كيف تصبح منتجاً أكثر عندما تعمل من المنزل؟

أصبح التباعد الاجتماعي حاجة ملحة في ظل انتشار فايروس كوفيد-19، وكان لابد من تبني فكرة العمل من المنزل في معظم الشركات، علماً بأنه يحمل بعض السلبية والإيجابيّة على حياة الإنسان. هذا المقال مأخوذ عن الكاتب جوني أوبينغ (Jonny Auping)؛ والذي يحدثنا فيه عن أهمية العمل من المنزل مقارنةً بالعمل في المكتب.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب جوني أوبينغ (Jonny Auping)؛ والذي يحدثنا فيه عن أهمية العمل من المنزل مقارنةً بالعمل في المكتب.

هذا وقت عصيب على الجميع لأنَّنا محرومون من أمور نحتاجها؛ فنحن بحاجة إلى رؤية عائلاتنا واحتضانها والتفاعل مع أصدقائنا والخروج من منازلنا ورؤية العالم وأن نكون رفقة أشخاص آخرين؛ ففي مرحلة ما، يصبح الاستمتاع بالحياة أكثر صعوبة بدون هذه الأمور، ونحن جميعاً نعاني من ذلك؛ ولكن إذا كنت تُدرج العمل من المكتب ضمن هذه الأمور، فمن المحتمل أنَّ سبب ذلك هو أنَّك اعتدت الاعتقاد بأنَّك بحاجة إليه.

بالطبع، هناك مواقف يكون فيها التقارب الجسدي أمراً بالغ الأهمية لإنجاز شيء ما في فريق أو مؤسسة؛ ولكن في عدد قليل من المجالات تكون هذه المواقف شائعة، وفي مجالات أخرى، تضطر إليها عدة مرات في الشهر؛ بينما في معظم المجالات الأخرى، تكون نادرة جداً في الواقع، ولكن تختلق الشركات ضرورة الحضور بذريعة الاجتماعات أو اللوازم والمعدات التي يجب تبقى في المكتب.

يمكنني التحدث عن نفسي فقط بوصفي شخصاً قضى جزءاً من حياته المهنية في بيئات مكتبية مختلفة، والجزء الآخر بوصفه مقاولاً مستقلاً يحدد جدول أعماله ومكان عمله بنفسه؛ لذا سأصوغ هذا بعبارات دراماتيكية إلى حدٍ ما: يُعزى سبب تبنِّي البيئات المكتبية في معظم المجالات إلى تحكُّم الشركات وخوفها، فكِّر في آخر مرة كنت فيها أول شخص يغادر المكتب في أي يوم عمل وتذكَّر كيف كنت تشعر بعيون الآخرين تراقبك وأنت تخرج من الباب؛ هل يبدو ذلك أمراً إيجابياً عندما تفكر فيه؟

تقوم البيئات المكتبية بشكل طبيعي بإعداد تسلسلات هرمية مشابهة لبيئات المدارس، فيكون أقرانك في العمل بمنزلة زملائك في الفصل (الصف) وأي شخص يفوقك رتبةً يكون بمنزلة المعلم أو المدير؛ إلا أنَّه في بيئة العمل، تتمتع هذه الشخصيات بسلطة أكبر ويمتلكون مكاتب أكبر ومواقف سيارات أفضل.

يُسمح القُرب الجسدي للمديرين بمراقبة موظفيهم، ولكنَّه يجعل هذه المراقبة تبدو ضروريةً أكثر من اللازم، ويجعل وظيفتهم تبدو أكثر أهمية مما تستحقه أيضاً؛ ولكنَّ هذا لا يعني أنَّ المدير -الذي أصبحت تعدُّه صديقاً حقيقياً- شخص سيء أو يحاول استغلالك، فهذه الأنظمة موجودة منذ فترة طويلة ويزداد فيها الدافع القائم على الخوف تلقائياً.

عموماً، يُفترض إنجاز المهام بكفاءة أعلى إذا كان الموظفون في مكان لا يُسمح لهم فيه بالقيام بأي شيء آخر، لكنًّ الأدلة تشير إلى خلاف ذلك، ففي عام 2017، انتهت دراسة استغرقت عامين في جامعة ستانفورد حول بيئة العمل من المنزل مقابل بيئات العمل في المكتب؛ إذ شملت الدراسة شركة تضم 16000 موظفاً، فكانت النتائج غير قابلة للجدل؛ إذ أشارت البيانات إلى أنَّ مستوى الكفاءة في العمل كان أعلى بكثير عندما عمل الموظفون من منازلهم، ناهيك عن توفير 2000 دولار لرب العمل عن كل موظف في مساحة مكتبية صغيرة.

قد يرى ربُّ العمل هذا الأمر على أنَّه فرصة للتوصل إلى حل وسط أكثر منطقية من العمل في المكتب خمسة أيام في الأسبوع، لذا ستحتاج إلى تعديل طريقة تفكيرك في الوقت الحالي، فانظر فيما يمكنك الاستفادة منه الآن حيث لا أحد يشاهدك وأنت تعمل.

مهامك وجدولك الزمني مترابطان الآن:

تتطلب العلاقات الصحية التنازل والتجربة والخطأ، فربما تعمل بكفاءة أعلى من التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساءً، أو ربما تعتقد ذلك لأنَّك لم تجرب العمل بتوقيت مختلف؛ فإذا كنت تعمل في مكتب منذ سنوات، فستبدو المهام الفردية وكأنَّها جزء من “العمل”؛ لذا تخلص من فكرة تسجيل دخولك إلى مكان العمل وسترى المهمة على حقيقتها؛ أي أنَّها “أمر تحتاج إلى إنجازه بحلول تاريخ وتوقيت معين”.

من المتوقع أن تكون مبدعاً في تنفيذ مهمة ما، فلماذا لا تكون مبدعاً في كيفية إنجازها؟ ربما ستدرك أنَّك توصلت إلى منظور جديد إذا أخذت استراحة عمل كل 45 دقيقة، أو ربما تجد أنَّك أحياناً تحصل على ساعات من الدافعية إذا عملت لشيء ما في وقت متأخر من الليل، قد يبدو هذا ضرباً من الجنون؛ ولكن إذا كنت تعمل حتى وقت متأخر، ستتمكن من النوم في صباح اليوم التالي.

تأخذ مهام العمل وقتاً من حياتك الشخصية بطريقة أو بأخرى، فحاول أن تكون الشخص الذي يُقرِّر التوقيت الذي تأخذه منك، ذلك لأنَّك إن كنت تلتزم بالمواعيد النهائية وتُقدم عملاً جيداً على حساب حياتك الشخصية؛ فلن يأبه أحد بذلك.

شاهد بالفديو: كيف تحقق النجاح في حياتك الشخصية والعملية؟

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”640″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/LPIWtVgmVLE?rel=0&hd=0″]

يجب أن تكون الصحة العقلية أولوية:

أنت الشخص الذي يُمكنه فهم ما هو جيد لصحتك العقلية، والآن حان الوقت لمعرفة ذلك، إذ يمكنك الآن جدولة أعمالك وفقاً لما توصلتَ إليه من استنتاجات، فقد يكون أمراً بسيطاً؛ مثل: تناول فنجان قهوة ووجبة خفيفة الساعة 2 ظهراً في كل يوم، أو العمل في الخارج، أو القراءة في منتصف النهار؛ فإن كنت قادراً على القيام بذلك دون أن تُقصِّر في عملك، فافعل ذلك قدر الإمكان.

تخيل تشغيل بعض مكبرات الصوت وتشغيل ألبومك المُفضَّل في المكتب؛ يمكنك أن تفعل ذلك الآن، وإذا كان إجراء مؤتمر عبر الفيديو أو مكالمة هاتفية مع معالج نفسي كل أسبوع مفيداً لك، يمكنك فعل ذلك في منتصف النهار؛ ففي حين نجد أنفسنا نَدينُ لأرباب عملنا بالعمل، لكن لا ينبغي لهم أن يقرروا ما هو جيد لنا.

التخلي عن المواصلات يُوفِّر الكثير من الوقت:

قد يكون من الصعب التعود على العمل من المنزل، أنا أفهم ذلك؛ فقد يكون لديك أطفال في المنزل يُشتِّتون انتباهك في الصباح، أو قد يكون من الصعب التكيف مع بيئة العمل الجديدة؛ لذلك عندما تجلس أمام مكتبك أو في مكان عملك وتدرك أنَّك تركت 45 دقيقة تمر دون إحراز أي تقدم، أطلب منك ألا تقسو على نفسك، فهناك من يقضي هذا الوقت في طريقه إلى مكان عمله.

تُوفِّر قلة استخدام المواصلات لك المال والوقت وتُقلِّل من توترك، فقد أظهرت الدراسات أنَّ أصوات الطرق السريعة أو مترو الأنفاق المستمرة تؤذي آذاننا ولها تأثيرات طويلة الأمد في صحتنا.

إذا كانت المواصلات التي تستخدمها في العودة إلى المنزل تساعدك على التخلص من الضغط، إذاً، لا تنتقل من مكتبك مباشرة إلى أريكتك عندما تنتهي من عمل اليوم، لأنَّ المشي لمدة تتراوح بين 10 دقائق إلى 20 دقيقة حول الحي الذي تقطن فيه يساعد على إبعاد العمل عن عقلك وعلى تحقيق بعض التوازن في حياتك.

ما زال زملاؤك موجودون:

بالطبع، لا يزال من الهام أن تكون قادراً على رؤية الأشخاص الذين تعمل معهم دورياً، ونأمل أن يصبح ذلك ممكناً مرة أخرى في المستقبل القريب؛ ولكن حتى ذلك الحين لا يزال لدينا الموارد المتاحة للبقاء على اتصال، فقد أصبحت اجتماعات زوم (Zoom) وسكايب (Skype) مُعتادة كاعتيادنا الاجتماعات العادية؛ ولكن من منطلق فردي، إنَّ زملاءك على بُعد مكالمة هاتفية، وأنتم تحاولون فقط إنجاز مهامكم المحددة، لذا ستتمكنون من مساعدة بعضكم بعضاً.

أرى مديري عادةً مرتين في الأسبوع، وعندما كان هناك احتمال سوء فهم خلال الشهر الماضي، اتصل بي، ولاحظتُ أنَّ المحادثة كانت غير رسمية بامتياز، إذ قضينا الدقائق الخمس الأولى في تبادل المعلومات الجديدة والمزاح، والدقائق الخمس التالية في معالجة المشكلة، ونختتم الأمور دائماً بطريقة جيدة.

كانت الوظيفة السابقة للمدير مراقبتك وتحفيزك على العمل، وبما أنَّ المديرين حُرموا من ذلك الآن؛ فإنَّك تمنحهم إحساساً بالراحة عندما يدركون أنًّك ما تزال متحفزاً عندما تُطرح الأسئلة أو تُطلب المكالمات الهاتفية السريعة، وكذلك إنَّ الاتصال والاطمئنان على زملائك أو معرفة ما إذا كان هناك أي شيء يمكنك القيام به لمساعدتهم في عملهم هو هدية مرحب بها خلال هذه الأوقات.

 

المصدر

Source: Annajah.net

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *