اعتبر العلماء أن التلوث البيئي وما ينجم عنه من أمراض خطيرة يأتي في مقدمتها الربو وضيق التنفس، ضريبة يدفعها سكان المدن، نظراً لتكدس العمران وقلة المساحات الخضراء وكثرة المهملات، الى جانب عوادم المصانع والسيارات التي تحرم السكان من استنشاق الهواء النظيف.
كشفت أحدث الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع، أن زراعة المزيد من الأشجار في المناطق السكنية هي السبيل الوحيد لتقليل احتمالات الإصابة بأمراض التنفس والربو التي تطارد الأطفال على وجه الخصوص.
وأوضح باحثون في كلية مايلمان للصحة العامة في جامعة كولومبيا أن نسبة الأطفال الذين يعانون من الربو أقل بكثير لدي الذين يسكنون في شوارع مليئة بالأشجار، لكن الدراسة لم تجزم ان للأشجار علاقة سببية بالربو علي المستوي الفردي.
وحاول الباحثون الحصول علي بيانات متعلقة بمعدلات الإصابة بالربو لدي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و5 سنوات بالإضافة إلي عدد الذين أدخلوا إلي المستشفيات بسبب الربو من الأطفال حتي عمر الـ15 عاما، كما عمدوا إلي جمع بيانات أخري تتعلق بعدد الأشجار في كل منطقة في نيويورك إلي جانب مصادر التلوث والوضع الإثني والعرقي وكثافة السكان.
وأظهرت الدراسة أن معدلات الإصابة بالربو في نيويورك انخفضت إلي الربع تقريباً في كل مكان تكثر فيه الأشجار، حتي بعد أخذ مصادر التلوث والكثافة السكانية وغيرها من العوامل بعين الاعتبار.
وأشارت الدراسة إلى أن الأشجار قد تحارب الربو من خلال تشجيع الأطفال علي اللعب خارج منازلهم لوقت أطول أو من خلال تحسين نوعية الهواء.
من جهة أخرى، كشفت الجمعية الأمريكية لطب الأطفال، أن الأطفال أكثر عرضة لتأثيرات تلوث البيئة والهواء، نظراً لأن رئاتهم لا تعمل بشكل كامل إلى أن يصلوا إلى سن المراهقة.
وقالت الجمعية: “لأن الأطفال يقضون وقتاً أطول من الكبار خارج المنازل، فإنهم يصبحون أكثر عرضة لتلوث الهواء الخارجي، وإذا كنت تعيش بالقرب من منطقة هواء ملوث في إحدى المدن، فالأمر أشبه بكون الطفل مدخناً، وبالتالي فإن رئاتهم تصبح أشبه برئات المدخنين، وعلى ذلك، فإنهم لن يكبروا بصورة طبيعية، لأنهم لا يتنفسون بشكل طبيعي.
ومن بين أعراض الإصابة بالربو، ضيق التنفس والكحة والتحسس، والصفير أثناء التنفس، ويساعد التشخيص المناسب والمبكر للحالة المرضية المتعلقة بالربو على السيطرة على أعراض المرض عند الأطفال، وأهم طرق الوقاية من تفاقم الأزمة هي متابعة الأطفال وإبعادهم عن الهواء الملوث خارج المنزل، وتنظيف المنزل جيداً.
فوائد علاجية
وعن الفوائد العلاجية للمساحات الخضراء، كشفت دراسة حديثة أن قضاء بعض الوقت في مزرعة مع الاعتناء بالأبقار والخيل أو حيوانات أخرى قد يساعد من يعانون أمراضا نفسية في تخفيف قلقهم ويزيد ثقتهم في أنفسهم.
وربما توسع نتائج الدراسة التي أجراها علماء نرويجيون استخدام “الرعاية الخضراء” التي تضع الطبيعة في قائمة العلاجات التي تخفف معاناة المرضى.
وأوضحت بنتي بيرجيت الباحثة في الجامعة النرويجية لعلوم الحياة أن رعاية حيوانات المزرعة والتعامل معها له آثار إيجابية على المرضى النفسيين المصابين بأمراض خطيرة مختلفة، معتبرة أن الدراسة الجديدة هي أول تقييم علمي لفوائد العمل في المزارع.
وأظهر حوالي 60 مريضا زاروا مزارع في النرويج تحسنات ملموسة في التغلب على القلق وفي ثقتهم في النجاح في مواقف جديدة مقارنة مع مجموعة من 30 مريضا أخرين لم يرعوا حيوانات.
وزار المرضى الذين ?انوا يعانوا أمراضا نفسية مثل انفصام الشخصية “الشيزوفرينيا” أو القلق أو اضطراب الشخصية أو الاضطرابات العاطفية مزرعة لمدة ثلاث ساعات مرتين في الاسبوع على مدى 12 اسبوعا وعملوا بش?ل أساسي مع أبقار منتجة للحليب وماشية تربى من أجل اللحم اضافة الى الخيل.
ووفقا للدراسة التي نشرت في دورية “?لينيكال برا?تيس اند ابيدميولوجي” الخاصة بالصحة النفسية، فقد اتضحت التحسنات في إجابات المرضى على استبيانات قبل وبعد ستة أشهر من زيارات المزرعة.