ما يهمنا هنا هي الطرق التي تتبعها النباتات للسيادة على غيرها من النباتات فمن المعلوم أن بعض النباتات تمتلك مجموع جذري عميق و متفرع يمكنها من الوصول إلى أعماق بعيده دون غيرها بحثاً عن الماء و أخرى تتميز بطول الجذع مما يمكنها من تلقى قدر أكبر من أشعة الشمس خصوصاً في الغابات الكثيفة وسميت هذه الظاهرة أي ظاهرة قيام بعض النباتات بالحصول على قدر أكبر من اى مصدر من المصادر الطبيعية (ضوء الشمس – الغذاء – الماء …) دون استخدام مواد كيميائية بالمنافسة على الموارد الطبيعية ولكن بعض أنواع النباتات تتخذ أساليب أكثر تطرفاً لمنافسة غيرها من النباتات فمثلاً أشجار الأثل (Tamarix) تتميز بجذورها العميقة مما يمكنها من الوصول إلى مصادر المياه الجوفية المالحة حيث تقوم بتخزين الأملاح في مجموعها الخضرى وعند تساقطها تنقلها للطبقة السطحية من التربة مما يجعل من الصعب على غيرها من النباتات العيش بالقرب منها.
في ثلاثينات القرن الماضي درس العلماء ظاهرة سيادة أنواع معينة من الأعشاب على المحاصيل واكتشف العلماء قدرة هذه الإعشاب على إفراز مواد كيماوية كناتج ثانوي من عملية التمثيل الضوئى. هذه المواد التي أطلق عليها allelochemicalsتقوم مقام السلاح الكيمائي للقضاء على غيرها من النباتات وذلك بتأثيرها على نمو و تكاثر النباتات المنافسة.
يمكن للنباتات أن تفرز تلك المواد من بعض أجزائها مثل الزهور و الأوراق واللحاء والساق وأحياناً في التربة المحيطة بالجذور ونواتج تساقط الأوراق الميتة، وقد تظل هذه المواد موجودة لفترة طويلة في التربة وقد تتحلل بعوامل الطبيعة المختلفة.
من أشهر النباتات التي تستخدم هذه التقنية شجرة الجوز الأسود (Black Walnut) فعادة تكون المنطقة تحت الشجرة عارية تماماً من النباتات لعدم قدرتها على النمو مع هذه الشجرة القوية حيث تفرز مادة ال Jugloneالتي تؤثر على النباتات المنافسة و ذلك بالتدخل في الانزيم المطلوب لإكمال عملية التغذية وإفساده.
allelochemicalsالجيل الجديد من مبيدات الأعشاب
لأهمية هذه الظاهرة في المجال الزراعي ولحرص العلماء على الاستفادة من هذه الخاصية لمكافحة الأعشاب و إنتاج أجيال جديدة من مبيدات الأعشاب تحاكي ال allelochemicalsالموجودة في الطبيعة ولتقليل الأضرار البيئية، ركزت الابحاث على تأثير الأعشاب على المحاصيل والتأثير المتبادل بين المحاصيل وركزت أيضا على انتاج مبيدات أعشاب ومنظمات نمو طبيعية وذلك بإنتاج allelochemicalsمعدلة مثل أحماض الهايدروكسمين لاستخدامها في تكوين مبيدات أعشاب جديدة.
وأخذت بعض الأبحاث منحى آخر لتجنب استخدام مواد كيمائية في المطلق وذلك بتحسين جينات المحاصيل و ذلك بتزويدها بمقدرة طبيعيية على تكسير ال allelochemicalsالمنتجة بواسطة الأعشاب المنافسة لها وبالتالي إلغاء سلاح الأعشاب و زيادة قدرة المحاصيل على منافسة الأعشاب و التقليل من أضرارها.