‘);
}
وسائل تفسير الأحلام
هناك عدّة طرق تُساعد الرائي على تفسير حلمه، وقبل إيراد هذه الطرق لا بدّ أن يَفهم مَن يُريد تفسير حلمه أنّ التأويل قد يختلف من شخص لآخر، وأنّ الكثير من الأحلام ليس لها تأويل، وإن وجد دلالات لِما رأى فعليه أنْ يعلم أنّها ظنّية وقائمة على الاجتهاد، فهي قد تُصيب وقد تُخطئ.
ويُلخّص ذلك قول ابن سيرين -رحمه الله-، قال هشام بن حسان: “كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يُسْأَلُ عَنْ مِائَةِ رُؤْيَا فَلَا يُجِيبُ فِيهَا بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَقُولَ: اتَّقِ اللَّهَ وَأَحْسِنْ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّكَ مَا رَأَيْت فِي النَّوْمِ، وَكَانَ يُجِيبُ فِي خِلَالِ ذَلِكَ وَيَقُولُ: إنَّمَا أُجِيبُهُ بِالظَّنِّ، وَالظَّنُّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ”،[١] أما الطرق المعينة على تفسير الرؤى فأهمّها ما يأتي:
تحديد نوع المنام
قال -صلى الله عليه وسلم-: (الرُّؤيا ثلاثٌ: فَرؤيا حقٌّ، ورُؤيا يحدِّثُ الرَّجلُ بِها نفسَهُ، ورؤيا تحزين منَ الشَّيطان)،[٢] ويُفهم من ذلك أهميّة تحديد نوع المنام؛ لأنّ الرؤى الصادقة هي التي يكون لها تأويل وتفسير، أما ما سواها من الأحلام المزعجة من الشيطان أو الأحلام الناتجة من العقل الباطن بسبب التفكير في أمرٍ ما فلا تفسير لها غالباً.[٣]
‘);
}
والرؤيا الصادقة من الله -عزّ وجلّ- يُريها لمن شاء من عباده، وخاصّة الصالحين الصادقين، ويستطيع الرائي تمييزها من خلال صفاتها المعروفة، ولعلّ من أهمّها ما يأتي:[٤]
- الرؤيا تحمل في طياتها الخير لصاحبها؛ فهي إمّا مبشّرة له، أو محذّرة له من أمرٍ ما.
- الرؤيا واضحة الأحداث، وليس فيها خلط وتشويش وأضغاث أحلام.
- تَذكُّر الرائي لأحداث الرؤيا أو معظمها؛ بسبب وضوحها الشديد.
تحديد الأحداث المهمة في المنام
بعد أنْ يفرّق الرائي بين الرؤى والأحلام؛ أي المنامات التي لها تأويل والمنامات التي ليس لها تعبير ينتقل للخطوة الآتية؛ فإن كان ما رآه بسبب التفكير بما كان يشغل نفسه في أيامه فلا يلتفت له، وإن كان ما رآه أحلاماً مزعجة من الشيطان فيتبع وصية النبيّ الكريم، إذ قال: (إذَا رَأَى ما يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ باللَّهِ مِن شَرِّهَا، ومِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، ولْيَتْفِلْ ثَلَاثًا، ولَا يُحَدِّثْ بهَا أحَدًا؛ فإنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ).[٥]
وإذا كان ما رآه في منامه رؤيا صادقة أو غلب على ظنّه ذلك لاختلافها عمّا سبق؛ فيُحدّد حينها الأحداث المهمّة والرموز الظاهرة في المنام، ويطرح الأحداث أو الأمور غير الواضحة والتي لا معنى لها، ثمّ يبدأ بالبحث عن تفسير هذه الرموز والأحداث إذا لم يكن تفسير ما رأى واضحاً، فقد يرى الإنسان أحياناً رؤيا مفسّرة وواضحة ولا تحتاج إلى تأويل؛ كأنْ يرى ميِّتاً يوصيه بأمرٍ ما مباشرة.
تحليل الرؤيا
إذا كان ما رآه النائم يحتاج إلى تأويل وتفسير فيُمكن استنباط أهم الدلالات على النحو الآتي:
الاستنباط من القرآن
يَستطيع الرائي في الكثير من الأحيان استنباط دلالات ما رأى من القرآن الكريم، ومن الأمثلة على ذلك ما يأتي:[٦]
- رؤيا اللباس الجديد قد تدلّ على الزواج؛ استئناساً بقوله -تعالى-: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ).[٧]
- رؤيا الخشب قد تدلّ على النِّفاق؛ استئناساً بقوله -تعالى- في وصف المنافقين: (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ).[٨]
- الحجارة في المنام قد ترمز لقسوة القلب، لقوله -تعالى- عن بعض القلوب: (فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً).[٩]
- رؤيا أكل اللحم النيء قد تدلّ على الغيبة، لقوله -تعالى-: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا).[١٠]
الاستنباط من الحديث
يُمكن كذلك استنباط العديد من الدلالات من خلال ما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة،[١١] ومن أمثلة ذلك ما يأتي:[٦]
- قد تدلّ رؤيا الغراب على الفسق أو الرجل الفاسق؛ لأنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- سمّى الغراب بذلك.
- قد تدلّ رؤيا القوارير والضلع على النساء؛ لأنّهما وصفان لهنّ جاء ذكرهما بالأحاديث الصحيحة.
- القميص في المنام قد يدلّ على دِين الرائي، فقد فسّر النبيّ القميص بالدِّين لعمر -رضي الله عنه-.
- أوّل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اللّبن في المنام بالعلم.
- قد ترمز الإبل إلى العزّ والجاه، والغنم بالبركة، ورؤيا الخيل بالخير، استئناساً بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الإبلُ عزٌّ لأَهْلِها، والغنمُ برَكَةٌ، والخَيرُ معقودٌ في نَواصي الخَيلِ إلى يومِ القيامةِ).[١٢]
الاستنباط من اللغة ودلالاتها
يُمكن استنباط دلالات الرؤيا من اللغة العربية؛ وذلك من خلال معرفة معاني ودلالات رموز الرؤيا، وبالاطلاع على اشتقاقاتها، وأهمّ أمثالها السّائرة،[١٣] فالنّجوم مثلاً قد تؤوّل بالعلماء؛ لأنها تهدي الناس وتدلّهم في الواقع، والرائحة الحسنة قد تعبّر بالكلام الطيب والثناء على الرائي، والنار قد ترمز إلى الفتنة، واليد الطويلة قد تدلّ على الجود والكرم، ورؤيا السفر قد تدلّ على الانتقال من حالٍ لآخر، وهكذا.
الاستنباط من كتب تفسير الأحلام
يُمكن الرجوع لكتب تفسير الأحلام لأهل العلم والاختصاص بهذا العلم واستنباط دلالات الرموز منها، ونذكر منها ما يأتي:
اسم المؤلِّف
|
اسم الكتاب
|
ابن شاهين
|
الإشارات في علم العبارات
|
عبد الغني النابلسي
|
تعطير الأنام في تعبير المنام
|
المنسوب لابن سيرين
|
منتخب الكلام في تفسير الأحلام
|
إبراهيم ابن غنّام
|
تعبير الرؤيا
|
علي الطهطاوي
|
تفسير الأحلام من كلام الأئمة والأعلام ويليه تفسير أحلام المرأة
|
الاستفادة من أهل الاختصاص
يُمكن للرائي كذلك أن يستفيد من خبرة مَن يعرفهم ممّن حباهم الله به من موهبة وملَكة تأويل الأحلام، على أنْ يكون ذلك الشخص ثقة ومعروفاً بقربه من الله -تعالى- واستقامته، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الرُّؤيا على رِجْلِ طائرٍ ما لم تُعبَرْ، فإذا عُبِرَتْ وقَعَتْ، قال: وأحسَبُهُ قال: ولا يقُصُّها إلَّا على وَادٍّ، أو ذي رأيٍ).[١٤]
المراجع
،
- ↑شمس الدين ابن مفلح، الآداب الشرعية والمنح المرعية، صفحة 451، جزء 3.
- ↑رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2280، حسن صحيح.
- ↑التويجري، حمود بن عبد الله، الرؤيا، صفحة 48. بتصرّف.
- ↑“أنواع الرؤيا، والمعيار الذي يدل على صدقها”، إسلام ويب، 10/10/2010، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2021. بتصرّف.
- ↑رواه البخاري ، في صحيح البخار،، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:7044، صحيح .
- ^أب“فسر أحلامك بنفسك”، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 7/9/2022. بتصرّف.
- ↑سورة البقرة، آية:187
- ↑سورة المنافقون، آية:4
- ↑سورة البقرة، آية:74
- ↑سورة الحجرات، آية:12
- ↑“النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الرؤى والأحلام”، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 22/8/2022. بتصرّف.
- ↑رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عروة بن أبي الجعد البارقي، الصفحة أو الرقم:1880، صححه الألباني.
- ↑د. محمد الودعان، كيف تعبر الرؤيا، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي رزين العقيلي، الصفحة أو الرقم:5020، سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.