اضرار الزلازل:
في 22 مايو من عام 1960م ضرب زلزال تشيلي مدينة فالديفيا بقوَّة 9.5 على مقياس ريختر وتضرَّرت مناطق أخرى جنوبي البلاد، إذ تسبَّب بمقتل ما يقرب من 5000 شخصاً، وهو أكبر زلزال سُجِّل على الإطلاق وترك الملايين بلا مأوى.
في 11 مارس من عام 2011م ضرب اليابان زلزال قبالة الساحل الشرقي لجزيرة هونشو، وكان بقوَّة 9.0 على مقياس ريختر، وقد ولَّد موجات تسونامي هائلة أودت بحياة ما يُقدَّر بنحو 15891 شخصاً، وكان تأثيره أقوى 8000 مرّة من القنبلة النووية التي أُلقيت على اليابان خلال الحرب العالمية الثانية.
تعريف الزلازل:
الزلازل هي تحرُّك القشرة الخارجية للأرض، وهي ناتجة عن حركات سريعة ومُفاجئة تَحدُث في طبقات الأرض نتيجة تغيُّرات وضغوطات داخلية وخارجية تتعلَّق بهذه الطبقات.
ما سبب حدوث الزلازل؟
إنَّ الكرة الأرضية مكوَّنة من عدَّة طبقات رئيسيّة متوضِّعة فوق بعضها البعض، ولكل طبقة وضعيَّة وخصائص فيزيائية تختلف حسب عمقها عن سطح الأرض وبعض العوامل الأخرى (الضغط ، الحرارة). والطبقات العميقة هي طبقات منصهرة بفعل الحرارة والضغط في حين أنَّ القشرة الخارجية (الطبقة التي نعيش عليها) تمتاز بصلابتها، إلَّا أنَّ الصفائح المكوِّنة للغلاف الخارجي للأرض تتميَّز بعدم ثباتها بسبب طوافها فوق الطبقة الشبه ذائبة، وتتحرَّك هذه الصفائح حركة نسبيّة فيما بينها تُقدَّر بحوالي 2-12 سم في السنة وفي جميع الإتجاهات، وينتج عن هذه الحركة تصادُم أو تباعُد، وعندما تزيد الضغوط عن البنية التركيبيّة للصخور تتكسَّر بشكلٍ مُفاجىء مُطلِقَة طاقة عظيمة مُختزنة تُسبِّب الزلزال، وتُعتَبَر الزلازل من أكثر الكوارث الطبيعيّة دماراً.
وفي الحقيقة فإنّه على الرغم أنَّ مُعظم الزلازل تَحدُث على الأحزمة الزلزاليّة الواقعة فوق الطبقات الناشطة على سطح الكرة الأرضية، إلّا أنَّه لا يمكن اعتبار أي مكان آمن من وقوع الزلازل التي يُمكن أن تَحدُث في أي وقت من اليوم وفي أي يوم من السنة وفي أي مكان من العالم.
آثار الزلازل:
إنَّ شدة تأثير الزلازل تعتمد على عدَّة عوامل، ومن أهمّها درجة قوَّة الزلازل والمسافة من بؤرة الزلزال والبعد عن المركز السطحي وجيولوجيّة المنطقة وطبيعة التربة ونوعيّة المباني والمنشآت.
وفي الحقيقة فإنَّ اثار الزلازل تشمل:
– تغيُّرات في تضاريس الأرض: حيث أنَّ الزلازل قد تتسبَّب بحدوث تغيُّرات في سطح الأرض مثل حالة انزياح الأرض الجانبيّة أو العموديّة على طول امتداد الصدع، كما قد تتسبَّب بحدوث انهيارات أرضية أو ارتفاع الأراضي في مناطق معيّنة.
– قد تؤدِّي الزلازل التي تقع مراكزها السطحيّة في قاع البحار أو المحيطات إلى حدوث أمواج مائيّة ضخمة جدّاً، وتتشكَّل هذه الأمواج نتيجةً للاهتزازات ويُطلَق عليها أسم “التسونامي” و تعني أمواج الموانئ أو الخلجان وهي كلمة يابانيّة الأصل. و هنا نتذكر آثار زلزال عام 1946م الذي أدّى لهزَّات في قعر المحيط الهادئ والتي اعتُبِرَت من أشد الأمواج دماراً في القرن الماضي، حيث اجتاح شواطئ جزيرة هاواي وبَلَغَ ارتفاع الأمواج نحو 17 متراً، وترك خلفه دماراً كبيراً و ألحق أضراراً هائلة.
– وللزلازل آثار مدمِّرة أيضاً تطال البنى التحتيّة، حيث تتسبَّب الزلازل ذات الدرجة القويّة بإلحاق أضرار كبيرة بالممتلكات والمنشآت والجسور والسدود والطرق وسكك الحديد، كما قد تتسبَّب الزلازل باشتعال الحرائق الذي قد يؤدِّي إلى تدمير مرافق الكهرباء والغاز.
– لعلَّ من أهم وأبرز آثار الزلازل هو الخسائر البشريّة في الأرواح، ففي القرن الماضي كانت حصيلة القتلى بفعل الزلازل بين 1.6 مليون و 2.2 مليون شخص، وحصيلة الجرحى 10 أضعاف القتلى.
كيف يمكن التخفيف من اضرار الزلازل؟
1. يقع على عاتق الدولة أن تجعل السلامة العامة لمواطنيها من أولى اهتماماتها وذلك من خلال نشر الوعي و تهيئة المواطنين، بالاعتماد على وسائل الإعلام المختلفة وخاصة الحديثة منها، وإقامة برامج توعويّة متخصِّصة في موضوع الزلازل وكيفيّة الوقاية من أضرارها و التجهُّز في حال وقوعها.
2. يتوجَّب وضع خطط بناء حديثة لإنشاء مباني مُقاوِمة للزلازل، والتشديد على ضرورة الالتزام بالتصميم والتنفيذ الزلزالي للمباني الجديدة.
3. يجب الابتعاد عن استخدام الأراضي القابلة لحدوث انزلاقات أرضية ومناطق التضخيم الزلزالي وغيرها من العوامل.
4. يجب نشر كتيِّبات حول إرشادات السلامة العامة في حالة وقوع الزلازل، ونشر التوعية للطلاب في المدارس والجامعات حول كيفيّة التعامل معها.
5. يجب إخضاع المهندسين والمخطِّطين والمقاولين لدورات تعليميّة بشكل مستمر، وذلك للاطلاع على أحدث ما يتم الوصول إليه في مجال التصميم والتنفيذ الزلزالي للمنشآت.
هل يمكن التنبؤ بالزلزال قبل حدوثه؟
بتاريخ 29 أيار من عام 2019م تمَّ نشر بحث قام به باحثون من جامعة أوريغون الأميركيّة والذي أعلن عن وصوله لرصد موجة زلزاليّة كبيرة قوّتها سبع درجات بمقياس ريختر أو أكبر، وذلك قبل حدوث تلك الموجة بين 15 و20 ثانية.
حيث تمكَّن الفريق من خلال فحص الزلازل الكبرى في قواعد بيانات أميركية وأوروبية وصينية خلال العقدين الماضيين، من إيجاد نمط واضح متشابه في البيانات يشير إلى تغيُّر يسبق التحوُّلات الميكانيكيّة الأولى التي تتبعها موجات الزلزال الأكثر قسوة. وهذا النمط يمكن استخدامه لرفع دقَّة أنظمة توقُّع الزلازل في كل العالم، وبشكلٍ خاص في حال تمَّ تحسين قدرات التوصيل بين الأجهزة التي تلتقط الإشارات الأولى للزلزال وتلك التي تستقبلها ثمَّ تعمِّم المعلومة وتصدر التحذيرات.
وفي الحقيقة فقد أشار الباحثون إلى أنَّه لا يمكن تحسين هذا التأخير في وصول المعلومة إلّا من خلال وضع مجسَّات استشعار في قاع البحر لتسجيل التحرُّكات الأولى لطبقات الأرض، وذلك يمكن أن يمنح أجهزة التنبؤ بالزلازل 20 دقيقة إضافيّة لإعلام كل الهيئات المختصَّة بقدوم تسونامي هائل. إلّا أنَّ هذا العمل مكلف جدّاً.
وعلى الرغم من أنَّ الأبحاث والجهود العلمية حول العالم سائرة بشكل بطيء في مجال تطوير طرق موثوقة للتنبؤ بالزلازل، إلّا أنَّ النتائج تستحق هذه الجهود. فتحقيق مثل هذا الإنجاز سوف يقي العديد من الأشخاص حول العالم من أخطار الزلازل كما سيساهم في إنقاذ حياة الآلاف أو الملايين من الأرواح وتخفيض حجم الأضرار الماديّة التي يمكن أن يسبِّبها أيضاً.
هل يعني حدوث زلزال ضعيف أنَّ زلزالاً كبيراً سوف يليه؟
بالطبع لا يعني حدوث زلزال صغير في منطقة ما أنَّ هنالك زلزالاً كبيراً سوف يحدث بعده بإستثناء بعض الحالات النادرة التي سبق فيها زلزال كبير حدوث بعض الهزات الإرتداديّة. وقد حدثت آلاف الهزات في مناطق متعدِّدة من العالم خلال فترات معيّنة إلّا أنَّ هذه المناطق لم تواجه زلزال كبير إلّا في مرّات محدودة.
مقياس ريختر:
وهو جهاز اخترعه العالم شارلز فرانسيس ريختر لحساب الطاقة المحرّرة عن تحرُّك القشرة الأرضية وشدَّة الزلزال، ويقوم هذا المقياس بتسجيل وقياس التغيُّرات من اهتزازات عمودية وافقية وتسجيل وقت حدوث الهزّة وزمنها (الوقت الذي استغرقته) وبالتالي فإنَّ شدّة الزلزال والآثار الناتجة عنه تختلف حسب درجة الشدّة المُسجَّلة على هذا المقياس وهي على النحو التالي:
- أقل من 3.5: عادةً لا يشعر بها الإنسان إلّا أنّه يتم تسجيلها على المقاييس الزلزالية.
- بين 3.5 و 5.4: عادةً يتم الشعور بها ولكن تتسبَّب في إحداث أضرار خفيفة.
- بين 5.4 و 6.00: تسبِّب أضراراً خفيفة للأبنية المصمَّمة بشكلٍ جيّد ولكن يُمكن أن تُحدِث أضراراً جسيمة في الأبنية الضعيفة أو القديمة وضمن دائرة قطرها 10 كم.
- بين 6.1 و 6.9: تتسبَّب في تدمير كبير لمنطقة ضمن دائرة تمتد لمسافة 100 كم.
- بين 7.0 و 7.9: يُعتَبَر زلزالاً كبيراً يتسبَّب في أضرار بالغة وعلى مساحات شاسعة لأكثر من 100 كم.
طرق الوقاية من خطر الزلازل:
العديد من الناس يظنون أنَّ الدمار الحاصل بسبب الزلزال لا يمكن تفاديه وأنَّ خيارنا الوحيد هو التقاط الحطام بعد توقُّف الاهتزاز، ولكنَّ الحقيقة هي مغايرة لهذا المفهوم الخاطىء إذ أنَّ الأضرار والخسائر الناتجة عن الزلازل يمكن الحد منها وتقليصها باتباع سلسلة من الخطوات والتعليمات التي يمكن تطبيقها قبل وعند حدوث الزلزال، كما أنَّ معظم الإصابات والخسائر لا تنتج عن الأبنية المصمَّمة تصميماً جيّداً والمدعَّمة تماماً وإنَّما تنتج عن الأشياء غير المثبَّتة بشكلٍ جيّد والتي تسقط على البشر وتؤذيهم.
1. حدِّد مكامن الخطر في منزلك وابدأ بإصلاحها: (الأثاث والأشياء الثقيلة التي يمكن أن يؤدِّي سقوطها لإيذاء البشر. يجب أن تؤمَّن جيّداً و أن تُوضَع بمكان بعيد عن حركة الأشخاص والأفراد ونشاطاتهم ما أمكن، وكذلك يجب تثبيت الرفوف بشكلٍ جيّد والتأكُّد من متانة البراغي المستخدمة لتثبيت كل القطع المعلَّقة على الجدران كأجهزة التكييف والسخانات).
2. ضع خطّة للكوارث: عليك وضع هذه الخطة ومناقشتها مع أفراد أسرتك والتدرُّب عليها وخاصةً مع الظروف الناشئة عن الزلازل كفقدان الخدمات العامة كالكهرباء والماء وشبكة الهاتف والصرف الصحي وغيرها. وبالتالي لا بدَّ من تحديد الأماكن الآمنة في كل غرفة مثل الطاولات والمقاعد الثابتة والقويّة.
3. يجب الإحتفاظ ببيل وحذاء بقرب كل سرير، ويجب تحديد مكان آمن ومعروف لكل أفراد العائلة ليلتقوا به بعد حدوث الزلزال خارج المنزل (حديقة عامة مثلاً).
4. التدرُّب على خطوات أساسيّة (إنزلق – احتمي – تمسَّك).
5. علِّم الأطفال والبالغين كيف يستخدمون صفارة الإنذار أو يطرقون ثلاث مرات في حال علقوا في أحد الأماكن.
6. تعلَّم كيف تستخدم طفاية الحريق وعلِّم هذا الموضوع لأفراد أسرتك.
7. تعرَّف على مواقع قطع الكهرباء والماء في منزلك وعلِّم الجميع كيفيَّة إغلاق هذه المآخذ بما فيها صمام اسطوانة الغاز.
8. اتبع دورة للإسعافات الأوليّة من قِبَل منظمة الهلال الأحمر أو أيَّ جهة أخرى مختصّة.
9. اعرف من هم الأشخاص المدرَّبين على الإسعافات والتصدّي للكوارث من جيرانك وزملائك بالعمل للاستعانة بهم عند الحاجة.
10. حضِّر الحقيبة الخاصة بالطوارئ والتي يجب أن تشتمل على أدوية وأدوات ومعدَّات الإسعاف والإنقاذ البسيطة، إضافة لقائمة بالأرقام والهواتف الضروريّة، وكذلك بعض عبوات الماء وأغطية خفيفة وبعض الطعام الخفيف الغني بالسوائل والحريرات لحالات الطوارئ. ويجب أن تكون هذه الحقيبة في مكان يقضي فيه الشخص معظم وقته وفي مكان يسهل الوصول لها عند الحاجة وفي حال لحق الدمار بالمبنى أو الموقع الذي يوجد فيه الشخص. وكذلك يُفضَّل وجود حقيبة مماثلة في السيارة لحالات الطوارىء.
11. حاول تخيُّل حدوث الزلزال من فترة لأخرى وطبِّق الخطّة الموضوعة من قِبَلِك لمواجهته.
خطوات يجب اتباعها عند حدوث هزة أرضية:
1. إذا كنت في المنزل: (انخفض أرضاً وحاول أن تحمي رأسك، ابتعد عن أي شيء قد يسقط، لا تقف عند المداخل إلّا في حال تأكدك من قوَّتها، لا تخرُج من المنزل أثناء الهزّة وابق في الداخل حتّى تتوقَّف، لا تستخدم المصاعد).
2. إذا كنت خارج المنزل: (ابق هناك ولا تحاول دخول أي محل، ابتعد عن المباني وأعمدة الإضاءة، ابتعد عن مخارج المباني والجدران).
3. إذا كنت تقود سيارة: (توقَّف سريعاً وابق في السيارة، لا تتوقَّف بالقرب من المباني والأشجار، سر بالسيارة بهدوء بعد توقُّف الزلزال).
4. إذا كنت تحت حطام: (لا تُشعِل عود ثقاب أو ولّاعة، لا تتجوَّل أو تركل الغبار، قم بتغطية فمك بمنديل أو قطعة ملابس، اطرق على أي شيء حتّى يتم تحديد مكانك).
نتمنى لكم السلامة الدائمة…