تنتشر الرعاشات غالبا حول البرك والمستنقعات والبحيرات وعلى ضفاف الأنهار والعيون والغدران وفي السبخات وعلى نباتات المناطق الرطبة، حيث تتخذ من الأعشاب والشجيرات والأشجار التي تنمو حول تلك الأماكن ملاذا لها ومرتعا لنشاطها وباحة لاغتذائها، ومن مياه تلك المناطق موئلا لتكاثرها وتكشفها ونموها، فهى ترتبط ارتباطا وثيقا بوجود المياه العذبة أينما كانت أو جدت، ولا تتم دورة حياتها إلا من خلالها.
الرعاشات وقناع الموت
الرعاشات بقسميها حشرات مفترسة، تتغذى الأفراد البالغة منها على الفراشات والذباب والحشرات الصغيرة الأخرى، بينما تلتهم الأطوار اليرقية التي تعيش على قيعان مياه البرك والمصارف والبحيرات والغدران صغار الأسماك والأطوار اليرقية المبكرة لأبي ذنيبة (الطور اليرقي للضفادع) والحشرات المائية الأخرى ويرقاتها وعلى بعض أنواع اللافقاريات القاعية وأطوارها اليرقية وتقبض على فرائسها بطريقة واحدة تمنعها من الإفلات منها وذلك باستخدام جزء خاص من تركيب الفم فيها يعرف بالقناع أو العضو القابض حيث تضربها به وتقبض عليها بمخالبها المقوسة. ويقع هذا الجزء في الجهة السفلى من الرأس، ويسمى القناع لأنه يخفي تحته مباشرة أغلب أجزاء الفم أثناء الراحة وقد يطلق عليه «قناع الموت».
منها رعاشات صقرية
ومنها رعاشات سهمية
تقسم الرعاشات الكبيرة تبعا للطريقة التي تصطاد بها فرائسها إلى مجموعتين هما:
الرعاشات الصقرية (أو الصقريات)، و الرعاشات السهامة (أو السهامات).
والصقريات أطول أجساما من السهامات، تظل طائرة في الهواء لفترات زمنية طويلة، وتبحث في منطقة محدودة، تعتبرها نطاق نفوذها ومملكتها، قد تكون سياجا من الأشجار أو الشجيرات، وقد تكون مساحة من بحيرة أو ضفة من نهر أو ما شابه ذلك، أما السهامات فهى عموما أقوى من الصقريات وإن كانت أقصر منها طولا، ولكنها تزاول أعمال الصيد من أماكن وقوفها. وعادة يكون طيران الرعاشات للبحث عن فرائسها ولذلك يطلق عليه مسمى الطيران الاغتذائي. وتعتمد الرعاشات في بداية أطوار حياتها على قرون الاستشعار في الإحساس بوجود الفريسة، كما تعتمد أيضا على العيون في رؤية هذه الفريسة.
طيران سريع للأمام والخلف ومناورات
يوجد للرعاش أربعة أجنحة زوجان أماميان وزوجان خلفيان، ويتحرك كل زوجين منهما مستقلين عن الآخرين. وبذلك يتمكن الرعاش من القيام بعملية طيران سريعة جدا، كما يتمكن من تنفيذ حركات دورانية سريعة وعمل مناورات ووقوف لحظي، والدوران بزاوية 90 درجة، والطيران إلى الخلف إلى غير ذلك من حركات الطيران، والرعاش أسرع حشرة طائرة في عالم الحشرات، تبلغ سرعته 100 كيلو متر في الساعة، ويستطيع الرعاش أن يطير عكس الريح حتى ولو كانت سرعة الريح تصل إلى 50 كيلو مترا في الساعة.
تتزاوج بطريقة فريدة
يتم التزاوج في الرعاشات بطريقة فريدة ليس لها نظير في عالم الحشرات كله، إذ يمسك ذكر الرعاش أولا بالأنثى من رقبتها حتى لا تفلت منه أو تسقط أثناء التزاوج وحتى لا تبتعد عنه، وذلك بواسطة مواسك موجودة في نهاية بطنه، ويتم بعد ذلك التزاوج عن طريق اتصال أعضاء الذكر التناسلية الموجودة بالعقلتين البطنيتين الثانية والثالثة مع أعضاء الأنثى التناسلية الموجودة في الشدف الأخيرة من بطنها، ولذلك لابد أن يتقوس بطن الأنثى حول الذكر حتى يتحقق لهما التزاوج الفعلي. ويتم هذا التزاوج فوق الأعشاب والنباتات البارزة على سطح الماء، أو على النباتات الأرضية المجاورة للبحيرة أو المستنقع الذي توجد حوله تلك الرعاشات، كما يتم أحيانا في الهواء أثناء الطيران.
وبعد التزاوج تسلك إناث هذه المجموعة واحدة من عدة طرق في اختيار أماكن وضع بيوضها، فتضع اناث رتيبة الرعاشات الكبيرة البيض إما في الماء مباشرة أو تلصقها بسيقان وأوراق النباتات المائية، بينما تضع إناث رتيبة الرعاشات الصغيرة البيض في إفرازات مخاطية تساعده على الالتصاق بالنباتات الصغيرة، أو يوضع في شقوق بالسوق أو الأوراق النباتية تحفرها الأنثى باستخدام آلة وضع البيض، وبما أن التحور في الرعاشات هو تحور ناقص فإن البيض يفقس عن حوريات، تظل فترة تعيش تحت سطح الماء، وتمر الحوريات بانسلاخات عديدة تتراوح ما بين 11 إلى 15 انسلاخا، وتستغرق دورة الحياة من سنة إلى ثلاث سنوات وقد تطول في بعض الأنواع إلى حوالي خمس سنوات، وفي نهاية آخر تلك الانسلاخات تخرج الحوريات إلى اليابسة وقد ظهرت أجنحتها وتحولت إلى حشرات كاملة.
تتنفس الحوريات بواسطة الخياشيم، وتوجد خياشيم حوريات الرعاشات الكبيرة في المستقيم، وتتنفس الحشرة بأن تأخذ الماء داخل فتحة الإست ثم تدفعه إلى الخارج ثانية، وفي حالة الحركة السريعة للحورية يعتبر اندفاع الماء خارج الإست الوسيلة الرئيسة للحركة إذ تتحرك الحورية بالإندفاع النفاث للمياه، أما خياشيم حوريات الرعاشات الصغيرة فهى على شكل ثلاثة تراكيب شبيهة بأوراق النبتات موجودة عند مؤخرة البطن، وتسبح هذه الحوريات باهتزاز الجسم وبذلك تشبه الخياشيم في عملها هذا ذنب السمكة.
لها أهمية اقتصادية وبيئية عالية
للرعاشات أهمية بيئية هامة، فهى تشارك في المحافظة على عملية التوازن البيئي ، من حيث موقعها في الشبكة الغذائية للحياة، إذ تعتبر غذاءا هاما لغيرها من الكائنات، كما تتغذى بدورها هى الأخرى على العديد من الحيوانات اللافقارية وخاصة الحشرات وحتى على صغار الفقاريات ويرقاتها.
وتعتبر يرقات الرعاشات عنصرا هاما مؤثرا في السلسلة الغذائية بمياه البرك والمستنقعات والبحيرات وغيرها من مناطق المياه العذبة، حيث يتغذى عليها العديد من الأسماك وبعض الفقاريات الأخرى كالطيور وحتى اللافقاريات. كما تعد الأطوار البالغة منها، حية كانت أم ميتة، غذاءا شهيا أيضا للعديد من أنواع الطيور والضفادع والأسماك وكثير من الحيوانات البرية كالسحالي (العظايا) وبعض الثدييات كالقوارض وغيرها من الثدييات التي تتغذى على ما ينفق من تلك الرعاشات ويتساقط تحت النباتات والأشجار في مناطق انتشارها. وعلى الجانب الآخر، تفترس الأطوار المبكرة أو الحوريات لتلك الرعاشات العديد من كائنات المياه العذبة مثل صغار الأسماك والحشرات المائية الأخرى واللافقاريات الصغيرة وأطوارها اليرقية وحتى على الطور اليرقي للضفادع المعروف بأبي ذنيبة. كما تلتهم أفراد الرعاشات البالغة كمية كبيرة جدا من الذباب والبعوض والعديد من الفراشات والحشرات الصغيرة الأخرى.
نماذج لبعض أنواع الرعاشات الأكثر انتشارا بالمنطقة العربية
تتبع معظم الرعاشات الموجودة بالمنطقة العربية رتيبة الرعاشات الصغيرة (زيجوبترا) وبعضها ينتمي إلى رتيبة الرعاشات الكبيرة (انيزوبترا)، وفيما يلي نبذة مختصرة عن الرعاشات الأكثر شيوعا بالمنطقة:
· الرعاش الصغير.
· الرعاش الكبير ذو الجسم الرمادي أو الأسود .
· الرعاش الكبير ذو الجسم الأزرق.
· الرعاش الكبير ذو الجسم الأسود أو الأصفر .
· الرعاش الكبير ذو الجسم القرمزي أو البني المصفر
المصدر: كنانه أون لاين