
لا يمكنك أن تجازف عندما يكون صغيرك أو طفلك مصاباً بالحمى وبنفس الوقت لا يجب أن تشعر بالذعر؛ سنشرح ما الذي يجب أن تفتش عنه حتى تتمكن من الحفاظ على هدوءك – ومساعدة الطفل من أجل الشعور بالتحسن بشكل سريع.
لقد كنا جميعاً متواجدين: لقد استيقظتم جميعكم في منتصف الليل بسبب صرخات الألم التي تصدر عن طفلٍ صغير ولاحظتم أن حرارة جبينه مرتفعة جداً؛ كنتم تأخذون درجة حرارته وكانت دقات القلب تتسارع بسبب ذلك وغالباً ما تكون الاستجابة الغريزية الأولى هي الاتصال بالطبيب على الفور.
ولكن إليك ما يقوله الخبراء في معظم الحالات إذ يتوجب عليكم فعل ما يلي بدلاً من ذلك: خذوا نفساً عميقاً واسترخوا.
بالطبع هذا أمرٌ أسهل من القيام بأي فعل آخر؛ حيث يعاني العديد من الآباء من “رهاب الحمى Fever Phobia” وهو ميل إلى الشعور بالذعر عند ارتفاع درجة حرارة أجسام أطفالهم. ترتبط نسبة تصل إلى 30 في المئة من حالات الزيارة الحرجة مراكز الرعاية الصحية بإصابة الأطفال بالحمى وذلك وفقاً لدراسة مرجعية تم نشرها في مجلة طب الأطفال.
يقول الطبيب روبرت دبليو ستيل – طبيب الأطفال في مستشفى سانت جون للأطفال في سبرينغفيلد بولاية ميسوري: “يعتقد الكثير من الآباء أن الحمى أمرٌ خطير بالفعل؛ لكن في الغالبية العظمى من الحالات لا يوجد شيء خطير”.
وفقاً لما يقوله مايكل ديفون – طبيب أطفال في عيادة خاصة في فيلادلفيا- يمكن أن تُعتبر الحمى أمراً جيداً على نحو معين؛ إذ أن الحمى تعني أن الجهاز المناعي لدى الطفل يؤدي وظيفته من خلال مقاومة نزلة برد أو أية عدوى أخرى حيث تؤدي أوامر الدماغ إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم وهو الأمر الذي يوجه خلايا الدم البيضاء إلى مهاجمة وتدمير الفيروسات والبكتيريا الدخيلة على الجسم.
الأمر المثير للدهشة هو أنه يمكن أن يتحمل الأطفال الأصحاء ومن جميع الأعمار عادةً درجة حرارة تعادل 106 فهرنهايت (41 درجة مئوية) بدون أن تسبب لهم أية مضاعفات. وتشير الاحتمالات إلى أن درجة حرارة طفلك لن تقترب أبداً من هذه الدرجة المرعبة؛ لكن يجب أن تكون مستعداً: لأنه يعتبر أمراً مؤكداً أن درجة حرارة الطفل يمكن أن ترتفع حوالي ثلاث درجات في وقتٍ معين خلال السنوات الثلاث الأولى من عمره.
هل يجب أن تقوم باستشارة الطبيب؟
معظم الجراثيم التي تسبب الحمى – مثل البرد والإنفلونزا وفيروس المعدة- ليست خطيرة ويمكن علاجها في المنزل؛ لكن بالنسبة للوالدين فإن ما يجب فعله تجاه الحمى يعتمد إلى حد كبير على عمر الطفل وقياس درجة الحرارة.
أقل من 3 أشهر:
إن أي ارتفاع في درجة الحرارة لأكثر من 100.4 فهرنهايت (38 درجة مئوية) يستدعي اتصالاً سريعاً مع الطبيب؛ نظراً لأن الجهاز المناعي للرضيع لم يتطور بشكل كامل فهو عرضة للعدوى التي يمكن أن تهدد الحياة مثل التهابالسحايا الجرثومي والالتهاب الرئوي وغالباً ما تكون درجة حرارة الجسم المرتفعة هي الأعراض الوحيدة للمرض.
بين 3 و 6 أشهر من العمر:
وفقاً لما يقوله الدكتور ستيفن شيلوف الحاصل على الدكتوراه في الطب ومستشار أولياء الأمور ورئيس تحرير الأكاديمية الأمريكية لطب الرضع والأطفال الصغار فإن الطفل يكون بحاجة إلى طبيب أطفال لكي يفحصه بمجرد إصابة الطفل بالحمى وارتفاع حرارته إلى 101 فهرنهايت(38.3 درجة مئوية).
الطفل بعمر أكبر من 6 أشهر:
يمكنك أن تنتظر وأنت مطمئن دون الاتصال بالطبيب ولا يزال الوضع آمناً حتى ترتفع درجة حرارة الطفل إلى 103 فهرنهايت (39.5 درجة مئوية)؛ مع استثناء واحد مهم؛ إذ يجب الذهاب إلى الطبيب على الفور إذا أصاب الطفل حمى وارتفعت درجة حرارته حتى 102 أو أعلى وكان يوجد لديه اثنين أو أكثر من هذه الأعراض التالية: السعال أو التهاب الحلق أو سيلان أو انسداد أو آلام في الجسم أو الصداع أو قشعريرة أو التعب والإسهال.
تظهر أعراض إنفلونزا الخنازير H1N1 الكلاسيكية (التي تشبه بشكل ملفت للنظر تلك الأعراض الخاصة بالإنفلونزا الموسمية) خلال 24 ساعة من بداية هجوم الحمى وقد يوصي طبيب الأطفال بتناول عقار تاميفلوTamiflu المضاد للفيروسات لتقليل شدة الأعراض ومدتها.
بما أن الحمى تعتبر إشارة من الجسم إلى وجود شيء ما خطأ في الجسم لذلك يجب الحرص والانتباه إلى الأعراض الأخرى الموجودة لدى الطفل؛ فإذا كان يعاني من سيلان في الأنف وحمى منخفضة الدرجة أي درجة حرارته أقل من 101 فهرنهايت (38.3 درجة مئوية) فهذا يعني عادةً أنه مصاب بنزلة برد شائعة؛ بينما يشير القيء والإسهال إلى وجود فيروس في المعدة؛ وفي كلتا الحالتين تميل الحمى إلى الظهور تدريجياً وتختفي في غضون بضعة أيام.
لكن أعراض الأنفلونزا غالبا ما تصيب الطفل بشكل مفاجئ وكما يقول جيسون هوم الحاصل على الدكتوراه في الطب والأستاذ المساعد في طب الأطفال في عيادة مايو في روتشستر مينيسوتا: “تصيب الإنفلونزا طفلك كما لو أنه قد سقط عليه طنٌ من القرميد” ويقول أيضاً: “يكون الطفل في أحد الأيام بخير ثم يبدأ بالأنين وفي اليوم التالي لا يستطيع النهوض من السرير.”
يمكن أن يكون العلاج ضرورياً بالنسبة للأطفال الذين يكونون عادةً أكثر عرضة للإصابة بالمرض (كالأطفال دون سن الخامسة أو الذين يعانون من بعض الحالات الطبية المزمنة مثل الربو أو السكري) لذلك قد يطلب منكم الطبيب إجراء اختبار الإنفلونزا.
إذا كان الطفل بصحةٍ جيدة فقد يفترض الطبيب ببساطة (مرتكزاً في تشخيصه على وصف الأهل) أنه مصاب بالأنفلونزا وفي هذه الحالة سوف يحتاج إلى البقاء في المنزل لمدة 24 ساعة حتى تزول الحمى وبدون استخدام خافضات حرارة للحمى.
متى يجب دق ناقوس الخطر بالنسبة للحمى؟
يجب إخبار الطبيب على الفور إذا كان الطفل يشتكي أو يعاني من ألم في الحلق أو وجع في الأذن أو ألم أثناء التبول لأن هذه الأعراض يمكن أن تشير إلى وجود التهاب الحلق أو عدوى المسالك البولية والتي يمكن أن تحتاج إلى استخدام علاج بالمضادات الحيوية.
يجب عليك أيضاً التأكد في العيادة فيما إذا كان الطفل يعاني من أعراض الجفاف مثل أن يكون التبول أقل من المعتاد أو لا تُفرز عيونه أي دموع عندما يبكي أو يبدو أقل انتباهاً من المعتاد. بالرغم من ندرة حدوث بعض الأعراض (والتي غالباً ما تكون مرافقة للحمى) تتطلب بعض الأعراض عناية طبية فورية.
توجه مباشرة إلى الطوارئ أو اتصل بالإسعاف إذا كان الطفل يعاني من ضيق تنفس شديد أو يبكي بشدة أو يجد صعوبة في الاستيقاظ أو يصاب بطفح جلدي لا يتلاشى عندما تلمسه أو يكون لديه بقع أرجوانية على شكل كدمات (يمكن أن يشير كلاهما إلى داء المكورات السحائية، وهي عدوى محتملة قاتلة تحدث في مجرى الدم).
اتصل بالإسعاف إذا كان تلون لسان الطفل أو شفتيه أو أظافره باللون الأزرق ( إذ يمكن أن يكون ذلك علامة على أنه لا يحصل على كمية كافية من الأكسجين) أو أن لديه تيبُس في العنق (وهذا مؤشر محتمل لوجود التهاب في السحايا Meningitis) أو ألم شديد في البطن (مما قد يؤدي إلى يعني التهابالزائدة الدودية Appendicitis)؛ واتصل أيضاً بالطبيب إذا كان عمر الطفل أقل من عامين واستمرت الحمى لديه لأكثر من 24 ساعة.
يمكنك الانتظار ثلاثة أيام قبل الاتصال بالطبيب بالنسبة للأطفال الأكبر سناً ما لم تظهر عليهم أعراض توحي بالإصابة بالإنفلونزا الموسمية أو فيروس إنفلونزا الخنازير H1N1.
وكذلك يجب عليك أن تراجع الطبيب في حال اختفت الحمى التي أصابت الطفل ثم عادت للظهور بعد بضعة أيام لأنه قد يكون مصاباً بعدوى ثانوية.
يتبع
