‘);
}
شرح قصيدة واحرَّ قلباه
هذه القصيدة من القصائد التي عاتب فيها المتنبي سيف الدولة الحمداني على سماعه كلام الحاسدين ، سمّيت بالبردة لأنها من القصائد التي مُدح فيها الحمداني . بدأ المتنبي القصيدة بتأوةٍ يخرج مكنون نفسه من الألم و الضيق الذي يعاني به من حبّ سيف الدولة الذي لا يبادله هذه المحبة ، وهذا ما سبب المرض و السقم للشاعر ، ثم يتغنّى بحبه لسيف الدولة في الأبيات التي تلي المطلع.[١]
إذا موضع هذه القصيدة هو العتاب بعد أن أوقع المبغضين بينه وبين سيف الدولة ، وتجدر الإشارة إلى أن هذه القصيدة كانت آخر ما قاله المتنبي في حلب قبل أن يغادرها إلى مصر التي كانت تحت حكم كافور الأخشيدي في ذلك الزمن.[٢]
الأبيات (1-10)
واحر قلباه ممن قلبه شبم
‘);
}
-
-
- ومن بجسمي و حالي عنده سقم
-
مالي أكتّم حباً قد برى جسدي
-
-
- وتدّعي حب سيف الدولة الأمم
-
إن كان يجمعنا حب لغرته
-
-
- فليت انا بقدر الحب نقتسم
-
قد زرته و سيوف الهند مغمدة
-
-
- وقد نظرت اليه و السيوف دم
-
فكان أحسن خلق الله كلهم
-
-
- وكان أحسن ما في الأحسن الشيم
-
قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت
-
-
- لك المهابه مالا تصنع البهم
-
ألزمت نفسك شيئا ليس يلزمها
-
-
- أن لا يواريهم أرض ولا علم
-
أكلما رمت جيشا فانثنى هربا
-
-
- تصرفت بك في اثاره الهمم
-
عليك هزمهم في كل معترك
-
-
- وما عليك بهم عار اذا انهزموا
-
يا أعدل الناس الا في معاملتي
-
-
- فيك الخصام وانت الخصم و الحكم
-
معاني الأبيات (1-10)
هذه معاني الكلمات الصعبة في الأبيات:
[٣]
الكلمة
|
المعنى
|
براه
|
أنحله و أضناه
|
أكتم (الشدة)
|
مبالغة بالكتمان
|
الغرة
|
الطلعة
|
السيوف دم
|
أي مخضبة بالدم وتعني أنه خدمة في السلم و الحرب
|
الشيم
|
جمع شيمة وهي الخليقة و الخلق
|
البهم
|
الأبطال الذين تناهت شجاعتهم أو الجيش
|
يواريهم
|
يسترهم
|
علم
|
جبل
|
رمت
|
طلبت
|
انثنى
|
ارتد
|
المعترك
|
ملتقى الحرب
|
شرح الأبيات من (1-10)
واحر قلبي واحتراقه حبًا و هيامًا بمن قلبه بارد لا يحفل بي ولا يقبل علي ، وأنا عنده عليل الجسم لفرط ما أعاني وأقاسي فيه،سقيم الحال لفساد اعتقاده فيّ.
وقوله واحر قلباه أصله واحر قلبي فأبدل الياء بالألف طلبا للخفة والعرب تفعل ذلك في النداء.
و إذا كان الناس يدَّعُون حبه ويظهرون خلاف ما يضمرون فلِم أخفي أنا حبه الذي برح بي و أسقمني وأتعب نفسي بهذا الكتمان ؟
و إن كان يجمعني وغيري أن نكون محبين له،”أي أنه حصلت الشراكه في حبه “، فليتنا نقتسم فواضله و عطاياه بمقدار ذلك الحب حتى أكون أوفر نصيبًا من غيري لأني أوفر حباً من غيري.
ووضح انه كان في الحالين (الحرب و السلم) أحسن الخلق وكانت أخلاقه أحسن ما فيه.
وكما يقول في هذا البيت: خوف عدوك منك قد ناب عنك في قتاله وهزيمته فصنع لك مالا تصنعه الجيوش ، (يعني أن مهابتك في قلوب الأعداء أبلغ من رجالك وأبطالك الذين معك في جيشك).
و يقول :ألزمت نفسك أن تتبعهم أينما فروا وتدركهم حيثما تواروا من الأرض وهذا أمرٌ لا يلزمك بعد أن تكون قد هزمتهم ، و يريد أن لا يرجع عنهم إلا بعد قتلهم ولا يكفيه ما يكفي غيره من الظهور عليه
و يوضح في هذا البيت أنه كلما طلب جيشًا فارتد هاربا منك وهزمته ،إذ حفزتك همتك إلى اقتفاءه واقتفاء آثاره حتى تعمل فيهم سيفك.
وهذا استفهام واستنكار : أي ليس عليك أن تفعل وحسبك انهزامهم.
ويؤكد أن عليك ان تهزمهم إذا التقو معك في مجال الحرب والقتال ولا عار عليك إذا انهزموا وتحصنوا بالهرب خوفًا من لقائك فلم تظفر بهم.
ويصف هنا المتنبي معاملة سيف الدولة له فيقول : أنت أعدل الناس إلا إذا عاملتني فإن عدلك لا يشملني ، وفيك الخصام وأنت الخصم والحكم لأنك ملك لا أحاكمك إلى غيرك وإنما أستدعي عليك حكمك والخصام وقع فيك وإذن كيف ينتصف منك ؟
الأبيات (11-20)
أعيذها نظرات منك صادقة
-
-
- أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
-
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره
-
-
- اذا استوت عنده الانوار و الظلم
-
سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا
-
-
- بانني خير من تسعى به قدم
-
انا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
-
-
- وأسمعت كلماتي من به صمم
-
أنام ملء جفوني عن شواردها
-
-
- ويسهر الخلق جراها و يختصم
-
وجاهل مده في جهله ضحكي
-
-
- حتى أتته يد فراسة وفم
-
اذا رأيت نيوب الليث بارزة
-
-
- فلا تظنن أن الليث يبتسم
-
ومهجة مهجتي من هم صاحبها
-
-
- ادركتها بجواد ظهره حرم
-
رجلاه في الركض رجل واليدان
-
-
- يد وفعله ما تريد الكف و القدم
-
ومرهف سرت بين الجحفلين به
-
-
- حتى ضربت وموج الموت يلتطم
-
معاني الأبيات (11-20)
هذه معاني الكلمات الصعبة في الأبيات:
[٤]
الكلمة
|
المعنى
|
الناظر
|
العين
|
الضمير من شواردها
|
الكلمات و يريد بها الأشعار
|
جراها
|
من أجلها أو بسببها
|
مده
|
أمهله وطول له
|
أصل الفرس
|
دق العنق
|
المهجة
|
الروح
|
الجواد
|
الفرس الكريم
|
الهم
|
ما اهتممت به
|
الحرم
|
ما لا يحل انتهاكه
|
الجحفل
|
الجيش الكبير
|
المرهف
|
السيف الرقيق الشفرتين
|
شرح الأبيات من (11-20)
يقول الشاعر في هذا البيت: أعيذ نظراتك الصادقة -أي التي تصدقك حقائق المنظورات- أن تخدعك في التمييز بيني و بين غيري ممن يتظاهرون بمثل فضلي وهم برآء منه ، ولا تظن المتشاعر شاعرًا كما يحسب الورم سمنًا أي شحمًا.الهاء في (أعيذها) يرجع الى نظرات و هي تفسير له. و يوضح في هذا البيت أن الفرق بينه وبين غيره ظاهر مثل الفرق بين النور و الظلمة فينبغي ألا يستويان في عين البصير.
يقول: قد شاع فضلي بين الناس ولم يبق فيهم إلا من عرف مزيتي وبلغه ذكري حتى رأى أدبي من لا يميز الأدب ، سمع شعري من لا يعير الشعر اذناه ، وكان المعري إذا أنشد هذا البيت يقول : أنا الأعمى. و يقول : أنام ملء جفوني عن شوارد الشعر لا أحفل بها لأني أدركها متى شئت بسهوله ، أما غيري من الشعراء فإنهم يسهرون لأجلها ويختصم ويتنازع بعضهم بعضا على ما يظفرون به منها.
ويقول هنا : رب جاهل خدعته مجاملتي واغتر بضحكي و استخفافي واتركه في جهله حتى افترسه وأبطش به، أي أنه يغضي عن الجاهل ويحلم إلى أن يجازيه ويعصف به.
يصور الشاعر هنا حال الأسد إذا كشر عن نابه فليس ذلك تبسماً بل قصداً للافتراس ، يريد أنه و إن أبدى بشره و تبسمه للجاهل فليس ذلك رضا عنه. و يقول : رب مهجة همه صاحبها مهجتي أي قتلي و اهلاكي أدركت هذه المهجة بفرس من ركبه أمن من أن يلحق فكان ظهره حرم لا يدنو منه أحد.
يصف جواده ويقول : لحسن مشيه واستواء وقع قوائمه في الركض كأن رجليه رجل واحدة لأنه يرفعهما معاً ويضعهما معاً، وكذلك يداه ثم يقول : وفعله ما تريد الكف والقدم أي أن جريه يغنيك عن تحريك اليد بالسوط والرجل بالاستحثاث. ويقول : ورب سيف سرت به بين الجيشين العظيمين حتى قاتلت به و الموت غالب تلتطم أمواجه وتضطرب.
الأبيات (21-29)
الخيل و الليل والبيداء تعرفني
-
-
- والسيف و الرمح و القرطاس و القلم
-
صحبت في الفلوات الوحش منفردا
-
-
- حتى تعجب مني القور والأكم
-
يا من يعز علينا أن نفارقهم
-
-
- وجداننا كل شي بعدكم عدم
-
ما كان أخلقنا منكم بتكرمة
-
-
- لو أن أمركم من أمرنا أمم
-
إن كان سركم ما قال حاسدنا
-
-
- فما لجرح إذا أرضاكم ألم
-
كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم
-
-
- ويكره الله ما تأتون والكرم
-
ما أبعد العيب و النقصان من شرفي
-
-
- أنا الثريا وذان الشيب و الهرم
-
فبأي لفظ تقول الشعر زعنفه
-
-
- تجوز عندك لا عرب ولا عجم
-
هذا عتابك إلا أنه مقة
-
-
- قد ضمن الدر إلا أنه كلم
-
معاني الأبيات(21-29)
هذه معاني الكلمات الصعبة في الأبيات:
[٥]
الكلمة
|
المعنى
|
الفلوات
|
القفاز
|
القور
|
جمع قارة وهي الأرض ذات الحجارة السوداء وتعني أيضًا أصاغر الجبال
|
الأكم
|
جمع أكمة وهو الجبل الصغير
|
أمم
|
قريب
|
أخلقنا
|
أحرانا
|
الزعنفة
|
اللئام و السقاط من الناس و الأوباش و رذال الناس
|
المقة
|
المحبة
|
شرح الأبيات (21-29)
يصف نفسه بالشجاعة والفصاحة وأن هذه الأشياء ليست تنكره لطول صحبته إياها ، ويقول الليل يعرفني لكثرة سراي فيه وطول إدراعي له ، والخيل تعرفني لتقدمي في فروسيتها، والبيداء تعرفني لمداومتي قطعها واستسهالي صعبها، والسيف والرمح يشهدان بحذقي بالضرب بهما، والقراطيس تشهد لإحاطتي بما فيها، والقلم عالم بإبداعي فيما أقيده.
ويقول : سافرت وحدي وصحبت الوحش في الفلوات بقطعها مستأنساً بصحبة حيوانها حتى تعجب مني نجدها وقورها لكثرة ما تلقاني وحدي. يقول : يامن يشتد علينا فراقه بما أسلف إلينا من عوارفه كل شيء وجدناه بعدكم فإن وجدانه عدم ، يعني لا يغني غناءكم أحد ولا يخلفكم عندنا بدل.
يقول : ماكان ببركم و تكرمتكم ولو كان أمركم في الاعتقاد لنا على نحو أمرنا في الاعتقاد لكم ، أي لو تقارب ما بيننا بالحب لكرمتمونا لأنا أهل للتكرمة. ويقول : إن سررتم بقول حاسدنا وطعنه فينا فقد رضينا بذلك إن كان لكم به سرور، فإن جرحاً يرضيكم لا نجد له ألما.
يقول : كم تحاولون أن تجدوا لي عيبا تعيبوننا وتتعلقون عليه وتعتذرون به في معاملتي فيعجزكم وجوده، وهذا الذي تفعلونه يكرهه الله و يكرهه الكرم الذي يأبى عليكم إلا أن تنصفوني منكم و تكافئوني بالجميل ، وهذا تعنيف لسيف الدولة على إصغائه الى الطاعنين عليه والساعين بالوشاية. يقول : ما تلتمسونه فيّ من عيب و نقصان بعيد عني مثل بعد الشيب عن الثريا، فما دامت الثريا لا تشيب و لا تهرم فأنا لا يلحقني عيب ولا نقصان.
ويقول : هؤلاء السقاط من الشعراء بأي لفظ يقولون الشعر وهم ليسوا عرباً ؟ لانهم ليست لهم فصاحة العرب، ولا كلامهم أعجمي يفهمه الأعجام : أي أنهم ليسوا شيئا. ويقول : هذا الذي أتاك من الشعر عتاب مني إليك الا انه محبه وود لانه العتاب يجري بين المحبين و يبقى الود ما بقى العتاب ، وهو در لحسنه في النظم و اللفظ.[٦]
المراجع
- ↑أحمد الجالودي (2021)، “ما مناسبة قصيدة “واحر قلباه”؟”، موضوع، اطّلع عليه بتاريخ 2022.
- ↑أبو الطيب المتنبي، ديوان المتنبي، صفحة 300.
- ↑مجمع اللغة العربية (2014)، “كتاب الوسيط”، مكتبة نور، اطّلع عليه بتاريخ 2022.
- ↑مؤلفين المعجم الوسيط (2014)، “المعجم الوسيط”، مكتبة نور، اطّلع عليه بتاريخ 2022.
- ↑مؤلفين المعجم الوسيط (2014)، “المعجم الوسيط”، مكتبة نور ، اطّلع عليه بتاريخ 2022.
- ↑أبو الطيب المتنبي، ديوان المتنبي، صفحة 300.