والمتأمل لحال كثير من الدعاة قديماً وحديثاً تجد لديهم نشاطاً في عشيرته وأهل رحمه إلّا ما ندر ممّن اختل عنده فقه الأولويات، والجمع بين الحُسنيين، لذا كان من المستحسن أن ينطلق العامل وفق عمل منظم يرسم أهدافه وينفذها، ليقطف ثمارها في الدنيا بلذة النجاح وفي الآخرة بالفلاح، وإليك أيها القارئ الكريم خطوطاً عريضةً في ملامحه هذا البرنامج.
تعريف العمل المؤسسي في العائلة: هو نظام يتجه نحو تحقيق الأهداف وفق علاقة مترابطة في وحدات إدارية ذات خطوط محدّدة، وقيم تضمن الاستمرار والنمو.
أهمية العمل المؤسسي في العائلة:
1. يحقّق هذا البرنامج ضمان الاستمرارية في الأداء:
فكثير من الأعمال والبرامج التي يقوم بها العاملون في محيط عوائلهم لا تتجاوز ردود أفعال، أو عـواطف إيمانية، أو تفرغ يتأتى بين حين لآخر، أما العمل المؤسسي فهو عبارة عن: منظومة ونظام يُلزِم العامل بالعمل ويتابع استمراره، ويحاسب على التقصير في أدائه فضلاً عن إهماله، عبر لجان الاجتماعات، وجداول عمل مسبقة التدوين.
2. يساعد على تقييم الأداء ومن ثم تقويمه:
فمن الطبيعي لكل عمل أن يصحبه كثير من الإخفاق وعقبات الفشل، لكن العمل المؤسسي يراجع أعماله ليُقيِّمَها، فيعرف نقاط القوة فينميها ويزيد في تفعيلها، ونقاط الضعف فيصوب ما يناسب التصويب، أو يعدل، أو يستبدل، وهكذا… (شعاره أن الفشل خطوة نحو النجاح).
3. يوزع المهام والتكاليف:
وهذا أكبر معوق يشتكي منه كثير من العاملين وهو قلة المعين. بينما العمل المؤسسي يضع الوصف الوظيفي لكل عامل، ويحدّد له المهام، ويمنحه الصلاحيات مصحوباً بالمساندة والتحفيز المستمر، مثال:
مهمات اللجنة الثقافية:
- إعداد مفكرة خاصة بالبيانات الأسرية لبيوت العائلة وتحديثها دورياً.
- خدمة العائلة إعلامياً، وتعزيز علاقتها بالأسر الأخرى.
- إصدار مطبوعة دورية تُعنَى بشؤون العائلة.
- رعاية موقع العائلة على شبكة الإنترنت، والعمل على تطويره، وتحديث معلوماته.
- إصدار مفكرة دورية لهواتف أفراد العائلة.
- متابعة ما يخص شجرة العائلة، وتحديثها دورياً.
- الترتيب لعمل برامج متنوعة خلال الملتقى السنوي العام.
- التنسيق مع الأمانة، لما يُرى مناسبة نشره من قرارات المجلس.
- ترتيب بعض المناشط التي تخدم الجانب الثقافي للعائلة.
- تكريم المتفوقين والمتفوقات من الطلاب، والموظفين، وأصحاب الإنجازات المتميزة.
- الاحتفاء بالمتزوجين والمتزوجات من أفراد العائلة.
- ترتيب رحلات خاصة بالشباب والبراعم من أبناء العائلة.
4. زيادة اكتشاف الطاقات:
في المحيط العائلي الكبير وفي التجمعات الاجتماعية لا يمكن التعرف على الكوادر ومن ثم تطويرها. وبالعمل المؤسسي ستجد أنّك بحاجة إلى العشرات من الشخصيات التي تناسب المهام المحتاجة، ممّا يتيح له ميدان عمل وتجربة يخفق فيه عدد، وتلمع فيه نجوم يزيدها ظلمة الليل بريقاً ولمعاناً.
5. تحقيق مفهوم العمل الجماعي، وروح الفريق الواحد:
فرأي الواحد مهما كان ثاقباً فهو أقل درجة من رأي الاثنين فضلاً عن الجماعة، ممّا يضمن صواباً في العمل، وقبولاً لدى المتلقي، وتَبَعَةٌ أقل، ويكفي فيه البركة، «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ»، «وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ». فكل قرار لم يصدر برأي جماعة تمَّ اتخاذه عبر اجتماع منظم، فهو غالباً مرتجل محفوف بالخطأ.
آليات العمل المؤسسي:
1. وضع النظام واللوائح ومتابعة تنفيذها:
1. 1. رسم الأهداف بشكل دقيق وواقعي:
فمن الضروري كتابة الأهداف، وتحديدها بشكل واضح وفق الضوابط التالية:
- الواقعية في التطبيق.
- مراعاة الظروف الاجتماعية ونحوها.
- بعيدة النظر.
- تُعْنى باستمرار العمل لا قيامه فقط، مثال:
- التعارف المؤدي إلى صلة الرحم.
- التكافل الاجتماعي بين العائلة.
- نشر الخير بين أفراد العائلة.
1. 2. صياغة النظام الأساسي، واللوائح التنفيذية:
فالنظام يحدّد: اختيار مجلس الإدارة وتكوينه، والهياكل، وطرق اتخاذ القرار واجتماعاته. أمّا اللوائح التنفيذية ففيها تُحَدَّدُ: اللجان العاملة، والوصف الوظيفي مع المهام المناطة بها، والصلاحيات الممنوحة لها، كاللجنة الثقافية، والعلاقات العامة، والزكاة، والمالية، وحبذا أن تُمْنَح هذه اللجان صلاحية إقامة لجان فرعية، كلجنة الشباب والإعلام ونحوها، ضمن اللجنة الثقافية.
1. 3. المتابعة المستمرة:
فالتنظير كثيرٌ من يحسنه، لكن التنفيذ ومتابعة التنفيذ قلة من يتقنه. فالمتابعة المستمرة بالأساليب الآتية تضمن استمرار العمل العائلي:
- المشاركة في المهام مع الآخرين إذا دعت الحاجة.
- التحفيز للعاملين.
- التواصل في تنفيذ المهام.
- القدوة العملية؛ فتقديم النموذج العامل الذي يحتذى به أكبر أسلوب للمتابعة.
2. العناية الفائقة بالأفراد:
وهي على مراحل ست:
- تحديد الوصف للعامل.
- البحث في الشخصيات ذات الصفات المناسبة.
- حُسْنُ الاستقطاب والإقناع.
- التدريب بشتى طرقه الفردية والجماعية.
- التحفيز المستمر.
- التركيز على الصف الثاني لكل عامل.
3. وضوح الجانب المالي وأثره الملموس في العائلة:
المال عصب الحياة، ووسيلة من أهم وسائل العمل العائلي؛ لذا فإن من ركائز العمل المؤسسي في العائلة أن يتحلى بالآتي:
- الشفافية والوضوح في الواردات والمصروفات.
- إيجاد الموارد المالية، والتركيز على الدائم منها ولو قلَّ، ومنها:
- الاشتراك السنوي للموظفين.
- التركيز على أهل اليسار في العائلة.
- الاستثمار المنضبط شرعاً، ونسبة حصول الأرباح فيه عالية ولو قلت نسبة الربح.
- تفعيل الزكاة.
أسلوب إدارة العمل المؤسسي:
1. الانطلاق من الخطط:
فالنـشاط عندما تحدد برامجه المنبثقة من الأهداف الأسـاسـية، ويحـدد زمـن تنـفيذها، والتـكلفة المالية، والشخص المسـؤول؛ يَنْظُمُ، ويـسهل التنـفيذ، ويقاس الأداء، ويستقيم التقويم.
2. تنظيم العمل:
العمل المؤسسي من أولوياته: خط سير الإنتاج بطريقة انسيابية، تُجَدَّدُ فيه الاجتماعات بشكل دوري لكل مجلس، ولجنة ومكان الاجتماع، وتُرْسَمُ جداول الأعمال من الأمين مسبقاً، وتُعَدُّ الأوراق المطروحة للنقاش قبل الاجتماع، ليتم استيعاب الأفكار، ويتخذ القرار بكل سهولة وعلمية محكمة، يدون خلالها الأمين القرارات، ويتابع بعد الاجتماع المتابعاتِ التي تم تكليف الأفراد بها.
3. الرئيس القائد:
فلكل عمل رجاله، فوجود الشخصيات التي تتمتع بالقيادة العائلية أمر ضروري، والتي من أهمها:
- الجوانب الشخصية في القيادة، كالتفكير السليم، والحكمة، وإدارة الأفراد، ونحوها.
- التفاؤل، فالعمل العائلي بحاجة كبيرة إلى المتفائلين؛ لأنه يتعامل مع شريحة متفاوتة التفكير والطبقات، لأن الأمر يعنيهم، فهو يعمل باسمهم؛ لذا ينبغي ألاَّ يتطرق له اليأس والإحباط.
- التحفيز المستمر للعمل والعاملين بأساليبه المختلفة.
- القَبُول في العائلة علمياً ووظيفياً، ومكانته في العائلة، ولباقته في التعامل والحديث.
- الوضوح والشفافية.
- العناية بالأفراد في العائلة عموماً، وحضور المناسبات الاجتماعية والعاملين خصوصاً.
- التطوير الذاتي المستمر.
المصدر: أحمد بن عبد العزيز الفايز