كيف يمكن للتكنولوجيا أن تربط بين المعلمين والطلاب والآباء؟

نحن جميعاً نرغب في رؤية أطفالنا ينجحون على المستوى الأكاديمي والعاطفي، فالآباء حريصون على فهم طريقة دعم تعلُّم أطفالهم وتعزيز علاقاتهم معهم، ومع ذلك لا يتلقون التوجيه والدعم اللازمَين لتحقيق ذلك، وينطبق هذا الأمر تحديداً على الآباء من المجتمعات المحرومة من الخدمات.هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة إليزابيث سي أوبريون (ELISABETH O’BRYON)، والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها الشخصية في تحقيق الترابط بين المعلمين والطلاب والآباء.

يوجد فرصة كبيرة وحاجة إلى الموارد التي تعزز قدرة الآباء على دعم نجاح أطفالهم، لا سيما مع تعزيز العلاقات الرئيسة بين الآباء والمعلمين والآباء وأطفالهم، وهذا هو الهدف من برنامج فاست توك (FASTalk) – برنامج لمناقشات العائلات والمدارس – وهو أداة مشاركة عائلية مبتكرة تعتمد على الرسائل النصية من مؤسسة فاميلي إينغيجمنت لاب (Family Engagement Lab) – هي مؤسسة وطنية غير ربحية تحفِّز المشاركة الأسرية العادلة وتعلُّم الطلاب من خلال ربط المناهج الدراسية بالفصول الدراسية والمنزل والمعلمين – حيث أعمل كمؤسسة مشاركة ورئيسة مسؤولي التأثير.

يعزز برنامج فاست توك فكرة المساواة، ويبني شراكات بين المعلمين والأسر المحرومة من الخدمات، من خلال مشاركة نشاطات التعلم في المنزل عبر الرسائل النصية وفق اللغة التي تتناسب مع كل عائلة؛ حيث تتلقى العائلات نشاطات أسبوعية ممتعة وسهلة يمكن لمقدمي الرعاية القيام بها مع أطفالهم لتعزيز التعلم والإنجاز، وتُترجم الرسائل النصية المرسلة تلقائياً إلى أكثر من 100 لغة للتغلب على مشكلات اللغة والتواصل المتبادل بين المعلمين والعائلات.

تشير الأبحاث إلى أنَّ هذا البرنامج يحسِّن من قدرة الطلاب على التغلب على محو الأمية، لا سيما عندما لا توجد لغة مشتركة بين الآباء ومعلم الأطفال، ومن خلال عملية إنشاء فاست توك وتطبيقه، تعلَّمنا دروساً يمكن للمعلمين والآباء والبرامج الأخرى الاستفادة منها لمساعدة جميع الطلاب على التعلُّم، مع السعي إلى تعزيز مجتمع داعم لتعليم الطلاب.

تعزيز محو الأمية والسلوك الاجتماعي الإيجابي مع برنامج فاست توك:

بدعم من مركز غريتر جود ساينس سنتر (Greater Good Science Center)، أُتيحت الفرصة لمؤسسة “فاميلي إينغيجمنت لاب” مؤخراً لتوسيع نطاق تركيز برنامج فاست توك ليشمل تطوير المهارات في كل من محو الأمية والسلوك الاجتماعي الإيجابي، وبالاستفادة من أحدث الأبحاث، قام فريقنا بترجمة الأفكار الرئيسة إلى محتوى نصي يناسب الآباء لتُسلَّم عبر البرنامج، وقد ركزت الرسائل الأسبوعية على كل من تطوير محو الأمية وتعزيز المهارات الاجتماعية الإيجابية ونقاط القوة المتمثلة في التسامح والكرم والامتنان والصدق والحب والمصداقية.

على سبيل المثال، تضمَّن برنامج فاست توك وجهات نظر من دراسة العلوم التنموية لعام 2017، والتي وضَّحت كيفية تعزيز الكتب القصصية السلوك الاجتماعي الإيجابي لدى الأطفال الصغار.

وقد وجد المؤلفون أنَّ الأطفال الأصغر سناً كانوا أكثر ميلاً إلى أن يكونوا كريمين بعد قراءة قصة تتضمَّن شخصيات بشرية تتناول خصال الكرم، على عكس القصص التي تتضمن حيوانات تتناول خصال الكرم أو القصص التي لا تتناول خصال الكرم، وأخذ فريقنا وجهة النظر هذه – أنَّ الأطفال الأصغر سناً يجدون القصص البشرية ذات مصداقية ويمكنهم تطبيق الدروس التي تعلموها منها بسهولة أكبر – ودَمَجَها في الرسائل النصية لبرنامج فاست توك.

على سبيل المثال:

  • يوم الإثنين: يمكنك التحدث عن شخصيات الكتاب لمساعدة الأطفال على فهم ما يقرؤون، ثم اسألهم: ما الذي فعلته الشخصيات في القصة وكيف كانت مشاعرهم؟ هل شعرتم بمثل ذلك من قبل؟
  • يوم الأربعاء: ساعد الأطفال على استكشاف كيفية تأثير تصرفات الشخصيات في بعضها بعضاً، وحاول العثور على كتب ذات شخصيات بشرية كريمة، وفي هذه الحالة، سيبني الأطفال المزيد من العلاقات في حياتهم الشخصية نتيجة تأثرهم بتلك القصص الواقعية.

لإثراء عملنا الجديد في هذا المجال، شكَّل فريقنا مجموعات للمناقشة مع الآباء لمعرفة المزيد عن تجاربهم واحتياجاتهم، وللحصول على تغذية راجعة بشأن المحتوى الجديد، وقد وجدنا أنَّ الآباء كانوا متحمسين فعلاً للحصول على معلومات لدعم مجموعة واسعة من المهارات لدى أطفالهم، بما في ذلك المهارات الاجتماعية الإيجابية.

إليك مثال آخر عن البرنامج يوضِّح طريقة دمج الرسائل النصية في التركيز على تطوير كل من المفردات والمهارات الاجتماعية:

  • يوم الإثنين: ساعد طفلك على توسيع مفرداته، واذكر له كلمة ما مثل “ممتن” (الشعور بالامتنان)، وحدِّد معه 3 أمور تشعران بالامتنان تجاهها.
  • يوم الأربعاء: أخبره أنَّ الشعور بالامتنان هو أمر قوي؛ حيث تُظهِر الأبحاث أنَّ الأطفال يكونون أكثر كرماً وأكثر ميلاً لفعل أمور لطيفة للآخرين، عندما يشعرون بالامتنان.
  • يوم الجمعة: أنا ممتن لدعمكم لي في المنزل.

هل تحدثت أنت وطفلك عن كلمة “ممتن” هذا الأسبوع؟

لقد صُمِّم برنامج فاست توك لتسهيل مشاركة المعلومات بين المعلمين والآباء، مع معرفة احتياجات المعلمين المشغولين والذين غالباً ما يفتقرون إلى الموارد اللازمة؛ حيث يسهِّل البرنامج على المعلمين إيصال المعلومات الأساسية للعائلات حول تعلُّم الأطفال؛ وذلك لأنَّ الرسائل النصية الأسبوعية مكتوبة ومجدولة مسبقاً لإرسالها نيابةً عنهم، وقد شاركت معلمة في البرنامج تغذيتها الراجعة حول البرنامج قائلةً: “إنَّ جميع النشاطات والرسائل المرسلة إلى الآباء كانت متوافقة مع المناهج الدراسية لرياض الأطفال، وكانت داعمة جداً لتعليماتي ومفيدة للآباء”.

لفهم تأثير محتوى البرنامج الجديد، أجرينا استطلاعاً لآراء الآباء الذين كانوا يتلقون رسائل أسبوعية خلال العام الدراسي، ووجدنا أنَّه بالإضافة إلى بناء ثقة الوالدين في دعم تعلُّم أطفالهم واطلاعهم على طرائق عدة لمساعدتهم على تطوير مهارات محو الأمية ومعرفة القراءة والكتابة والمهارات الاجتماعية الإيجابية، كانت الرسائل تساعد أيضاً على بناء علاقات قوية.

أشارت إحدى الأمهات إلى أنَّ أكثر ما أعجبها في البرنامج هو “الأسئلة المقترحة للمساعدة على التحدث مع الطفل؛ بحيث يمكنك إجراء مناقشات هامة معه، وقد ذكر معظم الآباء هذا الأمر، مشيرين إلى أنَّ البرنامج ساعدهم على الشعور بالقدرة على التواصل مع أطفالهم والمدرسة والمعلم، بالإضافة إلى توفير التوجيه لطريقة دعم تعلُّم أطفالهم في المنزل.

استفاد فريقنا من التعاون الوثيق مع ناتاشا كابريرا (Natasha Cabrera)، الأستاذة في مجال علم النفس في جامعة ميريلاند (University of Maryland)، ومديرة مؤسسة فاميلي إينغيجمنت لاب؛ حيث زوَّدتنا بوجهات نظر من أبحاثها الخاصة حول العمليات الأسرية في سياق اجتماعي وثقافي، وقد استعرضت كابريرا رسائل البرنامج الجديدة الخاصة بنا، وقدَّمت توصيات للمساعدة على تأكيد أنَّ النصائح والنشاطات المدرجة ضمن الرسائل النصية قابلة للتطبيق، ويمكن الوصول إليها وتلبِّي احتياجات معظم العائلات، وأشارت قائلةً: “إنَّ برنامج فاست توك أنموذجٌ مبتكرٌ ومشوقٌ وسهلُ التنفيذ وله القدرة على الحد من عدم المساواة في المدارس؛ وذلك من خلال إشراك الآباء مع المعلمين في الوقت الحقيقي لدعم تعلُّم الأطفال”.

برنامج فاست توك مصمَّم للآباء وللتأثير ولتحقيق المساواة:

صُمِّم برنامج فاست توك وحُسِّن من خلال دورات الأبحاث مع الآباء، بالإضافة إلى مراجعات الأبحاث الحالية التي تتحدث عن مجالات متعددة، من مشاركة الأسرة إلى برامج التعليم القائمة على التكنولوجيا، وقد ذكرت بعض الأفكار الرئيسة ميزات ووظائف البرنامج، ويمكن أن تكون هذه الأفكار مفيدة للبرامج الأخرى التي تسعى إلى مساعدة الآباء والمعلمين على التعاون لدعم تعلُّم الأطفال.

يرغب الآباء ويحتاجون إلى الحصول على المعلومات اللازمة لدعم التعلم في المنزل؛ حيث يعد بناء قدرة الآباء على دعم التعلم في المنزل استراتيجيةً أساسيةً لتعزيز التعليم المنصف، وهو هدف هام من أهداف فاست توك.

تؤكد الأبحاث فاعلية مشاركة الأسرة من المنزل، ممَّا يدل على أنَّ الأطفال الذين يشارك آباؤهم أو مقدمو رعايتهم مشاركة كبيرة في التعلم، يحققون إنجازات أكاديمية أعلى، وقد تكون مشاركة الوالدين أكثر أهمية من جهود المشاركة المدرسية، والأهم من ذلك، تشير الأبحاث إلى أنَّ مشاركة الآباء في التعلم في المنزل مع أبنائهم ذات تأثير مضاعف على درجات اختبار الطلاب، مثل مستويات التعليم لدى الوالدين أو الحالة الاجتماعية والاقتصادية للعائلة.

تعدُّ هذه النتائج هامةً بصورة خاصة؛ وذلك لأنَّه مع تزايد فجوة الفرص بين الطلاب ذوي الدخل المنخفض والعالي، فإنَّ الدافع هو استثمار الوالدين في نمو وتطور أطفالهم، ففي معظم العائلات، ولا سيما العائلات ذات الدخل المنخفض والأسر المُهجَّرة؛ حيث يرغب الآباء في مساعدة أطفالهم ولكنَّهم لا يعرفون طريقة ذلك.

بالإضافة إلى ذلك، تقل احتمالية تلقِّي العائلات أصحاب البشرة الملونة للمعلومات الأساسية من المعلمين، وهذا يؤكد ضرورة العدالة الاجتماعية للبرامج التي تساعد على بناء قدرة الآباء على دعم فكرة التعلُّم في المنزل.

يساعد المعلمون على إيصال المعلومات الأساسية للآباء بفاعلية وموثوقية كشفت جلسات الإنصات مع الآباء لفريق مؤسسة فاميلي إينغيجمنت لاب، أنَّ الآباء يبحثون عن معلومات أساسية حول تعلُّم أطفالهم من معلم الأطفال ذاته، ويتضمن ذلك ما يتعلمونه، وفيما إذا كانوا على المسار الصحيح، وكيف يمكن للآباء المساعدة.

تؤكد الأبحاث الوطنية مدى تأثير المعلمين المميز في تحديد مشاركة الآباء؛ حيث يرى الآباء المعلمين على أنَّهم المصدر الأكثر ثقةً للمعلومات بشأن التعلم، ومع ذلك، في حين أفاد 99% من المعلمين الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع أنَّ مشاركة الأسر في تعلُّم أطفالهم هو أمر هام لنجاح الطلاب، ذكر 84% من المعلمين في المدارس التي تعاني من الفقر المدقع أنَّهم بحاجة إلى المساعدة على مشاركة عائلات طلابهم في التعليم.

الاستفادة من فاعلية التكنولوجيا لتوسيع نطاق الوصول والتأثير نظراً لانتشار التكنولوجيا في كل مكان، تُظهر الأجهزة الذكية قدرة واعدة للوصول إلى عائلات اليوم وإشراكهم في عمليات التعليم، وقد كشف مركز بيو للأبحاث (Pew research) في عام 2018، أنَّ 99% من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18-49 عاماً يمتلكون أو يستخدمون هواتفهم المحمولة، بالإضافة إلى ذلك، تبيَّن أنَّ الاستفادة من الرسائل النصية للنشاطات التنبيهية مع الآباء ستكون شديدة التأثير والفاعلية من حيث التكلفة وقابلية التطوير.

في الحقيقة، وجدت دراسة في جامعة ستانفورد (Stanford) أنَّ الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة حسَّنوا مهاراتهم في القراءة والكتابة عندما تلقى آباؤهم نشاطات عن محو الأمية أسبوعياً عن طريق الرسائل النصية، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد استخدام الترجمة الآلية للغة على الحرص على الحصول على معلومات عالية التأثير للعائلات بصورة منصفة.

يقدِّم برنامج فاست توك مثالاً فعَّالاً عن الحلول القائمة على التكنولوجيا بحيث تساعد على بناء مهارات الأطفال الأكاديمية والاجتماعية والعاطفية مع بناء علاقات أساسية بين الآباء والطفل، والآباء والمعلمين، ويسلط أنموذجنا الضوء على الخيارات الهامة والعامة التي يجب أن تأخذها البرامج والأساليب التي تركز على الوالدين في الحسبان:

  • هل تتركز احتياجات الوالدين المحددة في التصميم؟
  • هل الاستراتيجيات عالية التأثير والقائمة على الأدلة لدعم تطور مهارات الأطفال متوفرة؟
  • هل يجري تبادل المعلومات مع أولياء الأمور بإنصاف؟
  • هل نعزِّز العلاقات الهامة بين الآباء وأطفالهم، والآباء والمعلمين؟

عندما تكون الإجابة “نعم” عن هذه الأسئلة، يستفيد الأطفال والآباء والمجتمع استفادة كبيرة.

المصدر

Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *