وقد تأكد تماما من وجود تلك النجوم وتصويرها لأول مرة عام 92 بتليسكوب الفضاء هوبل فقد لاحظ أنه في آخر مرحلة من مراحل النجوم العملاقة التي تنهار تحت ثقلها مما يؤدي الي اشتعال مادتها ويتحول النجم خلال 6 ساعات الي نجم سوبر نوفا متفجر. ويطيح الانفجار بسطح النجم وغلافه الخارجي حيث يتحول الي سديم حلقي أما القلب فيتحول الي نجم نيوتروني لايزيد قطره علي 15 20 كيلو مترا. أما اذا كان الثقب الاسود لا يدور حول محوره فهو مستدير الشكل تماما وليس له شحنة واذا كان دوارا فهو مفلطح ويحمل شحنة. ولكن الامر ليس بهذه البساطة، فهذه النجوم من الثقوب السوداء تتمتع بقدر كبير جدا من الغرابة والتناقض.
فالمشكلة أن كل ما يصل الينا هو ما يحدث عند الحدود الخارجية للثقب نفسه أما فيما يخص داخل الثقب فلا أحد يمكن الوصول اليه. فنتائج الابحاث تشير الي أن الطاقة الكلية الموجودة داخل الثقب الاسود صفر، فهو يتصرف كأي جسم في درجة حرارة الصفر المطلق حيث يمكنه تحويل الحرارة.
وتصل درجة الحرارة في قلبه أقل من الصفر المطلق مع أن درجة الحرارة علي سطحه مئوية.
ويري بعض علماء الفلك أن مادة الثقب الاسود هي من المادة المضادة والتي تنتج هذه الحرارة الهائلة عند التحامها بمادة النجم المجاور وتسحقها كلية. ويبدو أن الطاقة الموجبة للمادة التي يتم ابتلاعها تتحول فور عبورها ‘الافق الخارجي’ الي طاقة سالبة وتفقد كتلتها الذاتية تماما. وتدل الابحاث أن حرارة قلب الثقب هي حرارة سالبة أي ربما أقل حرارة من الصفر المطلق الذي لا نعرف عنه شيئا أقل منه حرارة في علوم الفيزياء.
وأهم ما يحدث في ظاهرة الثقوب السوداء هو تحول السهم الزمن من الامام الي الوراء في لحظات أي تعود الي الزمن التخيلي. فلو كان قلب الثقوب السوداء في درجة الصفر المطلق لتوقف الزمن حيث تتوقف الاليكترونيات عن الدوران حول نواة الذرات. وهذا يجعل العلماء متحيرين مرة أخري. فهل يمكن لتلك الظاهرة تعدي الحاجز الفاصل لتصل الي عالم الطاقة السالبة ‘العالم التخيلي’ فالمعروف أن هذا العالم يسير وفقا للقانون أما العالم التخيلي فيسير وفقا لقانون غير معروف الابعاد.
ويبرر بعض العلماء ما يحدث داخل الثقوب السوداء بانقلاب شامل لوظيفة الزمن والمكان فسهم الزمن ليس له اتجاه واحد داخلها. وأما الفضاء مع المادة فنجده مجبرا بالجاذبية للاتجاه نحو مركز الثقب فقط. ويرجع العلماء الي السؤال عن أين تذهب كل هذه المواد من النجوم الاخري التي يبتلعها الثقب الاسود؟ وبالطبع لا يوجد اجابة. الا أن العالم هوكينج يري أن الثقب الاسود في هذه الحالة يتزايد حجمه وينمو الي أن يبتلع كل أو معظم نجوم المجرة وربما يتحول بعد ذلك الي كويزر كما يشير. الا أن العالم الامريكي جون ويلر يري أن تلك الثقوب دودية أو انفاق داخلية أشبه بالثقوب الطولية التي يحشو بها قرص الجبنة. وهذه الانفاق تبدأ عند مركز الثقب الاسود وتربط بين قطاعات أو أطراف أو أجزاء الكون المنظور منه وغير المنظور. وأكد أيضا أن تلك الثقوب الدودية لا يمكن أن تبدأ الا في مركز نجوم الثقوب السوداء الدوارة المفلطحة ذات الشحنة. أما الثقوب السوداء التي لا تدور حول محورها والمستديرة الخالية من الشحنة، فلا تحتوي علي اية انفاق دودية عند مركزها. ومن هنا جاءت افتراضية السفر عبر الزمن الي قطاعات أخري في الكون وأن كان الامر ليس مؤكدا.
واكتشف أيضا أن تبخر الثقوب السوداء اذ أن سطح الثقب الاسود تصل درجة حرارتها الي شدة الانخفاض في حالة الثقوب السوداء العملاقة وشديدة الارتفاع علي عكس حالة الثقوب الصغيرة. فحسب قوانين الطبيعة، فان أي جسم مادي تزيد درجة حرارته عن قيمة الصفر المطلق يكون جسما مشعا وعلي هذا الاساس فالثقوب السوداء اجرام كونية مشعة..
ويري آخرون أن الثقوب السوداء عندما تنفجر فانها تفقد جزءا من كتلتها في صورة طاقة اشعاعية وبمرور الزمن تنقص أحجام الثقوب السوداء وكلما نقص حجمها زادت كثافة اشعاعاتها.
وهذا النقصان في حجمها يؤدي الي انفجارها واختفائها. ولكن تري ماذا يحدث بعد اختفاء الثقب الاسود؟
يري العلماء أن هناك نقطة شاذة سوف تتخلف عن الانفجار عبارة عن نقطة مادية صفرية الابعاد لا نهائية الكثافة.
وان كان الدكتور ستيفن هيوكينج له رأي آخر في مسألة ماذا يحدث بعد الانفجار، فهو يري أنه بالفعل اذا ما انفجر الثقب الاسود فانه سيختفي تماما بما في ذلك تلك النقطة الشاذة الي عالم آخر. أما بقايا الانفجار فستشكل في صورة نفق أو قناة تصل عالمنا بالعالم الآخر الذي انتقل اليه الثقب الاسود. وقد اعتمد علي نظرية جاذبية الكم والتي تصور أن هناك انفاقا تظهر وتختفي بصورة مستمرة في الفضاء الكوني وتقاس هذه الانفاق بمقياس لم يثبت صحته ‘مقياس بلانك’ وهنا نجد أنفسنا ندور في حلقة مفرغة حول هل بالفعل نستطيع السفر الي الماضي. فانفجار الثقوب السوداء يذهب بنا الي عالم آخر لا نعلمه وينتظر منا الكثير لاكتشافه.
السفر عبر الزمن
ظلت مشكلة الانتقال الي الزمن التخيلي تشغل العقول من قديم الازل خاصة بعد ظهور نظرية الوتر أو الاربطة التي تشير الي أن ثقوب الفضاء لن تغير من تجانس الكون وتماسكه الكمي ولكنها قد تؤثر في ثوابته الاساسية في الطبيعة. وظل السؤال هل اذا ما بدأ الانسان من زمن حقيقي فكيف له أن ينتقل الي زمن تخيلي؟
فقد أكد اينشتاين أن الزمن ظاهرة محلية وأنه يجري وفقا لمعدلات متفاوتة بالنسبة للمراقبين مختلفين في الكون وذلك اعتمادا علي سرعة كل من هذين الراصدين. فمثلا لو أن هناك رائدي فضاء يتحركان بسرعتين مختلفتين فان كلا منهما سوف يري الزمان يمضي علي سكان سطح الارض بمعدل مختلف عما يراه الرائد الآخر وبالتالي هذا يتناقض مع فكرة نيوتن حول كونية الزمن.
واستطاع أيضا اثبات أن الزمن يمضي ببطء نسبي في المواقع ذات التجاذب القوي وفي المناطق شديدة التقوس والانحناء في الكون. وقد استغل علماء العصر الحديث تلك النظرية التي تؤكد علي امكانية ابطاء حركة الزمن.
ومن هذا انطلق الفيزيائي ريتشارد فينجان الذي أكد أن تفاعل الجسيمات مع أضدادها تجعل احدها يتحرك للامام والآخر للوراء. وفي حالة التقاء النقيضين فانهما يصطدمان ويفني كل منهما الآخر. وبالتالي فان مضادات الجسيمات يمكنها أن تسير في الزمن الي الوراء. وهذا ما تؤكده نظرية الانفجار العظيم والتي تفترض أن مادة الكون كانت معبأة في حجم صغير للغاية يصعب تصوره ثم حدث انفجار فانطلقت منه محتويات هذا الجسم وكونت المجرات في الكون التي تقدر اعدادها بآلاف البلايين. والغريب أن المجرات منذ 18 ألف مليون سنة وحتي اليوم تجري بعيدا عن بعضها البعض في أرجاء الكون بسرعة عالية مما يؤدي الي تمدد الكون واتساعه بصفة مستمرة. ولكن هذا يجعل العلماء في حيرة أكثر وأمام سؤال خطير: هل سوف يستمر تمدد الكون واتساعه الي ما لا نهاية؟ أم سيتراجع وينكمش علي نفسه؟ وهل للزمن بداية أو أنه أزلي بلا بداية ولا نهاية؟ حتي وأن كانت الاحصائيات تشير الي أن بداية الزمن منذ 18 ألف مليون سنة وهو عمر الكون.
وهناك الكثير من العقبات تقف أمام هذا الحلم لعل أهمها عامل السرعة الذي لا يمكن تجاوزه وفقا لنظرية النسبية الخاصة اذ أن تخطي سرعة الضوء يحتاج الي امداد الجسم بكمية غير متناهية من الطاقة لتصل الي سرعة الضوء التي لا يستطيع أحد أن يدركها.
ومع ذلك فان بعض العلماء قد تخيلوا جسما تخيليا يدعي ‘تاكيونات’ له مواصفات خاصة ولد بها ليتفوق علي سرعة الضوء. ويعتقد العلماء أنه من الممكن أن يوجد مثل هذا الجسم في الاشعة الكونية الاولية المحملة بقدر كبير من الطاقة. وحتي الآن ليس هناك اجابة شافية علي ما اذا كانت بالفعل تلك الاشعة الكونية تحمل في طياتها هذا الجسم التخيلي.
ويري عدة باحثين أن هناك العديد من المشاكل يجب حلها للتفكير في رحلة الزمن وأهمها. ضرورة التعرف علي طبيعة الكون من حيث الزمان والمكان وبخاصة نطاقهما الصغير الذي يقدر وفقا لمقياس بلانك من 10 33 سنتيمترا. وضرورة الوصول الي نظرية موحدة في الفيزياء تتضمن نظرية جاذبية الكم وهذا بالفعل ما تحاوله الدول الاوروبية اليوم فمن المقرر اطلاق قمر صناعي أوروبي، ‘ليزا’ عام 2012 لدراسة تلك النقطة. والاهم من ذلك التوصل الي بناء انفاق الفضاء التي يمكن استغلالها كمعابر للسفر في الزمن. وقد يكون ذلك باقتلاع انفاق من الرغوة الكمية التي اشار اليها كيب ثورن أو بتمديد الفراغ الزائف وهي حالة غير ثابتة من حالات المادة ذات طاقة عالية والتي اشار اليها آلن جوث. اضافة الي التعرف علي خواص المادة الغريبة وكيفية استخدامها في تبطين وتقوية جدران انفاق الفضاء لتصبح قابلة للعبور والسفر فيها الي النجوم البعيدة. ولا يعدو أمر السفر في الزمن مجرد حلم يراود كل شخص أمامه مئات السنين ليتحقق.
المصدر: الموسوعه العربية