طرائق كمونية و طيفية لتعيين الفلور باستخدام كواشف و مساري إنتقائية

كما أن تزويد طرائق التحليل الآلية بكافة الوسائل الداعمة من برمجيات وحواسب ، وإدخال كافة القرائن والمعايير الإحصائية أدى إلى الانتقال بها إلى حالة الأتمتة الكاملة ، وقلص من المجهود الشخصي الذي كان يبذله المحلل. ولعل أكبر دليل على الاهتمام الزائد في الكيمياء التحليلية تعليماً وتطبيقاً ما نصادفه من أبحاث ومقالات في الدوريات والمراجع المتخصصة . والذي وصل إلى ما يقارب 97 ألف نشرة عام 1990 من أصل 460 ألف نشرة علمية صدرت في كافة الاختصاصات الكيميائية . كما يشهد على دور الكيمياء التحليلية المتنامي نسبة الكيميائيين التحليليين والتي تشكل %20 من مجمل الكيميائيين العالميين . ومع ذلك ما زالت هنالك تحديات جسام ماثلة أمام الكيمياء التحليلية كتخصص علمي في الوقت الحاضر . فعلاوةً على مسألة تحضير الكوادر المؤهلة تبقى مسألة تطوير طرائق تحليلية تمكن من تحديد أكبر قدر من المكونات في العينة الواحدة وبأعلى حساسية ودقة ممكنتين وبأقصر الأزمنة وأرخص الأسعار من المسائل الملحة والتي يتعذر أن تنهض بها طريقة تحليلية أو تقنية بعينها مهما علا شأنها ، ولابد من تضافر كافة تقنيات التحليل ونظرياتها ووسائلها الداعمة لتحقيق هذه الغاية التي يزداد الإلحاح عليها من قبل جميع المنظمات والهيئات الدولية ذات الصلة .

وبحثنا هذا في مجمله يصبُ في هذا السياق إذ تضافرت ثلاث تقنيات تحليلية هي الطريقة الكمونية بشقيها المباشرة والمعايرات الكمونية ، والطيفية غير المباشرة ، بالإضافة إلى الكروماتوغرافيا الشاردية التي اعتمدت كطريقة مقارنة . وذلك لتطوير طرائق سريعة وحساسة ورخيصة التكلفة لتعيين الفلور وبعض المركبات الفلورية في سلعة اقتصادية هامة تشكل عائداتها مساهمة فعالة في دعم اقتصادنا الوطني هي الفوسفات الخام ، والسماد الفوسفاتي المصنع محلياً . وبعض مخلفات هذه الصناعة كالفوسفوجبسيوم .
     وتكمن أهمية هذا البحث في جانبين أساسيين ، الأول اقتصادي يتمثل في إمكانية استخدام الفلور الموجود في الفوسفات الخام على نطاق واسع لتصنيع العديد من المواد الكيميائية الهامة، وفي طليعتها المركبات العضوية الفلورية كغازات التبريد (الفريون 11، الفريون 12). والبوليميرات الفلورية العضوية والتي تتمتع بدرجة ثبات حراري وكيميائي عاليتين . والتي تستخدم على نطاق واسع كمادة بلاستيكية لا يمكن الاستعاضة عنها بأي من البوليميرات المعروفة . كما يستخدم الفلور في العديد من العقاقير الطبية ذات الفعالية الفيزيولوجية . خاصة تلك المستخدمة في معالجة أمراض الروماتيزم وغيرها . بالإضافة إلى المواد الفعالة سطحياً والمواد المستحلبة والأصبغة والدهانات ، وبعض المبيدات الحشرية والزراعية التي تستخدم على نطاق واسع . أما الجانب الثاني فيكمن في الأثر البيئي للفلور ومركباته . فالفلور العنصري والعديد من مركباته الأخرى كهالوجينات الفلور تبدي قدرة تفاعلية هائلة . وتكون في معظم الأحيان قابلة للإشتعال وحتى الإنفجار ، ويتطلب التعامل معها سلوكاً خاصاً .
     ولقد بدأت دراسة الأثر البيئي للمركبات الفلورية في الولايات المتحدة والدول الأوربية منذ مطلع ثلاثينيات القرن الماضي . وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن التعرض المزمن للفلور ومركباته يؤدي إلى أمراض مستعصية ، كمرض الأسنان واعتلال العضلة القلبية، و نوبات الربو المتلاحقة التي يمكن أن تؤدي إلى الموت ، ويتلخص الأثر البيئي للفلور الناتج عن صناعة الأسمدة الفوسفاتية حتى لو وجد بتراكيز منخفضة بامتصاصه من قبل النباتات ، وتراكمه التدريجي داخل الخلايا النباتية . ويظهر هذا الخطر بشكل جلي في الأشجار دائمة الخضرة والتي تكون أكثر حساسية من الأشجار متساقطة الأوراق . وينتقل الفلور المتراكم في أنسجة النباتات إلى الحيوانات التي تتغذى عليها ، لينتقل بدوره إلى الإنسان عن طريق الحيوانات التي يتغذى بمنتجاتها كالألبان والعسل وغيرها .
 
للأسباب الآنفة الذكر تم تكريس هذا البحث ، وقد توصلنا إلى النتائج التالية :
 
 درسنا الشروط المثالية لتشكل معقد الحديد الثلاثي مع سلفو حمض الصفصاف ( SSA ) وتبين أن الكاشف المذكور يشكل مع الحديد الثلاثي ثلاثة معقدات الأول بنسبة ارتباط (1: 1)= [ SSA : Fe ( III ) ] ولونه بنفسجي ( ) ويتشكل هذا المعقد في الأوساط الحمضية القوية . والمعقد الثاني يتشكل بنسبة ارتباط [ SSA : Fe ( III ) ] = ( 2 : 1 ) ويتشكل بمردود أعظمي عنـد pH = 4 و   . أما المعقد الثـالث فيتشــكل بنســبة ارتبـاط [ SSA : Fe ( III ) ] = ( 3 : 1 ) ولونه أصفر ليموني ( ) يتشكل بمردود أعظمي في الأوساط القلوية    .
     درسنا تأثير تراكيز متزايدة من شوارد الفلور على المعقدات الثلاثة ، وتبين لنا أن المعقد الأول أكثرها تأثراً بشوارد الفلور وقد تم التوصل إلى الشروط المثالية التي يكون تأثير الفلور عندها أعظم ما يمكن على هذا المعقد وكانت     ،    ، pH = 2,3 ( أحادي كلور حمض الخل + NaOH ) حيث تناقصت امتصاصية المعقد بشكل أسي مع زيادة تركيز شوارد الفلور حتى التركيز   بوجود شوارد الفلور المقطرة بدون السيلكاجل , و   بوجود الفلور المقطر بوجود السيليكاجل.
     واستناداً إلى النتائج التي تم التوصل إليها طورت طريقة تحليلية طيفية غير مباشرة لتعيين الفلور واختبرت هذه الطريقة على عينات تجريبية ذات محتوى معلوم من شوارد الفلور ، ثم طُبقّت على عينات واقعية من الفوسفات الخام والمصنع ومخلفات الصناعة الفوسفاتية . وكانت النتائج التي تم الحصول عليها متقاربة مع نتائج تحليل العينات نفسها بطريقة الكروماتوغرافيا الشاردية كطريقة مقارنة .
     توصلنا إلى الشروط المثالية التي يكون تأثير شوارد الفلور على معقد الحديد الثلاثي مع التيوسيانات أعظم ما يمكن وكانت :
 )جملة الغليسين + HCl(.
     درسنا تأثير تراكيز متزايدة من شوارد الفلور على المعقد المذكور ، وقد تبيّن أن امتصاصيته تتناقص بشكل أسي مع زيادة تركيز شـوارد الفـلور حتى التركيز   بوجود شوارد الفلور الحرة . وحتى   بوجود شوارد الفلور المقطرة والسيلكاجل .
     استناداً إلى النتائج التي تم التوصل إليها طورت طريقة تحليلية طيفية غير مباشرة لتحليل الفلور ، واختبرت أولاً على عينات تجريبية ثم طبقت على عينات واقعية من الفوسفات الخام والمصنع والفوسفوجبسيوم . وكانت نتائجها متفقة مع نتائج طريقة الكروماتوغرافيا الشاردية المعتمدة كطريقة مقارنة .
     لقد تبيّن أن الطرائق الطيفية غير المباشرة المطورة ذات انتقائية منخفضة ولابد من فصل الفلور أولاً عن خلفية العينات المراد تحليلها . وقد اعتمدنا طريقة الفصل بالتقطير .
     اختبرت إمكانية تعيين الفلور المقطر على شكل حمض فلور الماء بطريقة المعايرات الكمونية باستخدام المسرى الزجاجي ومحطة معايرة كمونية آلية . تسمح بإجراء المعايرة والحصول على النتيجة النهائية آلياً . وقد تمكنا من تطوير طريقة كمونية حمضية – أساسية آلية . وطبقت الطريقة المختبرة على عينات من الفوسفات الخام ، وكانت النتائج التي تم الحصول عليها متفقة إلى حدٍ كبير مع الطريقة الطيفية غير المباشرة باستخدام معقد الحديد الثلاثي مع سلفو حمض الصفصاف .
     درسنا كافة الشروط المؤثرة على استجابة المسرى المنتقي لشــوارد الفلور ( FSE ) .
مثل : زمن الاستجابة ، pH الوسط ، الجملة الموقية المستخدمة . تأثير الشوارد المعيقة .
     طورت طريقة كمونية مباشرة لتعيين الفلور باستخدام المسرى المنتقي لشوارد الفلور . وقد اعتمدت هذه الطريقة لتحديد عينات فوسفاتية مقطرة ومحضرة بالتهضيم الحمضي وبطريقة التبادل الشاردي الجدول . وكانت النتائج متطابقة إلى حدٍ كبير مع طريقة المقارنة المعتمدة ( IC ) .
     درسنا إمكانية معايرة الفلور كمونياً باستخدام المسرى المنتقي لشوارد الفلور وكلوريد اللنتانيوم كمحلول عياري مناسب لشوارد الفلور . وقد تبين لنا إمكانية معايرة الفلور المفصول بالتقطير من العينات الفوسفاتية كمونياً . وكانت نتائج المعايرة متفقة مع طريقة المقارنة المعتمدة ( IC ) . وتعذر معايرته بدون فصل نظراً لاحتواء العينات الفوسفاتية على بعض الشرسبات والشرجبات المعيقة لعملية المعايرة كالفوسفات والحديد والكالسيوم والألمنيوم .
     طورنا طريقة جديدة سريعة ورخيصة التكلفة لاستخلاص الفلور من العينات الفوسفاتية على اختلاف أنواعها . تتلخص بوضع وزنة من العينة على تماس مباشر مع مبادل شرجبي من النوع IR-120 في محلول مائي وتعريضها للأمواج فوق الصوتية مدة نصف ساعة ، حيث تتفكك العينة بالكامل ، ويتم التخلص من جميع الشرجبات الموجودة في العينة .
     اعتمدنا طريقة الكروماتوغرافيا الشاردية السائلة عالية الأداء كطريقة مقارنة باستخدام جهاز حديث ومؤتمت بالكامل . مزود بكاشف الناقلية Shimadzu-10AV وعمود فصل SHIM – PACK IC-A1 وقد توصلنا إلى شروط فصل مثالية لكلٍ من الفلور والفوسـفات . وعيّن الفلور في كافة العينات المدروسة بهذه الطريقة .

المصدر: مجلة المياه

Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *