
اقرأ الجزء الأول من نظرية مراحل النمو النفسي الجنسي لفرويد (1)
تقييم نظرية مراحل النمو النفسي الجنسي لفرويد
إنَّ نظرية فرويد مازالت تُعتبر إلى يومنا هذا مثيرة للجدل، ولكن تخيلوا كم بدت جريئة في نهاية الثمانيات وبداية التسعينات. هنالك العديد من الملاحظات والانتقادات التي طالت نظرية النمو النفسي الجنسي لفرويد، وقد بُنيت تلك الانتقادات على عدَّة أُسسٍ بما فيها النقد العلمي والنَّسوي.
انتقاد المراحل النفسية الجنسية:
- تُركّز النظرية بمجملها تقريباً على تطور الذكور وبالكاد تذكر تطور الإناث النفسي الجنسي.
- من الصَّعب اختبار نظرياته بشكلٍ علمي، فمن المستحيل قياس مفاهيم مثل الرغبة الجنسية، ولهذا السبب لا يمكن اختبارها. ونشير إلى أنَّ الأبحاث التي أجريت تميل إلى تكذيب نظرية فرويد.
- التنبؤات المستقبلية مُبهمة للغاية، فكيف يمكن أن نتحقق من أنَّ السلوك الحالي كان قد نشأ تحديداً بسبب تجربة ما في مرحلة الطفولة؟ فالمدة بين السبب والنتيجة طويلة للغاية، لدرجة أنه لا يمكن الادعاء بوجود علاقة بين هذين المتغيرين.
- إنَّ نظرية فرويد مبنية على دراسات السيرة وليس على بحوثٍ تجريبية. كما أنَّ فرويد بنى نظريته على ذكريات مرضاه البالغين، ولم يستند على ملاحظاتٍ واقعية، أو على دراساتٍ أُجريت على الأطفال.
كيف عالج فرويد قضية المثلية الجنسية في نظريته؟
إحدى الانتقادات الأخرى التي طالت مراحل التطور النفسي الجنسي، هي أنَّ النظرية ركَّزت بشكلٍ أساسي على تطور المغايرة الجنسية، وتجاهلت إلى حدٍّ كبير تطور المثلية الجنسية.
كيف شرح فرويد بالضبط تطور الميول الجنسية؟

تقترح نظرية فرويد أنَّ ميول المغايرة الجنسية تُمثل النتيجة الطبيعية للتطور، أمَّا ميول المثلية الجنسية فتمثل انحرافاً عن تلك العملية. لكن تختلف وجهة نظر فرويد الخاصة حول المثلية الجنسية، فقد قدم أحياناً تفسيرات بيولوجيّة، وفي أحيانٍ أخرى قدم تفسيرات اجتماعية أو نفسية للميول الجنسية.
على عكس الكثير من المفكرين في وقته، كان فرويد غير مقتنعٍ بأنَّ المثلية الجنسية هي حالة مرضية، واعتقد أيضاً أنَّ محاولة تغيير الهوية الجنسية لشخص ما، عادة ما تكون محاولة غير مجدية بل وغالباً مؤذية.
في رسائله الشهيرة التي كتبها عام 1935 إلى أمٍّ طلبت منه معالجة ابنها المثلي الجنس، كتب فرويد أنَّه رغم اعتقاده بأنَّ المثلية الجنسية ليست امتيازاً، إلا أنها بالتأكيد ليست إثماً ولا مدعاة للخجل. كتب فرويد: ” لا يمكن تصنيفها على أنها مرض، فنحن نعتبرها اختلافاً في الوظيفة الجنسية، تنتج عن كبحٍ معينٍ في عملية التطور الجنسي.”
في حين أنَّ نظرية فرويد أشارت إلى أنَّ المثلية الجنسية هي انحرافٌ في التطور النفسي الجنسي، إلا أنَّ الكثير من علماء النفس المعاصرين، يعتقدون أنَّ الهوية الجنسية تتأثر إلى حدٍّ كبيرٍ بالعوامل البيولوجيّة.
كلمة أخيرة
بالرغم من قلَّة مؤيدي نظرية فرويد في يومنا هذا، إلا أنَّ عمله قدَّم مساهمة هامة في فهمنا للتطور البشري. لعلَّ أهم وأرسخ مساهماته، هي الفكرة التي مفادها أنَّ اللاوعي يمكن أن يكون له تأثير قوي على سلوك الإنسان.
أكدت نظرية فرويد أيضاً على أهمية التجارب المبكرة في التطور. ورغم استمرار جدل الخبراء حول المساهمة النسبية للتجارب المبكرة مقارنة بالتجارب اللاحقة، لكن الخبراء يعتبرون أنَّ أحداث الحياة المبكرة تلعب دوراً هاماً في عملية التطور، ويمكن أن يستمر تأثيرها طيلة الحياة.
