالة مديرها السابق. وكانت المساهمات في تمويلها قد توقفت، لكنها شرعت في التدفق مرة أخرى، خاصة من الدول الأوروبية والمنظمات غير الحكومية. وكانت إدارة ترامب، التي أسهمت بمبلغ 360 مليون دولار سنويًا من قبل، قد خفضت مساهمتها إلى 60 مليون دولار في العام 2018، وإلى صفر في العام 2019، مما أدى إلى تخفيضات في عمليات الوكالة.
وكانت (الأونروا) قد تأسست في العام 1949 لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين. والآن، في العام 2020، تهدف الوكالة إلى تقديم المساعدة لنحو 5.6 مليون فلسطيني في الأردن، ولبنان، وسورية، والضفة الغربية وقطاع غزة. وتشمل الخدمات التي تقدمها التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية وأشكالاً أخرى من المساعدة. ويقول تقرير لوكالة “الأسوشييتد برس”:
“قال المدير العام للوكالة، فيليبي لازاريني، للصحفيين في أعقاب مؤتمر لجمع الأموال للوكالة عن طريق الإنترنت إنه على الرغم من ‘التعبير القوي عن الدعم’ من المانحين الدوليين، ‘فإننا ما نزال في الظلام ولا نعرف ما إذا كانت عملياتنا ستستمر حتى نهاية العام’”.
“وقال إن المانحين غطوا جزءاً صغيراً فقط من عجز الميزانية الذي تواجهه الوكالة، والبالغ نحو 400 مليون دولار”.

*صحفية مستقلة تكتب تقاريرها من الأمم المتحدة. كانت مديرة مكتب “رويترز” في الأمم المتحدة لمدة 17 عامًا. وفي وقت سابق، عملت في رويترز كمحررة أخبار لأميركا الشمالية، ومحررة لمنطقة إفريقيا، ومحررة مشاركة في جميع أنحاء العالم ومراسلة في ألمانيا وبريطانيا وكذلك في نيويورك وواشنطن.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Is Netanyahu Serious About Annexing Jordan Valley?