علم الفيزياء: تعريفه، وتخصصاته، ومجالاته، وأشهر علمائه

على مر الزمان، كانت الفيزياء من أمتع العلوم وأكثرها جاذبيةً؛ لذلك عندما نشاهد معلومات مرتبطة بالفيزياء على مواقع التواصل الاجتماعي، تصيبنا الدهشة بسبب تلك المقدرة الخارقة للفيزياء على اكتشاف أنفاق المجهول، ويجذبنا فضولنا تجاه الاختراعات الفيزيائية التي تبدِّل معتقداتنا عن الطبيعة، وعن جميع ما ندركه في هذا العالم.

لكن عندما نقوم بتجريب نقل الذهول من مجرد معرفة خارجية إلى اكتشافات حقيقية لمعرفة الفيزياء، فإنَّنا نشعر بالصدمة على الفور؛ إذ نعتقد أنَّنا في مواجهة أعقد علم يمكن تعلُّمه على الإطلاق.

تعريف الفيزياء:

علم الفيزياء؛ هو العلم الذي يتخصص في معرفة الأشياء المادية، وما يجري من تفاعلات بين مكوناتها الرئيسة، وهو أيضاً العلم الذي يهتم بدراسة الطاقة والمادة والحركة، وتعود كلمة الفيزياء إلى أصل يوناني، وكانوا يطلقون عليها اسم فيسيكوس؛ حيث يهتم علم الفيزياء بجميع مناحي الطبيعة، سواءً الأشياء التي نراها بالعين المجردة أم تلك التي نراها بالمجهر فحسب.

إنَّ اختصاص الفيزياء لا يشمل الجسم فحسب أو الكائنات التي تتعرض لتأثير قوة محددة؛ بل يشمل أيضاً كل ما يتعلق بالطبيعة وقوى الجاذبية والقوى الكهربائية والمغناطيسية، والغاية الرئيسة من كل هذا هو تثبيت نظريات وقوانين حول أيَّة ظاهرة طبيعية تحدث حولنا.

يُنظَر إلى علم الفيزياء على أنَّه حجر الأساس للعلوم الأخرى، وبعد تقدم العلوم وتنوع مجالاتها بشكل خارق، أتى علم الفيزياء ليبدي اختصاصه في الأمور المادية مختلفاً عن العلوم الأخرى، سواءً علم الفلك أم علم البيئة أم علم الطب، ومن المعروف أنَّ علوم الفيزياء الفلكية والحيوية والنفسية جاءت بسبب الآثار الهامة للفيزياء في أيِّ نوع من أنواع العلوم، ولا بُدَّ من الإشارة الى أنَّ قوانين الفيزياء تكون في غاية الدقة؛ لأنَّ لها علاقة متينة بالرياضيات.

يُعَدُّ علم الفيزياء علماً متغيراً باستمرار، وفي الحقيقة، من الصعب تحديد المعنى المناسب له، فهو غير ثابت ويتطور باستمرار، ويتعلق بتقدم الأبحاث العلمية في حياتنا.

الفيزياء في حياتنا:

تَظهر ضرورة استخدامات الفيزياء في هذه الحياة، عبر الكثير من التطبيقات التي سمح علم الفيزياء بوجودها في حياة الإنسان، والتي باتت الآن من الأشياء الضرورية في حياتنا ولا يمكننا العيش دونها؛ حيث أدَّت التطبيقات الفيزيائية إلى نهضة تقنية وعلمية كبيرة، استطاع من خلالها الفرد الوصول إلى وسيلة أقل صعوبة للقيام بالكثير من الأعمال.

يمكن أن توجد الطاقة بأشكال عدة في هذا الكون، ويجري الاستفادة منها مباشرةً أو بتحويلها إلى شكل آخر من أشكال الطاقة، مثل الطاقة الشمسية والطاقة الحركية والطاقة الكهربائية وطاقة الرياح؛ حيث تُحوَّل أشكال الطاقة المختلفة من خلال قوانين فيزيائية معيَّنة، ومن أهم الأمثلة عن أشكال الطاقة:

1. الكهرباء:

تُعَدُّ الكهرباء من أكثر التطبيقات الفيزيائية أهمية في هذا الكون، ومنبعاً أساسياً للطاقة، فالكهرباء عبارة عن سيل غير منقطع من الشحنات الكهربائية المتحركة في المنبع والتي تُكوِّن ما يسمى بالتيار الكهربائي، ونستطيع معرفة ضرورة الكهرباء عبر الحالة التي يمر بها الإنسان إذا ما انقطعت الكهرباء بضع دقائق؛ حيث تصبح جميع الأجهزة الكهربائية غير قادرة على العمل، وتغدو الحياة أكثر صعوبة.

2. الخلايا الشمسية:

مع ضرورة البحث عن مصادر بديلة عن الوقود الأحفوري، باتت أجهزة الطاقات الشمسية منبعاً هاماً للطاقة الكهربائية؛ حيث تُحوَّل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية أو حرارية بواسطة أجهزة الطاقة الشمسية.

3. مضخات الرياح:

تقوم مضخات الرياح بإرسال المياه إلى المناطق النائية والتي تعاني من انخفاض كمية الماء والكهرباء، ومع أنَّ هذه المضخات لم تعد تعمل بكفاءة عالية مقارنة بالأجهزة المستخدمة اليوم، إلا أنَّها أصبحت مصدراً هاماً للماء في المناطق الريفية.

تاريخ الفيزياء:

تُشير أقدم المخطوطات التاريخية إلى أنَّ دراسة الفيزياء تعود لعصر الفراعنة؛ حيث كان جلُّ اهتمام علماء الفلك في مصر هو مراقبة الحوادث الطبيعية ومحاولة مقارنتها مع دراسات فيزيائية، والتي بفضلها باتت الكثير من الحوادث الطبيعية أكثر وضوحاً، ومن الأمثلة عن ذلك، حركة الأجرام السماوية والكواكب، فضلاً عمَّا قدمه الفراعنة في العديد من الأبحاث الفيزيائية ذات الأهمية الكبيرة.

في عام 1800 قبل الميلاد، كان للبابليين دور في تقدم علم الفيزياء المعاصر؛ حيث كانوا مهتمين بكتابة الكثير من المعادلات الفيزيائية التي سهَّلت فهم توالي فصول السنة، وأيضاً، أسهم سكان بابل في تأليف الكثير من الكتب في علم الفيزياء، واحتوت هذه الكتب معلومات كثيرة استفادت منها الشعوب الأخرى، وخاصةً اليونانيون الذين عملوا على تطوير الفيزياء البابلية، وأيضاً استفادوا من الفيزياء المصرية بهدف تقديم علم فيزياءٍ يوناني.

من الفرضيات الفيزيائية التي ظهرت في العهد اليوناني، فرضية بنية الكون للباحث اليوناني “بوسيدونيوس”، والتي ركَّز فيها على دراسة منشأ الكون، وهذه الفرضية تعود للقرن الأول قبل الميلاد.

أمَّا في القرن الميلادي الأول، برزت الأبحاث الفيزيائية العربية الإسلامية؛ إذ قام الباحثون المسلمون بكتابة العديد من الأبحاث في علم الفيزياء، والتي أدت إلى استبدال العديد من المبادئ والفرضيات الفيزيائية، وخاصةً المتعلقة بالعهد اليوناني؛ حيث قام الفيزيائيون المسلمون بإثبات أنَّ معظم الأبحاث اليونانية غير صحيحة، فثابروا على تصحيح الأخطاء وكتابة العديد من المراجع التي استندت إلى دراسةٍ علميةٍ واضحة ودقيقة أدت إلى تقدم الفيزياء.

تطور علم الفيزياء:

بدأ علم الفيزياء يتطور من بداية القرن السابع عشر، وسنتعرف معاً إلى مراحل تطور هذا العلم.

  • في القرن السابع عشر: يُعَدُّ “غاليلي” من أبرز علماء القرن السابع عشر؛ حيث أجرى العديد من التجارب على الديناميك، واستخدم أجهزة عديدة كالتلسكوب والمجهر والترمومتر، ثم إنَّه يُعَدُّ أول عالم قام بدراسة القوى وكيفية تأثيرها في الكواكب والنجوم، ومن ثم جاء “نيوتن” والكثير من العلماء الآخرين الذين استفادوا كثيراً من تجارب “غاليلي”، وقد كان لـ “نيوتن” دور هام في علم الديناميكا والبصريات.
  • في القرن الثامن عشر: أبدى العلماء في هذا القرن اهتمامهم بدراسة الديناميكا والميكانيك، وأيضاً اهتم العلماء بالحرارة؛ ممَّا ساعد على اختراع المحركات الكهربائية، وأيضاً في هذا القرن تم التركيز على الكهرباء الساكنة.
  • في القرن التاسع عشر: تم العمل في هذه الحقبة على دراسة التيار الكهربائي وإيضاح الارتباط بين الكهرباء والمغناطيس، وأيضاً تم إيضاح العلاقة بين العمل والطاقة والحرارة، وهذه العلاقة كانت بداية لنشوء علم الديناميكا الحراري.
  • في القرن العشرين: تطور علم الفيزياء تطوراً كبيراً في هذا القرن؛ حيث ركَّز العلماء فيه على النشاط الإشعاعي والطاقة النووية.

أشهر علماء الفيزياء:

  • مايكل فارادي: باحث وعالم في الفيزياء والكيمياء، يملك الكثير من الإنجازات في مجالات الكهروفيزيائية والتحليل الكهربائي، وأيضاً اكتشافه للحث الكهرومغناطيسي.
  • ماكس بلانك: عالم في الفيزياء حاصل على جائزة نوبل في الفيزياء، وكتب نظرية الكم ولديه بعض الإنجازات في الفيزياء النظرية.
  • إرنسترذرفورد: عالم في الفيزياء، ويُطلَق عليه اسم أب الفيزياء النووية؛ إذ إنَّه يملك الكثير من الإنجازات في الفيزياء النووية.
  • نيلز بور: عالم في الفيزياء، قدَّم إنجازات هامة في ميكانيكا الكم؛ حيث وضَعَ نماذج هامة لبنية الذرة.
  • ألبرت أينشتاين: عالم في الفيزياء، ويمتلك إنجازات هامة في علم الفيزياء؛ إذ يعود له الفضل بوضع أهم قوانين الفيزياء الحديثة عبر النظرية النسبية.

الفرق بين الفيزياء والكيمياء:

في الحقيقة، علم الفيزياء وعلم الكيمياء هما علم واحد يقوم بدراسة سلوك المادة، ولكنَّ الاختلاف هو أنَّ الفيزياء يدرس المادة من الجهة الخارجية، وذلك عبر ملاحظة سلوك المادة مع الجسيمات الخارجية وارتباطه معها؛ ونتيجة لذلك، سترى أنَّك تقوم بدراسة السرعة والتسارع والقذف بأشكاله، وحركة النواس والنابض وأمثلة عديدة تعطي بالنتيجة المعنى نفسه.

أمَّا الكيمياء فتقوم بدراسة سلوك المادة من الناحية الداخلية وارتباطها من جهة محتوياتها الداخلية مع بعضها ومع محتويات الجسيمات الأخرى والارتباطات بينها، وأيضاً تقوم الكيمياء بالتركيز على مكونات المادة والذرَّة والجزء وبعدها ننتقل إلى العلاقات الأكثر تعقيداً بين الجزئيات والروابط الكيميائية بينها وما يحدث من تفاعلات كيميائية داخل المادة.

ونتيجة ذلك، عندما نقوم بالانتقال إلى التخصص في إحدى المواد، سندرك أنَّ هناك فارقاً كاملاً بينهما، مع بقاء الأمور الرئيسة التي لا نستطيع التخلي عنها لكلٍّ منهما.

تخصصات علم الفيزياء:

1. فيزياء الكم:

فيزياء الكم أو ما يُعرَف أيضاً بميكانيك الكم؛ هو قسم من علم الفيزياء، وخصوصاً الفيزياء الحديثة، وهي الفرضية التي تركز على دراسة سلوك الجسيمات المادية والضوء من الناحية الذرية والأقل من ذرية، ويقوم ميكانيك الكم أيضاً بتفسير طبيعة الذرة ومحتوياتها الرئيسة مثل البروتونات، والنيوترونات، والإلكترونات.

2. الفيزياء الحيوية:

يمكن تعريف الفيزياء الحيوية على أنَّها فرع علمي يعمل على تطبيق قوانين الفيزياء وفرضياتها لمعرفة كيف تعمل الأنظمة الحيوية أو البيولوجية؛ حيث تأتي أهمية الفيزياء الحيوية من معرفة كيف تتشكل جزيئات المادة، وكيف تنتقل الجزيئات المتعددة من الخلية وكيفية عملها، وأيضاً تقوم بتفسير عمل الأنظمة غير البسيطة في أجسادنا، كالدماغ والجهاز المناعي والدورة الدموية والعديد من الأنظمة الأخرى.

تُعَدُّ الفيزياء الحيوية فرعاً علمياً ممتلئاً بالحياة؛ حيث يستخدم الباحثون فيه الكثير من العبقرية بما في ذلك عبقريتهم في الرياضيات والكيمياء والفيزياء والهندسة وعلم الأدوية وعلوم المواد، لمعرفة وتحسين أساليب جديدة لمعرفة كيف تعمل الأنظمة الحيوية في مختلف أنواعها.

3. الفيزياء النووية:

تُعَدُّ الفيزياء النووية قسماً من الفيزياء والذي يسلط اهتمامه على فحص نواة الذرة من حيث جميع الجسيمات الأولية الموجودة داخل النواة، سواءً البروتونات أم النترونات وكيفية تفاعلها مع بعضها، وأيضاً يهتم بدراسة خصائص النواة سواءً الوظيفية أم البنيوية.

قوانين الفيزياء:

لقد تمكَّن العلماء من خلال التجربة ومراقبة الظواهر الطبيعية من وضع قوانين تلائم النتائج التي وصلوا إليها؛ حيث كانت القوانين نتيجة مختصرة لكل الأبحاث التي استغرقت معهم أعواماً، ومن أهم هذه القوانين:

  • مبدأ الشك وعدم اليقين للعالم “هايزنبرغ”.
  • النظرية النسبية العامة.
  • التطور والانتقاء الطبيعي.
  • مبدأ الطفو لـ “أرخميدس”.
  • قانون “هابل” للتوسع الكوني.

وغيرها من القوانين التي سهلت دراسة الفيزياء.

مجالات الفيزياء:

تتعدد مجالات الفيزياء وتتداخل مع بعضها كثيراً، وإنَّ من أهم مجالات الفيزياء في حياتنا اليومية هي المجالات الآتية:

1. الفيزياء الفلكية:

تربط ما بين علم الفيزياء وعلم الفلك، وتقوم بدراسة الخصائص الفيزيائية للأجرام السماوية.

2. الفيزياء الذرية:

تقوم بدراسة أصل الذرة وخصائصها، والمواد التي تتكون منها.

وبذلك، نشاهد من خلال هذا المقال أهمية الفيزياء في حياتنا اليومية، وأنَّها بوابة العلوم الأخرى، ونستطيع من خلالها فهم العالم من حولنا.

المصادر: 1، 2

Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *