ليس من شك أن القيم التي يؤمن بها الإنسان في حياته، والتي تتحول أحياناً إلى رسالة في حياة الإنسان يضحي في سبيلها.. تلهم الإنسان كثيراً من العزم والقوة والتضحية، كما أن الإيمان بالله يلهم الإنسان هذا العزم والقوة.
وتنبع هذه العزيمة والقوة من نفس الإنسان، حيث يتحول هذا الإيمان والعقيدة إلى اتجاه وهدف وقوة في كلتا الحالتين:
لكن الفرق بين الحالة الأولى والحالة الثانية، أي الإيمان بالقيم والإيمان بالله، أن الإنسان في الحالة الأولى يتعامل مع أصنام من المفاهيم الميتة لا تملك حولاً ولا قوة، ولا يؤمن الإنسان في هذه الحالة أنها تمده بقوة أو سلطان، ولا يثق بأمداده وتعزيزه، خلال المعترك الطويل الذي يخوضه في سبيل العقيدة.
بينما يعتقد الإنسان المؤمن بالله أنه يعبد إلهاً، حياً، قديراً، قوياً، رحيماً، لا حد لقدرته وقوته وسلطانه ورحمته، ويثق بإمداده وتعزيزه للمؤمنين به خلال معترك الحياة، ويؤمن خلال أزمات المعركة ومتاعب الحياة أنه مرتبط بمعين لا ينضب من الرحمة وقوة وسلطان لا يقهر.
وهذا الشعور يخلق لدى الإنسان المؤمن كثيراً من الثقة والاطمئنان، ويسنده ويربط على قلبه حتى في أحرج الأوقات وأشدها، ويوحي إليه أن من ورائه دعماً وتأييداً إلهياً قوياً، لا يقاومه العدو.
وهذا الشعور، في حد نفسه، من أهم مقومات النصر، كما أن فقدان هذا الشعور يعتبر من أهم أسباب التخاذل والهزيمة.
ولا يختلف الأمر في ساحات الحياة ومعترك الحياة الكبير عن ساحات الحرب والقتال. فلكي يقاوم الإنسان عوامل الفشل وأسباب الهزيمة النفسية في خضم مسائل الحياة.. لابد أن يتمتع بقدرٍ كبيرٍ من الثقة والإيمان بالمدد الغيبي.
وفي غير هذه الحالة يعود الإنسان في كثير من الأحيان مهزوماً أمام مشاكل الحياة ومتاعبها الكثيرة، عندما يجد أن عدّته المادية لا تكفي لمواجهة هذه المشاكل.
وليس من العسير علينا أن نجد في التاريخ رجالاً أشداء معروفين بقوة الشخصية وبالاعتداد بالنفس التجأوا إلى الانتحار حينما وجدوا أن إمكاناتهم المادية قاصرة عن مواجهة تحديات المعركة.
ولا نريد بالطبع أن نقول هنا أن التوكل على الله والاعتماد على المدد الغيبي يكفي لكسب المعركة في ميادين الوغى والحياة، دون أن يعد الإنسان المؤمن للمعركة عدتها اللازمة والتخطيط الكافي لمواجهة تحديات المعركة. فليس من شك أن الاعتماد على المدد الغيبي فقط دون الإعداد لخوض المعركة لا يكفي لإحراز النصر.
ولكن الذي يهمنا في هذا الصدد أن الإيمان بهذا المدد الغيبي والثقة بالله يمد الإنسان في ساحات المعركة بكثير من القوة والعزم والصلابة، التي تعتبر من دون ريب، من أهم العوامل النفسية لإحراز النصر، إلى جانب العوامل المادية الأخرى لخوض المعركة والخروج منها بالنصر.
المصدر:مكتوب



