وفقا لقائمة البنك المركزي الجديدة، زاد العدد الإجمالي للعملات التي يحددها البنك المركزي الروسي أسعارها يوميا بشكل رسمي إلى 43 عملة. يخطط المركزي لضم عملات أخرى من بينها الدونج الفيتنامي والدينار الصربي والدولار النيوزيلندي واللاري الجورجي والريال القطري.
لكن ما تأثير هذا الإجراء على سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، وأيضا على الوضع الاقتصاد بشكل خاص في المديين القصير والطويل؟
تعليقا على المشهد يقول أبو بكر الديب، الباحث المصري في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي: “هناك العديد من الفوائد لاعتماد الجنيه المصري عملة رسمية من جانب البنك المركزي للاتحاد الروسي، أبرزها تضاعف التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين وزيادة السياحة تعد أهم المكاسب”.
المعاملات التجارية
وأضاف في اتصال مع “سبوتنيك” أن إعلان البنك المركزي الروسي، سيسمح لمصر وروسيا باستخدام الروبل والجنيه في المعاملات التجارية بين البلدين بدلا من الدولار، وسيعمل على “مضاعفة التبادلات التجارية والاستثمارية بين البلدين”.
وأوضح الديب أن حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا، وصل لنحو 4.7 مليار دولار لعام 2021، وأن اعتماد الجنيه في البنك المركزي يزيد من صادرات مصر لروسيا ويخفض تكلفة الواردات من روسيا، وبالتالي ينعش الاحتياطي النقدي الأجنبي ويرفع من قيمة الجنيه حيث يخفض من الحاجة للدولار.
السياحة الروسية
وأكد الديب أن السياحة المصرية ستكون الرابح الأكبر من تلك الخطوة، حيث تستفيد مصر بزيادة أعداد السياح الروس القادمين إليها، والذين يمثلون نسبة 25% من إجمالي السياحة الوافدة لمصر.
كما يسهل القرار عملية التبادل التجاري بين البلدين والاعتماد على العملتين في تسوية المعاملات التجارية، وفقا للديب الذي أشار إلى أن الاستثمارات الروسية في مصر تصل إلى 8 مليارات دولار، وتتركز أغلبها فى قطاع الطاقة.
وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من الاستثمارات الروسية فى قطاعات الصناعة والطاقة والنقل والأدوية والصناعات الغذائية، وأن “يزيد عدد الشركات الروسية العاملة في مصر على 460 شركة”.
ولفت الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي إلى أن العلاقات بين مصر وروسيا قوية وتاريخية، حيث دعمت موسكو القاهرة خلال تحديات الستينيات فيما يخص قناة السويس، وحرب أكتوبر، فضلا عن التعاون في بناء السد العالي ومصانع الحديد والصلب بحلوان ومصنع نجع حمادي للألومنيوم وغيرها من المصانع”.
صندوق النقد
من جانبها قالت حنان رمسيس، خبيرة سوق المال المصري، إن قرار البنك المركزي الروسي، سوف يساعد في استعادة الجنيه لقوته مرة أخرى مقابل الدولار، بعدما تعرضت مصر خلال الفترة الماضية لضغوط من صندوق النقد الدولي للقيام بالعديد من الإصلاحات، من بينها تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار.
وأضافت أن الجنيه فقد أكثر من 77% من قيمته خلال 13 شهرا فقط، علاوة على أن قيمة الجنيه منذ تعويم 2016 انخفضت بشكل أكبر، متابعة: “بلا شك أن التعويم له فوائد للتدفقات والتعاملات الأجنبية، لكنه مؤثر بالسلب على الاقتصاد المصري”.
وأضافت في اتصال مع “سبوتنيك“: “يرجع التأثير السلبي للتعويم على الاقتصاد المصري، نظرا لأننا دولة مستوردة وليست منتجة، لذا فإن التأثير قوي جدا، لأنه أدخل البلاد في موجة من الغلاء فيما يتعلق بالخدمات والمنتجات والسلع”.
وتابعت: “هذا الأمر يؤثر بالسلب على زيادة معدلات التضخم، ما يجعل الدولة مضطرة لرفع أسعار الفائدة، وندخل في عملية ركود تضخمي (عزوف عن الشراء في ظل موجة الغلاء) وهنا ندور في حلقة لا مخرج منها”.
منافع متبادلة
وأوضحت خبيرة سوق المال أنه عندما تقبل روسيا عملات من غير الدولار وتسهل للدول ذات الشراكة الاستراتيجية مع موسكو مثل مصر والإمارات وقطر، هذا الأمر سوف يجعل هناك عملات جديدة وقدرة من الاقتصاد الروسي على الانتعاش وكذا الاقتصادات الضعيفة، وستكون لدى روسيا أسواق تبادل جديدة دون الاحتياج للدولار.
التأثير لن يكون مباشرا
بدوره قال الخبير الاقتصادي المصري محمد نصر الحويطي، إن المعاملات التجارية بين مصر وروسيا حتى الآن ليست كبيرة بالدرجة التي تجعل من خطوة المركزي الروسي مؤثرة في هذا التوقيت، وهناك تباين كبير في الميزان التجاري بين البلدين، وعلى افتراض قبول مصر وروسيا لعملة كل منهما، فإن أكثر القطاعات استفادة من هذا الإجراء هو القطاع السياحي.
وأكد في حديثه لـ”سبوتنيك“، أنه لم يكن هناك تبادلا تجاريا قويا بين مصر وروسيا، ولا يرى أن تلك الخطوة سيكون لها تأثير على المستوى الشعبي أو الاقتصاد في المدى القصير سوى على مستوى الملف السياحي إذا ما تمت استعادة السياحة لحالتها الطبيعية.
في مطلع العام الحالي 2023، قدّر صندوق النقد الدولي الفجوة التمويلية للاقتصاد المصري خلال السنوات الأربع المقبلة بنحو 17 مليار دولار. قال الصندوق إن سعر الصرف المدار في مصر خلال السنوات الماضية أدى إلى تراكم الاختلالات وفقدان مصر لأصول النقد الأجنبي، وفقدان ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.
وافق الصندوق الشهر الماضي على منح مصر قرض بقيمة 3 مليارات دولار، علاوة على مليار دولار من صندوق آخر تابع له للتنمية، إلى جانب تسهيل الحصول على 14 مليار دولار من الشركاء الدوليين والإقليميين.
Source: sputniknews.com