اضطراب ثنائي القطب عند الأطفال: الأعراض، الأسباب، التشخيص

يُعتبر تشخيص اضطراب ثنائي القطب عند الأطفال من الأمور المثيرة للجدل، والسبب في ذلك يعود بدرجةٍ كبيرةٍ إلى أنَّ الأطفال لا يُظهرون دائماً نفس أعراض اضطراب ثنائي القطب التي يُظهرها البالغون، كما أنَّ حالاتهم المزاجية والسلوكية قد لا تتبع المعايير التي يعتمدها الأطباء لتشخيص الاضطراب عند البالغين.

تتداخل أيضاً العديد من أعراض اضطراب ثنائي القطب عند الأطفال مع أعراضٍ تابعةٍ لمجموعةٍ واسعةٍ من الاضطرابات الأخرى التي تصيب الأطفال، مثل اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.

من ناحيةٍ ثانية، أصبح أطباء وخبراء الصحة العقلية، في العقود القليلة الماضية، يعترفون باحتمال إصابة الأطفال بهذه الحالة. يمكن أن يُساعد التَّشخيص في حصول الأطفال على العلاج المناسب، ولكن التَّوصُّل إلى التَّشخيص قد يستغرق العديد من الأسابيع أو حتى الأشهر، وقد يحتاج طفلك إلى تلقي الرعاية الخاصة من أحد المُختصين المتدربين على علاج الأطفال المصابين بمشاكل الصحة العقلية.

كما هو حال البالغين، يمكن للأطفال الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب أن يختبروا نوبات تحسُّن المزاج، إذ يمكن أن يبدوا سعداء للغاية وأن تظهر على سلوكهم علامات الحماس والإثارة، ثم سيتبع تلك النوبات الشُّعور بالاكتئاب.

بالرغم من أنَّ جميع الأطفال يمرُّون بتقلبٍ طبيعيٍّ للمزاج، إلا أنَّ تقلبات المزاج النَّاجمة عن اضطراب ثنائي القطب تكون شديدة الوضوح، وعادة ما تتصف أيضاً بأنها أكثر تطرفاً وقسوة من تقلبات المزاج الطبيعية للطفل السَّليم.

أعراض الهوس عند الأطفال

يمكن أن تشمل أعراض نوبة الهوس النَّاجمة عن اضطراب ثنائي القطب عند الأطفال ما يلي:

  • التَّصرُّف بسخفٍ شديدٍ والشُّعور بالسعادة المُفرطة
  • التَّحدُّث بسرعة وتغيير المواضيع بسرعة
  • مواجهة صعوبة في التركيز
  • القيام بأفعالٍ خطرة أو تجريب سلوكيات خطرة
  • الاتصاف بسرعة الانفعال التي تؤدي إلى نوبات الغضب السريعة
  • مواجهة مشكلة في النَّوم وعدم الشُّعور بالتَّعب في حال عدم النَّوم لساعاتٍ كافية

الأعراض الاكتئابية عند الأطفال

طبابة نت - الاضطراب ثنائي القطب

يمكن أن تشمل أعراض النَّوبة الاكتئابية النَّاجمة عن اضطراب ثنائي القطب عند الأطفال ما يلي:

  • الاستغراق في التَّفكير بأفكارٍ كئيبة أو الشُّعور بحزنٍ شديدٍ
  • الإكثار أو الإقلال من النَّوم
  • الشُّعور بعدم امتلاكك الطَّاقة الكافية للقيام بالنشاطات العادية، أو عدم إظهار أي علامات اهتمام بأيِّ شيء
  • الاشتكاء من مشاكلٍ صحية، بما في ذلك تكرُّر حالات الصداع أو آلام المعدة
  • الشُّعور بالذنب أو بعدم الثقة بالنفس
  • الإكثار أو الإقلال من الطعام
  • التفكير في الموت أو الانتحار

التَّشخيصات المُمكنة الأخرى

بعض المشكلات السُّلوكية التي يمكن أن تُلاحظها عند طفلك قد تكون ناجمة عن حالةٍ مرضيةٍ أخرى. يمكن لاضطراب نقص الانتباه مع فرط النَّشاط، ولاضطرابات السُّلوك الأخرى أن تحدث عند الأطفال الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب، لذا عليك أن تعمل مع الطبيب على توثيق جميع السُّلوكيات الغير المعتادة لطفلك، فذلك سيُساهم في الوصول إلى إجراء التشخيص الصَّحيح.

إنَّ إيجاد التشخيص الصَّحيح يمكن أن يُساعد الطبيب على تحديد نوع العلاجات المناسبة، التي تُساهم في أن يحيا طفلك حياة صحية.

اضطراب ثنائي القطب عند المراهقين

إنَّ سلوك المراهقين المتَّسم بالقلق لا يستغربه الآباء، فالتَّغيرات الهرمونية بالإضافة إلى التَّغيرات الحياتية التي تحدث مع مرحلة البلوغ، يمكن أن تجعل حتى أكثر المراهقين المُتمتِّعين بحسن السُّلوك، يشعرون من وقتٍ لآخر ببعض الاضطراب أو الحساسية العاطفية المُفرطة، ولكن قد تنجم بعض تقلبات المزاج في سنِّ المراهقة عن حالاتٍ أكثر خطورة، مثل اضطراب ثنائي القطب.

غالباً ما يُشخَّص اضطراب ثنائي القطب في المرحلة المُمتدة بين أواخر سن المراهقة وأوائل سن البلوغ، وبالنسبة للمراهقين تشمل الأعراض الأكثر شيوعاً لنوبة الهوس ما يلي:

  • الشُّعور بسعادةٍ مبالغ فيها
  • “التَّمثيل” أو إساءة التَّصرف
  • المُشاركة في سلوكياتٍ خطرة
  • تعاطي المخدرات
  • التَّفكير في الجنس أكثر من المُعتاد
  • أن يصبح مستثاراً أو ناشطاً جنسياً بشكلٍ مفرط
  • مواجهة صعوبة في الخلود إلى النَّوم دون إظهار علامات تدلُّ على الإرهاق أو التَّعب
  • سرعة الغضب
  • مواجهة صعوبة في التَّركيز، أو تشتُّت الذهن بسهولة

تشمل اعراض النَّوبة الاكتئابية الأكثر شيوعاً عند المراهقين ما يلي:

  • الإكثار أو الإقلال من النَّوم
  • الإكثار أو الإقلال من الطَّعام
  • الشُّعور بالحزن الشَّديد، والافتقار للتأثُّر بما حوله
  • الانسحاب من الأنشطة والابتعاد عن الأصدقاء
  • التَّفكير في الموت والانتحار

إنَّ تشخيص وعلاج اضطراب ثنائي القطب يمكن أن يُساعد المراهقين على أن يعيشوا حياة صحية.

اضطراب ثنائي القطب والاكتئاب

يمكن لاضطراب ثنائي القطب أن يكون له وجهين متناقضين: الابتهاج والاكتئاب، فلتشخيص حالتك على أنَّها اضطراب ثنائي القطب، يجب أن تختبر فترةً من الهوس أو الهوس الخفيف، التي يشعر الناس فيها عموماً “بارتفاع المزاج أو الابتهاج”، وعند مرورك في هذه المرحلة من الاضطراب، قد تشعر بارتفاع مستوى النَّشاط لديك وقد تكون سهل الانفعال.

بعض الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب سيختبرون أيضاً نوبةً اكتئاب شديدة أو “انخفاضاً” بالمزاج “، وفي هذه المرحلة من الاضطراب، قد يشعر المريض بالخمول وبفتور بالهمَّة وبالحزن، ولكن هذا لا يعني أن جميع مرضى اضطراب ثنائي القطب، الذين يعانون من هذه الأعراض يمكن توصيف حالتهم بالاكتئاب، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يشعر البعض أنَّ مزاجهم العادي الذي تلى علاجهم من مرحلة الهوس هو بمثابة اكتئاب، وذلك لأنهم استمتعوا في مرحلة “ارتفاع” المزاج النَّاجمة عن نوبة الهوس.

في حين أنَّ اضطراب ثنائي القطب قد يُسبب لك الشُّعور بالكآبة، إلا أنَّ هذا الشُّعور لا يتطابق مع الحالة النفسية التي يُطلق عليها اسم الاكتئاب، فاضطراب ثنائي القطب يُمكن أن يُسبِّب ارتفاعاً أو انخفاضاً في المزاج، لكن الاكتئاب يُسبِّب انخفاضاً دائماً في المزاج والعواطف.

أسباب اضطراب ثنائي القطب

إنَّ اضطراب ثنائي القطب هو أحد الاضطرابات الشَّائعة في الصحة العقلية، لكنَّه غامضٌ بعض الشيء بالنسبة للأطباء والباحثين، فسبب حدوثه عند بعض النَّاس دون غيرهم لا يزال غير واضحٍ بعد.

تشمل الأسباب المُحتملة لاضطراب ثنائي القطب ما يلي:

  • الجينات
    إذا كان أحد والديك أو أشقائك يُعاني من اضطراب ثنائي القطب، فهذا سيجعلك أكثر عرضة من غيرك للإصابة به (انظر أدناه)، ولكن من المهم أن تُدرك أنَّ معظم الأشخاص الذين يوجد الاضطراب ثنائي القطب في تاريخ عائلتهم، لا يصابون به.
  • الدماغ
    يمكن أن يؤثِّر تركيب دماغك على خطر إصابتك بالمرض، فوجود الشَّواذ في تركيب أو وظائف الدماغ قد يرفع من خطر إصابتك بالاضطراب.
  • العوامل البيئية
    لا يقتصر خطر إصابتك باضطراب ثنائي القطب على العوامل الجسدية وحسب، فالعوامل الخارجية يمكنها أيضاً المساهمة به، إذ يمكن أن تشمل تلك العوامل ما يلي:
    – الإجهاد النَّفسي الحاد
    – الصدمات النَّفسية
    – المرض الجسدي

كلُّ عاملٍ من تلك العوامل قادرٌ على التَّأثير في درجة احتمال الإصابة باضطراب ثنائي القطب، لكن المُرجَّح أكثر هو مساهمة مجموعة من العوامل في إحداث المرض.

هل اضطراب ثنائي القطب هو مرضٌ وراثيٌّ؟

يمكن أن ينتقل اضطراب ثنائي القطب من الوالد إلى الطفل، فقد أثبتت الأبحاث وجود الصلة الوراثية القوية لدى الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب. إذا كان أحد أقاربك مصاباً بهذا الاضطراب، فإنِّ فرصة إصابتك به أكبر بأربعة إلى ستة أضعافٍ، من فرصة إصابة الأشخاص الذين لا توجد هذه الحالة في تاريخ عائلتهم الصحي.

لكن هذا لا يعني أنَّ كل من لديه أقارب مصابون بهذا الاضطراب سيصاب به، وعلاه على ذلك فإنَّ ليس كل المصابين بهذا الاضطراب هم منحدرين من عائلات أُصيبت به.

ومع ذلك، يبدو أنَّ الجينات تلعب دوراً هاماً في مدى حدوث اضطراب ثنائي القطب.

تشخيص اضطراب ثنائي القطب

طبابة نت - اضطراب ثنائي القطب عند الأطفال

إنَّ تشخيص اضطراب ثنائي القطب يشتمل أولاً على نوبةٍ أو أكثر من نوبات الهوس، أو على نوباتٍ مختلطة (الهوس والاكتئاب). قد يشتمل أيضاً على نوبة اكتئاب شديدة، ولكن هذا ليس شرطاً. يشتمل تشخيص ثنائي القطب ثانياً على نوبةٍ أو أكثر من النوبات الاكتئابية الشَّديدة، ونوبةٍ واحدة على الأقل من الهوس الخفيف.

ليتم تشخيص حالتك على أنَّها نوبة هوس، يجب أن تختبر الأعراض التي تدوم لمدة أسبوع على الأقل، أو التي تتسبَّب في دخولك إلى المستشفى، وخلال هذا الوقت يجب أن تستمر الأعراض على مدار اليوم وكل يوم تقريباً. أما النَّوبات الاكتئابية الشَّديدة فيجب أن تستمر لمدة أسبوعين على الأقل.

يُمكن أن يَصعُب تشخيص اضطراب ثنائي القطب بسبب التَّباين في التقلبات المزاجية، حتى إنَّ تشخيصه أصعب عند الأطفال والمراهقين، فهذه الفئة العمرية غالباً ما تشهد تقلبات أكبر في المزاج والسُّلوك ومستويات الطَّاقة.

غالباً ما تزداد حالة اضطراب ثنائي القطب سوءاً إذا تُرك دون علاج، فقد يكثر تكرُّر حدوث النوبات أو تزداد شدتها، ولكن إذا تلقَّيت العلاج المُناسب لاضطراب ثنائي القطب، سيصبح من المُمكن لك أن تحيا حياة صحية ومنتجة، ولهذا السَّبب يُعدُّ التَّشخيص من الأمور الهامة للغاية.

فحوصات أعراض اضطراب ثنائي القطب

إنَّ اختباراً واحداً لا يكفي لتشخيص اضطراب ثنائي القطب، بل سيحتاج الطبيب لإجراء عدَّة فحوصاتٍ واختباراتٍ، ويمكن أن تشمل ما يلي:

  • الفحص الجسدي: سيُجري الطبيب فحصاً بدنياً شاملاً، وقد يطلب أيضاً فحوصات الدم أو البول لاستبعاد العوامل المُحتملة الأخرى المُسبِّبة للأعراض.
  • تقييمٌ للصحة العقلية: قد يُحيلك الطبيب إلى أخصَّائيٍّ في الصحة العقلية، كطبيب الأمراض النفسية أو عالم النفس، فهؤلاء الأطباء مؤهلون لتشخيص وعلاج حالات الصحة العقلية مثل اضطراب ثنائي القطب، وعند زيارتك لهم، سوف يُقيمون صحتك العقلية بحثاً عن علامات اضطراب ثنائي القطب.
  • تدوين تقلبات المزاج: إذا اشتبه طبيبك في أنَّ تغيُّرات سلوكك ناتجة عن اضطرابٍ نفسيٍّ كاضطراب ثنائي القطب، فعندئذٍ يمكن أن يطلب منك تدوين التَّفاصيل المُتعلقة بتقلبات مزاجك، وأسهل طريقة لفعل ذلك هي تخصيص مفكرة لكتابة وصفٍ لمشاعرك والزَّمن الذي تستغرقه تلك المشاعر، وقد يقترح عليك الطبيب أيضاً تسجيل عاداتك اليومية المتعلقة بالنَّوم والغذاء.
  • معايير التَّشخيص: يعدُّ الدَّليل التَّشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، مرجعاً مختصراً لأعراض مختلف اضطرابات الصحة العقلية، ويمكن للأطباء الرُّجوع إليه لتأكيد تشخيص ثنائي القطب.

بالإضافة لما ذُكر أعلاه، يُمكن للطبيب أن يستخدم وسائل واختبارات أخرى لتشخيص اضطراب ثنائي القطب.

Source: tababah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *