درجة حرارة الجو Ambient temperature
درجة حرارة الجو هي التي نعبر بها عن درجة حرارة الغلاف الجوي الذي يحيط بنا والتي من الممكن أن نصفها بالانخفاض فيصبح الجو بارداً ويشعر الإنسان بالبرودة، أو بالارتفاع فيصبح الجو حاراً ويشعر الإنسان بالسخونة. وللمحافظة علي حياة الإنسان لابد وأن تكون درجة حرارة الجسم علي المستوى العادي (37° مئوية) 98.6 فهر نهيت وتحدث الوفاة عندما ترتفع درجة الحرارة فوق 113 فهر نهيت (45° مئوية) أو تنخفض عن 77 فهر نهيت (25° مئوية)، وعند تغير مؤشر درجات الحرارة عن المعدل الطبيعي فهناك آليات في الجسم تعمل من أجل التكيف والدفاع مثل السخونة إذا تعرض لدرجة حرارة الجو العالية أو التجمد إذا تعرض لدرجة حرارة الجو المنخفضة.
وهناك جزء هام في المخ يسمي هيبوثالامس
هو المسئول عن إصدار آليات التكيف سواء مع درجات الحرارة المنخفضة أو المرتفعة.
أولاً درجة الحرارة المرتفعة:
– تتمثل استجابة الجسم لدرجات الحرارة المرتفعة من أجل فقدها علي النحو التالي:
إفراز العرق.
– لهث الإنسان.
– اتساع الأوعية الدموية القريبة من سطح الجلد والتي تؤدي إلي سريان الدم من الأعضاء الداخلية في الجسم إلي المناطق الخارجية القريبة من سطح الجلد ويساعد هذا الاتساع إلي وصول عرق أكثر.
– الإقلال من تكوين البول، حيث يزيد الجسم من قدرته علي تبخر الماء الموجود في الأنسجة
ومن هنا يحس الإنسان بالعطش لتعويض الفاقد منه.
وبالنسبة للأشخاص المعتادين علي درجات الحرارة المنخفضة في المناطق الباردة أو القطبية يستطيعون التكيف مع درجات الحرارة المرتفعة والبيئة الحارة بدون أن يجدوا صعوبات بالغة عن طريق التأقلم (Acclimatization) مثل أن يتعلم الجسم إفراز العرق بسرعة أكبر عند مواجهة درجات الحرارة المرتفعة. وعند فشل الجسم في إصدار ردود أفعاله تجاه درجات الحرارة المرتفعة
تبدأ الاضطرابات الفسيولوجية في الظهور دليلاً علي عدم التكيف ومنها:
– ضربة الشمس.
– الأزمة القلبية.
– ارتفاع ضغط الدم.
– ثانياً درجة الحرارة المنخفضة:
– تتمثل استجابة الجسم لدرجات الحرارة المنخفضة علي النحو التالي:
– زيادة عملية التمثيل الغذائي – “Metabolism“.
– الرعشة والرجفة.
– ضيق الأوعية الدموية علي سطح الجسم، وتضييق الشرايين أو الأوعية على السطح يؤدي وظيفة عكسية لعملية توسيع الشرايين حيث يؤدي ضيق الشرايين هذا إلي تدفق دم أكثر إلي الأعضاء الداخلية والتي تولد بدورها حرارة أكثر من خلال الزيادة في عملية الأيض (التمثيل الغذائي)، كما أنها تحفظ درجة حرارة الجسم بعيداً عن السطح.
انتصاب الشعيرات الجلدية وهي تعمل علي صلابة الشعيرات علي الجلد وعادة يصحب ذلك وجود نتوءات علي الجلد، وهذا التفاعل الجلدي يزيد من سمك الطبقة العازلة الرفيعة للهواء الملاصقة للجلد وبالتالي يقلل من فقدان الحرارة. وعند فشل الجسم في إصدار ردود أفعاله تجاه درجات الحرارة المنخفضة، تبدأ الاضطرابات الفسيولوجية في الظهور دليلاً علي عدم التكيف ومنها:
– الضربة بالصقيع (Frost Bite)، وفيها يتم تكون بلورات ثلجية في خلايا الجلد.
– تضييق الأوعية الدموية، ويؤدي ذلك إلي تجمد الجلد.
النقص في الحرارة والتي تتدرج أعراضها علي النحو التالي:
1- نشاط في الأوعية الدموية للقلب
2- سرعة النبض في القلب.
3- ارتفاع ضغط الدم.
4- وعند انخفاض درجة الحرارة ما بين 86° ف، 77° ف (25° – 30° م) يتدهور نشاط القلب وإذا وصلت الحرارة إلي أقل من 77° فإن احتمال الإصابة بالأزمة القلبية وفقدان الوعي وحدوث الغيبوبة ومن ثمَ الوفاة قائماً. ونظراً لأن الإنسان يحدث له توقف في الوظائف العقلية يمنعه من البحث عن التدفئة وطلب المساعدة، فستجد أن الملابس المبللة هي التي تؤدي إلي حدوث النقص الحراري فلابد من التخلص منها علي الفور بالملابس الجافة مع التزود بالحرارة الكافية التي تعوض هذا النقص الحراري.
– علاقة درجة الحرارة العالية بالسلوك والاتجار:
1- في مجال الصناعة:
إن الأعمال التي تتطلب التعرض لدرجات حرارة مرتفعة لوقت طويل من الزمن مثل العمال في الأفران والمخابز أو صناعات الحديد والصلب أو مناجم الذهب أو الفحم الخ، تظهر عليهم الأعراض التالية:
– الجفاف (تبخر الماء).
– فقدان الملح.
– إنهاك العضلات.
ولتفادي ذلك، يتبع الآتي:
– إعطاء العمال كميات وافرة من الماء والملح لتعويض الفاقد.
– عدم تعريضهم للظروف الحرارية القاسية لفترة طويلة من الزمن.
– ارتداء ملابس وأقنعة واقية.
– أما العمال الجدد لابد وأن توضع لهم خطة لكي يتكيفوا مع الظروف الجديدة تدريجياً خطوة بخطوة.
2- في مجال الدراسة:
قام أحد العلماء يسمي بيلر (1972) بدراسة تأثير درجات الحرارة المرتفعة علي إنجاز التلاميذ في الاستيعاب أو في نتائج الامتحانات من خلال المقارنة بين التلاميذ التي تستخدم مكيفات الطقس في فصولها وفي المدارس التي لا تستخدم هذه المكيفات. وتم التوصل في الأولي إلي نتيجة إيجابية فلم يحدث تشتت للطلاب وكانت نسبة التركيز لديهم عالية علي عكس النتيجة التي ظهرت في المدارس التي ليس بها مكيفات والتي كانت تتسم بالسلبية.
3- في المجال الحربي:
علي الرغم من أن الضباط والجنود في المجال الحربي أو العسكري مدربون علي تحمل الظروف القاسية والصعبة، إلا أنهم يتأثرون بالرغم من ذلك بالتغيرات التي توجد من حولهم. وقد أثبت ذلك من خلال التجربة العملية حيث قام العالم (آدم) عام 1967 بحثاً علي عدد من الفرق البريطانية التي تم نقلها بالطائرات من مناخ معتدل إلي مناطق استوائية للمشاركة في إحدى المعارك التي أصبحت تعاني من الفشل الذريع أثناء الاشتباك، لعدم تكيفهم مع درجات الحرارة المرتفعة. والحل الوحيد لذلك هو توفير الوقت الكافي للجنود بعد نقلهم حتى يتأقلموا علي الجو الجديد سواء البرودة القارسة أو الحر الشديد.
– الحرارة والسلوك الاجتماعي:
1- الحرارة والتجاذب:
بوجه عام، لا يشعر الإنسان بالراحة عند تعرضه لدرجات الحرارة العالية وتنتابه حالات من القلق والاضطرابات وإحساس سلبي تجاه الآخرين طبقاً لنظرية التجاذب حيث تقل معدلات التفاعل مع الآخرين في ظل ظروف الحرارة العالية لما تسببه من إنهاك وإضعاف، في حين أنه تم إجراء بحث من قبل العالمين بل وبارون (1974، 1976) كانت نتيجته تقر بحقيقة أخرى في أن الحرارة قد يكون لها تأثير ضئيل أو منعدم تحت ظروف أخرى قد يتعرض لها الإنسان مثل تعرض الإنسان لمواقف المجاملة أو الإهانة فهي تمحو أي تأثير محتمل للحرارة.
2- الحرارة والعدوان:
نشأ اعتقاد بين الناس منذ القدم بارتباط درجات الحرارة العالية بالسلوك العدواني للأشخاص وفقد السيطرة علي تصرفاتهم وسلوكهم وتشير نتائج التجارب لحد ما بصحة هذا الاعتقاد إلا أنه علي النقيض تماماً في حالة درجات حرارة الجو العالية جداً وبخاصة إذا صاحبتها عوامل أخرى للاستفزاز والتعب وعدم الراحة من الممكن أن تؤدي إلي الإنهاك الشديد بصورة لا يصبح العدوان معها نتيجة حتمية وقد يختزل رغبة من الشخص في الهروب من الحرارة.
-درجات الحرارة الباردة والسلوك:
توجد وجهات نظر عديدة تقر بأن التفاعل للإنسان في درجة الحرارة المنخفضة يختلف عند التعرض لدرجات الحرارة العالية، والإجابة علي مدى صحة هذه الوجهات هو أمر معقد بعض الشيء ويرجع ذلك إلي القدرة علي التغلب علي الجو البارد بلبس الملابس الثقيلة التي تبعث علي الدفء وبالتالي لا تتأثر القدرة أو الكفاءة علي إنجاز الأعمال. غير أن هذا لا يعني أيضاً أن درجات الحرارة المنخفضة لا تؤثر علي إنجاز الأعمال ونرى ذلك واضحاً في أن بعض الأجزاء من الجسم تكون باردة غالباً بينما الأجزاء الأخرى غير متأثرة بالبرودة – وسواء أكانت الأيدي فقط باردة أم أن درجة حرارة لب الجسم هي الباردة فقط.
1- درجات الحرارة المنخفضة والصحة:
يؤدي التعرض الطويل المدى لدرجات الحرارة المنخفضة إلي الهبوط الحراري (Hypothermia)، فهل هذا يعني أن الأشخاص الذين يعيشون في أجواء وبلدان قطبية يعانون من تأثيرات صحية متصلة بالطقس البارد؟
لم تعد درجات الحرارة الباردة تشكل خطورة علي الصحة مع توافر عوامل الوقاية من ملابس والإيواء في المساكن وإن وجدت أية فوارق في المجتمعات الأخرى فسيرجع في الغالب إلي الاختلاف الحضاري. والجانب الأكثر تأثراً في الإنسان هو جانب الصحة النفسية إلا أنه أيضاً ليس له علاقة مباشرة بدرجات الحرارة المنخفضة ففي دراسة عن الصحة قام بها “جندرسون” 1968 بالقطب الجنوبي وجد أن الأشخاص المقيمين في إحدى المحطات يعانون من الأرق– القلق – التهيج – الانقباض، وترجع هذه الأعراض إلي العزلة ولمتطلبات العمل الشاقة أكثر من كونها نتيجة للطقس.
2- البرد القارس وإنجاز الأعمال:
انخفاض درجة الحرارة إلي 55° ف (13° م) تقلل من الكفاءة العملية وفي المقدرة علي التتبع والمقدرة العضلية والتمييز اللمسي. في حين أن ميكانيزمات الجسم قد خصصت أساساً للاحتفاظ بدرجة حرارة لب الجسم مناسبة، وعند انخفاضها (درجة حرارة لب الجسم) فالإنجاز يقل ولو أن الأيدي تعرضت للبرودة فإن إصابتها بفقدان التمييز اللمسي وتصلبها يقل من القدرة أو المرونة اليدوية. وعلي الجانب الآخر إذا كانت درجات الحرارة المنخفضة تزعج بعض الناس أكثر من غيرهم إلا أن الإنجاز العملي يكون أقل تأثراً بدرجات الحرارة المنخفضة لدى البعض الآخر كما أن التدريب في درجات الحرارة المنخفضة علي إنجاز الأعمال من شأنه أن يحسن الإنجاز حيث تكون الميكانيزمات المكيفة أكثر فاعلية، ومعني هذا أن مستوى التكيف يلعب غالباً دوراً كبيراً في العلاقة بين درجة الحرارة والإنجاز في ظروف البرودة، أي أنها علاقة طردية عند البعض وعكسية عند البعض الآخر.
3- البرد القارس والسلوك الاجتماعي:
– تتباين نتائج الأبحاث حول علاقة درجات الحرارة المنخفضة جداً والسلوك الاجتماعي للأشخاص وتظهر في الآثار المختلفة الآتية:
– تجعل بعض الأشخاص يشعرون بالسلبية.
– زيادة الميل للعدوان بنفس الكيفية التي يتم بها تأثير درجات حرارة الجو العالية إلي مدى معين يقل معه العدوان بقلة درجات الحرارة أكثر.
– زيادة السلوك التعاوني وتقليل معدلات الجريمة وزيادة أعمال الخير.
المصدر: شبكة العلم العربي