يتبنَّى مبدأ الشورى، حيث يستشير أصحاب الرأي والاختصاص في كلّ قضيةٍ تعترضه ليصل إلى القرار الصحيح؛ كما أنَّ لديه قدرة هائلة على ضبط انفعالاته، فلا يُستثار أو يغضب بسهولة، ولا يبادر إلى إعطاء أي ردة فعل تجاه أيّ أمر، ممَّا يجعله عرضةً إلى الاتهام ببرود الأعصاب والبلادة.
إنَّه طيب القلب وعطوف ويخدم الآخرين ولا يتعامل بأسلوب الاستغلال تحت أيِّ ظرف، غير أنَّه لا يستطيع التعبير عن مشاعره وانفعالاته، ويميل إلى البطء في حركته أو كلامه أو ردة فعله؛ أي أنَّه شخصيةٌ غير مفعمةٍ بالحياة والطاقة والحيوية، ولكنَّ هذا لا يعني أنَّه متشائمٌ وسلبي، بل قد يبالغ بتفاؤله في بعض الأحيان، بحيث يتوقع أعظم النتائج والفرص دون أن يأخذ بالأسباب الموجبة التي تُفعِّل هذا الاستحقاق.
إنَّه إنسانٌ انسيابيٌّ في حياته، ويبتعد عن النزاعات والمواجهات؛ لكنَّه يتحولُ إلى شخصٍ آخر عندما يستغلُّ الآخرون طيبة قلبه وكرم أخلاقه.
إنَّه صاحب الشخصية اللمفاوية، وهو محور حديثنا خلال هذا المقال؛ فتابعوا معنا.
من هي الشخصية اللمفاوية؟
تعدُّ الشخصية اللمفاوية نمطاً من أنماط الشخصية، حيث يتصدر الصدق والموضوعية والحكمة أولى اهتماماتها، ويغلب الهدوء على تصرفاتها ومعالجتها للأمور، وتتمتع بمزاجٍ جيدٍ في أغلب الأوقات، إلَّا أنَّها تجد صعوبةً في التعبير عن مشاعرها وعاطفتها، وتميل نتيجةً لذلك إلى قلة الكلام وقلة الظهور الاجتماعي.
ما سمات الشخصية اللمفاوية؟
1. الهدوء والتركيز:
تعتمد الشخصية اللمفاوية على الهدوء في حياتها، وتتعامل مع علاقاتها ومواقف الحياة بكثيرٍ من التروّي والتأنّي والحكمة، وتميل إلى الحفاظ على مساحتها الخاصة دوماً؛ وهي دائمة التركيز في أثناء عملها، بحيث تنجز مهامها بكامل الإتقان والمهارة.
2. تجنُّب النزاعات:
تميل الشخصية اللمفاوية إلى السلام في علاقاتها، بحيث تبتعد عن المواجهات والنزاعات؛ ولكن إذا تطلب الأمر اتخاذ موقفٍ قويٍّ ومباشر، فلن تتردد في اتخاذه من أجل الدفاع عن حقوقها.
3. قلة الكلام والتعبير:
لا تحبُّ الشخصية اللمفاوية الثرثرة، وتتسم بقلة الكلام، حيث تنطق بجمل معدودة ورصينة ومتزنة، وبشكلٍ هادئ.
من جهة أخرى، تعدُّ مصغية جيدة جداً إلى الآخرين، وهي طَيِّبَةُ القَلْبِ وحَسَنَةُ الخُلُق ومُحِبَّةٌ لمساعدة الناس؛ ولكنَّها لا تستطيع التعبير عن انفعالاتها ومشاعرها، وتفضل الجلوس وحيدةً على التواجد في المناسبات الاجتماعية التي تضجّ بالناس.
4. الالتزام بما تقول:
تعشق الشخصية اللمفاوية الصدق، وتعدُّه قيمتها العليا؛ لذلك تجد الانسجام التام بين أقوالها وأفعالها.
5. الروتين والتقليدية:
رغم صفاتها الإيجابية، تميل الشخصية اللمفاوية إلى تبني الروتين والنمطية في حياتها، فلا تشعر بأهمية التغيير، ولا تؤمن بضرورة التطور والتجدد في الحياة؛ وذلك لأنَّها راضيةٌ وقَنُوعَةٌ بكلّ شيء.
قد يتحول الرضا لديها في الكثير من الأحيان إلى أمرٍ سلبيٍّ في حياتها؛ ذلك لأنَّه يعرِّضها إلى خسارة الكثير من الفرص الرائعة.
6. التفاؤل:
يعدُّ التفاؤل والمزاج المعتدل من أجمل صفات الشخصية اللمفاوية في أغلب الأوقات، ولكن قد يغدو تفاؤلها أمراً لامنطقياً في بعض الحالات؛ حيث تسارع إلى توقع النتائج المثالية رغم أنَّها لم تأخذ بالأسباب الموجبة لاستحقاق تلك النتائج.
7. التأني:
لا تتسرع الشخصية اللمفاوية في اتخاذ قراراتها، ولا تندفع في محاكمتها لأي مسألة، بل تتأنى وتصبر وتفكر بالموضوع من زواياه المختلفة، ولا تتوانى عن استشارة الكثير من الأشخاص ممَّن لهم باعٌ في الموضوع المطلوب اتخاذ قرار بخصوصه.
من جهةٍ أخرى، في حال الضغط على الشخصية اللمفاوية من أجل إعطاء قرارٍ نهائيٍّ بخصوص موضوعٍ ما، لن ترضخ لمحاولات الضغط، وستغضب وتتخلى عن الموضوع برمته؛ فهي تحتاج إلى الوقت الكافي للتفكير وجمع المعلومات الضرورية، ولا تقبل بممارسة الضغط عليها.
8. البطء في الحركات والكلام:
تميل الشخصية اللمفاوية إلى البطء في حركاتها، فتمارس التمرينات الرياضية الخفيفة؛ وهي بطيئة في صياغة الجمل المعبرة عن أفكارها ومكنوناتها.
كيف أتعامل مع الشخصية اللمفاوية؟
يجب فهم طبيعة هذه الشخصية والعمل على تقبل حبها للغموض والانعزال والروتين، بحيث نحترف تحويل العيوب إلى مزايا؛ فعلى الرغم من قلة كلامها وضعف قدرتها على التعبير، إلَّا أنَّ ذلك يعطي مجالاً للطرف للآخر للبوح والتحدث بحرية؛ فهي مصغيةٌ جيدةٌ ومحبة لخدمة الآخرين في حال طلبت منها المساعدة.
كذلك، رغم حبها للروتين وخوفها من التغيير، إلَّا أنَّ ذلك ينفع في إدارة المؤسسات الراغبة في الحفاظ على مستوى معين ومستقر في الإدارة والمنهجيات، والواقعة في مناطق جغرافية مستقرة وآمنة، وغير خاضعة للتغيرات الشديدة؛ ورغم تأنيها المبالغ فيه في اتخاذ القرارات، إلَّا أنَّ ذلك يوفر على المؤسسة الكثير من الخسائر المحتملة، ويدل على تفانيها في العمل والتزامها المطلق.
وأيضاً، رغم قلة ظهورها وانخراطها المجتمعي وضعف حسّ المبادرة لديها، إلَّا أنَّها شخصيةٌ طيبةُ القلب وملتزمة وصادقة وأخلاقية.
لذا لا مانع إذاً من المبادرة مع هكذا شخصية واتخاذ خطوة تجاه بناء علاقة معها.
الخلاصة:
يوجد في داخل كلٍّ منَّا جانبٌ مضيءٌ وآخر مظلم، ونستطيع بملء إرادتنا اختيار أيٍّ من هذين الجانبين سنفعِّل في حياتنا.
المصادر: 1، 2، 3