وقوله عز وجل: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصار حتى تتبع ملتهم} [البقرة: 120] لذلك فلا سبيل لمواجهة الغزو الفكري الهمجي إلا بالتركيز على أهم وسائل الإعلام الإسلامي، مع وحدة الصف، والتضامن ضد أعداء الإسلام.
ولا تقتصر مهمة الإعلام الإسلامي الهادف على عكس الأحداث، إنما لا بدّ من الانتقاء حسب القواعد الإسلامية: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} [البقرة: 143].
لكن السؤال الملحّ هو: ما هي العلاقة القائمة بين الإعلام وبعض العلوم الأخرى؟
لنأخذ بعض الأمثلة، عسى أن نصل إلى حقيقة علاقة الإعلام بالعلوم الأخرى:
أ- العلاقة القائمة بين الإعلام والأمن:
تبدو العلاقة بينهما علاقةً متداخلة، وملخّص ذلك: (أنه بلا إعلام إيجابي رشيد لن يكون هناك أمن حقيقي، كما أنه بلا أمن وطيد يشيع في المجتمع فلن ينهض أي إعلام)، فالإعلام من حيث تأثيره على الأمن يمثل سلاحاً ذا حدّين، فهو من جهة عنصر فعّال في استتباب الأمن وتوطيده، كما أنه من جهة أخرى قد يكون أحد أهم عوامل القلاقل والاضطرابات والانحرافات، ومن جهة أخرى فإنه إذا لم يتوافر الأمن في ربوع الأمة، فلن يتمكن شخص أو جهاز من الدعوة أو الإعلام.
وفي الواقع العملي نجد لأجهزة الإعلام تأثيرات سلبية عديدة على موضوع الأمن، ولا تكاد أجهزة الأمن تكفّ عن شكواها من جرّاء ذلك.
ويمكن الإشارة إلى بعض الجوانب السلبية في علاقة الإعلام بالأمن فيما يلي:
كثيراً ما نجد الروايات البوليسية التي تفتح الأذهان، وتثير اهتمام الناس وفضولهم، خاصة الشباب منهم والمراهقين نحو الجريمة، بما تقدمه من براعة في ارتكابها وإصرارٍ عليها، ومقدرةٍ في التخفّي عن أجهزة الأمن، مما يحرّك لدى الشباب غريزة المحاكاة، بل وحبّ الظهور، كما أنها تفتح لدى من لديه استعداد للانحراف أسلوب ارتكاب الجريمة، ولا غرو أن الناس شاهدوا في بعض البلدان في الآونة الأخيرة مواد تلفزيونية عن الجريمة والتفنن في ارتكابها والوسائل المبتكرة لها من مواد مخدّرة وغيرها، ثم كان عقب ذلك مباشرة ممارسة عملية واقعية لما شاهده الناس على شاشات التلفزيون، وقد أذيع أخيراً برنامج على شاشة التلفزيون البريطاني يتناول ارتفاع معدل الإجرام في أمريكا بمناسبة محاولة اغتيال الرئيس ريغان، وأشار إلى الدافع الذي جعل المتهم يعمد إلى اغتيال الرئيس فكان مشاهدة فيلم، وفيه ممثلة تعشق من يغتال شخصية سياسية بارزة، ولذا أراد أن يثبت هذا المتهم أن بإمكانه تحقيق ذلك… كذلك فإن أجهزة الإعلام قد تمارس هذا الأثر السلبي على فكرة الأمن بأن تعرض في برامجها أجهزة الأمن في صورة ضعيفة هزيلة لا تقوى على مواجهة الإجرام والانحراف، بل قد تعرضها في صورة تتعايش فيها تلك الأجهزة مع الجريمة وأربابها، مما يولد لدى بعضهم دوافع الإقدام على الجريمة دون خوف أو وَجَلٍ.
كذلك فإنها قد تُظْهِر رجال الأمن كما لو كانوا طائفة أخرى من غير أفراد الشعب لا همّ لهم إلا تتبع المواطنين، والإيقاع بهم، وإلصاق التّهم بالأبرياء منهم، مما يولّد في نفوس الناس كراهية رجال الأمن وعدم التعاون معهم! إذن يمكن لأجهزة الإعلام أن تُجهض فكرة الأمن، وتقلل من فعالية أجهزته إن لم تحبطها. لذلك لا نعجب عندما نسمع تلك الشكوى الصادرة من مدير شرطة مدينة (منابوليس) عندما حُرمت هذه المدينة من الصحف عدة شهور، فيقول: (صحيح أن الأخبار تنقضي، ولكن فيما يتعلق بعملي، فأرجو ألا تظلّ بها صحف إلى الأبد، فالجرائم تقلّ دون صحف لا تتحدث عنها، وبالتالي لا تروّج لها بين الناس).
ولقد اعتدّ الإسلام بما يمكن أن يجلبه الإعلام من تأثيرٍ سييي على الأمن إذا ما انحرف به عن هدفه الأصل، يقول تعالى: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً} [الأحزاب: 60].
ومعنى ذلك أن عملية الإشاعات وبثّ الأراجيف والأقوال غير الصحيحة، يمكن أن تحدث تأثيراً سلبياً على الأمن والاستقرار.
وكل ما تقدم كان شيئاً مبسطاً عن تأثير الإعلام في الأمن، فماذا عن تأثير الأمن في الإعلام ؟!
يُعتبر توافر الأمن، وخاصة أمن الداعي وأمن الإعلامي مقدمة أو شرطاً ضرورياً كي يمارس رجل الدعوة ورجل الإعلام مهمة الدعوة ومهمة الإعلام بفعالية وموضوعية.
ولذلك حرص الإسلام كل الحرص على تقديم ضمانة الأمن للأفراد عامة وللدعاة خاصة، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): « أفضل الجهاد كلمة حقٍّ عند سلطان جائر » (1) ، وموطن الشاهد في الحديث الشريف أنه جعل من يصدع بالحق أمام السلطان ويعلنه ويستشهد في سبيله أفضل الشهداء.
ومن المواقف المحمودة لمعاوية رضي الله عنه أنه استمع برحابة صدر وسَعَة قلب لهذه الدعوة الإعلامية الجريئة ؛ التي وجهها له أبو مسلم الخولاني(2).
فيحدّثنا التاريخ أن أبا مسلم الخولاني دخل على معاوية وعنده جمع من الناس، فقال: السلام عليك أيها الأجير!
فقالوا له: قل: السلام عليك أيها الأمير.
فأعاد قوله السابق وكرره، فقال معاوية: دعوا أبا مسلم، فإنه أعلم بما يقول.
فقال أبو مسلم: إنما أنت أجيرٌ استأجرك ربّ هذه الغنم لرعيها، فإن أنت هَنَأْتَ جَرْبَاها، وداويت مرضاها، وحبست أُوْلاها على أخراها، وفَّاك سيدها أجرك، وإن أنت لم تفعل ذلك عاقبك سيّدها!!.
وخير ضمانةٍ لتوافر الأمن في الإعلام: أن يكون الإعلام إعلاماً حرّاً ينشد الحق لذاته، وليس مجرّد ذيل لحاكم وبوقٍ له، مهما كان انحرافه وسوء سياسته!!
وإذا كانت حرية الإعلام ركناً أساسياً لتوافر الأمن فيه وفي أجهزته، فإن هذه الحرية في التعبير والتوجيه والنقد البنّاء لا يتأتّى لها الوجود طالما ليس هناك من يظلّل الداعي والداعية.
ولعلّ من أدقّ ما يصوّر العلاقة بين الأمن وحرية الإعلام وإبداء الرأي للحاكم أو غيره قوله تعالى: {وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوى هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم} [النحل: 76].
تصوّر الآية مَنْ فَقَدَ حريته وفَقَدَ إمكانية إبداء رأيه بأنهُ أبكم، لا يستطيع ولا يقدر على الكلام وعلى إبداء الرأي بالنقد أو المعارضة، وهو بذلك مشلول الحركة والفعالية، بل إنه لا يأتي بخير.
بينما الشخص الذي أُمِّنت له حريته، وعاش في ظلال الأمن، فإنه ينطلق مباشرة، آمراً بالعدل، مشيراً بالخير والحق، موضحاً العيوب والمثالب، في الاتجاهات والسياسات.
وهكذا نجد الآية الكريمة توحي وترمز ـ ضمن ما توحي وترمز ـ إلى ضرورة توافر الأمن والحرية، حتى يتأتّى الإعلام، وإبداء الرأي والنقد والتوعية.
إذن: هناك تأثير قوي وفعال بين الأمن وبين الإعلام، بحيث تؤكّد الوقائع على أنه لا أمن بلا إعلام، ولا إعلام بلا أمن. مما يترتّب على ذلك كله ضرورة قيام تنسيقٍ وتعاونٍ كامل بين أجهزة الأمن، وأجهزة الإعلام، بكل الوسائل والإمكانات المتوافرة، حتى لا يُبطل أحدهما جهود الآخر(3).
ب- الإعلام والدعاية:
أصبحت الدعاية الآن علماً من العلوم الحديثة، له أصوله وأسسه وفنونه، كما أصبحت لها قوتها الهائلة في التأثير على الأفراد والجماعات، وشكلاً من أشكال الضغط الاجتماعي، تستخدمه الدول على اختلاف مذاهبها.
ومن تعريفات (الدعاية) تعريف (لندلي فريزر) حيث يقول:
(إنها نشاط أو فن يستهدف استمالة الناس ليتصرّفوا بطريقة ما كانوا سيتصرّفونه في غياب الدعاية، والدعاية وإن كان المقصود بها هو العمل في المجال السياسي العالمي، إلا أنها قد تكون دعاية دينية، كالتي تمارسها الإرساليات الدينية، وقد تكون اقتصادية كالذي نراه في شكل إعلانات، وقد تكون سياسية محلية أيضاً، مثل الدعاية التي تمارسها الأحزاب السياسية ومختلف جماعات الضغط الأخرى).
والدعاية تستميل السلوك الإرادي بوسائل الترغيب، أي إن محاولات التأثير بوسائل العنف أو الإكراه لا تدخل في المعنى المقصود بهذه الكلمة, وذلك أن الدعاية تُشكِّل تأثيراً قوياً ومُوحِّداً للجماهير، على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم الفكرية، ثم إن استمرار الدعاية وتلوُّنها بأشكال مختلفة، وألوان متعددة يكون لها من التأثير الشيء الكثير، كنقطة ماء تنزل باستمرار على صخرةٍ ما، فتؤثر فيها مع مرور الزمن، مهما بدت الصخرة قوية صُلْبة.
أما أهم الفروقات بين الإعلام والدعاية، فيمكن حصرها فيما يلي:
1- إن الإعلام يقدّم حقائق مجرّدة بعضها سارٌّ وبعضها غير سارٍّ، ورجل الإعلام ليس له غرض معيّن فيما ينشره على الناس، اللهم إلا الإعلام في ذاته، بينما تهدف الدعاية إلى غاية معينة.
2- تختلف الدعاية عن الإعلام في أن مصدر المعلومات في الدعاية يكون غير معروف، أما في الإعلام فإن مصدر المعلومات يجب أن يكون معروفاً دائماً.
3-يحاول الإعلام توسيع المشاركة الجماهيرية، بهدف التوصّل إلى إشراك الجمهور في وضع القرار، أما الدعاية فإن هدفها هو إضعاف روح المشاركة.
4-ينهج العاملون في الدعاية أساليب قد لا تتفق مع الأخلاق والمثل العليا، كالكذب والتمويه، أو المبالغة أو الاختلاف أو الشائعات المغرضة للوصول إلى أهدافهم، والتأثير في الجماهير بأفكارٍ وآراء معينة، لتسلك سلوكاً معيناً، بعكس الإعلاميين، فإنهم يتحرّون الصدق والأمانة، وينهجون أسلوباً أخلاقياً.
5- يعمل الإعلام على تقديم مختلف وجهات النظر، مهما اختلفت أشكالها بهدف تمكين الجمهور من إصدار حكمه على الأشياء، أما الدعاية فإنها تعرض وجهات النظر التي تتفق مع أغراضها فحسب، بهدف الاستحواذ على عقول الناس والتأثير في نفوسهم.
6- تعتمد الدعاية في عملها على التعبيرات البرّاقة، والصيغ المحفوظة، ولهذا فإنها تُعدُّ عملاً سريعاً، لأنه ليس لديها الوقت الكافي لشرح الحقائق، وتبيان كُل الأمور, أما الإعلام فإنه يعتمد على الحقائق المستندة على الأرقام والإحصائيات.
7-تعتمد الدعاية على الإيحاء والتقليد، وتستغل في ذلك سلبية الفرد، ولا تدع له فرصة للتفكير الهاددد المتعمق، ولكنها تعمد إلى تضييق منطقة التردّد لدى الأفراد والجماعات قدر الإمكان، مستغلة في ذلك جهل الجمهور بالحقائق، وبالتالي تشويه أفكاره ومعلوماته.
ومن هنا نشير إلى أن الدعاية لا تهدف إلى عَرْض الحقيقة، فيداخلها الكذب والتزوير والإثارة بقصد تحقيق غايات اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو غير ذلك، ولكن دون الاهتمام بمضمون الحقائق، فالهدف الأوحد للدعاية هو التأثير في الجمهور، وتوجيه الرأي العام.
8 -إن الدعاية لا يهمّها إلا تحقيق غايات معيّنة، مع التضحية بكل شيء، في سبيل تحقيق هذه الغايات، فهي لا تُعْنى بإيقاظ الجماهير كما هو الحال في الإعلام، بل على العكس من ذلك تعمل على تخديرهم، وشلّ قوة التفكير فيهم، وإيقاظ غرائزهم، والعبث بها عن طريق القصص الخرافية، والصور العارية، والأكاذيب المكررة، وزاد الطين بِلَّة في هذا العصر ؛ فتم إدخال الأطفال في كثيرٍ من الدعايات، وأثَّر ذلك على تربيتهم، من خلال تعليمهم ألواناً من الكذب والزور.
جـ- الإعلام والإعلان:
الإعلان: هو نشر المعلومات عن السلع والخدمات أو الأفكار في وسائل النشر المختلفة، بقصد بيعها أو المساعدة في بيعها أو تقبّلها أو الترويج لها، نظير دفع مقابل، وحيث إن المعلن يدفع ثمن النشر، فإنه يتحكم في رسالته الإعلامية وفي طريقة نشرها، والمكان الذي يشغله والوقت الذي تظهر فيه، وينظر بعض الكُتَّاب إلى الإعلان على أنه أحد وسائل الدعاية التجارية لتسويق السلع والمنتجات، ونقطة الخلاف بين الدعاية والإعلان، هي أن مصدر المعلومات في كثيرٍ من الأحيان يكون غير معروف في حالة الدعاية.
ووجه الخطورة في الإعلان هو قيامه بالتأثير في حرية النشر والإعلام، والضغط على المسؤولين في أجهزة الإعلام المختلفة، بهدف المحافظة على سمعة المعلن، مهما تعارض ذلك مع الصالح العام، والحقائق الثابتة.
لكن هناك خلاف حول مدى أهمية الإعلان والدّور الذي يؤدّيه في المجتمع. حيث يرى بعضهم أن الإعلان إسرافٌ لا مسوِّغ له، فهو يُفسد ذوق الشعب، وهو يستخدم أساليب غير أخلاقية ـ حتى لو أدّت إلى تهييج الغرائز الجنسية ـ…. لكن هناك من يعتقد أن هذا ليس إلا تجنٍّ على الإعلان، ويرون أن الإعلان أداة مهمة لزيادة إنتاج وبيع وتوزيع السلع، وكثيراً ما يقوم بتوضيح وظيفة الهيئات والمؤسسات في المجتمع حتى يكون الناس على علم ودراية بمجتمعهم، أي: إن الإعلان يمارس دوراً مهماً في المجال السياسي والاجتماعي والتجاري.
وبالتالي، فالإعلان هو قوة اقتصادية مهمة في المجتمع لا يمكن أن يعيش دونه في العصر الحديث الذي أصبح الإعلانُ سمةً من سماته، كما أنه لا تستغني عنه أيُّ دولة من الدول مهما اختلفت مذاهبها.
د- الإعلام والعلاقات العامة:
وضع معهد العلاقات العامة البريطاني تعريفاً لهذا المصطلح، جاء فيه: هي الجهود الإرادية المرسومة المستمرة، التي تهدف إلى إقامة وتدعيم تفاهم متبادل بين هيئة ما وجمهورها. وحدّ (إيفي لي) مهمة العلاقات العامة بقوله: إن العلاقات العامة مسؤولية كبرى، تتطلب دراسة الأحوال السائدة والعمل على الإصلاح، ثم إعلام الجمهور بذلك، ولا بدّ أن يكون القول مدعّماً بالعمل، فلا بدّ من الإصلاح أولاً، ثم إخبار الناس بما يحدث فعلاً بكل أمانة وصراحة.
وقد أوضح (إيفي لي) أن مهمة العلاقات العامة مهمة مزدوجة، فهي تبدأ بدراسة اتجاهات الرأي العام، وتقديم النصح للجهة بتغير خططها وتعديل سياستها لخدمة المصلحة العامة، ثم يأتي النصح للجهة بتغيير خططها وتعديل سياستها لخدمة المصلحة العامة، ثم تأتي المهمة الثانية وهي إعلام الناس بما تقوم به الجهة التي تخدمها العلاقات العامة، من أعمال تهمّ الناس وتخدم مصالحهم، أي: إن العلاقات العامة أصبحت علماً حديثاً يعتمد على الدراسات النفسية والاجتماعية وعلى الإحصاءات الدقيقة، وذهبت الأيام التي كانت فيها العلاقات العامة مجرّد دعايات كاذبة، ولكنها أصبحت وظيفة أساسية في المجتمع تضع المصلحة العامة دائماً في المقدمة، وصار لها فروع تعليمية في المعاهد والجامعات، ويُشرف عليها أساتذة متخصصون ؛ لتخريج جيل يُحْسِن فن العلاقات العامة بكل تفاصيلها وسُبُلها المختلفة.
هـ- الإعلام والتعليم:
يتّفق الإعلام والتعليم في أن كلاً منهما يهدف إلى تغيير سلوك الفرد، فبينما يهدف التعليم إلى تغيير سلوك التلاميذ، نجد الإعلام يهدف إلى تغيير سلوك الجماهير.
وهكذا، فالإعلام والتعليم يقومان بالتقريب بين مختلف أفراد الشعب، من حيث التعليم، والأفكار، والوعي، والإدراك، والتربية، وتقارب وجهات النظر.
ويتميّز جمهور التعليم عن جمهور الإعلام بالتجانس، فالتلاميذ في مختلف مراحل التعليم متجانسون، من حيث التحصيل والخبرات السابقة والسن والزمن، أما جمهور الإعلام فهو الشعب كله، أو قطاع منه، وبالتالي يختلف هذا الأمر كلياً عن جمهور التعليم.
ويتميز جمهور عملية التعليم عن جمهور عملية الإعلام، في أن الأول مقيّد، في حين أن الثاني طليق.
ويتميّز التعليم عن الإعلام بصفة المحاسبة على النتائج، ويتميز التعليم عن الإعلام أيضاً من حيث الدافع إليه.. إلى ما هنالك من اختلافات كثيرة، مما يجعل لكلٍّ من التعليم والإعلام سماته الخاصة، وصفاته التي يتفرد بها(4).
(1) رواه أبو داود (4344) والترمذي (2174) وابن ماجه (4011).
(2) هو عبد الله بن ثُوَب: تابعي، فقيه عابد زاهد، نعته الذهبي بـ«ريحانة الشام». أسلم قبل وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يره. وكان يقال: أبو مسلم حكيم هذه الأمة. هاجر إلى الشام. وتوفي سنة (62هـ).
(3) باختصار وتصرّف من: الأمن والإعلام في الدولة الإسلامية، فهد الدعيج.
(4) باختصار وتصرّف من «الإعلام الإسلامي وتطبيقاته العملية» محيي الدين عبد الحليم.