التَّخارُج الثَّوريّ
[wpcc-script type=”da1d7844a969c461972f6adf-text/javascript”]
( 1 ) في الطريق إلى الذروة
نسيمٌ يهزُّ الوقتَ حتّى من جذوره
الآفاقُ أوراقُ يانصيبٍ تتلاعَبُ بالأفكار
والأغاني قرىً بعيدة تبحَثُ عن سكّانها.
( 2 )
أن تكونَ ثائرًا يعني أن ترتجفَ بحنانِ بستانٍ نقلوا من جوارهِ نهرًا..
أن تكونَ ثائرًا يعني أن تُهَشِّمَ الحُضورَ الراسِخَ لليقين، وأن تتخارَجَ كشاعرٍ لم يُخطِّط لهُ سوى المجهول..
أنْ تكونَ ثائرًا يعني أن تنسفَ النّزعة الاستهلاكية للميتافيزيقا، وأن تحطِّمَ الجسرَ الواصِلَ بينَ هواءين مُتقابلين كثنائية بالية حمقاء..
لا طُمأنينةَ في هذه الدُّوامة الآسِرة، ولا استرخاءَ إلا في الفراغات العابرة للحدود..
/ الثَّوريُّ الخالدُ
هوَ الثَّوريُّ الباكي /
هأنذا رعدٌ عارٍ بلا هواجس.. ضيفٌ نزِقٌ على متاهةِ الاختلافات العاصية بماضٍ يتحلَّلُ كجثّة.. هجومٌ جامِحٌ ينثرُ حكاياهُ في استعاراتٍ كامنة لكُلِّ استعصاء..!!
راسخةٌ هذه الرُّموز.. تُموِّهُ الشروخَ الوطنية كي يشفيها منقوعُ الأشواق.. الرّغبةُ صحوةٌ لا تتقهقر، والخطرُ الثوريُّ مُؤاخاةٌ لهدايا الاحتمالات أيًّا تكُن.. الطريق طويلة كنفقٍ يثِقُ بالنّهايات، والمُمكناتُ خصبةٌ دائمًا حتى لو فُقِدَتِ البذارُ من أسواق اللغة، وأنتَ طازجٌ أيُّها الثوري: كشمسٍ تغربُ كشمسٍ تُشرقُ؛ ها أنتَ ذا تُريدُ أن تؤوِّلَ جميعَ انبثاقات الربيع دُفعةً واحدة..
( 3 )
الشمسُ تحرسُ رحِمَ الغيمة
ومن ثقوب الدرابزين
تُدَلّي أشعّتها المُتكاثرة الناعمة على خصلات شَعر المدينة
عاشقان يعبُران تحت رذاذ خفيف كأنّها المرّة الأولى
وفي قلبيْهِما يُخبِّئانِ أسرابَ الحَمام المُتمطِّية على سطوح الأبنية
قد تمطِرُ بغزارة بعدَ قليل
وقد تهبُّ عاصفة غير مُتوقّعة
تُعلِّقُ طُموحات قوس قزَح لحين
كُلُّ ذلكَ يُبدِّدُني في انعتاقٍ مُتهوِّرٍ جليل
ثُمَّ يُشكِّلُني في فكرةٍ ملعونة
هربَتْ من ذهني
والتحقَتْ بالضوء..؟!!
( 4 )
أيّتُها البلادُ المُختصّة بفرض الضّرائب على المُصافحات: من سيستسلِمُ عقِبَ الابتسامة الكسيحة..؟!!
/ لا أحد.. لا أحد.. /
ستُطْرَدُ هذه المُفردة من مَخاضات القواميس، وسيتداوَلُ اللّهوُ النّامي خلفَ جبَلٍ استُبعِدَ طويلاً مِنَ الخريطة سُلطةَ العِناق..
قد تهبِطُ الذكريات من مقبرةٍ هجَرَها سكّانُها، وقد يحلُّ العارُ كفائضِ ظلامٍ على كهفِ النّوم الأزليِّ، وربّما يخونُ الترابُ دهشةَ العُشبةِ النّحيلة، لكنَّ دُموعًا نيئةً مغسولةً بالمُكابَدات ستُنجِبُ كائناتٍ جديدة ليسَ لها سُلالة..
يا لأرجوحتي القديمة وهيَ تمرُّ قربي الآنَ، وتهتزُّ كأنَّ أنفاسي الصغيرة ما زالتْ تلعبُ في أحضانها..
يا لصداقاتِ العبَقِ التَّعدُّديِّ وهيَ تخطُّ مُواطَنةَ الشوارع والساحات، وتُدغدِغُ التاريخَ فيُذعِنُ..
أنا عكّازُ الحبرِ الرُّميِّ المُنهار..
أنا التَّخارُجُ الشِّعريُّ المُتدفِّقُ في عالمِ المُجاوَزة الحريريّ..
أنا الوجودُ في مَرحى تقولُها الأمُّ الدِّيمقراطيّة لولدِها بعدَ الحَمّام..
لن تنتفي حاجتي إلى الشّغبِ المدنيِّ الهادِر.. ولن أكُفَّ عن تشتيت نفْسي أوّلًا..
ما مِنْ أسوار تُوقِفُ زحفَ الأفق الاستثنائي..
ما مِنْ عذابٍ خارِقٍ لا يُعلي قامةَ المُوسيقى العسليّة..
أنا حقلُ الرّمي على مَرابضِ الثُّنائيّات:
وجهي انقلابٌ على الهواء البطيء، وقلبي لن يُفاوِضَ الصحراءَ قط…
( 5 )
سأُفكِّكُ أكَمَةَ المُصطلحات،
وسأعيدُ خَلْقَ مفاهيم الأشجار والحرائق
سأتماهى معَ الانفجار الحُرِّ العظيم
كريحٍ انتحارية مارِقة
وسأكافئُ نفْسي أخيرًا
بالمعنى المُتملِّصِ من بينِ يديَّ
كسمكةٍ سأحتفِلُ طويلًا
بعودتِها إلى النّهر…
٭ شاعر وناقد سوري
مازن أكثم سليمان