ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داستن واكس (Dustin Wax) والذي يحدثنا فيه عن عدة طرائق يمكنك من خلالها أن تصبح خبيراً، ويقدم بعض النصائح عن كيفية التمييز بين الخبير الحقيقي والخبير المزيف.
بالنسبة لي، بدأ السؤال يتسلل إلى ذهني عندما دُعيت للتحدث في مؤتمر أكاديمي عُقَد مؤخَّراً للحديث عن الأنثروبولوجيا؛ وعلى ما يبدو، لقد أصبحت خبيراً في هذا الموضوع، وأصبحت شخصاً يلجأ إليه الناس عندما يريدون المزيد من المعلومات.
كيف حدث هذا؟ فأنا لم أدرس هذا الموضوع في الجامعة، وكذلك لم يكن له علاقة بأطروحتي؛ لقد جعلني التفكير في الطريقة التي أصبحتُ من خلالها شخصاً يلجأ إليه الناس في هذا الموضوع أفكر في الطريقة التي يصبح أي أحدٍ من خلالها ذلك الشخص الذي تتصل به عندما تحتاج إلى المساعدة؛ فكيف يصبح الناس خبراء في مجالهم؟
أعتقد أنَّ الأمر لا يقف عند تعلم كل ما يمكن تعلمه ثم بدء الممارسة؛ في الواقع، إنَّ أي شخص يعتقد أنَّه تعلم كل شيء يمكن تعلمه عن موضوع ما هو ليس خبيراً على الأرجح، وإنَّما مجرد هاوٍ.
من هو الخبير؟
من الواضح بالتأكيد أنَّ المعرفة هي خاصية هامة من خصائص الخبرة؛ إلا أنَّها واحدة من عدة عوامل تجعل الشخص خبيراً في مجاله؛ لقد اكتشفت خمس خصائص يتمتع بها الخبراء الحقيقيون، وهي:
1. المعرفة:
من الواضح أنَّ الوصول إلى مرتبة الشخص الخبير يتطلب معرفة عملية هائلة باختصاصك؛ حيث يتمثل جزء من هذه المعرفة بالمعلومات التي تحفظها، والجزء الآخر بمعرفة أين تجد المعلومات التي لم تحفظها.
2. الخبرة العملية:
بالإضافة إلى المعرفة، يحتاج الخبير إلى خبرة عملية كبيرة بحيث يكون قادراً على تطبيقها بأساليب إبداعية، وعلى حل المشكلات التي ليس لها حلول موجودة مسبقاً يمكنه الاستعانة بها، وعلى تحديد المشكلات التي لم يلاحظها أحد بعد.
3. القدرة على التواصل:
لا جدوى من الخبرة بدون القدرة على إظهارها عملياً؛ فكونك الشخص الوحيد في العالم الذي يمكنه حل مشكلة ما، مرة تلو الأخرى، لا يجعلك خبيراً، بل يجعلك عبداً للمشكلة.
قد تكسب من خلالها لقمة عيشك، لكنَّها لن تترك لك الكثير من الوقت لتطوير خبرتك، وهذا يعني أنَّه عاجلاً أم آجلاً، سيكتشف سرك شخص ما لديه المعرفة والقدرة على التواصل؛ أو الأسوأ من ذلك أن يكتشف طريقة أفضل وينشرها بين الناس، ويجعل منك شخصاً ذو معرفةٍ أكل الدهر عليها وشرب.
شاهد بالفديو: 9 طرق لتحسين مهارات التواصل
[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”640″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/95_E6t3tkWY?rel=0&hd=0″]
4. الترابط:
الخبرة هي خبرة اجتماعية في جوهرها؛ حيث يلتقي خبراء في شبكةٍ تَضُمُّ خبراء آخرين لتبادل الأفكار والأساليب الجديدة لحل المشكلات، ويلتقي هؤلاء جميعاً في شبكة اجتماعية أوسع تربطهم بالناس الذين يحتاجون إلى خبرتهم.
5. حب الاستطلاع:
يشعر الخبراء بالفضول إزاء مجالاتهم ويدركون حدود فهمهم لها؛ إذ يبحثون باستمرار عن حلول ومقاربات وأساليب جديدة لتوسيع مجالهم.
كيف تصبح خبيراً؟
نحن نسعى – في معظم الأوقات – وراء الخبرة باهتمام، سواء من خلال الدراسة أم التعليم الذاتي أم التدريب العملي أم أي وسيلة أخرى؛ حيث لا يوجد مسار سريع وسهل لاكتساب الخبرة، ومع ذلك، يصبح الناس خبراء كل يوم في جميع أنواع المجالات؛ وسوف تصبح خبيراً إذا ركزت على هذه الأمور:
1. التعلم المتواصل:
كونك خبيراً يعني أن تدرك – إدراكاً مؤلماً أحياناً – أوجه القصور في مستوى معرفتك الحالي، ببساطة، ليس هناك فائدة من التوقف عند حد معين في تعلم مجالك؛ ابذل جهدك في عملية تعلُّم طويلة الأمد، وكن على اطلاع دائم بالأفكار والآراء داخل وخارج مجال عملك لكي توسِّع نطاق فهمك.
2. الشبكات الاجتماعية:
أسس علاقات قوية مع الآخرين في مجال عملك، وابحث عن مينتورز، واجعل نفسك متاحاً لمن هم أقل خبرة منك؛ تعلم أيضاً أن تروِّج نفسك لمن يحتاجون إلى مهاراتك؛ فالطريقة الوحيدة التي ستكتسب من خلالها الخبرة هي الخروج والقيام بذلك.
3. الممارسة:
ليس المقصود الممارسة بمعنى “اكتساب الخبرة” فقط، وإنَّما بمعنى “أن تقرن أقوالك بالأفعال” أيضاً؛ إذ إنَّك لن تثق بمنظم شخصي ينسى مواعيدك دائماً، أو بخبير تحسين محرك البحث الذي تم إدراج موقعه في صفحة نتائج جوجل (Google) بالمرتبة 438.
يقال إنَّ ممارسة حوالي 10000 ساعة من التدريب، ستجعل منك خبيراً، ولكن في الحقيقة، عدد الساعات التي تكررها في فعل شيء واحد لا تكفي لجعلك خبيراً؛ ستصبح خبيراً حقيقياً فقط من خلال تكريس ساعاتٍ للممارسة المتأنية؛ لذا يجب أن تعكس ممارستك اليومية خبرتك، وإلا لن يثق الناس بك كخبير.
4. مهارات العرض:
تعلُّم كيفية استخدام أي تقنيات تحتاجها لعرض خبرتك بأفضل طريقة ممكنة، وبعبارة “التقنيات” لا أعني فقط تصميم الويب وتطبيق باور بوينت (PowerPoint)، وإنَّما أعني الكتابة والرسم والخطابة العامة أيضاً؛ وحتى الطريقة التي ترتدي بها ملابسك ستحدد ما إذا كان الناس سينظرون إليك كخبير أم كمدعٍ للخبرة.
5. المشاركة:
قبل عشر سنوات، لم يكن أحد يعلم أنَّهم بحاجة إلى مدونين خبراء ضمن طاقم موظفيهم للترويج لهم، وقبل خمس سنوات، لم يكن أحد يعلم أنَّهم بحاجة إلى خبراء تحسين محركات البحث لجذب الانتباه إلى مواقعهم على الويب.
شارك معرفتك على نطاق واسع، بحيث يفهم الناس سبب حاجتهم إلى خبير، وكي لا تكون الشخص الوحيد الذي يمكنه حل مشكلة معينة.
كيف تكتشف الخبير الحقيقي؟
الحقيقة المحزنة هي أنَّ هناك الكثير من الناس يقدمون أنفسهم كخبراء وهم ليسوا خبراء على الإطلاق، وقد لا يتمتعون بالكفاءة حتى؛ فكيف يمكنك معرفة ما إذا كان شخص ما يخدعك؟
قد يكون من الصعب تمييز الخبراء المزيفين عن الخبراء الحقيقيين؛ فالعديد من المزيفين لديهم خبرة كبيرة في ترك انطباع لدى الناس بأنَّهم خبراء! ولكن إليك بعض الأمور التي يجب البحث عنها:
1. الالتزام:
إنَّ الخبراء متحمسون لمجالات خبرتهم، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يحافظ على نموهم كخبراء؛ لذا ابحث عن التزام جاد وواضح بالمجال؛ إذ ليس لدى الخبراء أي خيار سوى القيام بما يجب القيام به.
2. الصدق:
لا يحتاج الخبير الحقيقي إلى خداع أي شخص لبيع خدماته؛ فهم يقرنون أقوالهم بالأفعال؛ فإن شعرت أن أحدهم يحاول خداعك، فابحث عن شخص آخر.
3. الصراحة:
لا تخفي الخبرة نفسها، يحتفظ الأشخاص الذين لا يثقون بقدراتهم بأسرار المهنة خشية أن تستغني عنهم إن عرفت ما يفعلونه، وهذا لا ينطبق على السحرة المميزين.
إذا كان هناك من لا يرغب في شرح ما يفعله لك، فانتقل إلى الخبير التالي.
4. الانفتاح:
يبحث الخبراء دائماً عن أساليب مبتكرة لحل المشكلات التي يجيدون حلها، ويجب عليهم أيضاً تفهم الأخطاء التي يرتكبها غير الخبراء وتبيانها؛ فإذا رفض الخبير وجهة نظرك في سبب المشكلة، فهذا يعني عادةً أنَّه يعتقد أنَّه يمتلك جميع الحلول؛ في حين يعرف الخبراء الحقيقيون أنَّهم لا يعرفون كل شيء.
5. الوضوح:
يجب أن يكون الخبير قادراً على شرح ما يفعله بالضبط ولماذا يفعله؛ وفي حين أنَّ لكل مجال مصطلحاته الخاصة، يمكن لأي خبير حقيقي أن يصف عمله دون استخدامها؛ فالمصطلحات مفيدة في مجال ما كنوع من الاختصار للمفاهيم أو الإجراءات المعقدة، ولكن لا لزوم لها عند التعامل مع أشخاص من خارج المجال؛ فإن لم يتمكنوا من شرح ما يفعلونه بلغة تفهمها، فهناك احتمال كبير بأنَّهم إما يحاولون سرقتك (فكر في “ميكانيكي السيارات المشبوه”) أو أنَّهم لا يفهمون حقاً ما يقومون به.
في الختام:
بتَّ تعرف الآن ما عليك القيام به لتصبح خبيراً في مجالك، وكيفية اكتشاف خبير حقيقي للتعلم منه، وكيفية الخروج واستكشاف المعرفة، وكيفية البقاء فضولياً وممارسة ما سيجعل منك خبيراً!
المصدر