ما المقصود برصد الفضاء الخارجي؟
الفضاء الخارجي هو ذلك المكان الذي يبعد عن كوكب الأرض حوالي 100 كيلومتر عامودياً من سطح الأرض، والغلاف الجوي قليل الأوكسجين، مما يتسبب بتغير لون السماء من الأزرق إلى الأسود في وضح النهار، كما يختفي بالفضاء الخارجي الغلاف الجوي للأرض، وتنعدم الجاذبية الأرضية فيه.
ورصد الفضاء أو ما يُعرف بالرصد الفلكي هو عبارة عن رؤية الفضاء عن كثب، واسكتشاف أجرامه السماوية وكواكبه ونجومه ومجراته، وكان يتم سابقاً بواسطة آلة التلسكوب التي اخترعها الفلكي الإيطالي جليليو جاليلي، واليوم يُرصد الفضاء باستخدام العديد من التقنيات الحديثة كالمكوك والمركبة الفضائية وغيرهم.
تاريخ رصد الفضاء:
بدأ التنافس بين الدول الكبرى لاستكشاف الفضاء؛ إذ بدأت كل منها بالبحث عن ما يُفيد مصالحها، ويجعلها أقوى علمياً وسلاحياً، وكانت في مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، فقاموا بسباقات جبارة في رصد الفضاء؛ حيث أُطلِق في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين ما يُسمى بـ “سباق الفضاء” بين هذين البلدين، الذي أحدث ثورة هائلة في استكشاف الفضاء.
- وفي عام 1955 بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ الاتحاد السوفييتي بسرية تامة بتجارب الصواريخ الفضائية، وفي العام ذاته أُطلِق أول قمر صناعي بخطوة في قمة الجرأة والقلق، بمشاركة كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي.
- في الرابع من أكتوبر عام 1957، أطلق الاتحاد السوفييتي أول قمر صناعي (سبوتنيك 1) كانت مهمَّته الدوران حول الكرة الأرضية، والذي بقي بنجاح في الفضاء الخارجي لمدة 3 أشهر.
- في 3 نوفمبر1957، أطلق أيضاً الاتحاد السوفييتي قمراً صناعياً آخر، عُرف باسم سبوتنيك 2، حمل كلباً في المدار لمدة 7 أيام.
- كان الأمريكيون يغارون من نجاح الروس، فبعد أن أطلق الاتحاد السوفييتي قمرين صناعيين متتاليين، أطلق الأمريكيون في 31 يناير 1985أول قمر صناعي ناجح Explorer1، ثم تبعوا ذلك بإطلاق Explorer 2، الذي فشل في الوصول إلى المدار.
- عام 1958، أُنشِئت وكالة “ناسا”، من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت أول وكالة للفضاء الخارجي، متخصِّصة في الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء، وتعمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا المرتبطة بتصميم وعمل الطائرات، ومسؤولة عن البعثات الفضائية.
- في كانون الثاني عام 1959، انطلقت المركبة الفضائية السوفييتية التي يُطلق عليها اسم لونا 1، وعلى الرغم من أنَّ المركبة لم تهبط على سطح القمر، إلا أنَّها اكتشفت عدم وجود مجال مغناطيسي للقمر، وفي العام نفسه انطلقت المركبة الفضائية لونا 2، التي هبطت على سطح القمر لكنَّها تحطَّمت، ثم انطلقت رحلة لونا 3، التي التقطت صوراً ضبابية للجانب المظلم للقمر.
- استمر علماء الفضاء بالبحث عن إمكانية إرسال البشر إلى الفضاء الخارجي بعد تجربة الحيوانات، وبدأت المحاولات لإرسال أول مَهمة فضائية مأهولة.
- في الثاني عشر من شهر أيلول عام 1961م، أطلقت روسيا أول مهمة فضائية مأهولة ناجحة؛ حيث قاد الرائد الفضائي السوفييتي يوري جاجارين سفينته الفضائية المسماة بفوستوك1، وانطلق في أول رحلة طيران فضائية مأهولة حول الكرة الأرضية واستغرقت 108 دقيقة.
- بعد شهر واحد، أطلقت الولايات المتحدة أول مهمة فضائية مأهولة مع رائد الفضاء آلان شيبرد، الذي تمكَّن من إكمال رحلة دون مدارية.
- وفي عام 1962، استطاع مجس فضائي أمريكي التحليق لمسافة قريبة من كوكب الزهرة.
- في 21 ديسمبر عام 1968، انطلقت مركبة أبولو 8، الفضائية الأمريكية، وهي أول مركبة فضائية مأهولة تنطلق إلى القمر، دارت ثماني دورات حول القمر، وعادت إلى نقطة انطلاقها.
- في 20 يوليو 1969 ومع تقدُّم التكنولوجيا، أصبح إطلاق مهامٍ مأهولة أكثر سهولة وأماناً، وبدأت محاولات الهبوط على سطح القمر؛ حيث حطَّت المركبة (أبولو 11) فوق سطح القمر، حاملة على متنها رائدا الفضاء الأمريكيان: نيل آرمسترونج وإدوين ألدرين الابن، وبذلك كان آرمستونج أول إنسان تطأ قدماه سطح القمر، مما حقق لأمريكا إنجازاً عظيماً في سباق الفضاء.
- عام 1972؛ تتابعت الرحلات الفضائية المأهولة بالانطلاق؛ حيث هبطت خمس مركبات فضائية مأهولة بخمس روَّاد أمريكان، قبل الانتهاء من برنامج أبولو القمري.
- في العام ذاته، هبط مجسان أمريكيان فوق سطح كوكب المريخ، وأُجرِيت من خلالهما دراسة كافة الكواكب ما عدا كوكب بلوتو، واستُكشفت المذنبات والكويكبات.
- خلال الفترة الزمنية ما بين 1974- 1976، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية مجسين فضائيين ألمانيين، وصلا إلى مدار كوكب عطارد الأقرب إلى الشمس.
- في الثاني عشر من إبريل عام 1981، انفجر مكوك الفضاء (كولومبيا) الأمريكي، وكان يمتاز بقدرته على الهبوط في مدرجات المطارات العادية.
- في عام 1986، حصلت مأساة انفجار مكوك الفضاء (تشالنجر)، المنطلق من وكالة ناسا الأمريكية، وذلك بعد أن أقلع بالفعل ب 73 ثانية؛ إذ تعطَّل المكوك ولم ينتبه الطاقم لهذا العطل قبل الإقلاع، فانفصلت مقدمة المركبة عن باقي المركبة، وانفصل الجزء الأمامي وسقط في المحيط الأطلسي وتحطَّم، مما أدى لوفاة الطاقم كاملاً.
- في 1988، أُعيد تصميم مكوك (تشالنجر) الذي انفجر سابقاً، وعاود الانطلاق في رحلاته.
- في عامي 1987 و1988، قام رائدا فضاء سوفييتيان بالدوران في مركبتهما الفضائية، لمدة 366 يوماً متواصلاً.
- مع حلول عام 1990، وصل المجس الأمريكي (ماجلان) إلى كوكب الزهرة، ورسم خلال رحلته فيها الخرائط الخاصة بسطح هذا الكوكب.
- عام 1992، أطلقت اليابان مجسين صغيرين، واستأنفت تنشيط المجس الفضائي (جيوتو).
- عام 1993، دعم الرئيس بيل كلينتون بلاده في استكشاف الفضاء، وأوكل لناسا مهمة تصميم المحطة الفضائية، وأُرسلت بعثات لإصلاح تلسكوب (هابل)، الذي انطلق في الفضاء عام 1990، وتمكَّنت هذه البعثات من إصلاحه.
- بحلول عام 2000، أطلقت الصين برنامجاً يتعلق برحلة فضائية مأهولة، ووضع في الوقت ذاته كل من الاتحاد الأوروبي واليابان والهند خطة ناجحة، لإرسال بعثات فضائية مأهولة في المستقبل خلال القرن الواحد والعشرين.
- في عام 2004 انطلقت ثلاث رحلات مدارية قصيرة باتجاه الحافة السفلية للفضاء، وكان المشروع مموَّل من قطاع خاص.
كيف يُستكشَف الفضاء؟
يتم استكشاف الفضاء، عن طريق:
- إرسال المناظير الفلكية التي تدورعالياً في مدارات حول الأرض.
- إرسال الأقمار الصناعية، التي تستطيع إرسال بيانات دقيقة إلى الأرض.
- أجهزة قياس أشعة غاما والأشعة السينية الصادرة من النجوم.
- أجهزة قياس أشعة فوق البنفسجية.
- أجهزة قياس أشعة تحت الحمراء.
- أجهزة قياس الموجات الراديوية أو الميكروويف.
1. تلسكوب هابل الفضائي:
هو مرصد فضائي يدور حول الأرض، سُمي على اسم العالم الفلكي إدوين هابل، يُعد تلسكوب هابل منذ إطلاقه عام 1990، من أنجح التطورات في استكشاف الفضاء، ويقع على بعد 569 كم فوق سطح الأرض، ويتجنب تشويه الغلاف الجوي، مما يتيح إعادة آلاف الصور إلى الأرض.
وساعدت تقنية التلسكوب في تحديد عمر الكون، وأظهر وجود طاقة مظلمة، وكشف أسرار الفضاء والكواكب، يُرسل الهوائي الموجود على التلسكوب المعلومات إلى مركز غودارد لرحلات الفضاء، باستخدام الأقمار الصناعية، ويتكون التلسكوب من جهازي كمبيوتر رئيسين، وأنظمة أصغر عديدة، يكون أحد الأجهزة مسؤولاً عن الأوامر التي تتحكم بالتلسكوب، ويتصل الآخر بالأدوات الأخرى، ويستقبل البيانات ويرسلها إلى الأقمار الصناعية.
2. المجسات الفضائية:
هي عبارة عن آلات فضائية، لها العديد من الأزرع، تسبح هذه المجسات في الفضاء، وتقترب من الكواكب وتدور حولها، وتهبط على سطحها، وتأخذ عينات من الصخور وتُحللها، ثم تقوم بإرسال النتائج إلى مركز المراقبة الأرضية، من الأمثلة على هذه المجسات: مجس غاليليو الذي فحص كوكب المشتري، والمجس كاصيني الذي وصل إلى كوكب زحل.
3. المحطات الفضائية:
تتواجد المحطات الفضائية في محيط كوكب الأرض، على ارتفاع بين 300 إلى 400 كم من سطح الأرض، ووظيفة هذه المحطات رصد الفضاء الخارجي، وهي مخزن للوقود في الفضاء، وأيضاً هي ورشة تصليح في الفضاء الخارجي، وهي أكبر حجماً من المركبات الفضائية، كما تقوم بتمويل المركبات بالغذاء والطعام والمعدات.
4. المركبات الفضائية:
هي مركبة تكون محمولة على صاروخ قوي يُقلع بها، منها ما تكون مأهولة برائد فضاء أو أكثر، مثل مركبة القيادة ووحدة الخدمة أو مركبة الهبوط على القمر التي حملت روَّاد فضاء إلى القمر، ومنها ما تكون غير مأهولة؛ إذ لا يوجد على متنها روَّاد فضاء بل تعمل آلياً.
أهمية استكشاف الفضاء:
على الرغم من أنَّ استكشاف الفضاء مكلف جداً، لكن له بعض الفوائد، مثل:
1. تحسين الحياة على الأرض:
ساعد استكشاف الفضاء على تطوير تقنيات تُحسن الحياة على الأرض، مثل: نظام تحديد المواقع العالمي (GPRS)، والتنبؤ الدقيق بالطقس، والخلايا الشمسية، والمرشحات للأشعة فوق البنفسجية في النظارات الشمسية والكاميرات، كما تُجرى الأبحاث والتجارب في الفضاء، الهادفة إلى علاج الأمراض، والتي لا يُمكن إجراؤها على الأرض بسبب ما قد تحمله من مخاطر.
2. حماية الأرض:
يؤمِّن استكشاف الفضاء حماية الأرض، من المذنبات والكويكبات الكبيرة في النظام الشمسي، من خلال برنامج استكشاف الفضاء.
3. التعدين في الفضاء:
يؤدي استمرار الضغط على موارد الأرض، إلى مجموعة من المشكلات وإلى استنزاف هذه الموارد، لكن هناك ثروة من المواد الثمينة في الفضاء؛ حيث يوفر التنقيب فيها، المزيد من موارد المواد الخام التي تحتاجها الحياة على الأرض.
استغلال الفضاء أصبح ضرورة:
في ظل تزايد عدد سكان الأرض، وازدياد مشكلات الأرض من حرائق الغابات، ونضوب الموارد المائية، وانسكاب النفط، وممارسات بيئية خاطئة من قِبل الإنسان، أصبحنا نعيش خطراً حقيقياً، وكل الآمال والتطلعات اليوم للاستفادة القصوى من الفضاء وموارده، وكهدف طويل الأجل أن يغدو السفر بين كواكب مجموعتنا الشمسية متاحاً وروتينياً في المستقبل، وتغدو فكرة السياحة الفضائية فرصة للسفر إلى الفضاء الخارجي وقضاء وقت ممتع ومشوق.
المصادر: 1، 2، 3، 4