جميع العلماء يؤكدون أن التغير المناخي سيتسارع وسوف يسبب كوارث هائلة لكوكب الأرض، وربما من أهم الكوارث هو نقص الغذاء والماء والموارد الطبيعية، حيث أدى الإسراف الهائل للدول الغنية إلى إفساد هذا الكوكب بعد أن جعله الله صالحاً للحياة.
مستقبل الأرض مقبل على كارثة حقيقية
أكدت دراسة علمية جديدة تتناول ظاهرة الاحتباس الحراري أن تأثيراتها على منطقة حوض البحر المتوسط والبرازيل وغرب الولايات المتحدة ستكون كارثية، مع تزايد فترات الجفاف والحرارة وهطول الأمطار بشكل إعصاري.
يقول الباحث كلاوديو تيبالدي الذي أشرف على الدراسة: إن مناطق شاسعة من العالم ستتعرض لتحديات مناخية كبيرة، أبرزها منطقة البحر المتوسط وغرب الولايات المتحدة والبرازيل. إن ارتفاع حرارة الأرض سيتسبب بأعاصير في منطقة المحيط الهادئ تفاقم ظاهرة النينو، مما سيؤدي إلى نتائج مدمرة على امتداد غرب الولايات المتحدة وصولاً إلى البرازيل. أما منطقة البحر المتوسط فستتأثر بتغيير اتجاه التيارات الهوائية القادمة من المنطقة الاستوائية في المحيط الأطلسي.
إن انعكاسات هذه الظروف المناخية الجديدة لن يقتصر على البشر بل سيتعدَّاهم ليشمل الثدييات ككل، بالإضافة إلى النباتات والحيوانات البحرية. وتعتمد الدراسة على توقعات مستقبلية قامت بها برامج كومبيوتر خاصة، بعد إدخال البيانات السنوية المتعلقة بالحرارة واتجاهات الريح وكميات الأمطار. وتوقعت الدراسة أن تكون ذروة هذه التحولات المناخية عام 2099، الذي سيشهد موجات حرّ طويلة وليالي شديدة الدفء وجفافاً.
وتشدّد الدراسة على خطورة ظاهرة الليالي الدافئة التي اعتاد العالم أن يشهدها مرة كل قرن، متوقعة تكرارها في الفترة المقبلة سنوياً، مذكرة بليالي شيكاغو الحارة عام 1995 التي تبعتها حالات وفاة كثيرة في صفوف الشيوخ والأطفال. كما لفتت الدراسة إلى أن من نتائج هذا الارتفاع في درجات الحرارة تزايد أعداد الحشرات بشكل كبير، وتسارع نمو النباتات وانقطاع الأمطار لفترات طويلة، ثم هبوطها بشكل سيلي.
الناس يستهلكون أكثر مما تنتجه الطبيعة
في الثالث والعشرين من سبتمبر/أيلول 2008، استهلك البشر كافة الموارد التي توفرها الطبيعة هذا العام، وذلك حسب بيانات صادرة عن “شبكة البصمة العالمية” Global Footprint Network، الأمر الذي يعاني زيادة المشاكل البيئيّة الملحة، كالتغيير المناخي ونقص التنوع الحيوي وتقلص الغابات واضمحلال الموارد السمكية. ويأتي هذا استمراراً لحالة التجاوز البيئي التي بدأت في ثمانينيات القرن الماضي، حيث بدأت البشرية تستنفد الموارد بشكل يفوق ما تعيد الطبيعة توليده منها، الأمر الذي يخل بعملية التوازن البيئي.
إن شبكة البصمة العالمية، هي مؤسسة أبحاث متخصصة بقياس مقدار الموارد الطبيعية التي تتوفر للبشرية، وتلك التي يستهلكها البشر، ومقدار استهلاك الشعوب من الموارد المختلفة. وتركز شبكة البصمة البيئية وشركاؤها العالميون على حل مشكلة استنزاف الموارد، وذلك بالعمل مع الشركات وقادة الحكومات بهدف جعل التدابير والقيود البيئية في مقدمة عمليات اتخاذ القرار في كل مكان.
وحالياً يعادل الطلب والاستهلاك البشري للموارد الطبيعية، على مستوى العالم، القدرة الحيوية لـ 1.4 من كوكبنا، حسب بيانات الشبكة العالمية، ما يعني أن الموارد الطبيعية، كالأشجار والأسماك، تواصل تقلّصها، بينما تزداد النفايات ويتراكم غاز ثاني أكسيد الكربون.
ويقول المدير التنفيذي لشبكة البصمة العالمية ماتياس فاكرناغل: اعتباراً من الآن وحتى نهاية العام 2008 فإننا سنستهلك من احتياطينا البيئي، حيث بدأنا الاستعارة من المستقبل! ويمكن لهذا الأمر أن يستمر لفترة قصيرة، لكنه في النهاية سيؤدي إلى تراكم كميات كبيرة من النفايات واستنزاف جميع الموارد التي يعتمد عليها الاقتصاد الإنساني.
يُذكر أن شبكة البصمة العالمية تقوم كل عام بحساب الأثر البيئي للبشرية، وتستخدمه لتحديد التاريخ الفعلي الذي يستهلك فيه البشر الموارد الطبيعية السنوية ويبدأ الإنسان باستهلاك ما يفوق قدرة الأرض على إنتاجه سنوياً. وقد كان يوم الحادي والثلاثين من ديسمبر/كانون الأول عام 1986 أول يوم تجاوز فيه استهلاك البشرية موارد كوكب الأرض المتاحة.
وبعد عشر سنوات ازداد استهلاك البشرية من الموارد سنوياً بنسبة 15 في المائة عما يمكن للكوكب إنتاجه، فأصبح “يوم تجاوز موارد الأرض” في شهر نوفمبر/تشرين الثاني. وهذا العام 2008، وبعد أكثر من عقدين على مرور أول يوم لتجاوز الموارد، تراجع التاريخ إلى 23 سبتمبر/أيلول، وأصبح معدل التجاوز أكثر من قدرة الكوكب بـ40 في المائة.
وتبين توقعات الأمم المتحدة أنه إذا استمر الحال عليه كما هو الآن، فإن العالم يحتاج إلى ما يعادل موارد كوكبين بحلول العام 2050، ما يؤدي إلى سحب يوم التجاوز البيئي إلى الأول من يوليو/تموز عام 2050، ويعني أن الكوكب يحتاج إلى عامين لإعادة توليد الموارد التي نستهلكها في عام واحد. ومع تزايد استهلاك البشر للموارد الطبيعية، فإن اليوم الذي نتجاوز فيه مخصصاتنا السنوية من الطبيعة ونبدأ العيش على موارد المستقبل والأجيال المقبلة، ينسحب إلى أوقات مبكرة من العام تدريجياً.
الإنسان هو المسؤول عن هذه التغيرات في المناخ
أعلنت اللجنة الحكومية المشتركة للتغير المناخي أن أسباب التغير أو على الأقل نسبة 90 بالمئة منها تعود للإنسان. ويعتبر هذا الموقف متطوراً جداً عما كانت هذه اللجنة قد أشارت إليه في تقريرها عام 2001. ومن المنتظر أن تصدر اللجنة المشتركة تقريراً يوم الجمعة يفسر هذه المعلومات ويفندها إلا أن الخبراء لا يزالون يعملون على تحليل بعض العوامل مثل توقعات ارتفاع منسوب البحار.
ويبدو أن هناك انقساماً حول تقدير ارتفاع منسوب البحار فهناك بعض الذين يميلون إلى النمط التقليدي أي ارتفاع المنسوب نحو 50 سنتمتراً مع نهاية القرن الحالي، دون الأخذ في الاعتبار ذوبان الجليد القطبي، وهناك علماء آخرون يقترحون النظر إلى أهمية ذوبان الجليد القطبي وانعكاسه على منسوب مياه البحار.
إن حرارة الجو سترتفع ما بين درجتين وأربع درجات ونصف، إلا أن تحديداً أكثر دقة لهذا الموضوع لم يتم حتى الآن. ومن المتوقع أن تؤدي المشاورات الجارية هذا الأسبوع في العاصمة الفرنسية باريس إلى توصيف الوضع الحالي للتغير المناخي استناداً إلى عمل آلاف الباحثين في هذا المجال. على صعيد آخر يجذب التقرير حول التغير المناخي الذي تصدره اللجنة الحكومية المشتركة الكثيرين من بينهم سياسيين ومنظمات حكومية تعنى بالشأن البيئي، لأن عمل اللجنة الحكومية وتقريرها يعتبر من أهم الملاحظات العلمية في هذا المجال.
ومن المنتظر أن تدعم اللجنة إحدى النظريات التي أثارت جدلاً كبيراً في الأعوام القليلة الماضية والتي تعتبر أن ارتفاع حرارة الطقس قد يكون مسؤولاً بنسبة 66 بالمئة عن وقوع عواصف قوية جداً في بعض أنحاء العالم.
المسؤولون يحذرون من الكوارث المناخية
أصدرت الأمم المتحدة تقريرا عن التغيرات المناخية يحذر من احتمالات زيادة مفاجئة في درجات حرارة الأرض. ويقول الأمين العام للمنظمة بعد زيارته للقارة القطبية الجنوبيَّة لتفقد آثار الاحتباس الحراري: “أتيت إليكم بعد أن رأيت بعضا من أثمن كنوز كوكبنا مهددة بأيدي البشر أنفسهم وعلى البشرية كلها تحمل مسؤولية تلك الكنوز.
كانت لجنة تابعة للأمم المتَّحدة أعدت تقريراً مناخيَّاً اعتُبر نقطة تحوُّل كبرى، وقالت اللَّجنة إنَّه يتعيَّن على العالم أن يتصرَّف بسرعة لمنع وقوع أسوأ النتائج المتوقَّعة في مجال تغيُّر المناخ. ففي أعقاب محادثات شاقَّة أجروها في مدينة فالنسيا الإسبانيَّة، وافق العلماء المشاركون على وثيقة يأملون أن يرسموا من خلالها إطار الحوار بشأن المرحلة القادمة من مكافحة التغيُّر المناخي. وقد أقرَّت الوثيقة بحقيقة أنَّ الاحتباس الكوني واضح إلى درجة لا لبس فيها! وقالت إنَّ هذا قد يؤدِّي إلى عواقب وخيمة ومفاجئة ويصعب وقفها في المستقبل.
وكان المندوبون إلى اجتماع اللجنة الدَّوليَّة لتغيُّر المناخ قد أوجزوا آلاف الصفحات من التحليلات العلميَّة وأضافوا إليها العناصر التي وردت في التقارير الثلاثة السابقة لهذا العام حول علم تغيُّر المناخ والعواقب والتكيُّف والخيارات التي تخفِّف من حدَّة المشكلة. ويقول بيل هاري عالم المناخ الأسترالي إن هذا التقرير هو الأقوى الذي تصدره اللجنة الدولية للتغير المناخي، لكنه يوضح أنه لا يزال هناك وقت لتدارك الوضع.
ومن بين الاستنتاجات الرئيسة التي توصل إليها التقرير أن التغير المناخي بات مؤكدا ولا مجال للتشكيك فيه، وأنه من المرجح بنسبة تزيد على 90 بالمئة أن تكون انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بفعل البشر السبب الرئيس في تغير المناخ، وأن تداعيات ذلك يمكن تقليصها بتكلفة معقولة.
وخلص ملخص التقرير إلى أنه يحتمل أن تكون نسبة من 20 إلى 30 في المئة من الكائنات التي شملتها الدراسة حتى الآن أكثر عرضة للفناء إذا تجاوز متوسط زيادة درجة حرارة الأرض 1.5 إلى 2.5 درجة مئوية (مقارنة مع متوسط الفترة 1980-1999). يقول هانز فيرولمي مدير برنامج التغير المناخي في منظمة دبليو دبليو إف البيئية: إن تغير المناخ قائم، فهو يؤثر على حياتنا وعلى الاقتصاد، ونحن بحاجة لفعل شيء تجاهه.
كوكب الزهرة والتغير المناخي
يتكون الغلاف الجوي لكوكب الزهرة في معظمه من ثاني أكسيد الكربون، وقد خلص علماء إلى أن رصد كوكب الزهرة قد يساعد في مكافحة التغير المناخي على كوكب الأرض. وتُظهر بيانات يسجلها المجس الأوروبي “فينوس إكسبريس” الذي يقوم بالدوران حول كوكب الزهرة صورة للكوكب ربما كان في مرحلة ما مماثلاً للأرض، ثم تطوَّر بطريقة أخرى بعد ذلك. فقد تأثر كوكب الزهرة بالاحتباس الحراري مع احتجاز أشعة الشمس والتي نجم عنها رفع درجة حرارة الكوكب لتصبح بمعدل 467 درجة مئوية. وقد تم نشر هذه الدراسة في المجلة العلمية “Nature” أو الطبيعة.
ويتشابه كوكبا الزهرة والأرض في الحجم والكتلة والتركيب إلى حد كبير. إلا أن الزهرة أقرب إلى الشمس، وإن كان هذا وحده لا يفسر الاختلافات بينه وبين كوكب الأرض. ولا يوجد حول كوكب الزهرة مجال مغناطيسي كالذي يحيط بالأرض، مما يعني أن مناخها يتأثر على مدى مليارات السنين بلفح الإشعاع الكوني والرياح الشمسية، وهي تيار من الذرات المشحونة صادرة عن الشمس.
ويؤدي غياب المجال المغناطيسي إلى أن الرياح الشمسية تحمل غازات الهيدروجين والهيليوم والأكسجين إلى مسافات أبعد عن كوكب الزهرة منها عن كوكب الأرض. ويعتقد العلماء أن كوكب الزهرة ربما كان فيه في وقت ما كميات وافرة جداً من المياه، إلا أن الرياح الشمسية قد قضت على معظم هذه المياه خلال مليارات السنين الأولى من عمر النظام الشمسي.
ويقول فريد تايلور الأستاذ في جامعة أكسفورد، وأحد العلماء المشرفين على مهمة فينوس إكسبريس: لقد بدأ يتضح لماذا يختلف مناخ الزهرة اختلافاً شديداً عن مناخ الأرض، فيما يتشابهان في كل أمر آخر تقريباً. ويؤكد العلماء حدوث برق في كوكب الزهرة، وكانت مثل هذه الفكرة تثير الجدل، إلا أن أداة القياس المغناطيسي على “فينوس إكسبريس” قد قضت على أي شكوك في هذا المجال.
وفي الحقيقة فإن بيانات المجس تشير إلى حدوث البرق على كوكب الزهرة بمعدلات أعلى من حدوثه على كوكب الأرض. وكانت أبحاث سابقة قد دلت على وجود بؤرة ضخمة ودوارة من الغيوم في القطب الشمالي من الكوكب. وأظهرت الأبحاث الحديثة دليلا على وجود مثل هذه البؤرة في القطب الجنوبي للكوكب، لكنها تدور بسرعة أكبر.
نداء بعدم الإسراف
حذر الصندوق العالمي للبيئة من مستقبل بيئي قاتم ينتظر سكان كوكب الأرض، بسبب استهلاك البشر للموارد بسرعة تفوق بكثير قدرة الكوكب على تعويضها، وسط اتساع رقعة التصحر وتزايد في أعداد الأنواع المهددة بالانقراض. وقال التقرير الذي يتناول وضع البيئة عالمياً، إنه بحلول العام 2050، سيكون معدل استهلاك سكان الأرض للموارد أعلى بمرتين من قدرة الكوكب على التجديد، الأمر الذي يهدد بكوارث بيئية ومجاعات ما لم يتم الحد بشكل صارم من الاستهلاك.
ولجأ التقرير إلى قياس مساحة الأرض اللازمة للفرد لتأمين غذاءه، والتخلص من نفاياته، فوجد أن المساحة قد زادت بمقدار ثلاثة أضعاف في الفترة الممتدة بين العامين 1961 و2003. وسجلت أعلى معدلات استهلاك الفرد من موارد الأرض في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي الولايات المتحدة الأمريكية. وحل خلفهما فنلندا وكندا والكويت والنمسا وأستونيا والسويد ونيوزيلندا والنروج، بينما جاءت الصين في المرتبة 69، رغم أن التقرير يشير إلى أن أسلوب تعاطي الصين مستقبلاً مع الموارد الطبيعية سيحدد بشكل كبير مستقبل الأرض بسبب نموها الهائل المستمر. الوكالة نقلت عن مدير الصندوق العالمي للبيئة جيمس لياب قوله إن معدلات الاستهلاك الحالية كبيرة جداً، لدرجة أن ثروات الغابات والبحار ستختفي تماماً في فترة قريبة.
المحيطات لم تعد قادرة على استيعاب التلوث
قال العلماء إن كمية غازات ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها المحيطات في العالم قد قلت. وأخذ باحثون من جامعة إيست أنجليا أكثر من 90 ألف قياس بفضل سفن تجارية مزودة بأجهزة إلكترونية لتحديد كمية ثاني أكسيد الكربون التي امتصتها المحيطات. وأظهرت نتائج الدراسة التي أنجزها فريق البحث على مدى عشر سنوات في شمال المحيط الأطلسي أن كمية ثاني أكسيد الكربون التي امتصها المحيط قلت بنسبة النصف ما بين أواسط التسعينيات من القرن الماضي وعام 2005.
ويعتقد العلماء أن ارتفاع درجة حرارة الأرض يزداد سوءاً في حال امتصاص المحيطات كميات أقل من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وقال الباحثون إن نتائج أبحاثهم التي نُشرت في مجلة جيوفيزكال ريسرتش العلمية كانت مفاجئة ومقلقة في الوقت ذاته لأنه كانت هناك أسباب تدعو للاعتقاد أن عامل الزمن من شأنه جعل المحيطات مُشبعة بالانبعاثات الغازية.
ويقول محلل بي بي سي لشؤون البيئة روجر هارابين: الباحثون لا يعرفون ما إن كان التغير الحاصل ناتج عن التغير المناخي أو يُعزى إلى تغيرات أخرى تحدث في الطبيعة. غير أن الباحثين يقولون إنها (نتائج أبحاثهم) مثلت مفاجأة كبرى ومصدر قلق لهم بسبب وجود ما يدعو إلى الاعتقاد أنه مع مرور الوقت، فإن المحيط قد يصبح “مُشبعا” بانبعاثاتنا أي أنه غير قادر على امتصاص كميات إضافية. إن هذا الوضع سيجعل الانبعاثات التي نتسبب فيها ترفع درجة حرارة الجو. ولا يبقى من غازات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة إلى الجو سوى نصف الكمية، بينما يتحول النصف الآخر إلى ترسبات فحمية.
تحذيرات مستمرة
تقول جماعات تعمل في مجال البيئة والإغاثة إن تأثير انبعاث الغازات الضارة قد يعوق محاولات تحسين أحوال أكثر الناس فقراً ويحدّ من التقدم والتنمية البشرية. ويدعو تقرير أصدره ائتلاف من وكالات البيئة والإغاثة إلى اتخاذ إجراء عاجل لتفادي هذا التهديد. وتقول مجموعة العمل الخاصة بالتغير المناخي والتنمية انه يتعين على الدول الصناعية الحد من انبعاثات الكربون بنسبة كبيرة بحلول منتصف القرن الحالي. وترى المجموعة انه يتعين على هذه الدول أيضاً مساعدة الدول النامية على التكيف مع التغير المناخي.
ويقول التقرير الذي أصدره ائتلاف الوكالات البيئية إن ظاهرة الاحتباس الحراري تهدد بعدم إدراك أهداف التنمية الألفية التي اتفق عليها دوليا لتقليل نسبة الفقر في العالم إلى النصف بحلول عام 2015. ويقول التقرير إن الاحتباس الحراري يمكن أن يعوق حتى تحقيق انجازات في التنمية البشرية.
من أكثر الأمور اللافتة التي تمثل باعثاً كبيراً للقلق هي الصلة بين التغير المناخي وانتشار الفقر على نطاق واسع في العالم. وكما يشير تقرير التقييم الثالث للجنة الحكومات الخاصة بالتغير المناخي فان آثار التغير المناخي ستقع بشكل متفاوت على الدول النامية والفقراء في جميع الدول.
وقال اندرو سيمس الذي كتب التقرير إن “آلاف الناس يبذلون جهوداً حثيثة للقضاء على الفقر لكن ظاهرة الاحتباس الحراري يتم تجاهلها بشدة. ولإنقاذ الموقف نحتاج إلى وضع إطار عمل عالمي يعتمد على المساواة لوقف التغير المناخي ويتعين علينا أن نضمن أن تكون خطط التنمية البشرية صديقة للمناخ.
ويقول الائتلاف إنه يجب الأخذ في الاعتبار عند مساعدة الدول النامية على التكيف مع التغير المناخي أن الإعانات التي تقدمها الدولة الغنية لصناعاتها التي تعتمد على الوقود الأحفوري بلغت 73 مليار دولار في السنة في نهاية التسعينات. ويرى الائتلاف انه يتعين على الدول الصناعية الحد من انبعاثات الغازات الضارة بنسبة اقل من مستوياتها عام 1990 بما يتراوح بين 60 إلى 80 بالمئة لوقف خروج التغير المناخي عن السيطرة. ويقول التقرير إن الإنسانية ليس لها أي خيار في ظل مواجهة التحديات الناجمة عن المستويات الكبيرة للفقر وظاهرة الاحتباس الحراري.
كيف نقرأ هذه التقارير كمسلمين؟
الحقيقة مرة دائماً كما يقول المثل الشعبي، ولكن المؤمن كلّ شأنه خير، إذا ابتُلي فصبر فكان خيراً له، وإذا أصابه خير شكر فكان خيراً له، هذا ما أخبر به النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم. فالأرض مقبلة على كارثة حقيقية بما صنعت أيدي الناس. واليوم يستغيث الباحثون لإيجاد مخرج من هذه الأزمة بالتقليل من التلوث، وآخرون ينادون بعدم الإسراف والرفاهية، وجميع هذه التحذيرات جاءت في القرآن قبل أربعة عشر قرناً من وقوع الكارثة!
فالله عز وجل حذَّرنا في آية عظيمة تحدث فيها عن الفساد في البر والبحر وضرورة الرجوع لكتاب الله والالتزام بمنهج الإسلام لأنه أفضل منهج على الإطلاق، يقول تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41]. وقد رأينا آخر التقارير الصادرة حول البيئة تؤكد أن الناس هم من لوَّث وأفسد مناخ الأرض، وهناك أمل في علاج هذه الظاهرة بشرط عدم الإسراف في الرفاهية.
وهذا الشرط الذي يضعه العلماء كمقدمة للعلاج، قد جاء به القرآن أيضاً، يقول تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31]. وهناك الكثير من الآيات تؤكد على تحريم الإسراف، يقول تعالى على لسان سيدنا صالح عليه السلام: (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ) [الشعراء: 151-152]. وقد جعل الله عدم الإسراف من أعمال المؤمنين الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات، يقول تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) [الفرقان: 67].
وينبغي أن نُظهر للعالم تعاليم كتابنا الكريم وأن الناس لو التزموا بهذه التعاليم لما وصل العالم إلى هذه الدرجة من التدهور البيئي، وهنا نتذكر قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف: 96- 99].
مصدر المعلومات
http://arabic.cnn.com/2008/scitech/9/25/earth.overshoot_day/index.html
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_6322000/6322157.stm
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/sci_tech/newsid_7099000/7099515.stm
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/sci_tech/newsid_7118000/7118162.stm
http://arabic.cnn.com/2006/scitech/10/25/resources.earth/index.html
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/sci_tech/newsid_7054000/7054769.stm
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/sci_tech/newsid_3759000/3759276.stm
http://arabic.cnn.com/2006/scitech/10/21/warming.study/index.html