أغلب الناس يعيشون حياتهم بدون أهداف، ويفعلون أفضل ما لديهم ويأملون أن تتحقق آمالهم، دون أن يخصِّصوا وقتاً للتفكير في كيفية تحقيق ذلك؛ لذا يجب عليك أن تضع أهدافاً وتعمل على تحقيقها بانتظام، وتنظِّم حياتك تنظيماً يتناسب مع الأشياء التي تريد القيام بها، ومن ثمَّ تزيد من طاقة وقتك وتستمتع بأكبر قدر من الثروات والإنجازات.
المهارات الذكية لإدارة الوقت:
المهارة الأولى “إدارة الأولويات”:
قليلون مَن يدركون التأثير الهائل للطوارئ في خياراتنا، على سبيل المثال: رنين جرس الهاتف، زيارة مفاجئة، اقتراب موعد تسليم العمل، وما إلى ذلك.
إلى أي مدى تتحكَّم الطوارئ بحياتك؟ إنَّ بعضنا يصبح معتاداً على مواجه الأزمات من أجل أن ينتابه شعور بالإثارة والطاقة، فكيف يكون شعور الطوارئ؟ مجهداً أم ضغطاً وتوتراً أم منهكاً؟ بالطبع هو كذلك، ولكن دعنا نكون صريحين؛ أحياناً يكون الشعور بالطوارئ مبهجاً أيضاً، فنشعر بأنَّنا مفيدون للآخرين وبأنَّنا ناجحون وصالحون، وأنَّنا بارعون في هذه اللحظات الطارئة، فكلما كانت هناك مشكلة سارعنا إلى حلها؛ وذلك لأنَّنا نشعر بانتعاش مؤقَّت عندما نحل أزمات طارئة وهامة، ومن ثمَّ ننقاد إلى فعل أي شيء طارئ لمجرد البقاء في حالة حركة، ومن ثمَّ يتوقع الناس منا الانشغال الدائم والعمل الكثير.
وقد أصبح الانشغال رمزاً للمكانة المرموقة في مجتمعاتنا، فإن كنت مشغولاً فأنت مهم، وإن كنت غير ذلك فلعلك تخجل من الاعتراف بهذا؛ حيث إنَّنا نجد في الانشغال أماننا، وهو عذر جيد لعدم التعامل مع الأشياء الهامة في حياتنا.
- “أودُّ ممارسة الرياضة باستمرار، ولكنَّني لا أجد الوقت لذلك؛ فأنا مشغول جداً، وأعود من العمل متأخراً، وفي المساء ألتقي بأصدقائي”.
- “أودُّ تعلُّم اللغة الإنجليزية، ولكنَّني لا أجد الوقت لذلك؛ فأنا أقضي أغلب النهار في تنظيف المنزل وإعداد الطعام، وفي المساء أهتم بالأبناء وفي متابعة دروسهم، ويأتي وقت النوم وأنا منهكة”.
من الهام أن ندرك أنَّ الطوارئ في حد ذاتها ليست مشكلة؛ بل المشكلة تكون حين نجعل من الطوارئ العامل المسيطر على حياتنا، ونجعل الأشياء الهامة لنجاحنا وتقدُّمنا هي الأشياء الطارئة، فنحن متورِّطون في الطوارئ لدرجة أنَّنا لا نتوقَّف ونسأل أنفسنا إن كان ما نفعله ضرورياً أم لا.
شاهد بالفيديو: 10 أخطاء شائعة في إدارة الوقت
[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/oeABGlAiNSc?rel=0&hd=0″]
إنَّ العديد من الأشياء الهامة التي تمنح حياتنا الثراء والقيمة لا نراها هامة؛ وذلك لأنَّها ليست أمور طارئة؛ لذا دعونا نلقي نظرة على جدول مصفوفة إدارة الوقت، فنحن نقضي وقتنا في أحد هذه الأربعة:
المربع الأول (مربع الإلحاح):
أمثلة على هذا المربع هو: إصلاح ماكينة معطلة، إجراء عملية جراحية طارئة، مساعدة طفل يبكي لأنَّه جُرِح، العمل على مهمة اقترب موعد تسليمها، ألم أسنان حاد يجب مراجعة الطبيب.
يجب أن نقضي بعض الوقت في هذا المربع، ولكن يمكننا أن نتجنَّب بعض هذه الأزمات الطارئة إن أخذنا بمبدأ الوقاية خير من العلاج.
إن كنت تقوم بفحص دوري لسيارتك، لن تواجه أعطال مفاجئة إلا ما ندر، وإن كنت تهتم بصحتك من حيث الغذاء والرياضة لن تضطر إلى القيام بعملية طارئة إلا ما ندر، إن سلَّمت عملك في وقته لن تضطر إلى ضغط نفسك بتسليمه متأخراً، وإن كنت تقوم بفحص دوري لأسنانك كل 6 أشهر فلن تضطر إلى التعامل مع ألم طارئ فيها.
المربع الثاني (مربع المبادرة والإنجاز والقيادة):
هذا مربع الجودة، وفيه نقوم بالتخطيط طويل الأمد، ونتوقع المشكلات ونمنع حدوثها، أو نزيد من مهاراتنا من خلال القراءة والتطوير الذاتي والمهني، أو نخطط لمساعدة أبنائنا إن كانوا يعانون من شيء.
إذا تجاهلنا هذا المربع فإنَّ المربع الأول سيكبر ويزيد، وإن تجاهلنا أنَّه يجب علينا تحديد مواعيد دورية لصحتنا وصحة أبنائنا فستظهر لنا آلاماً مُفاجئة لنا ولأبنائنا، وإن تجاهلنا بأنَّه يجب علينا أن نقوم بفحص دوري للسيارة فإنَّها ستتعطل في أوقات غير متوقعة، وهكذا.
وتجاهُلنا لهذا المربع يؤدي إلى التوتر والإرهاق والأزمات التي تستنفذ قوانا، وعلى الجانب الآخر فإنَّ الاستثمار في هذا المربع يقلِّص حجم المربع الأول، فالتخطيط والإعداد والوقاية، هي أشياء تمنع تغيير الكثير من الأمور إلى أن تصبح طارئة.
المربع الثالث (مربع الخداع):
يتضمَّن هذا المربع الأشياء الطارئة ولكن ليست هامة، كالعديد من المكالمات الهاتفية، والاجتماعات غير الهامة، والزوَّار غير المتوقَّعين، فنحن نقضي الكثير من الوقت في هذا المربع للوفاء بأولويات وتطلُّعات الآخرين، معتقدين أنَّنا في المربع الأول.
المربع الرابع (مربع الهدر):
بالطبع لا ينبغي لنا أن نكون في هذا النطاق أبداً، ولكنَّ وجودنا الكثيف في المربع الأول والثالث، يجبرنا على الهروب إلى المربع الرابع طلباً للنجاة، كقراءة الروايات التي لا قيمة من ورائها إلا الترفيه فقط، أو مشاهدة التلفاز لساعات طويلة والتجوُّل من قناة لأخرى من دون أي هدف، أو الثرثرة في موضوع ما لا جدوى من الحديث فيه كالحديث عن أحول الناس والتكلُّم في أعراضهم.
والآن فكِّر في أسبوعك الماضي، في أي مربع كنت تقضي وقتك؟
إن كنت تقضي معظم وقتك في المربع الأول والثالث، فاتخذ قراراً الآن بأن تتحكَّم بوقتك وتسيطر عليه وتركز على أهدافك التي ترغب في تحقيقها، وإن كان عذرك هو عدم امتلاكك الوقت الكافي لأي إنجاز، فيمكنك الحصول على الوقت من المربع الثالث؛ وذلك “بأن تتوقف عن استقبال مكالمات غير هامة، وأن تقوم في هذا الوقت بتعلُّم كلمات جديد في اللغة الإنجليزية”، أو “أن تتوقف عن استقبال الزيارات المفاجئة، بأن تقوم في هذا الوقت بحضور دورة تدريبية في تربية الأبناء، أو تحسين جودة العمل”.
المهارة الثانية “ضع قائمة بمهامك”:
ولعل أهم تقنية لإدارة الوقت هي ببساطة وضع قائمة بكل ما عليك فعله قبل أن تبدأ عملك يومياً، والأفضل أن تقوم بذلك في مساء اليوم السابق، على أنَّه آخر شيء تقوم به في نهاية يوم عمل.
وفي اليوم التالي، فإنَّ عقلك الباطن سيعمل على تلك القائمة طوال الليل في أثناء نومك، وغالباً سوف تستيقظ في الصباح الباكر ولديك أفكار متعددة ومبتكرة حول كيفية أداء مهامك بأفضل طريقة ووقت أقل.
ومن ثمَّ رتِّب أولوياتك من حيث الأهمية؛ ابدأ بتنفيذ الأعمال الهامة والتي تحتاج إلى الكثير من الوقت، ومن ثمَّ الأقل أهمية وهكذا.
المهارة الثالثة “استغلال وقت الفراغ”:
أحد أهم الأوقات التي تقضيها في حياتك هو الوقت الذي لا يهتم به سوى قليل من الناس؛ ألا وهو وقت الفراغ.
يحتوى الأسبوع على 168 ساعة؛ حيث يستغرق الشخص العادي 8 ساعات يومياً في العمل أي (40 ساعة في الأسبوع)، و8 ساعات يومياً في النوم أي (56 ساعة في الأسبوع)، و4 ساعات يومياً في ارتداء ملابسه وتناول طعامه والذهاب إلى العمل أي (28 ساعة في الأسبوع) وتستهلك هذه المهام 124 ساعة، تاركة 44 ساعة في الأسبوع بمنزلة وقت الفراغ.
ولسوء الحظ يقضي الشخص العادي أغلب هذا الوقت في التواصل الاجتماعي أو مشاهدة التلفاز أو ممارسة نشاطات ترفيهية ومحادثة الأصدقاء، وغيرها.
ولكنَّ ما تفعله خلال وقت الفراغ يشكِّل الفارق بين النجاح والفشل في الحياة، فلك الخيار أن تقضي وقت فراغك في ممارسة الأنشطة الممتعة أو تستثمره للمستقبل؛ لذا حدِّد أين تقضي أغلب وقتك، وكيف.
يمكنك أن تنتقل للمربع الثاني (الإنجاز) وتكتب الأهداف والمهام التي ستقوم بها، وتفكِّر في طرائق إنجازها، وتسيطر على وقتك، أنا أعلم أنَّ ذلك يحتاج إلى مثابرة وجهود للتحكُّم برغبات النفس، ولكنَّ حياتك تستحق أن تعيشها كما تريد.
المراجع:
- سيطر على وقتك تسيطر على حياتك (براين تريسي).
- الأشياء الأولى أولاً (ستيفن كوفي).